|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
{ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }
بتاريخ : 25-06-2012 الساعة : 10:55 PM
{ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }
: غاية إلهيّةٌ : حتميَّةُ التحقق : وعدٌ غير مكذوب:
======================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25
إنَّ هذه الآية الشريفة جمعتْ في متنها الشريف غايات وأغراض الله تعالى
بإعتباره سبحانه حكيمٌ لايُفوّت أهدافه التي يرسمها في نظام الوجود
وكل أفعالة هادفة ومُعللة بالأغراض الحكمية وجوديا والتي بتمامها تعود لمصلحة وصلاح الإنسان في هذه الحياة الدنيا وتاليتها الآخرة الدار النهائية والموطن الأخير
فإرساله سبحانه للرسل :عليهم السلام: وببينات واضحات تؤيد دعاويهم في وحدانية الله تعالى ولزومه عبادته وطاعته
وإنزاله سبحانه لكل امة كتاب في وقتها كنص إلهي يجب على البشرية الأخذ منه
ومُردفاً إياه بالميزان وهو كناية عن التشريعات والسنن المعتدلة والعادلة في تطبيقاتها ومعطياتها الحياتية
كل ذلك يستدعي الإيمان بحقيقة قيام الناس بالقسط
أو لربما ترمز لفظة الميزان إلى إمام الوقت والإنسان في كل زمان ومكان
وهذا ماأسَّستْ له الروايات الصحيحة في تطبيقاتها لمفهوم الميزان على الإمام المعصوم:عليه السلام:
كما ورد أنّ عليا:عليه السلام:
هو
الميزان في القرآن :
:مستدرك سفينة البحار:علي النمازي الشاهرودي:ج10:ص293.
ومن هذا الباب الصحيح يكون الإمام المهدي:عليه السلام:
هو ميزان وقتنا هذا ووقت الإمامة الخاتمة والأخيرة في سلسلة المعصومين:عليهم السلام:
والمهم هو أن ندرك أنَّ الغاية الإلهية التي حددتها الأية الشريفة
يجب أن تأخذ صفة السريان الواقعي والعملي في كيانية الحياة كلها
أخلاقها وفكرها وإجتماعها وسياستها وثقافتها وكل مفردة مفردة
وهذا ما تطلبه اليوم الشعوب العقلانية غير المتدينة بدين
والتي أدركت بفطرتها ووعيها أنَّ العدل والقسط مطلب فطري بشري يجب تحقيقة عمليا
وهنا تتبيّن حكمة الله تعالى في إنتقاءه للفظة الناس
وهي كلمة تشمل كل فرد إنساني بغض النظر عن دينه
المهم هو أن يسعى الناس للتعاطي فيما بينهم على اساس القسط والعدل عمليا في حياتهم
نعم الآية في ظاهرها أوكلت مهمة تطبيق القسط وشؤوناته إلى الرسل في وقتهم
ولكن هذا لايعني تنحيَّة أغراض الله تعالى وأهدافه من قيام الناس بالقسط
عن جدول العمل التغييري والبقاء مكتوفي الأيدي متفرجين راكدين في نقطة معينة
لا ليس الأمر كذلك
لأنّ مفردة
((ليقومَ الناسُ بالقسط ))
فيها شمة تحريك وبعث وإثارة ونهضة بدليل إسناد فعل القيام إلى الناس أنفسهم
وهذا مستند قوي في ضرورة أن يؤمن الناس كافة بهذه الحقيقة الدينية
وهي التعايش بالقسط وجوديا ومن ثمّ ترجمة هذا الإيمان إلى واقع ملموس
يبدأ من طرح مفاهيم العدل وبثها كثقافة بين عموم الناس
حتى يتسنى لصاحب الأمر والزمان الإمام المهدي:ع:
الفرصة الوجدانية والفطرية والتي مع بلوغ الناس لها يتقبلون مشروع الإمام المهدي:ع:
بكل عقلانية وإعتدال ومنطقية
ومن أهم الوسائل الفعلية التي نتمكن معها من تطبيق القسط بين الناس
هي تنشيط النظام القضائي والجزائي والعمل على منحه صفة العدالة والإعتدال معاً
كي يكون بدوره العادل إن طُبِّق بصورة صحيحة مقدمة إعدادية تؤهل للتأسيس لدولة العدل الإلهي القادمة
والتي يقينا أنَّها ستتقدر بأقدار ظروف ومقتضيات عصرها
بعبارة أوضح أنَّ دولة العدل الألهي تتطلب وجود مرتكزات قبلية عادلة ومشروعة من مؤسسات دولة وكفاءات أفراد ونخب فكرية وثقافية
تعمل على تسريع مهمة الظهور وإنجاح مشروع الإمام المهدي:ع: بصورتة البشرية
نعم نحن لاننكر قطعا ما سيكون لله تعالى من دور غيبي لنصرة الإمام المهدي:ع:
في إنجاح قيام الناس بالقسط والقضاء على الظلم
ولكن هذا لا يعني أنَّ الدولة المهدوية ستخرج عن أقدارها البشرية
لطالما هي في أرض الحياة الدنيا
ومعلوم أنَّ التكليف في زمن الظهور الشريف للإمام المهدي:ع:
باقٍ والناس ملزمون بالإمتثال له
فمن هنا تبقى حاجة دولة الإمام المهدي:ع:
إلى العنصر البشري طبيعيا في تطبيقاتها كافة.
