روى في كنز العمال ج 2 ص 353 ( من مسند عمر رضي الله عنه عن الشعبي قال : نزل عمر بالروحاء ، فرأى ناساً يبتدرون أحجاراً فقال : ما هذا ؟ فقالوا يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الى هذه الأحجار ، فقال : سبحان الله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا راكباً ، مر بواد فحضرت الصلاة فصلى !
ثم حدث فقال : إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم ، فقالوا : ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك لأنك تأتينا ، قلت وما ذاك إلا أني أعجب من كتب الله كيف يصدق بعضها بعضاً ، كيف تصدق التوراة الفرقان والقرآن التوراة ، فمر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أكلمهم يوماً ، فقلت نعم ، فقلت أنشدكم بالله وما تقرؤون من كتابه أتعلمون أنه رسول الله ؟ قالوا: نعم فقلت : هلكتم والله ، تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه ؟! فقالوا لم نهلك ولكن سألناه من يأتيه بنبوته ؟ فقال : عدونا جبريل لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب والهلاك ونحو هذا ، فقلت : ومن سلمكم من الملائكة ؟ فقالوا : ميكائيل ، ينزل بالقطر والرحمة وكذا ، قلت وكيف منزلتهما من ربهما ؟ قالوا : أحدهما عن يمينه ، والآخر من الجانب الآخر . فقلت إنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل ، وإني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا . ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنا أريد أن أخبره ، فلما لقيته قال : ألا أخبرك بآيات أنزلت علي ؟ فقلت : بلى يا رسول الله فقرأ: من كان عدواً لجبريل .. حتى بلغ ( الكافرين ) قلت يا رسول الله والله ما قمت من عند اليهود إلا إليك لا خبرك بما قالوا لي وقلت لهم ، فوجدت الله قد سبقني ، قال عمر : فلقد رأيتني وأنا أشد في دين الله من الحجر ـ ق وابن راهويه وابن جرير وابن أبي حاتم ) وسنده صحيح لكن الشعبي لم يدرك عمر ، وروى سفيان بن عيينة في تفسيره عن عكرمة نحوه ، وله طرق أخرى مرسلة تأتي في المراسيل ) انتهى.
وفي أسباب النزول للسيوطي ج 1 ص 21 أن عمر كان يأتي اليهود فيسمع منهم التوراة .
وينبغي هنا نشير الى أن ضعف السند في بعض الأحيان لا يضر بالإطمئنان بالرواية.. فعندما لا يكون للرواة ولا لجوهم العام الذي هو جو السلطة أو جو المعارضة ، غرض في جعل الرواية ، أو لا يستطيع الرواة أن يجعلوا الرواية حتى لو أرادوا ذلك .. وتكون القرائن من أحاديث أخرى أو من التاريخ تؤيد مضمون الرواية .. فإن ذلك يدل على أن الرواية لم تولد من فراغ ، بل جاءت من واقع كان له نحو من الوجود .. وهذه الرواية من ذلك النوع الذي لا مصلحة للرواة الذين رووها في وضعها ، بل لو أرادوا أن يضعوها عن لسان الخليفة لما استطاعوا !
هذا مضافاً الى شهادة بعض علماء إخواننا بصحة سندها ، فهم يقبلون من الشعبي رواياته عن عمر حتى لو لم يذكر الواسطة بينه وبينه .
ونلاحظ في الرواية أن هدف الخليفة منها أن يقول إن اتخاذكم مصلى من مكان مر عليه النبي وصلى فيه هو من الغلو ! فإنما هو راكب مر بمكان وصلى فيه ! ومع احترامي له فإني أحدثكم عن نفسي كيف ناقشت اليهود فنزل كلامي معهم آية في القرآن .. !
ومما يساعد على أن الخليفة كان يدرس عند اليهود ، أن بيته كان في عوالي المدينة قريباً من بني قريظة ، وكان ( بيت المدراس ) لليهود في العوالي .. وكان الخليفة عمر بسبب بعد منزله مقدار ساعة أو ساعة ونصف عن وسط المدينة ، يذهب الى مسجد النبي صلى الله عليه وآله كل يومين مرة .. فقد روى البخاري ج 1 ص 31 ( ... عن عمر قال كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة ، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوماً وأنزل يوماً فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته ... ) وروى نحوه في ج 8 ص 4 ورواه البيهقي في سننه ج 7 ص 37 .
