|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 11256
|
الإنتساب : Oct 2007
|
المشاركات : 108
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
الشيخ حسن الخويلدي يرد على سلمان العودة
بتاريخ : 27-10-2007 الساعة : 08:06 PM
لا للتكفير كفانا تمزقا
رسالة أخوية مفتوحة إلى سلمان العودة وإلى صحيفة الجزيرة المحلية
الحمد لله رب العالمين بارئ الخلائق أجمعين والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وبعد:
نشرت صحيفة الجزيرة الرسمية يوم الأحد الماضي 9 شوال 1428هـ، 21 أكتوبر 2007م مقالاً للأخ سلمان العودة بمناسبة عيد الفطر المبارك اعتبر فيه الاحتفال بـ«يوم الغدير» الذي يحتفل فيه المسلمون الشيعة في كل بقاع العالم مبرراً لوضع الشيعة في مصاف الأمم الكافرة، وقال في مقطع من مقاله ما نصه:
«وأعياد الأمم الكافرة ترتبط بأمور دنيوية مثل قيام دولة أو سقوطها، أو تنصيب حاكم أو تتويجه، أو زواجه، أو بحلول مناسبة زمانية كفصل الربيع أو غير ذلك. ولليهود أعيادهم، وللنصارى أعيادهم الخاصة بهم، فمن أعياد النصارى العيد الذي يكون في الخميس الذي يزعمون أن المائدة أنزلت فيه على عيسى ، وكذلك عيد ميلاد عيسى، وعيد رأس السنة «الكريسميس» وعيد الشكر، وعيد العطاء، ويحتفلون بها الآن في جميع البلاد الأوربية والأمريكية وغيرها من البلاد التي للنصرانية فيها ظهور، وإن لم تكن نصرانية وللمجوس كذلك أعيادهم الخاصة بهم، مثل عيد المهرجان، وعيد النيروز وغيرهما. وللرافضة، أيضاً أعيادهم، مثل عيد الغدير الذي يزعمون أن النبي بايع فيه علياَ رضي الله عنه بالخلافة» انتهى.
ولنا على هذا الكلام جملة من الملاحظات:
1- أود أن أوجه عتاباً أخوياً إلى صحيفة الجزيرة الرسمية، هذه الصحيفة التي كان ينتظر منها أن تنشر في صفحاتها ما يرفع ويُحسِّن من سمعة البلد لا أن تنشر ما يسيء إلى سمعته خصوصاً وأعداء بلادنا ليسوا من القلة بمكان فهم يتربصون الهفوة والسقطة ليكيلوا تهمهم للبلد وأمنه واستقراره.
إنه لمن المستغرب حقاً أن تقوم صحيفة رسمية بنشر مقالة تكفيرية ترمي طائفة إسلامية كبيرة من المسلمين يربو عددهم على ثلث العالم الإسلامي بالكفر وتسيء إلى طائفة إسلامية كبيرة من أبناء هذا الوطن خلافاً لما نسمعه دائماًَ على ألسنة كبار المسئولين في الدولة من منع التكفير ومعاقبة من يسعى أو يحاول إحداث الفرقة والفتنة بين مختلف أطياف هذا الشعب ومذاهبه، فهل نشر هذه المقالة يدخل في دائرة «سهو القلم» أو في دائرة «حرية الصحافة» أو في أي دائرة أخرى مع أن كل هذه الأعذار التي أحاول أن أبحث لها عن مبرر يستهجنها العقل وترفضها الفطرة ويكذبها الواقع وتخالفها سيرة الصحيفة.
فهل تملك الصحيفة الشجاعة لتقدم اعتذاراً صريحاً لهذه الطائفة الكبيرة من المواطنين المسلمين الشيعة وكذلك لسائر المسلمين الشيعة في بقاع العالم؟
2- لا يخفى أن الصحيفة بنشرها هذا المقال أساءت إلى سمعة المملكة وسمعة المسئولين فيها، بل تعدى تكفيرهم تكفير كل المواطنين حتى من غير أبناء الطائفة الشيعية فكل مواطن سني يحتفل بالعيد الوطني هو في نظر الصحيفة كافر وهذا ليس تحميلاً لما نشر في المقالة فوق ما يحتمل بل هو صريح المقال، فماذا تفهم من عبارة: «وأعياد الأمم الكافرة ترتبط بأمور دنيوية مثل قيام دولة، أو سقوطها، أو تنصيب حاكم أو تتويجه... أما المسلمون فليس لهم إلا عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى».
هل تفهم أن من يحتفل بالعيد الوطني لبلاده مكتمل الإيمان، أو ليست عبارة «أما المسلمون فليس لهم إلا عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى» كاشفة عن أن من يحتفل «بأمور دنيوية مثل قيام دولة» هو من الأمم الكافرة.
