لدى السعودية كافة الرذائل دون أي من الفضائل التي تتمتع بها دولة غنية بالنفط مثل فنزويلا. إذ تحكم البلاد دكتاتورية عائلية لا تحتمل وجود أية معارضة وتعاقب بقسوة ناشطي حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين. تسيطر العائلة المالكة المستبدة على مئات المليارات من العائدات النفطية والاستثمارات الضخمة في كافة أنحاء العالم. وتعتمد النخبة الحاكمة على شراء الأسلحة الغربية والقواعد العسكرية الأمريكية لحمايتها. تعتمد العائلة الحاكمة السعودية على هذه الثروات الضخمة في تمويل متعها ونشاطاتها المشبوهة. كما تقوم النخبة الحاكمة بتمويل “الوهابية”، الطائفة الإسلامية السنية الأكثر تعصباً وتخلفاً وكرهاً للنساء.
إن النظام السعودي الدكتاتوري، الذي يواجه المعارضة من قبل المقموعين والأقليات الدينية، يتعرض للتهديدات والمخاطر من كافة الاتجاهات: من القوميين العلمانيين المقيمين في الخارج، والحكومات الشيعية القائمة؛ وداخلياً، من القوميين السنة المعتدلين، والديمقراطيين ودعاة النَسَوية؛ وداخل العائلة المالكة، المنقسمة بين التقليديين والمحدثين. وكرد على هذه المخاطر اتجهت السعودية إلى تمويل وتدريب وتسليح شبكة عالمية من الإرهابيين الإسلامويين الموجَهين لمهاجمة وضرب وتدمير الأنظمة المناوئة للنظام السعودي الديني- الدكتاتوري.
العقل المدبر لشبكة الإرهاب السعودي هو بندر بن سلطان الذي يتمتع بروابط عميقة وقديمة مع مسؤولين أمريكيين سياسيين وأمنيين وعسكريين رفيعي المستوى. تم تدريب وأدلجة بندر في “قاعدة ماكسويل الجوية” و “جامعة جون هوبكينز”، وكان سفيراً للسعودية في الولايات المتحدة لأكثر من عقدين (1983 – 2005). وبين 2005 و 2011 كان سكرتير “هيئة الأمن الوطني”، كما تم تعيينه “المدير العام لوكالة المخابرات السعودية” في سنة 2012. انغمس بندر، في مرحلة باكرة، في العمليات الإرهابية السرية بالتعاون مع “وكالة الاستخبارات المركزية”. ومن بين “عملياته القذرة” العديدة مع “سي آي إيه” في الثمانينيات من القرن الماضي، قيامه بإرسال 32 مليون دولاراً أمريكياً إلى قوات “الكونترا” في نيكاراغوا التي كانت تدير حملة إرهابية لإسقاط حكومة “ساندينيستا” الثورية في نيكاراغوا. وخلال خدمته كسفير، كان متورطاً في حماية أفراد العائلة المالكة السعودية المرتبطين بتفجير برجي التجارة والبنتاغون في 9/11/2001. وقد تعززت الشكوك بمعرفة بندر وحلفائه في العائلة المالكة مسبقاً بالتفجيرات التي قام بها إرهابيون سعوديون (11 من 19) بعد الفرار المفاجىء لعضو العائلة المالكة بعيد العمل الإرهابي. وتخضع وثائق الاستخبارات الأمريكية المتعلقة بارتباط بندر والسعودية بالتفجيرات للمراجعة من قبل الكونغرس.
بعد اكتسابه خبرة وتدريباً كبيرين في إدارة العمليات الإرهابية السرية، اللذين اكتسبهما من خلال عقدين من التعاون مع وكالات الاستخبارات الأمريكية، كان بندر جاهزاً لتنظيم شبكته الإرهابية الكونية دفاعاً عن الملكية الاستبدادية السعودية الرجعية، والمعزولة، والهشة.