قال السيوطي في الدر المنثور ج 5 ص 148 :
وأخرج ابن الضريس عن الحسن أن عمربن الخطاب رضي الله عنه قال يا رسول الله إن أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا ، وقد هممنا أن نكتبها !! فقال يابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ! أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، ولكني أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصاراً ! ) انتهى .
روى أحمد في مسنده ج 3 ص 469 ( ... عن عبدالله بن ثابت قال جاء عمر بن الخطاب الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك ؟ قال فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عبدالله : فقلت له ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر : رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً . قال فسري عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم . إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين ) .
ورواه أحمد في ج 4 ص 265
وروى الدارمي في سننه ج 1 ص 115 ( ... عن جابر أن عمر بن الخطاب أتى رسول الله صلى الله عيله وسلم بنسخة من التوراة فقال يا رسول الله هذه نسخة من التوراة فسكت ، فجعل يقرأ ووجه رسول الله يتغير ، فقال أبو بكر : ثكلك الثواكل ما ترى ما بوجه رسول الله ! فنظر عمر الى وجه رسول الله فقال : أعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله رضينا بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً . فقال رسول الله صلى الله عيله وسلم : والذي نفس محمد بيده لو بدى لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل ، ولو كان حياً وأدرك نبوتي لا تبعني ) انتهى . ورواه في أسد الغابة ج 3 ص 126 وقال ( رواه خالد وحريث ابن أبي مطر وزكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عن ثابت بن يزيد ، ورواه هشيم وحفص ابن غياث وغيرهما عن مجالد عن الشعبي عن جابر ، أخرجه ابن مندة وأبو نعيم ) . وروى شبيهاً له مختصراً في ج 1 ص 235 وقال ( أخرجه ابن مندة وأبو نعيم ) ورواه السيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 48 عن أحمد . وفي ج 5 ص 148 وقال ( وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن الضريس والحاكم في الكني والبيهقي في شعب الإيمان) . ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 1 ص 173 عن عبدالله بن ثابت ، وقال ( رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن فيه جابر الجعفي وهو ضعيف ) انتهى ، ولكن رأيت أنه روي بطرق أخرى عن ابن ثابت وجابر .. الخ.
ماذا يعلق الإنسان على هذه الحادثة الخطيرة ؟!
وهل يمكن للباحث أن يعتبرها حادثة واحدة ، أو مزلقاً واحداً أوقع اليهود فيه الخليفة عمر واستغلوا ميله اليهم واستماعه الى أحاديثهم عن أنبيائهم وتاريخهم .. فخططوا للكيد بالإسلام ورسوله ، فرد الله كيدهم ، وانتبه الخليفة عمر الى خطئه فتاب الى الله ورسوله وقطع علاقته مع أولاد الافاعي ...؟ لو كان هذا القول ممكناً لكان حسناً !!
روى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 4 ص 5 عن إسلام عمر :
( ... وكان آخرهم إسلاماً عمر بن الخطاب فلما كانوا أربعين خرجوا الى المشركين ( !! ) قال جئت رسول الله لأودعه وأردت الخروج الى بيت المقدس فقال لي رسول الله : أين تريد ؟ قلت أريد بيت المقدس . قال وما يخرجك اليه ، أفي تجارة ؟ قلت لا ، ولكني أصلي فيه . فقال رسول الله : صلاة ههنا خير من ألف صلاة ثَمَّ . ورجال الطبراني ثقات . ورجال أحمد فيهم يحيى بن عمران جهله أبو حاتم ) انتهى .
وروى البيهقي في سننه ج 5 ص 41 ( ... عن عباد يعني ابن عبدالله بن الزبير قال حدثت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما دخل بيت المقدس قال : لبيك اللهم لبيك ! ) .
وفي كنز العمال ج 8 ص 144 ( عن أبي مريم عبيد قال : دخلت مع عمر بن الخطاب محراب داود فقرأ فيه ( ص ) وسجد ) .
