الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
سَلامٌ قَوْلا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ
---------------------------------------
الصحابية الجليلة الموالية لله ولرسوله وللطاهرين " أم سليم" تُطالب بقتل الصحابة الطُلقاء وتعتبرهم منافقين في حياة المصطفى وفي حضرته صلى الله عليه وآله ....!
صدق أو لا تصدق
أولاً: متن الرواية الصحيحة
روى مسلم في صحيحه (5/196) دار الفكر – بيروت:
(...عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا، فَكَانَ مَعَهَا فَرَآهَا، أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذَا الْخِنْجَرُ؟ قَالَتْ اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ. قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنْ الطُّلَقَاءِ؛ انْهَزَمُوا بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؛ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ). انتهى بنصه من صحيح مسلم، وله مصادر أخرى في مصادر أهل السنة والجماعة، نتركها للاختصار.
ثانياً: شرح العالم السني وفهمه للمتن
قال النووي في شرح صحيح مسلم (12/188) دار الكتاب العربي – بيروت:
(قَوْلهَا: (اُقْتُلْ مَنْ بَعْدنَا مِنْ الطُّلَقَاء) هُوَ بِضَمِّ الطَّاء وَفَتْح اللاّم، وَهُمْ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْل مَكَّة يَوْم الْفَتْح، سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَطْلَقَهُمْ، وَكَانَ فِي إِسْلامهمْ ضَعْف، فَاعْتَقَدَتْ أُمّ سَلِيم أَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ، وَأَنَّهُمْ اِسْتَحَقُّوا الْقَتْل بِانْهِزَامِهِمْ وَغَيْره. وَقَوْلهَا: (مَنْ بَعْدنَا) أَيْ: مَنْ سِوَانَا). انتهى.
ثالثاً: تعليقاتنا ...
1– إن أم سليم الصحابية أم أنس بن مالك، طالبت رسول الله - صلى الله عليه وآله – بقتل الصحابة الطلقاء معتبرة إياهم منافقين، ولم يصحح لها النبي فكرتها، فلم يقل لها: إنهم مؤمنون لا تحل دماؤهم، بل برر النبي عدم قتلهم بأن المسلمين في غنى عن قتلهم (إن الله كفى وأحسن) . وهذا يدل على أن ما طلبته واعتقدته أم سليم كان حقاً، إلا أنه لا يستدعي التنفيذ لعدم المصلحة في ذلك.
2 – إذا كان سب الصحابة الطلقاء والحكم بنفاقهم، هو من موجبات الحكم بالتكفير والابتداع في الدين، فيلزم علماء أهل السنة أن يحكموا بمثله في حق أم سليم التي لم تثبت توبتها عما طالبت به واعتقدته.
3 – لو كانت نظرية (عموم عدالة الصحابة) ذات رصيد من الصحة لكان الصحابة أنفسهم يعتقدون بها على أقل تقدير، لكننا نلاحظ أن أم سليم لا تعتقد بهذه النظرية، وإلا لما استجازت الحكم بنفاق مئات الصحابة الطلقاء ولما طالبت بقتلهم. وهكذا في العديد من الروايات التي تدل أن الصحابة لم يكونوا يعتقدون بهذه النظرية المبتدعة من قبل علماء أهل السنة.
4 – إن هذه الرواية تدل على أن ما يعتقده شيعة أهل البيت في الصحابة الطلقاء، كان له جذور في مجتمع الصحابة أنفسهم.
5 – مما يؤكد صحة هذه الرواية، وأنّ أم سليم ليست هي الوحيدة التي حكمت بنفاق أو كفر العديد من الصحابة، مما يؤكد ذلك: أننا نقرأ في كلام الحافظ الذهبي في مقدمة كتابه "الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم" ص23 ط. دار البشائر الإسلامية - بيروت: "فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما". وحكاه عنه الحافظ الغماري في "إرغام المبتدع الغبي" ص39 .
والحمد لله رب العالمين على نعمة ولاية الطيبين الطاهرين