لعلكم سمعتم بأن واحدة من آداب محفل العلم سلام المعلم على المتعلمين و المخاطبين. و هذا الأدب قد تعلّمناه من الذات الأقدس الإلهية في سورة الأنعام المباركة حيث قال: «و إذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم»(1)، أي إذا جاءك المؤمنون لتلقي العلوم الإلهية فقل سلام عليكم.
إن المخاطبين الذين كانوا في مجلس الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) على صنفين. فمتوسطيهم كانوا يتلقون السلام من النبي، و بعضهم يتلقونه من الله. و بالطبع فإن سلام الله هو إعطاء السلامة. و ليس معناه أن الله كان يسلم على أحد باللفظ، و إن أهم نوع للسلامة هي سلامة القلب.
إن القلب السالم هو الخالي من ذكر غير الله ، فإن كان ظرف القلب سالماً سيتهيأ المكان للمظروف، و عندئذ ستُلقى العلوم و المعارف في مثل هذا الظرف. إذن فإن الذات الأقدس الإلهية يعطي الإنسان الظرف في بادئ الأمر ثم الظرفية و في نهاية المطاف المظروف.
و من جانب آخر فإن سلامة القلب في انكسار القلب، لذا فلو أصحب الإنسان حال أدی الی انكسار قلبه فعليه أن يكون شاكراً، و لو تعلّم مسألة فلابد أن يكون شاكراً، لأن هذه كلها من عطايا الله. و على أي حال فإن سلامة القلب نصف الطريق، لأن الظرف السالم ما دام خالياً من المظروف فهو لا ينفع.
إننا حين نقول في تحيتنا للمعصومين (عليهم السلام) في الزيارات: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، تتعلق هذه السلامة بسلامة القلب و الظرف، و إن تلك الرحمة التي نسألها هي ناظرة إلى المظروف، أي أننا في الواقع نطلب من الله أمرين؛ أحدهما سلامة ظرف القلب، و الثاني الحصول على المظروف الحسن، أي نطلب من الله أن يُنزل رحمته و بركاته على قلبنا، و أن يطهّر قلبنا عن ذكر غيره.