وفي الدر المنثور ج 5 ص 305 :
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مريم قال لما قدم عمر الشام أتى محراب داود عليه السلام فصلى فيه فقرأ سورة ص ، فلما انتهى الى السجدة سجد ) انتهى .
ولكن ابن الأثير خفف لون عمل الخليفة في بيت المقدس ، فقال في البداية والنهاية ج 7 ص 65 ( ويقال إنه لبى حين دخل بيت المقدس فصلى فيه تحية المسجد بمحراب داود ! ) انتهى .
قال ابن جزي في التسهيل لعلوم القرآن ج 1 ص 323
( ومن حديث زيد بن أسلم عن أبيه وهو عندنا بالإسناد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج زمان الجاهلية مع ناس من قريش في التجارة الى الشام ، قال فإني لفي سوق من أسواقها إذا أنا ببطريق قد قبض على عنقي فذهبت أنازعه فقيل لي لا تفعل فإنه لا نصيف لك منه ! فأدخلني كنيسة فإذا تراب عظيم ملقى فجاءني بزنبيل ومجرفة فقال لي أنقل ما ههنا ! فجعلت أنظر كيف أصنع ، فلما كان من الهاجرة وافاني وعليه ثوب أرى سائر جسده منه ، فقال أئنك على ما أرى ما نقلت شيئاً ، ثم جمع يديه فضرب بهما دماغي ! فقلت : واثكل أمك يا عمر أبلغت ما أرى ؟! ثم وثبت الى المجرفة فضربت بها هامته فنشرت دماغه ثم واريته في التراب وخرجت على وجهي لا أدري أين أسير فسرت بقية يومي وليلتي من العد الى الهاجرة فانتهيت الى دير فاستظللت فناءه ، فخرج إلي رجل منه فقال لي : يا عبدالله ما يقعدك هنا ؟ فقلت أضللت أصحابي ، فقال لي ما أنت على طريق وإنك لتنظر بعيني خائف ، فادخل فأصب من الطعام واسترح ، فدخلت فأتاني بطعام وشراب وأطعمني ، ثم صَعَّد فيَّ النظر وصَوَّبه ، فقال قد علم والله أهل الكتاب أنه ما على الأرض أعلم بالكتاب مني، وإني لأرى صفتك الصفة التي تخرجنا من هذا الدير وتغلبنا عليه ، فقلت يا هذا لقد ذهبت بي في غير مذهب ، فقال لي ما اسمك فقلت عمر بن الخطاب، فقال أنت والله صاحبنا فاكتب لي على ديري هذا وما فيه ، فقلت يا هذا إنك قد صنعت إلي صنيعة فلا تكررها ، فقال إنما هو كتاب في رق، فإن كنت صاحبنا فذلك ، وإلا لم يضرك شيء . فكتب له على ديره وما فيه ، فأتاني بثياب ودراهم فدفعها إلي ثم أوكف أتاناً فقال لي أتراها ؟ فقلت نعم ، قال سر عليها فإنك لا تمر بقوم إلا سقوها وعلفوها وأضافوك ، فإذا بلغت مأمنك فاضرب وجهها مدبرةً فإنهم يفعلون بها كذلك حتى ترجع إليَّ !!
قال فركبتها فكان كما قال حتى لحقت بأصحابي وهم متوجهون الى الحجاز ، فضربتها مدبرة وانطلقت معهم !
فلما وافى عمر الشام في زمان خلافته جاءه ذلك الراهب بالكتاب وهو صاحب دير العرس فلما رآه عرفه ، فقال قد جاء ما لامذهب لعمر عنه ، ثم أقبل على أصحابه فحدثهم بحديثه فلما فرغ منه أقبل على الراهب فقال هل عندكم من نفع للمسلمين ، قال نعم يا أمير المؤمنين ، قال إن أضفتم المسلمين ومرضتموهم وأرشدتموهم فعلنا ذلك قال نعم يا أمير المؤمنين فوفى له عمر رضي الله عنه ورحمة ! ) انتهى .
