أثارت فتوى بجواز تناول مشروبات تحوي كميات ضئيلة من الكحول أصدرها الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي هذا الأسبوع جدلا واسعا، بينما اعتبرها البعض مثيرة للبلبلة.
وقال رئيس تحرير صحيفة "الشرق" القطرية عبد اللطيف آل محمود في افتتاحية نشرت الخميس 10-4-2008 "إن الفتوى الأخيرة أثارت بلبلة في مجالس الناس".
وكانت صحيفة "العرب" القطرية نقلت الثلاثاء الماضي عن الداعية الشهير القرضاوي قوله بأنه "ليس هناك مانع من تناول المشروبات التي تحتوي نسبا ضئيلة من الكحول التي تتشكل طبيعيا بفعل التخمر"، وقال "إن وجود ما نسبته خمسة في الألف من الكحول لا أثر له في التحريم؛ لأنها نسبة ضئيلة جدا خاصة إذا كانت بفعل التخمر الطبيعي وليست مصنعة ولذلك لا أرى حرجا من تناول هذا المشروب".
وأضاف آل محمود في افتتاحيته "كنا وكان الشيخ (القرضاوي) في غنى عن هذه الفتوى"، وتابع "لا شك أن الفتوى ستفتح الباب لمن تسول لهم أنفسهم شرب المشروبات التي تحتوي على نسب قليلة من الكحول، وحجتهم أن النسبة لم تحدد في القرآن ولا في السنة، وما دام عالم بوزن القرضاوي قد أفتى بجوازها فلم لا نشربها؟"، وأضاف "على افتراض أن الكحول الناتج عن تخمر طبيعي وبنسب ضئيلة (0,05%) لا يتسبب بالسكر، فإن عملية التخمر إذا كانت طبيعية فهي عملية مستمرة لن تتوقف عند نسبة معينة ويصعب قياسها، وعليه فما الموقف إذا كانت النسبة 0,07 % أو 0,1% ومتى نخط الخط الأحمر في التحريم؟".
وفي تعليقه على الانتقادات الموجهة له، قال الشيخ يوسف القرضاوي "إن ذلك ناتج عن عدم فهم للفتوى"، موضحا أن ما صدر عنه كان ردا على استفسار في خصوص مشروب للطاقة موجود في السوق.
وقال الداعية القطري المصري الأصل "إن هناك مشروب طاقة موجود في الأسواق والناس تريد معرفة حكم الشرع فيه، لذلك عندما سئلت وجدت نفسي مجبرا على توضيح الصورة للمسلمين حتى لا يضيقوا على أنفسهم بغير وجه حق"، وخلص إلى القول "لا أدري علام إثارة هذا الأمر الآن".
من جهته، أيد العميد السابق لكلية الشريعة وأصول الدين في قطر عبد الحميد الأنصاري ما أفتى به الشيخ القرضاوي، وقال "أتفق معه من ناحية المضمون والتيسير على الناس"، لكن الأنصاري انتقد بشدة "ظاهرة الفتاوى التي باتت تحكم المجتمعات الإسلامية وتعوق تنميتها وتقدمها"، وقال في هذا السياق "إن عالم الدين أصبح يبيح لنفسه أن يفتي في كل شيء من الطب إلى الفلك وصولا إلى السياسة بدون احترام للاختصاص وللدولة المدنية التي من المفترض أن يحكمها القانون وليس الفتاوى".
وأضاف "إن ظاهرة الفتاوى تصيب الناس بالكسل العقلي وتمكنهم من التهرب من المسؤولية، وهو أمر بعيد عن منهج الإسلام الذي جعل قلب المؤمن وضميره هو المفتي"، وطالب العميد السابق لكلية الشريعة وأصول الدين بأن تتدخل الدولة وتمنع مثل هذه الفتاوى التي أصبحت توظف سياسيا مثل فتاوى الجهاد التي راح ضحيتها آلاف الشباب المسلمين الأبرياء.
إلى ذلك رأى عبد اللطيف آل محمود أن "ليس كل ما يقال ينشر على الملأ، وليس الناس سواء في الفهم والنية، فالبعض سيستغلها (الفتوى) لغرض في نفسه ويجعلها في ذمة القرضاوي الذي أفتى فيها"، إلا أن القرضاوي ينفي أن يكون "ممن يجرون وراء الإعلام"، مؤكدا أنه "إذا سئلت عن أمر أجيب"، وذلك ردا على آل محمود الذي وضع افتتاحيته تحت عنوان "فتاوى شرعية أم مواد صحفية؟".