شبكة بندر الإرهابية
عمل بندر بن سلطان على تحويل السعودية من نظام قبلي مهتم بالداخل ومعتمد كلياً على القوة العسكرية الأمريكية من أجل بقائه، إلى مركز إقليمي رئيس لشبكة إرهابية ضخمة، وداعم مالي نشط للدكتاتوريات العسكرية اليمينية (مصر) وأنظمة الزبانية (اليمن)، إضافة إلى التدخل العسكري في منطقة الخليج (البحرين). قام بندر بتمويل وتسليح مجموعة كبيرة من العمليات الإرهابية السرية، مستخدماً المجموعات الإسلاموية المرتبطة بالقاعدة، والطائفة الوهابية التي تسيطر عليها السعودية، إضافة إلى مجموعات مسلحة سنية أخرى. إن بندر مدير “براغماتي” للإرهاب؛ حيث يقوم بقمع عناصر القاعدة في السعودية وتمويل إرهابيي القاعدة في العراق وسوريا وأفغانستان وأماكنَ أخرى. فعلى الرغم من أن بندر كان أحد الأصول القديمة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية إلا أنه اتخذ، في الآونة الأخيرة، “طريقاً مستقلاً” حيث تفترق المصالح الإقليمية للدولة الاستبدادية عن المصالح الأمريكية. وبالطريقة نفسها، بينما أظهرت السعودية عداوة قديمة تجاه إسرائيل، قام بندر بتطوير “تفاهم سري” وعلاقة عمل مع نظام نتنياهو، وذلك حول عدائهما المشترك لإيران، وبشكل خاص حول معارضتهما للاتفاق المرحلي بين نظامي أوباما وروحاني.
قام بندر بالتدخل بشكل مباشر، أو بالوكالة، في إعادة تشكيل التحالفات السياسية، حيث عمل على زعزعة الخصوم ودعم وتوسيع النفوذ السياسي للدكتاتورية السعودية من شمال أفريقيا إلى جنوب آسيا، ومن القوقاز الروسي إلى القرن الأفريقي، أحياناً بالتنسيق مع الإمبريالية الغربية، وفي أحيان أخرى بغرض تحقيق أحلام السعودية في الهيمنة.
شمال أفريقيا: تونس، المغرب، ليبيا، مصر
قام بندر بضخ ملايين الدولارات بهدف دعم الأنظمة اليمينية الإسلاموية في تونس والمغرب، وذلك لكي يضمنَ قمع الحركات المطالبة بالديمقراطية وتهميشها وإضعافها؛ حيث تم تشجيع المتطرفين الإسلامويين – الذين يتلقون الدعم المالي من السعودية – على دعم الإسلامويين “المعتدلين” في الحكومة من خلال اغتيال القادة الديمقراطيين العلمانيين وقادة الاتحادات العمالية الاشتراكيين في المعارضة. وتتقاطع سياسات بندر بشكل كبير مع السياسات الأمريكية والفرنسية في تونس والمغرب؛ ولكن ليس في ليبيا ومصر.
جاء الدعم المالي السعودي للإرهابيين الإسلامويين وإرهابيي القاعدة ضد الرئيس الليبي القذافي متساوقاً مع حرب الناتو الجوية. فبغض النظر عن الخلافات التي نشأت لاحقاً، إلا أن النظام الزباني المدعوم من الناتو والمكون من الليبراليين الجدد المقيمين في الخارج اصطدم بالعصابات الإرهابية الإسلاموية وعصابات القاعدة المدعومة من السعودية. قام بندر بتمويل المتطرفين الإسلامويين في ليبيا بهدف توسيع عملياتهم العسكرية إلى سوريا، حيث كان النظام السعودي ينظم عملية عسكرية ضخمة لإسقاط نظام الأسد. تفاقم النزاع بين الناتو والمجموعات المسلحة السعودية في ليبيا وأدى إلى اغتيال الإسلامويين للسفير الأمريكي وعملاء الاستخبارات المركزية في بنغازي. وبعد إسقاط القذافي، فقد بندر اهتمامَه بحمام الدم الذي تلا ذلك والفوضى التي خلقتها جماعاته المسلحة. أما هذه المجموعات فأخذت تمول نفسها بنفسها – من خلال سرقة البنوك، وبيع النفط، ونهب الخزائن المحلية – بشكل “مستقل” نسبياً عن سيطرة بندر.
