شيعي حسني
رقم العضوية : 24389
الإنتساب : Oct 2008
المشاركات : 5,056
بمعدل : 0.86 يوميا
كاتب الموضوع :
حيدر القرشي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 13-12-2008 الساعة : 12:23 PM
وذكر العلاّمة الامينيّ سبعة وعشرين معني لكلمة المَوْلَي، وهي علی النحو التإلی:
1 ـ الرَّبّ. 2 ـ العَمّ. 3 ـ ابْنُ العَمّ. 4 ـ الابْن. 5ـ ابْنُ الاُخْت. 6ـ المُعْتِقْ. 7ـ المُعْتَق. 8 ـ العَبْد. 9 ـ المَالِك.[22] 10ـ التَّابِع. 11ـ المُنْعَمُ عَلَيْهِ. 12ـالشَّريك. 13ـ الحَلِيف. 14 ـ الصَاحِب. 15ـ الجَار. 16ـ النَّزيل. 17 ـ الصِهْر. 18ـ القَريب. 19 ـ المُنْعِمْ. 20ـ العَقِيد. 21ـ الوَلِيّ. 22 ـ الاَولَي بِالشَّيء. 23ـ السَيِّد غَيْرُ المَالِك وغَيْرُ المُعْتِق. 24ـ المُحِبّ. 25ـ النَاصِر. 26ـ المُتَّصَرِّف فِي الاَمْرِ 27ـ المُتَوَلِّي فِي الاَمْرِ.
وتحدّث بعد ذلك عن ضرورة الاخذ ببعض هذه المعاني في حديث الولاية وفيما يلي ملخّص لما ذكره.
« فالمعني الاوّل وهو الربّ، لا يمكن أن يكون هو المراد من المولي في حديث رسول الله، لانـّه يلزم من إرادته الكفر. وأمّا المعني الثاني والثالث إلی الثالث عشر، فلا يمكن الاخذ بها أيضاً لانـّه يلزم من إرادتها الكذب. ذلك أنـّه لا يصحّ أن نقول: كلّ من كان رسول الله عمّه، أو معتقه مثلاً، أو مالكه، أو شريكه، أو حليفه، أو عقيده، فعلی بن أبي طالب عمّه، أو معتقه، أو مالكه، أو شريكه، أو حليفه أيضاً. وأمّا المعني الرابع عشر إلی الثامن عشر، أي: الصاحب، والجار، والنزيل، والصهر، والقريب، فلايمكن أن تكون هي المقصودة من الحديث، لانـّه يلزم من إرادتها سخافة هذه الخطبة الهامّة وتفاهتها.
فلا معني لامر رسول الله بالتوقّف، ورجوع المتقدّم، وبقاء المتأخّر في مكانه، في ذلك الحشد الرهيب، في أثناء المسير، ورمضاء الهجير. وإبقاء الجميع في محلّ ليس بمنزل فيه علی أساس الوحي الإلهيّ المشفوع بما يشبه التهديد، والناس قد أنهكهم وعثاء السفر، وحرّ الهجير، وحراجة الموقف، حتّي أنّ أحدهم ليضع نصف ردائه تحت قدمه، والنصف الآخر علی رأسه لجلوسه علی الارض لاستماع الخطبة، لئلاّ يرهقه حرّ الارض والسماء. فيرقي رسول الله المنبر المصنوع من أحداج الإبل ليقول: إنّ نفسه نعيت إلیه، وهو مهتمّ بتبليغ أمر يخاف فوات وقته بانتهاء أيّامه، وإنّ له الاهمّيّة الكبري في الدين والدنيا، فيخبرهم بأُمور ليس فيها أيّ فائدة، ولاحاجة إلی إعلانها علی الملا بتلك الحالة المذكورة، فيقول: من كنت مصطحباً أو جاراً له، أو نزيلاً عنده، أو مصاهراً له، أو قريباً منه، فعلیبن أبي طالب كذلك.
