أصمت
و تظل صفحات البوح فارغة لا تملؤها كل تلك الثرثرة التي أحدِّث بها نفسي
تظل الصفحات فارغة إلا من سطور الدمع الذي ذرفته أعين المعاناه
سطور تئن بلا أنين و تصرخ حرقة بلا آهة ش
أصمت
حين يحتاج الكلام إلى حروف غير تلك التي أعتادها
إلى كلمات لا تشبه التي سمعتها
إلى معانٍ أعمق من تلك التي أستطيع الوصول إليها
أصمت
لأن الصمت هو الحل الوحيد هو الكهف الذي ألوذ به من صخب البوح و ضجيجه
أصمت
لأغادر حصار اللغة و أتمرد على قيود النطق و أمضي إلى مناطق
الصمت الرحبة حيث لا حدود و لا قيود
أصمت
حين تكون الكلمة خطوة إلى
مجهول لا أريد المضي إليه
أصمت
لأن الحقيقة أصبحت كالخرافة
لا أستطيع أيضاَ الانعتاق منها
أصمت
لأن الصمت لغة تحوي كل اللغات
تواصل يعبر الآفاق و يتجاوز المسافات
يخترق حواجز الجفاء والفراق والبعد
فأهذي كما أشاء وأغضب
و أشتاق وأعاتب وأبكي
و ابتسم كما أشاء
أصمت
لأن الحدث مأساة انهارت له قوى الكلمات
و كلما أغرت نفسها بالنهوض من جديد خذلتها
الأقدام فسقطت تتمتم إنها مأساة
أصمت
لأن في العروق أسى و في الحنايا لوعة
هي أثقل من أن تحملها ظهور الكلمات
أصمت
لأن الصمت احتجاج على ظلم ليس بالإمكان رده
أصمت
لأني خُذلِت!!!!! و اجتثت زهور تفتحت بالأحلام
و حطمت أمام عينيّ كؤوس ملأتها
بالأمنيات و أطفئت قناديل الأمل و ظهر شعاع اليأس
أصمت
لأن الكلمات سجينة زنزانة الجدوى فمن العبث!!!
أن تصرخ في أذن أصمّ أو تستنطق
شفاه أبكم
أصمت
لأن هناك من يجيد قراءة صفحات الصمت و يسمع همس السكوت
أصمت
لأن الآخر يرفض الإنصات
و يخشى أن تؤلمه وقع الكلمات
فيهرب من طنين العتاب
و لسعات اللوم و لكن آنى له
أن يهرب من سوط الضمير
الذي قد يفيق يوماَ ما
أصمت
لأن الصمت حكمة و الرسول
الكريم صلى الله عليه وآلة و سلم
قال ((من صمتَ نجا))