3- فيما يرتبط بالأخ الداعية سلمان العودة أقول: نحن نتفهم الضغوط التي تتوالى عليك من قبل المتشددين دينيا ممن يحوطون بك، ونتابع اتهاماتهم لكم خصوصاًَ بعد زيارتكم للقطيف ولقائكم ببعض إخوانكم الشيعة الذين استقبلوكم استقبال الفاتحين لما نشر عبر وسائل الإعلام المحلية عن تنوركم وابتعادكم عن الفكر التكفيري المتطرف أقول: كان كلامكم لدى زيارتكم للقطيف طيباً وفتحة خير للتواصل بين الشيعة والسنة في البلاد وخطوة رائدة نحو ردم الهوّة بين هاتين الطائفتين من المواطنين، فما حدا عما بدا؟
وما الذي حدث حتى عبرتم عن المسلمين الشيعة بـ«الرافضة» وجعلتموهم في مصاف الأمم الكافرة لأنهم يحتفلون بذكرى «يوم الغدير» الذي يجمع المسلمون سنة وشيعة بل جميع المحدثين والمؤرخين على ثبوته حتى أمسى خلافهم في بيان معنى قول الرسول لعلي يوم غدير خم أمام ما يزيد على مائة وعشرين ألفاً من الحجيج الذي أوقفهم في لفح الهجير«من كنت مولاه فهذا عليُّ مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه».
أقول حتى أمسى خلاف المسلمين السنة والشيعة في بيان معنى كلام الرسول هذا وليس خلافهم في ثبوته، فالأمر ثابت حتى بخبخ لعلي كبار الصحابة حيث كان الواحد يأتي بعد الآخر ويقول لعلي «بخ بخ لك يا علي أصبحت اليوم مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة».
وأنا هنا لا اريد أن أنتصر لرأي على حساب رأي آخر، وإنما أردت بيان أن قضية «غدير خم» ليست وهماً أو خيالاً بل هي حقيقة لا يختلف فيها اثنان، وتبقى مسألة الاحتفال بهذا اليوم فقط، فهل من يحتفل بهذا اليوم يخرج من الملّة وإن تشهّد الشهادتين وصلى الصلوات الخمس وصام شهر رمضان وحج البيت الحرام وآمن بالرسل والملائكة والكتب والجنة والنار وبالقدر خيره وشره.
وإذا كان كذلك فلابد من إخراج أكثر المسلمين من ملة الإسلام لأن أغلب المسلمين في العالم من السنة والشيعة يحتفلون بمختلف المناسبات مثل يوم المولد النبوي الشريف وذكرى الإسراء والمعراج، ويوم دحو الأرض، ويوم المباهلة، وحتى في المناسبات المتجددة كالاحتفال باليوم الوطني، ويوم انتصار المقاومة الباسلة في لبنان على العدو الإسرائيلي في حرب تموز الأخيرة وغداً يحتفل المسلمون في العراق بخروج المحتل من أراضيهم وهكذا، فهل صكوك التكفير جاهزة لكل هؤلاء المسلمين!
4- أخي سلمان فقط للتنوير والتوضيح أنت قلت في مقالك معرضاً بأعياد النصارى «فمن أعياد النصارى العيد الذي يكون في الخميس الذي يزعمون أن المائدة أنزلت فيه على عيسى ».
أقول: إن تسمية يوم نزول المائدة بأنه «عيد» ليس من تسمية النصارى بل هو من تسمية نبي الله عيسى هذا النبي العظيم الوجيه عند الله المعصوم الذي كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله تعالى وهو من أولى العزم وقد قرّر القرآن كلامه حينما سمى ذلك اليوم «عيدا» قال تعالى ﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾[1] .
وقد ذكر المفسرون السنة فضلاً عن المفسرين الشيعة ومنهم الفخر الرازي في تفسيره الكبير في معنى قوله ﴿ عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ﴾ ما نصه «أي نتخذ اليوم الذي تنزل فيه المائدة عيداً نعظمه نحن ومن يأتي بعدنا ونزلت يوم الأحد فاتخذه النصارى عيداً والعيد في اللغة اسم لما عاد إليك في وقت معلوم، واشتقاقه من عاد يعود فأصله هو العود فسمي العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح جديد».
وعلى هذا ما هي المشكلة حينما يحافظ المسيحيون النصارى الذين هم ﴿ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ﴾ على سنة سندها نبي الله عيسى فهل المشكلة في تغيير يوم الأحد بيوم الخميس وهذا ما يسمى في الفقه «خطأ في التطبيق» وهذا لا يضير.