والذي يُعزز فهمنا بلزوم تحقق قيام الناس بالقسط في نهاية المطاف كليا
هو نص ذكره الإمام علي:ع:
في نهج البلاغة:الخطبة :185:
في وصف الله تعالى
: الذي صدق في ميعاده وإرتفع عن ظلم عباده وقام بالقسط في خلقه وعدل عليهم في حكمه:
ففي وقفة تحليلة للمفاهيم التي وردت في نص الإمام علي :ع: يتضح الأمر جليا
فالله تعالى صادق الوعد
{وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً }النساء122
فوعده يقيناً يتحقق مهما تأخر
وهو سبحانه لايظلم عباده بتركهم يتجرعون ظلم البشر والطواغيت
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42
وهوأيضا ذاته تعالى قائما بالقسط تكوينا وتشريعيا ووجوديا
{شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }آل عمران18
وإنه تعالى يأمر بالعدل
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90
فكيف لايروم تحقيقه فعلياً
ونحن إذا ما أردنا جرّ الناس إلى الدين الحق
فما علينا إلاَّ أن نخاطبهم من منطلق معيارية العدالة في الأشياء
وأنّ العدالة هي معيار الدين وقوامه
فالدين يأمر بكل عدل
وعادل
في مفاهيمة وتطبيقاته
والقرآن الكريم حكى حقيقة العدالة التي عاشها الناس في بدايات التأريخ البشري وحتى قبل بعثة الإنبياء
وذلك في قوله تعالى
َ(( كانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))البقرة:213
والمعنى كان الناسُ على شريعة الحق مذ زمن آدم :عليه السلام:
وحتى بعثة النبوات إلهيا
ففي فطرتهم أنوجد عنصر الإجتماع البشري أنذاك
ولكن حالما إختلفوا بإنحرافهم عن الفطرة والعدالة بعث له الله تعالى الإنبياء
والقرآن الكريم يؤكد هذه الحقيقة البشرية
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }الروم30
فالناسُ مفطورون تكوينا على العدل والإيمان به
وسيرجعون كذلك في نهاية نضج الإنسان فكريا وسلوكيا
وهذا ما لايختلف عليه إثنان من العقلاء في شرقها وغربها فلو حدثتَ أحدهم بالعدل وطموح تحقيقه في هذه الحياة لوافقك رأساً وإن كان على غيردينك لأنه يُدرك فطريا حقانية العدل ومشروعيته
وأخيراً يجب أن تنحصر وظيفتنا نحن المؤمنين بمشروع الإمام المهدي:ع:
بتوعية الناس أيّا كانوا بمفاهيم العدل والقسط وضروراتهما حياتيا
بصورة نكسب معها مؤيدين عقلانيين يدعمونا في تعجيل الظهور الشريف للإمام المهدي:عجّلَ الله تعالى فرجه الشريف:
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
: مرتضى علي الحلي: النجف الأشرف.
|
|
|
|
|