وروى أبو داود في سننه ج 2 ص 403
( ... عن الأقرع مؤذن عمر بن الخطاب ، قال : بعثني عمر الى الأسقف ، فدعوته ، فقال له عمر : وهل تجدني في الكتاب ؟ قال: نعم ، قال : كيف تجدني ؟ قال : أجدك قرناً ، فرفع عليه الدرة ، فقال : قرن مه ؟ فقال : قرن حديد ، أمين شديد ، قال : كيف تجد الذي يجئ من بعدي ؟ فقال : أجده خليفة صالحاً غير أنه يؤثر قرابته ، قال عمر : يرحم الله عثمان ! ثلاثا ، فقال : كيف تجد الذي بعده ؟ قال : أجده صدأ حديد ، فوضع عمر يده على رأسه فقال : يا دفراه يا دفراه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه خليفة صالح ولكنه يستخلف حين يستخلف والسيف مسلول والدم مهراق ! قال أبو داود : الدفر النتن ) ورواه في تهذيب التهذيب ج1 ص 323 ، وروى ابن شبة في تاريخ المدينة ج 3 ص 1078 :
( ... عن أقرع مؤذن عمر قال : بعثني عمر رضي الله عنه الى الأسقف فدعوته فجعلت أظلهما من الشمس ، فقال عمر رضي الله عنه : يا أسقف هل تجدنا في الكتب ؟ قال نعم . قال فكيف تجدني ؟ قال أجدك قرناً . قال فرفع عليه الدرة وقال : وعلى قرني مه ؟ قال قرنا حديداً أميناً شديداً . قال فكيف تجد الذي بعدي ؟ قال : خليفة صالحاً غير أنه يؤثر قرابته . قال يرحم الله عثمان ، يرحم الله عثمان - ثلاثا - قال : فكيف تجد الذي بعده ؟ قال أجد حداً حديداً . فوضع عمر رضي الله عنه يده على رأسه وقال وازفراه ، وازفراه ، وازفراه . قال يا أمير المؤمنين إنه خليفة صالح ولكن يستخلف حين يستخلف والسيف مسلول والدم مهراق ! ) .
وفي معجم ما استعجم للأندلسي ج 4 ص 1153 ( لُدّ . مدينة بالشام بضم أوله وتشديد ثانيه . جاء في الحديث أن المسيح عليه السلام يقتل الدجال بباب لدّ رواه الزهري ، عن سالم عن أبيه أن عمر سأل رجلاً من اليهود ، فقال له : قد بلوت منك صدقاً فحدثني عن الدجال. فقال يقتله ابن مريم بباب لد ) انتهى.
أما في أحاديث أهل البيت عليهم السلام فإن الدجال قائد حركة ضد الإسلام يخرج بعد ظهور الإمام المهدي ، والذي يقتله هو الإمام المهدي عليه السلام .
مهما يكن ، فقد كان الخليفة عمر بن الخطاب قبل الإسلام يعتقد بالكهان والأحبار والرهبان ، أما بعد الإسلام فالظاهر أنه لم يضعف اعتقاده بهم بل تأكد .. وأكبر شاهد على ذلك المكانة التي أعطاها لكعب الأحبار في الدولة الإسلامية وثقافة الإسلام !
مكانة كعب الأحبار عند الخليفة
كان كعب الأحبار حاخاماً يهودياً من يهود اليمن ، وعندما قصد من اليمن الى بيت المقدس مر على المدينة فخرج الخليفة عمر الى استقباله أو الى زيارته في مكان إقامته ، إكراماً له واحتراماً ! وقالوا دعاه الى الإسلام ولكنه لم يستجب .. وواصل سفره الى بيت المقدس ثم سكن في الشام وهو على يهوديته ، ورافق الخليفة عمر في زيارته الى بيت المقدس وهو على يهوديته! وكان يتردد على المدينة إجابة لدعوة الخليفة!
قال السيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 168 ( وأخرج ابن جرير عن عيسى بن المغيرة قال : تذاكرنا عند إبراهيم إسلام كعب فقال : أسلم كعب في زمان عمر أقبل وهو يريد بيت المقدس فمر على المدينة فخرج إليه عمر فقال : يا كعب أسلم . قال ألستم تقرؤون في كتابكم مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً ، وأنا قد حملت التوراة فتركه . ثم خرج حتى انتهى الى حمص فسمع رجلاً من أهلها يقرأ هذه الآية يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوها ، قال كعب يا رب آمنت يا رب أسلمت . مخافة أن تصيبه هذه الآية ثم رجع فأتى أهله باليمن ثم جاء بهم مسلمين ) انتهى .
