|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.84 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نووورا انا
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
بتاريخ : 05-07-2009 الساعة : 09:07 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
النشأة الأخرى
لم يزل الأنبياء (عليهم السلام) والمفكرون، يبشرون الصالحين وينذرون الطالحين بنشأة آخرى، تتشكل فيها محكمة كبرى، فيجازى المحسن بالإحسان ثواباً، والمسيء بالإساءة عقاباً.
ولم يزل الماديون ينكرون ذلك.
والصراع بين الطائفتين وأتباعهم قائم على قدم وساق، من يوم أن سكن الإنسان الأرض إلى هذا اليوم.
وترجع خلاصة حجج الطائفة الثانية إلى:
1: إنا لم نر ميتاً حيَّ بعد ما صار تراباً.
2: إنا لم نر عالماً آخر.
3: الروح يعدم، فلا يمكن إعادته.
وهذه الحجج تشبه حجج من كان ينكر(أمريكا) قبل كشفها، أو كان ينكر إمكان أن يتكلم أحد في شرق الأرض فيسمعه الناس في غربها.. فهي استبعادات تافهة، لم يقم عليها دليل.
ويمكن الإجابة على هذه الحجج بأنه:
1: رأى كثير من الناس إحياء الموتى: كإبراهيم (عليه السلام)، وعزير (عليه السلام) ومناصري عيسى (عليه السلام).. وأي فرق بين هذه الإخبارات، وأخبار حوادث التاريخ، التي نصدق بها دون الأولى؟
2و3: رأى كثير من الناس العالم الآخر، وقد أخبرونا بواسطة التحضير، دع عنك الأنبياء والأئمة والصالحين.. (عليهم السلام).
ولنفرض العالَم أمام الله، كمنضدة كيماوي يجمع شتات بعض المعادن ويفرق بين الأجزاء المتباينة، والله أقدر من الكيماوي وأعلم..
وقد نقل الله حجج المنكرين وردّهم في القرآن في عدة آيات:
قال تعالى: (ويقول الانسان أإذا ما متّ لسوف أخرج حياً * أو لا يذكر الإنسان أَنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً)(7)؟! ألم يك تراباً، ثم صار نباتاً، ثم حيواناً، ثم نطفة، ثم إنساناً؟! إن من يقدر على الإبتداء، يقدر على الإعادة.. قال سبحانه: (أفعيينا بالخلق الأول)(8) كلا، لا يعي الخالق العظيم.
وقال تعالى: (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج * ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير * وأَن الساعة آتية لا ريب فيها وأَن الله يبعث من في القبور)(9). إن الحبة ميتة، والتراب ميت، فمن يحييها في ظلمة التراب الكدر حتى تنبت من كل زوج بهيج؟
أليس هو الله؟
إذن: فما الفرق بين إحياء ميت الإنسان، وميت الحبة؟ قال عزوجل: (ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون)(10). يروى أن رجلاً جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله)وهو يزعم أنه يفحمه، فأخذ عظماً وفته أمامه(صلى الله عليه وآله) وقال: من يحيي هذا؟ فأجابه القرآن: (وضرب لنا مثلاً ونــسي خـــلقه قــال من يحيي العـــظام وهي رمـــيم* قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم)(11).
وقال تعالى: (أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم)(12).
ثم هل من العدل: أن يفسد بعض البشر في الأرض، ويهلك الحرث والنسل(13)، ثم يموت في كمال العز، ولا يحاسب على ذلك؟ أو هل من العدل: أن يتحمل المصلح أعباء الإصلاح، ويتجرع المرارات، ثم يقتل مظلوماً، فلا يجزى بما عمل؟ إن الآخرة دار جزاء، قال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)(14).
النعيم والجحيم
الإنسان مهما يعمل في هذه الدنيا: من خير أو شر، حسن أو قبيح، فإنه يجازى بها في القيامة، وله عليها حفظة من الملائكة يكتبون كل شيء: من طرفة عين، أو استراق سمع، أو تكلم لسان، أو لمس جسم، أو نية قلب.
قال تعالى: (وكل إنسان ألزمنـــاه طائـــره في عـــنقه ونخرج لـــه يوم القيامـــة كتاباً يلقاه منشوراً * إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حــسيباً)(15).
وحين يأخذ الآخذ كتابه، يقول سبحانه: (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحداً)(16).
وقال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)(17).
وقال سبحانه: (ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون * فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون * وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون)(18).