ونحن لا نحتمل هذا في أحد من أهل العقول الضعيفة، فضلاً عن العقل الاوّل والإنسان الكامل: نبيّ الرحمة، وخطيب البلاغة، وعلی هذا، من الإفک الشائن أن نعزو إلی النبيّ إرادة شيء منها.
وعلی تقدير إرادة شيء منها، فأيّ فضيلة فيها لاميرالمؤمنين عليه السلام حتّي يهنّأ بها في ذلك الجمع الغفير، ويقال له: بخّ بخّ لك، ويُفضِّلها سعدبن أبي وقّاص في حديثه علی حمر النعم لو كانت، أو تكون وأحبّ إلیه من الدنيا وما فيها وإن عمَّر فيها مثل عمر نوح؟!
وأمّا المُنْعِمْ والعقيد. فلا يمكن أن يكونا هما المرادين من المَوْلَي في الحديث. لانـّه لا ملازمة في أن يكون كلّ من أنعم عليه رسولالله، يكون علیبن أبي طالب منعماً عليه أيضاً. ولا ملازمة في أن يكون كلّ من حالفه رسول الله، يكون علی عليه السلام حليفاً له أيضاً، إلاّ أن نقول: إنّ المراد هو كلّ من كان رسول الله منعماً عليه بالدين، والهدي، والتهذيب، والإرشاد، والعزّة في الدنيا، والنجاة في الآخرة، فعلی عليه السلام منعم عليه بذلك، لانـّه القائم مقامه، وحافظ شرعه، ومبلّغ دينه، والصادع عنه؛ فلهذا أنّ الله أكمل به الدين، وأتمّ النعمة. فهو حينئذٍ لايبارح معني الإمامة والولاية الذي نحن في صدد إثباته ولاينفكّ عنه ويساوقه بهذه الاسباب، لانـّه من معاني الاولويّة التي هي بمعني الرئاسة وصاحب الاختيار.
ونقول في العقيد: إنّ المراد من العقد، العهود التي كانت تبرم بين رسولالله، وبين بعض القبائل من أجل إقرار السلم والصلح، أو من أجل نصرته. وأميرالمؤمنين عليه السلام في هذه العهود بمنزلة رسولالله، يقوم بها لتنظيم السلطة الإسلاميّة، والحكومة الإلهيّة، والقضاء علی الفوضي. وحينئذٍ لا منافاة بينها وبين الولاية بمعني الإمامة والرئاسة الإلهيّة العامّة، والقصد متحقّق علی أيّ حال.
وأمّا المُحِبّ والنَّاصِر علی أيّ تقدير كان، فلا يمكن أن يكونا هما المقصودين من الحديث الشريف، لانـّه إذا كان القصد من قوله: مَنْ كُنْتُ مُحِبَّهُ أوْ نَاصِرَهُ فَعلی نَاصِرُهُ أَوْ مُحِبُّهُ، الإخبار بوجوب حبّ المؤمنين علیبن أبي طالب ونصرهم إيّاه، أو إنشاء لهذا المعني، فيكون معناه: من كنت محبّه، وناصره؛ فعلی محبّه وناصره؛ أو أنّ علی علی أن يكون محبّه وناصره. فلا ضرورة حينئذٍ أن يكون الإخبار بمحبّة علی ونصره أو إنشاء وجوبهما في ذلك الحشد من الناس، وإبلاغهم بذلك، بل كان من الضروريّ أن يخبر رسول الله أميرالمؤمنين عليه السلام نفسه بذلك، أو ينشي وجوبه.
إلاّ أن يكون المراد من الخطبة واستماع الناس جلب عواطف الملا وتشديد حبّهم لعلی عليه السلام إذا علموا أنّ أميرالمؤمنين في درجة النبيّ الاكرم محبّهم وناصرهم. لذلك وجب عليهم أن يتّبعوه، ولايخالفوا له أمراً ولا يردّوا له قولاً.