وقد طوت هذه الرواية مدة من حياة كعب وأحداثاً أشرنا إليها ، وكانت علاقته بالخليفة وثيقة ..
وأياً كان ، فقد أخذ كعب في قلب الخليفة ودار الخلافة مكانة علمية استشارية ، وصار له نفوذ في الدولة ! وقد أثر بحكم هذه المكانة على ثقافتنا الإسلامية .. بل بلغت ثقة الخليفة بعلم كعب وثقافته أنه صار مشاوراً دينياً للخليفة على أعلى مستوى يمكن أن يتصوره إنسان ! فكعب مصدر لمعرفة أخبار الغيب والآخرة .. ومصدر لمعرفة تاريخ الأنبياء .. ومصدر لتفسير القرآن .. ومصدر للفتاوي الشرعية .. ومصدر لمعرفة المستقبل السياسي والديني للأمة الإسلامية .. ومصدر لمعرفة مستقبل الخليفة عمر شخصياً .. ومصدر لمعرفة مقام الخليفة عند الله تعالى ومكانه في الجنة !! ولا يتسع المجال الى استقصاء الأحاديث في ذلك وفيها الأحاديث الصحيحة عند إخواننا بأعلى درجات الصحة .. لذا نكتفي بذكر نماذج منها :
روى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 65 عن كعب الأحبار ، تحت عنوان : ( باب شدته رضي الله عنه في الله وكراهيته للباطل . عن عمر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب أرسل الى كعب الأحبار فقال : يا كعب كيف تجد نعتي ؟ قال أجد نعتك قرن من حديد . قال وما قرن من حديد ؟ قال أمير شديد لا تأخذه في الله لومة لائم . قال ثم مه ؟ قال ثم يكون من بعدك خليفة تقتله فئة ) .
وروى في كنز العمال ج 12 ص 567 :
( عن سفيان بن أبي العوجاء قال : قال عمر بن الخطاب : والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك؟ فإن كنت ملكاً فهذا أمر عظيم ، قال قائل : يا أمير المؤمنين ! إن بينهما فرقاً، قال ما هو ؟ قال : الخليفة لا يأخذ إلا حقاً ولا يضعه إلا في حق ، فأنت بحمد الله كذلك. والملك يعسف الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا ، فسكت عمر ! ـ ابن سعد .
... عن سلمان أن عمر قال له : أملك أنا أم خليفة ؟ قال له سلمان : إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثرثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة فاستعبر عمر ـ ابن سعد .
... عن رجل من بني أسد أنه شهد عمر بن الخطاب سأل أصحابه وفيهم طلحة وسلمان والزبير وكعب فقال : إني سائلكم عن شئ فإياكم أن تكذبوني فتهلكوني وتهلكوا أنفسكم ، أنشدكم بالله ! أخليفة أنا أم ملك ؟ فقال طلحة والزبير : إنك لتسألنا عن أمر ما نعرفه ، ما ندري ما الخليفة من الملك ، فقال سلمان يشهد بلحمه ودمه : إنك خليفة ولست بملك ، فقال عمر إن تقل فقد كنت تدخل فتجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال سلمان : وذلك أنك تعدل في الرعية وتقسم بينهم بالسوية وتشفق عليهم شفقة الرجل على أهله وتقضي بكتاب الله ، فقال كعب: ما كنت أحسب أن في المجلس أحداً يعرف الخليفة من الملك غيري ولكن الله ملأ سلمان حكماً وعلماً .
ثم قال كعب : أشهد أنك خليفة ولست بملك فقال له عمر وكيف ذاك ؟ قال : أجدك في كتاب الله قال عمر : تجدني باسمي ؟ قال : لا ولكن بنعتك أجد : نبوة ثم خلافة ورحمة على منهاج نبوة ، ثم خلافة ورحمة على منهاج نبوة ، ثم ملكاً عضوضاً ـ نعيم بن حماد في الفتن .