فهناك: جنة نعيم، وحور مقصورات في الخيام، وولدان مخلدون كأنهم لؤلؤ مكنون، وفاكهة كثيرة، وشراب، ولحم طير مما يشتهون، ورضوان من الله أكبر، وأصدقاء متقابلون على الأرائك، تعرف في وجوههم نضرة النعيم، دعواهم فيها سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها سلام، لا يرون فيها برداً ولا حراً، ولا موتاً ولا هرماً، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون، ونزع ما في صدورهم من غل لا يتحاسدون ولا يتباغضون(19).
وهناك: عذاب جحيم، ونار وسموم، وطعام من غسلين، وشراب من حميم، وأزواج من شياطين مقرنين، يدعون ثبوراً، يلعن بعضهم بعضاً، لباسهم من قطران، ومكانهم ضيق في أخاديد من النيران، وغضب من الله أكبر، لا يجدون نصيراً ولاظهيراً، ولا ملجأً ولا مناصاً، ويأتيهم الموت من كل مكان ولكن لا يموتون، وهم في العذاب خالدون(20)، لا يموتون فيستريحون، ولا يحيون حياة المنعمين.. ذاك لمن آمن وصدّق، وعمل صالحاً، وقال: إني من المسلمين.
وهذا لمن كذّب وتولى، وأدبر يفسد في الأرض، وكان من الفاسقين.
إنا قد نتعب أنفسنا، ونروض أجسامنا، فنواصل الدرس في الابتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية، ثم المعهد والكلية.. كي نحصل على شهادة تؤمن بعض الراحة لمستقبل عمرنا، الذي هو على أكثر الفروض خمسون سنة، مع ما في العمر من كدر وآلام ومتاعب ومصاعب..
والتاجر، يتعب ويكدح، ويسهر وينصب، لجمع دراهم معدودة لتـأمين مستقبل حياته، كي يكون في راحة عن الفقر..
ثم على تقدير التحصيل تنتابه الهموم، ويصيبه ما يصيب سائر أفراد الإنسان من المرض، والهرم، والغم، والهم..
فلماذا لا نعمل أعمالاً خفيفة ـ في عمرنا القصير ـ لراحة طويلة، لا تعرف لها غاية، ولا يشوبها كدر؟
ولنفرض: إن ما قاله الأنبياء (عليهم السلام)، وما دعا إليها كتب السماء، وأذعن لها كبار أهل الأرض، ودل عليها شواهد تجريبية ـ كعلم التحضير ـ كلها غير معلومة لدينا، لكن هل لا يكفي احتمال ذلك؟ إن من يدفع مبلغاً في سحبة (يانصيب)(21) إنما يدفعه رجاء أن يحصل على أضعافه ـ وإن لم يكن متيقناً ـ. فما يمنعنا أن ندفع هذا الثمن من أعمارنا، لعلنا نحصل ما بشر به وحي السماء؟
ثم ما يضرنا لو لم يكن المجموع مطابقاً للواقع ـ فرضاً ـ ؟
إن الخيّر والشرّير يموتان.. فلماذا لا نعمل لمستقبل أفضل؟
وينسب إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام):
قــــال المنــــجم والطبــــــيب كلاهما: لــــم يحشــــر الأمــوات، قلت: إليكما
إن صـــح قــــولكما فلــــست بـخاسر إن صح قولي فالخسار عليكمــا(22)
الهوامش
1 - سورة الإسراء: 85.
2 - مثل ما ورد في عالم الذر.
3 - سورة البقرة: 154.
4 - سورة آل عمران: 169-171.
5 - الاحتجاج: ص350، إحتجاج أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) في أنواع شتى من العلوم…
6 - الكافي: ج3 ص 243 ح1، وبحار الأنوار: ج6 ص267 ب8 ح117.
7 - سورة مريم: 66-67.
8 - سورة ق: 15.
9 - سورة الحج: 5-7.
10 - سورة الواقعة: 62.
11 - سورة يس: 78-79.
12 - سورة يس: 81.
13 - إشارة إلى قوله تعالى: (واذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل) سورة البقرة: 205.
14 - سورة الزلزلة: 7-8.
15 - سورة الإسراء: 13-14.
16 - سورة الكهف: 49.
17 - سورة الزلزلة: 7-8.
18 - سورة الروم: 14-16.
19 - هذه إشارة إلى الآيات القرآنية التي وردت في نعيم الجنة.
20 - هذه إشارة إلى الآيات الواردة في عذاب الجحيم.
21 - لمعرفة الحكم الشرعي لـ (اليانصيب) راجع (الفقه: المسائل المتجددة) للإمام المؤلف دام ظله.
22 - ديوان الإمام علي (عليه السلام): ص 396.
المصدر
العقائد الاسلامية
اية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي
|
|
|
|
|