ولمّا صدّر رسول الله صلّي الله عليه وآله كلامه بقوله: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ، نعلم أنـّه علی هذا التقدير لا يريد من المحبّة أو النصرة إلاّ ما هو علی الحدّ الذي هو فيه بالنسبة إلی أفراد المؤمنين. فلهذا تكون لعلی عليه السلام هذه المحبّة والنصرة للناس.
وحينئذٍ فإنّ هذا النوع من المحبّة والنصرة ستكون كمحبّة رسولالله ونصرته تخصّه بما أنـّه زعيم الدين والدنيا، ومالك الامر، وحافظ كيانهم. وهذا هو معني الاولويّة بهم من أنفسهم. فإنّه لو لم يفعل بهم ذلك، لاجفلتهم الذئاب العادية، وانتاشتهم الوحوش الكاسرة، وستمتدّ أيدي العناد من كلّ حدب وصوب، فمن غارات تشنّ، و أموال تباح، ونفوس تُزهق، وحُرمات الله تُهتك. فينتقض الغرض من بثّ الدعوة وبَسْط نظام الدين. ومن الطبيعيّ أنّ من كان في المحبّة والنصرة علی هذا الحدّ، فهو خليفةالله في أرضه، وخليفة رسوله. وهذا هو معني الولاية الإلهيّة الكبري.
وإذا كان المراد من الحديث الإخبار بوجوب محبّة ونصرة علیبن أبي طالب علی جماعة المؤمنين أو إنشاء لهذا المعني، فيكون المعني: من كنت محبّه وناصره، فهو محبّ علی بن أبي طالب وناصره؛ أو أنّ عليه أن يكون محبّاً وناصراً لعلی. وحينئذٍ لم يكن هذا المعني جديداً فيحتاج إلی خطبة، وجمع للناس بالنحو المارّ ذكره، ذلك أنـّنا نعلم أنـّه لمّا كان أميرالمؤمنين أحد المؤمنين، فالناس يحبّونه أو عليهم أن يحبّوه وفقاً للآيات القرآنيّة الكريمة.
يضاف إلی ذلك، لو كان المراد من الحديث الإنشاء أو الإخبار عن محبّة المسلمين أو نصرتهم أمير المؤمنين عليه السلام فينبغي أن يقول: مَنْ كَانَ مَوْلاَيَ فَهُوَمَولَي علی. أي: من كان محبّي أو ناصريّ، فهو محبّ علی وناصره. بينما نجد أنّ معني المولي هو المحبّ والناصر، لاالمحبوب والمنصور. ولذلك لا يمكن حمل الحديث علی هذا المعني. ولعلّ سبطبن الجوزيّ نظر إلی هذا المعني، وقال في تذكرته، ص 19: لميجز حمل لفظ المَوْلَي في هذا الحديث علی الناصر.
علی أنّ وجوب المحبّة والنُّصرة غير مختصّ بأمير المؤمنين، وإنّما هو شرع سواء بين المسلمين أجمع، أن يحبّوا كافّة المؤمنين وينصروهم. فما وجه تخصيصه بأمير المؤمنين عليه السلام؟ وإن أُريد محبّة أو نصرة مخصوصة له تربو علی درجة الرعيّة، كوجوب المتابعة، وامتثال الاوامر، والتسليم له، فهو معني الحُجِّيَّة والإمامة، لا سيّما بعد مقارنتها بما هو مثلها في النبيّ الاكرم بقوله: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مُوْلاَهُ. والتفكيك بينهما في سياق واحد إبطال للكلام
المَوْلَي في حديث الغدير بمعني الاَوْلَي
تحدّثنا إلی الآن عن اثنين وعشرين من المعاني السبعة والعشرين التي ذكرناها للمولي. واتّضح أنّ أيّاً منها لا يمكن أن يكون هو المراد من لفظ المَوْلَي في حديث الولاية؛ فلم يبق منها إلاّ خمسة معانٍ هي: 1ـالوَلِيّ. 2ـالاَوْلَي بِالشَّيء. 3 ـ السَيِّد ( غير المالك أو المعتق؛ فلايقال له: مَوْلَي بلحاظ هذا المعني، بل للسيادة نفسها لا غير ). 4ـالمُتَصَرِّف في الاَمْرِ. 5ـالمُتَوَلِّي فِي الاَمْرِ.