أما في مصر فقد طور بندر، بالتنسيق مع إسرائيل (ولكن لأسباب مختلفة)، استراتيجية تهدف إلى تقويض نظام محمد مرسي الإخواني المستقل نسبياً والمنتخب ديمقراطياً. فقد قام بندر والنظام الدكتاتوري السعودي بتقديم الدعم المالي للانقلاب العسكري ودكتاتورية الجنرال السيسي. تم تقويض الاستراتيجية الأمريكية القائمة على اتفاقية تشارك السلطة بين الإخوان الإسلامويين والنظام العسكري، والتي تضم الشرعية الانتخابية الشعبية والعسكر المؤيد لإسرائيل والناتو. فمع المساعدة التي بلغت 15 مليار دولاراً أمريكياً ووعود بتقديم مساعدات أخرى، قدم بندر للجيش المصري طوق النجاة وحصانة اقتصادية من أي انتقام مالي دولي. ولكن لم تفرض أية عقوبات جدية. فقد قام الجيش بسحق الإخوان، كما سجن قادتهم وهدد بإعدامهم. كما قام بحظر بعض أحزاب المعارضة الليبرالية-اليسارية التي كان قد استخدمها بمثابة أداة لتبرير هيمنته على السلطة. ومن خلال دعمه للانقلاب العسكري، قام بندر بتصفية الخصم المتمثل في النظام الإسلاموي المنتخب ديمقراطياً والذي كان يتناقض مع الاستبداد السعودي. حيث ضمن نظاماً دكتاتورياً مماثلاً في بلد عربي محوري، على الرغم من أن الحكام العسكريين أكثر علمانية وأكثر تأييداً للغرب وإسرائيل وأقل عداوة للأسد من نظام الإخوان. لقد ضمن نجاح بندر في تسهيل الانقلاب المصري حليفاً سياسياً لكنه يواجه مستقبلاً غير مؤكد.
إن من شأن إحياء حركة شعبية مناهضة للدكتاتورية أن تستهدف العلاقة مع السعودية أيضاً. كما أن بندر عمل على إضعاف الوحدة الخليجية: فقد كانت قطر تمول نظام مرسي، إذ قدمت 5 مليار دولاراً للنظام السابق.
تتجلى شبكة بندر الإرهابية في أقوى مظاهرها في تمويله وتسليحه وتدريبه ونقله لعشرات الآلاف من الإرهابيين الإسلامويين “المتطوعين”، منذ زمن طويل وعلى نطاق واسع، من الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط والقوقاز وشمال أفريقيا وأماكن أخرى. إذ أصبح إرهابيو القاعدة في السعودية “شهداءَ الإسلام” في سوريا. حيث تنافست عشرات العصابات الإسلاموية المسلحة في سوريا على التمويل السعودي والسلحة السعودية. فقد تم تأسيس قواعد التدريب، بالتعاون مع المدربين الأمريكيين والأوروبيين وبتمويل سعودي، في الأردن وباكستان وتركيا. حيث قام بندر بتمويل المجموعة المسلحة الإرهابية الإسلاموية “المتمردة” الأكبر، “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، للقيام بعمليات عبر الحدود.
مع دعم “حزب الله” للأسد، أرسل بندر الأموالَ والسلاح إلى “كتائب عبد الله عزام” في لبنان التي قامت بتفجير بيروت الجنوبية والسفارة الإيرانية في صيدا. كما قدم بندر 3 مليارات دولاراً إلى الجيش اللبناني بهدف التحريض على حرب أهلية جديدة بين الجيش وحزب الله. فمن خلال التنسيق مع فرنسا والولايات المتحدة، مع تمويل أكبر ونشاط حثيث لتجنيد الإرهابيين الإسلامويين، أخذ بندر يلعب الدور الرئيس وأصبح المدير الأول لحرب عسكرية ودبلوماسية، تشن على ثلاث جبهات، على سوريا وحزب الله وإيران. فبالنسبة إلى بندر، من شأن الهيمنة الإسلاموية على سوريا إلى غزو إسلاموي لسوريا دعماً للقاعدة في لبنان بهدف هزيمة حزب الله وعزل إيران. ومن ثم تصبح إيران هدفاً لهجوم إسرائيلي- سعودي. إن استراتيجية بندر خيالية أكثر منها واقعية.
افتراق بندر عن واشنطن: الحرب على العراق وإيران
طالما كانت السعودية زبوناً مفيداً جداً لواشنطن، لكنها كانت تخرج عن السيطرة في بعض الأحيان. وهذه هي الحالة بشكل خاص منذ أصبح بندرمديراً للمخابرات: فبصفته أحد الأصول القديمة لوكالة الاستخبارات المركزية، إلا أنه اعتاد – منذ وقت طويل – على جني “المكاسب” لقاء خدماته، وخاصة عندما تتعلق تلك “المكاسب” بارتقائه وتعزيز مكانته داخل بنية السلطة السعودية. ومن هنا تمكنَ، على سبيل المثال، من تأمين صفقة طائرات “الأواكس” على الرغم من معارضة “إيباك” واكتساب نقاط لصالحه. إضافة إلى نجاح بندر في ترحيل المئات من أعضاء العائلة السعودية ‘المالكة’ المرتبطين بمنفذي هجمات 9/11، على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة بعيدَ التفجيرات.