... عن كعب أن عمر بن الخطاب قال : أنشدك بالله يا كعب ! أتجدني خليفة أم ملكاً ؟ قال : بل خليفة : فاستحلفه فقال كعب : خليفة والله ! من خير الخلفاء ، وزمانك خير زمان ـ نعيم بن حماد في الفتن ) انتهى .
والسبب في إصرار الخليفة عمر على أن يعرف من كعب أو غيره هل أنه خليفة أو ملك ؟ أن الأحبار أخبروه بأن اسمه أو صفته مذكورة في كتبهم التي ورثوها عن أنبيائهم وأنه سيحكم العرب بعد نبيهم .. فهو يريد أن يعرف نفسه وهل هو عند الله تعالى خليفة صالح من أهل الجنة أم أنه ملك من الملوك الذين ورد ذمهم في القرآن والكتب السماوية ؟! فكان كعب الأحبار وغيره يطمئنونه بأنه خليفة وليس ملكاً .
وكذلك أسئلة الخليفة لكعب عن مساكن عدن الخاصة في الجنة ، التي أخبره الأحبار بأن مسكنه فيها :
روى السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 57 ( عن الحسن البصري أن عمر قال لكعب : ما عدن ؟ قال هو قصر في الجنة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم ( حاكم ) عدل ) .
وفي ج 5 ص 347 ( وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ... في قوله تعالى وأدخلهم جنات عدن قال : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يا كعب ما عدن ؟ قال : قصور من ذهب في الجنة يسكنها النبيون والصديقون وأئمة العدل ) .
وفي كنز العمال ج 12 ص 561 ( عن الحسن قال : قال عمر بن الخطاب : حدثني يا كعب عن جنات عدن . قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قصور في الجنة لا يسكنها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل ، فقال عمر : أما النبوة فقد مضت لأهلها ، وأما الصديقون فقد صدقت الله ورسوله ، وأما الحكم العدل فإني أرجو الله أن لا أحكم بشئ إلا لم آل فيه عدلاً ، وأما الشهادة فأني لعمر بالشهادة ؟! ابن المبارك وأبوذر الهروي في الجامع) انتهى.
وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 331 :
( ... عن عبدالله بن الحرث قال كنت عند عائشة وعندها كعب الأحبار فذكر إسرافيل فقالت عائشة : يا كعب أخبرني عن إسرافيل ؟ فقال كعب : عندكم العلم قالت أجل ، قالت فأخبرني . قال : له أربعة أجنحة جناحان في الهواء وجناح قد تسربل به وجناح على كاهله والقلم على أذنه ، فإذا نزل الوحي كتب القلم ، ثم درست الملائكة وملك الصور جاث على إحدى ركبتيه وقد نصب للأخرى فالتقم الصور محنى ظهره وقد أمر إذا رأى اسرافيل قد ضم جناحه أن ينفخ في الصور !! فقالت عائشة : هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ! رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن ) . ورواه السيوطي في الدر المنثور ج 5 ص 338 ، وقال ( وأخرج عبد بن حميد والطبراني في الأوسط بسند حسن ) انتهى .
والاعجب من هذا ان يصدق اليهود والنصارى ثم يرمي رسول الله صلوات الله عليه واله بالهجر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
نعم فعمر الماسوني المخلص لليهوديه ولولا دعمهم له لما استطاع ان يفعل ما يفعل في الاسلام
لهذا أصبح عمر فاروقا ....
محمد بن سعد - الطبقات الكبرى - الجزء ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 270 )
3502 - قال أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح بن كيسان قال قال بن شهاب بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر الفاروق وكان المسلمون يأثرون ذلك من قولهم ولم يبلغنا أن رسول الله (ص) ذكر من ذلك شيئا ولم يبلغنا أن بن عمر قال ذلك إلا لعمر كان فيما يذكر من مناقب عمر الصالحة ويثني عليه قال وقد بلغنا أن عبد الله بن عمر كان يقول قال رسول الله (ص) اللهم أيد دينك بعمر بن الخطاب.