أمّا السيِّد فهو الاولي بالشيء من حيث السيادة الدينيّة العامّة علی الاُمّة الإسلاميّة، لانـّه لا معني أن يعطي الرسول الاكرم صلّي الله عليه وآله سيادة لابن عمّة وفيها عسف وظلم مع أنّ سيادته صلّي الله عليه وآله إلهيّة.
وكذلك المتصرّف في الامر، فلابدّ أن يكون معناه التصرّف الإلهيّ المعنويّ المساوق للسيادة والولاية السبحانيّة. وذكر كثيرون أنّ التصرّف في الامر بمعني الولاية، كما قال الفخر الرازيّ في تفسيره الآية المباركة: وَاعْتَصِمُوا بِاللَهِ هُوَ مَوْلَیـ'كُمْ. [23] عن القفّال، إذ قال القفّال: «هُوَ مَوْلَیـ'كُمْ» يَعْنِي سَيِّدَكُمْ وَالمُتَصَرِّفَ فِيكُمْ. وذكرهما أيضاً سعيد الحلبيّ مفتي الروم، وشهابالدين أحمد الخفّاجيّ في تعليقهما علی تفسير « البيضاويّ » وعدّة في « الصواعق » من معانيه الحقيقيّة. وحذا حذوه كمال الدين الجهرميّ في « ترجمة الصواعق »، ومحمّد بن عبد الرسول البرزَنْجيّ في « النواقض »، والشيخ عبدالحقّ في لمعاته.
ولذلك فإنّ المراد بهذا المولي المتصرّف الذي قيّضه الله سبحانه لان يُتَّبَع، وإلی مدارج ومعارج الإنسانيةّ؛ فهو أولي من غيره بأنحاء التصرّف في المجتمع الإنسانيّ. فليس هو إلاّ نبيّ مبعوث أو إمام مفترض الطاعة منصوص عليه من قبل ذلك النبيّ بأمر إلهيّ.
وكذلك المُتَوَلِّي في الاَمْرِ وصاحب الاختيار فإنّه ينبغي أن يكون بهذا المعني حتّي يتسنّي له أن يتولّي أُمور الناس من قبل الله بحقّ فيسوقهم إلی الكمال.
وعدّ أبو العبّاس المبرِّد متولّي الامر من معاني المَوْلَي. قال في قوله: بِأَنَّ اللَهَ مَوْلَي' الَّذِينَ ءَامَنُوا:[24] الوَلِيّ والمَوْلَي معناهما سواء. وأبوالحسن الواحديّ في تفسيره « الوسيط »، والقرطبيّ في تفسيره للآية الشريفة: بَلِ اللَهُ مَوْلَیـ'كُمْ. [25] وابن الاثير في « النهاية »، والزبيديّ في « تاج العروس»، وابن منظور في « لسان العرب ». فإنّهم ذكروا هذا المعني للمولي، وقالوا: ومنه الحديث عن رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نكحَتْ بِغَيْرِإِذْنِ مَوْلاَهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ. وفي رواية: بِغَيْرِإِذْنِ وَلِيَّها، أي: متولّي أمرها.