مع أن تجاوزات بندر في الماضي كانت تتعلق بحوادث محدودة، إلا أنه أخذ ينزاح بشكل كبير عن السياسة الأمريكية. فقد باشر في بناء شبكته الإرهابية الخاصة به، بهدف تعزيز الهيمنة السعودية – حتى عندما كان ذلك يتعارض مع وكلاء أمريكا وزبانيتها وعملياتها السرية.
بينما تلتزم الولايات المتحدة بدعمها لنظام المالكي اليميني في العراق، يقوم بندر بتقديم الدعم السياسي والعسكري والمالي للدولة الإسلامية في العراق والشام الإرهابية السنية. وعندما تفاوضت الولايات المتحدة على “الحكومة المؤقتة” مع إيران، أعلن بندر عن معارضته وقام “بشراء” الدعم. فقد وقعت السعودية على اتفاقية لتقديم أسلحة بقيمة مليار دولاراً أثناء زيارة الرئيس الفرنسي أولاند مقابلَ فرض عقوبات أكبر على إيران. كما عبر بندر عن دعمه لاستخدام إسرائيل لمجموعات الضغط الصهيونية للتأثير على الكونغرس بهدف تقويض المفاوضات الأمريكية مع إيران.
خرج بندر من عباءة الاستخبارات الأمريكية. فقد شجعته علاقاته القوية مع الرؤساء الأمريكيين والأوروبيين والشخصيات السياسية المؤثرة على الدخول في “مغامرات الهيمنة الكبرى”. فقد التقى مع الرئيس الروسي بوتين لإقناعه بوقف دعمه لسوريا، حيث لوحَ بجزرة وعصا: صفقة شراء أسلحة بمليارات الدولارات مقابل التعاون، وتهديد بإطلاق الإرهابيين الشيشان لتقويض ألعاب سوتشي الأولمبية. كما أنه حولَ إيردوغان من حليف للناتو يدعم المسلحين ‘المعتدلين’ المعارضين لبشار الأسد إلى داعم للدولة افسلامية في العراق والشام، وهي منظمة إرهابية مرتبطة بالقاعدة. “تغاضى” بندر عن جهود إيردوغان “الانتهازية” لتوقيع اتفاقيات نفطية مع إيران والعراق، وترتيباته العسكرية المستمرة مع الناتو، ودعمه السابق لنظام مرسي البائد في مصر، وذلك بهدف ضمان دعم إيردوغان لنقل عدد كبير من الإرهابيين المدربين من قبل السعودية إلى سوريا وربما لبنان أيضاً.
عزز بندر علاقاته بحركة طالبان المسلحة في أفغانستان وباكستان، حيث قام بتمويل وتسليح مقاومتها المسلحة ضد الولايات المتحدة، إضافة إلى تزويد الولايات المتحدة بموقع “للتفاوض حول المغادرة”.
من المحتمل أن بندر يدعم ويسلح مسلمي “الويغور” الإرهابيين في غرب الصين، والإرهابيين الإسلامويين الشيشان والقوقاز في روسيا، على الرغم من توسيع السعوديين للاتفاقيات النفطية مع الصين وتعاونهم مع “غازبروم” الروسية.
المنطقة الوحيدة التي قام فيها السعوديون بالتدخل العسكري المباشر هي دولة البحرين الخليجية الصغيرة، حيث قامت القوات السعودية بسحق الحركة المطالبة بالديمقراطية تحدياً لحاكم البحرين المستبد.
بندر: الإرهاب الكوني على أسس محلية ملتبسة
انكبَ بندر على مشروع استثنائي يهدف إلى تحويل السياسة الخارجية السعودية وتعزيز دورها الكوني. لكن ذلك جعل الأمور أكثر سوءاً. فعلى غرار إسرائيل، عندما يأتي حاكم رجعي إلى السلطة وينقلب على النظام الديمقراطي، يهرع السعوديون إلى المكان بحقائبَ مليئة بالدولارات لدعم النظام. وكلما نشأت شبكة إرهابية إسلاموية تعمل على تقويض نظام شيعي وطني أو علماني، يمكنها الاعتماد على التسليح والمال السعوديين. إن ما يصفه بعض الكتبة، بتعابيرَ ملطفة، على أنه “جهد هزيل لتحديث ولبرَلة” النظام السعودي، ليس سوى تعزيز عسكري للنشاط السعودي الإرهابي في الخارج. إذ يستخدم بندر تقنيات الرعب الحديثة لفرض نموذج الحكم السعودي الرجعي على الأنظمة المجاورة والبعيدة في البلدان الإسلامية.