أم المشكلة في أصل الاحتفال بذلك اليوم واعتباره عيداً وهو الواضح من كلامكم، وما ذنبهم حينما اعتبر النبي عيسى هذا اليوم عيدا، وسماه قرآننا عيداً.
أقول: هذا لا لأني أؤيد كفرهم بنبوة محمد وإنما أقول هذا إنصافاً لهم فإن الله تعالى علمنا الإنصاف حتى حينما يكون الحديث عن الخمر والميسر فيقول: ﴿ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ﴾.
فلا يغفل القرآن نفع الخمر والميسر ولا يجوز لنا نحن المسلمين أن نغفل الجوانب المشرقة عند المسيحيين النصارى ولو من جهة مودتهم للمؤمنين، بل أمرنا القرآن بالتوحد معهم حيث قال: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾[2] .
أخي سلمان ها هو القرآن قد سمى يوم نزول المائدة «عيداً» وهاهي الأحاديث القطعية الصدور الواردة عن الرسول ورواها أئمة أهل البيت وحاول الأمويون طمسها قد سمّيت يوم غدير خم بأنه «عيد الله الأكبر».
ولا أظن أني بحاجة الآن لسرد المئات من تلك النصوص الصحيحة في هذه الرسالة المقتضبة، ويكفي أن تعرف ويعرف الجميع أن زماناً كان يشتم فيه أمير المؤمنين على المنابر طيلة حكم بني أمية الذين عمت فتنتهم البلاد ووقتها قام الباكيان، باكٍ يبكي على دينه وباكٍ يبكي على دنياه، قتل فيه الكثير الكثير من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالتهمة والظنة، هل تظن أن يسمح لنصوص تسمى يوم الغديربـ «عيد الله الأكبر» بالبقاء ولكن مع كل تلك الحملات الأموية لطمس هذه الحقيقة وطمس أصل قضية «غدير خم» إلا أن الله تعالى أبى إلا أن يتم نوره.
أقول للتنوير والتوضيح أيضاً: الشيعة وسائر المسلمين حينما يقولون بأن «يوم الجمعة» مثلاً من كل أسبوع هو يوم عيد، ويوم «غدير خم» يوم عيد، ويوم «دحو الأرض» يوم عيد، ويوم المبعث النبوي الشريف يوم عيد لأن هذه الأيام تعود كل سنة بفرح جديد كما ذكر ذلك الفخر الرازي وغيره.. لا يقولون بأن أحكام يومي العيدين «الفطر والأضحى» تنطبق على هذه الأيام فلا قائل لا من الشيعة ولا من السنة بأن صلاة العيد المعروفة والتي تصلى يومي العيدين الفطر والأضحى تصلى «يوم الغدير» أو «يوم الجمعة» من كل أسبوع أو يوم نزول المائدة على عيسى .
5- ربما تقولون لم يثبت عندنا أن هناك عيداً ثالث لعيد الفطر والأضحى وعليه فمن يدعي وجود عيد ثالث أو رابع فهو كافر بنظرنا!
أقول: وفقاً لهذه القاعدة الكلامية لابد أن ترضى لغيرك ما ارتضيته لنفسك، فقد ارتضيت لنفسك أن تجعل كل من يعتقد بوجود عيد ثالث غير الفطر والأضحى في مصاف الأمم الكافرة، فهل ترضى أن يقول غيرك كل من ينكر «عيد الغدير» وهو عيد الله الأكبر هو كافر وفي مصاف الأمم الكافرة.
أعتقد أن هذا المنهج وهذا السلوك التكفيري الغير حكيم والغير متعقل يجر المسلمين إلى أبحر من الدماء فكل مسلم لا يقبل أن تُهان مبادؤه ولا معتقداته فضلاً عن نسبة الكفر إليه، فالمنطقة لا ينقصها زيادة توتر طائفي فهي في حالة من الغليان تنتظر شرارة فقط لتشتعل.
إن حرصنا على وحدة شعبنا وأمن بلادنا قادني لأن أكتب لك هذه الرسالة التي أرجو أن يتسع صدرك وصدر الصحيفة الناشرة لمقالتك فإن نظرة واحدة لما يجري في العراق وسيل الدماء الذي لم يتوقف بفعل الفتاوى التكفيرية يجعلنا أمام مسئولية شرعية لا يصح التهاون بها، فإن خطأ العالم يكون كانكسار السفينة تَغْرق وتُغرق.
أخذ الله بيدي ويدك إلى جادة الحق وأبعد عني وعنك وساوس الشيطان لنكون أخوة في الله يحب كل واحد منا ما يحبه لأخيه ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾.
حسن مكي الخويلدي
السعودية/المنطقة الشرقية/صفوى
12/10/1428هـ
|
|
|
|
|