وذكره البيضاويّ في ثلاثة مواضع من تفسيره: في قوله تعإلی: مَا كَتَبَ لَنَا هُوَ مَوْلَیـ'نَا، [26] وقوله تعإلی: وَاعْتَصِمُوا بِاللَهِ هُوَ مَوْلَیـ'كُمْ، [27] وقوله تعإلی: وَاللَهُ مَوْلَیـ'كُمْ. [28]
وذكر أبو السُّعُود العماديّ في تفسيره أنّ المراد بالمولي: متولّي الامر، وذلك في تفسير قوله تعإلی:وَاللَهُ مَوْلَیـ'كُمْ[29] ، وقوله: هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ،[30] وكذلك ذكره الراغب الإصفهانيّ في مفرداته.
وعن أحمد بن الحسن الزاهد الدرواجكيّ في تفسيره: المَوْلَي فِي اللُّغَةِ مَنْ يَتَوَلَّي مَصَالِحَكَ فَهُوَمَوْلاَكَ يَلِي القِيَامَ بِأُمُورِكَ وَيَنْصُرُكَ علی أَعْدَائِكَ. و لهذا سمّي ابن العمّ، والمعتِق مَولي. ثمّ صار اسماً لمن لزم الشيء ولايفارقه.
وكذلك ذكر هذا المعني الزمخشريّ في « الكشّاف »، وأبو العبّاس أحمدبن يوسف الشيبانيّ في « تلخيص الكشّاف » والنَّسَفِيّ في تفسيره، في قوله تعإلی: أَنتَ مَوْلَیـ'نَا[31] ، والنيسابوريّ في « غرائب القرآن » في قوله: أَنتَ مَوْلَیـ'نَا، وفي قوله: فَاعْلَمُو´ا أَنَّ اللَهَ مَوْلَیـ'كُمْ، [32] وقوله: هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ. [33]
وسار علی هذا النهج السيوطيّ في « تفسير الجلإلین » حين أخذ معني المولي في قوله: تعإلی: أَنتَ مَوْلَیـ'نَا، وقوله: فَاعْلَمُو´ا أَنَّ اللَهَ مَوْلَیـ'كُمْ، وقوله: قُلْ لَن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَهُ لَنَا هُوَ مَوْلَیـ'نَا.[34] بمعني: مُتَوَلّي أَمْرِنَا.
فهذا بحث حول المعاني العديدة للمولي، وعلمنا أنّ الولاية في الحديث الشريف لا تعني غير الرئاسة الكلّيّة، والإمامة الإلهيّة، وأنّ الاُمَّة الإسلاميّة بِيَدِ النبيّ الاعظم صلّي الله عليه وآله.
يضاف إلی ذلك، أنّ الذي نرتأيه في خصوص المقام بعد الخوض في غمار اللغة، ومجاميع الادب، وجوامع العربيّة أنّ الحقيقة من معاني المولي ليس إلاّ الاولي بالشيء، وهو الجامع لهاتيك المعاني جمعاء، ومأخوذ في كلّ منها بنوع من العناية. إذَنْ فليس للمولي إلاّ معني واحد، وهو الاولي بالشيء. وتختلف هذه الاولويّة بحسب الاستعمال في كلّ من موارده. وقد سبقنا إلی هذه النظريّة ابن البطريق في « العمدة »، وهو أحد أعلام الطائفة في القرن السادس. وتطفح بشيء من ذلك كلمات غيرواحد من علماء أهل السنّة حيث ذكروا المناسبات في جملة من معاني المولي تشبه ما ذكرنا.