المشكلة هي أن “مغامرات” بندر الخارجية الضخمة تتعارض مع نموذج الحكم “المنكفئ” الذي تفضله العائلة المالكة. حيث إن أفراد هذه العائلة يرغبون في الانكفاء والابتعاد عن الآخرين والتركيز على جمع مئات مليارات الدولارات من العائدات النفطية، والاستثمار في المؤسسات الضخمة حول العالم، وقضاء الليالي الحمراء برفقة العاهرات “الكلاس” في واشنطن ولندن وبيروت – مع الاحتفاظ بمظهر الحماة الأتقياء للمدينة ومكة والمواقع المقدسة. لم يواجه بندر أية تحديات حتى الآن بسبب حرصه على احترام العاهل السعودي وحاشيته الداخلية. فقد اشترى وجرَ رؤساء الحكومات الغربية والأوروبية، وشخصيات مهمة أخرى، إلى الرياض لتوقيع الاتفاقيات وتقديم المجاملات بما يسعد الحاكمَ السعودي المستبد. لكن تورطه في عمليات القاعدة الخارجية، وتشجيعه للمتطرفين السعوديين للذهاب إلى الخارج والانخراط في حروب إرهابية، تشكل مصدر قلق للدوائر الملكية. إذ يخافون من عودة هؤلاء الإرهابيين السعوديين المدربين والمسلحين والخبيرين من سوريا وروسيا والعراق إلى السعودية لتفجير قصور الملك. وفوق ذلك، من المحتمل أن تسعى الأنظمة الخارجية التي يستهدفها بندر إلى الانتقام: إذ يمكن للروس أو الإيرانيين أو السوريين أو المصريين أو الباكستانيين أو العراقيين أن يقوموا برعاية ودعم أدواتهم الخاصة الكفيلة بالانتقام من المملكة. فعلى الرغم من مئات المليارات التي ينفقها النظام السعودي على صفقات شراء السلاح، إلا أنه يبقى ضعيفاً وهشاً على كافة المستويات. فباستثناء الولاء القبَلي لا تتمتع النخب المتخمة بالمال بأي دعم شعبي، ناهيك عن الشرعية التي تفتقر إليها بشكل شبه كامل. حيث إن هذه النخب تعتمد على العمال المهاجرين، و “الخبراء” الأجانب، والقوة العسكرية الأمريكية. كما أن النخب السعودية مكروهة من قبل رجال الدين الوهابيين المتشددين لسماحهم “للكفار” بتدنيس الأراضي المقدسة. فبينما يعمل بندر على توسيع النفوذ السعودي في الخارج، تضيق الأساسات المحلية التي يقوم عليها الحكم. وبينما يتحدى صناعَ السياسة الأمريكية في سوريا وإيران وأفغانستان، يعتمد النظام على القوة الجوية الأمريكية و “الأسطول السابع” لحمايته من مجموعة متنامية من الأنظمة المناوئة له.
يمكن لبندر، بأناه المتضخمة، أن يعتقد أنه أشبه بصلاح الدين الذي يشيد إمبراطورية إسلامية جديدة ولكن، في حقيقة الأمر، يمكن لعاهله أن يزيحه بسرعة بإيماءة واحدة من إصبعه. إذ من شأن تفجير واحد يستهدف المدنيين ينفذه إرهابيوه الإسلامويون أن يقود غلى أزمة دولية تؤدي إلى استهداف المملكة السعودية من قبل المجتمع الدولي.
في الحقيقة، إن بندر بن سلطان هو راعي أسامة بن لادن وخليفته؛ فقد عمل على تعميق ومنهجة الإرهاب الكوني. فقد قتلت شبكة بندر الإرهابية من الضحايا البريئين أكثر مما قتل بن لادن. وهذا متوقع بالطبع؛ ففي نهاية المطاف، لدى بندر مليارات الدولارات من الخزينة السعودية، والتدريب الذي تقدمه وكالة الاستخبارات المركزية، إضافة إلى مباركة نتنياهو!،،،،،،،
على ذمة وكالة براثا للأنباء