ويكشف عن كون المعني الاوّل ( أي الاولي بالشيء ) هو المتبادر من المولي إذا أُطلق، ما رواه مسلم بإسناده في صحيحه عن رسول الله صلّيالله عليه وآله: لاَ يَقُلِ العَبْدُ لِسَيِّدهِ: مَوْلاَيَ. وزاد في حديث أبي مُعَاوِية: فَإِنَّ مَوْلاَكُمُ اللَهُ. وأخرجه غير واحد من أئمّة الحديث في تإلیفهم. [35]
وقال الشيخ أبو الفتوح الرازيّ: لا يحتمل من المعاني الواردة في كلمة المَوْلَي، في الحديث: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ أي معني غير الاَوْلَي، أو السَيِّد المُطَاع، كما خاطب الاخْطَل عبد الملك بن مروان بذلك، وكان نصرانيّاً. ولايمكن أن يتّهم الاخطل بأنّ له غرضاً في ذلك، أو أنـّه يميل إلی هذا المذهب وأتباعه. وكان ممدوحه عَلَماً في عدائه لاهل البيت. يخاطبه فيقول:
فَمَا وَجَدَتْ فِيهَا قُرَيشٌ لاِهْلِهَا أعَفَّ وَأَوفَي مِنْ أَبِيكَ وَأَمْجَدَا
وَأَوْرَي بِزَنْدَيْهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَهُ غَدَاةَ اخْتِلاَفِ النَّاسِ أَكْدَي وَأصْلَدَا
فَأصْبَحْتَ مَوْلاَهَا مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَأحْرَيقُرَيشٍ أنْ يُجَابَ وَيُحْمَدَا
وعلی أيّ حال، فإنّه أراد بالمولي: السَيِّد والاَوْلَي. [36]
ومن الابيات التي جاء فيها التصريح بإمامة أميرالمؤمنين عليه السلام و إمارته ويستفاد ذلك من لفظ المَوْلَي، أبيات عمرو بن العاص من قصيدة طويلة أنشدها في مدح أميرالمؤمنين عليه السلام وبيان منزلته ومقامه وإمامته وإمارته. وبعث بها إلی معاوية حين دعاه إلی نصرته في رسالة أرسلها إلیه وهو مقيم في فلسطين. فكتب إلیه عمرو بن العاص جواباً يضمّ هذه القصيدة. وأراد أن يشعره أنـّه دعاه إلی نصرته ليجعله في مواجهة هذه الشخصيّة الرفيعة! وأنّ حظّه من هذه الدعوة ينبغي أن يكون عظيماً ذا قيمة، لا تافهاً لا شأن له. ومن أبيات هذه القصيدة الدالّة علی ما نحن بصدده، هذه الابيات:
وَكَمْ قَدْ سَمِعْنَا مِنَ المُصْطَفَي وَصَايَا مُخَصَّصَةً فِي علی
وفي يَوْمِ خُمٍّ رَقَي مِنْبَراً وَبَلَّغَ وَالصَّحْبُ لَمْ تَرْحَلِ
فَأَمْنَحَهُ إمْرَةَ المُؤْمِنِينْ مِنَ اللَهِ مُسْتَخْلِفِ المُنْحِلِ
وَفِي كَفِّهِ كَفُّهُ مُعْلِنَاً يُنَادِي بِأمْرِ العَزِيزِ العلی
وَقَالَ: فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَيً لَهُ علی لَهُ إلیوْمَ نِعْمَ الوَلِي [37] [36] ـ «تفسير أبي الفتوح الرازيّ» ج 2، ص 198.
[37] ـ هذه الابيات من قصيدة بعثها عمرو بن العاص من مصر إلي معاوية. ولمّا أراد معاوية عزله عن ولاية مصر، نظم هذه القصيدة في هجائه ومدح أميرالمؤمنين عليه السلام فعزف عن رأيه. ونقل السيّد نعمة الله الجزائريّ هذه الابيات في كتابه «الانوار النعمانيّة» ص 38 و 39.
توقيع : حيدر القرشي
بِنْتُ مَنْ أُمُ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ *
ويْلٌ لِمَنْ سَنَ ظُلْمَهَا وأَذَاهَا
لا نَبِيُ الهُدَىَ أُطِيعَ ولا *
فاطمةٌ أُكْرِمَتْ ولا حَسَنَاهَا
ولأي الأمور تدفن سرا *
بضعة المصطفى ويعفى ثراها
فرار الدمشقية من المناظرة!!