|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 36098
|
الإنتساب : May 2009
|
المشاركات : 5
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نجف الخير
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بتاريخ : 15-02-2010 الساعة : 03:20 PM
كان العرب في زمن الجاهلية على أسوأ حال، وأرذل أفعال، ما لهم من زرع ولا ضرع، لأن دينهم عبادة الأصنام، ومساكنهم في البوادي والجبال، وماؤهم الأمطار التي تُجمع في الغدران والآبار وتكدرها الرياح والأوساخ، كالطرق: (وهو الماء الذي خاضته الإبل وبالت فيه وبعرت) ومأكلهم الطعام الغليظ مثل القد: (جلد السخلة غير المدبوغ) والعلهز: (هو خلط الدم بأوبار الإبل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه) بل و كل ما يدب في الأرض من الحشرات، وشغلهم الحرب والنهب وسفك الدماء والاكتساب ببغي الجواري وقس على هذا مما لا يوصف، وإذا نزلوا وادياً وباتوا فيه قالوا: نعوذ بسيد أهل هذا الوادي من شر أهله، أو بعظيم هذا الوادي أو ما شاكله من الاستعاذة بعظيم الجن في ذلك الوادي، والمرأة إذا حملت حفرت حفرة... وتمخضت على رأسها... فان ولدت جارية رمت بها في الحفرة، وردت التراب عليها، وان ولدت غلاماً حبسته.
حتى بَعَثَ الله تعالى محمداً (صلى الله عليه وآله) برسالته لتكون رحمة للعالمين ولتكون رسالة عالمية تصلح العوج بالصراط المستقيم، فطابت مآكل العرب ومشاربهم وأحوالهم، فأبدلهم الله بتلك البراري والجبال، الريف ولين المهاد من أراضي العراق والشام ومصر والحجاز التي جعل الله فيها الزروع والأشجار والثمار والنبات والرياحين، وأبدلهم بعبادة الأصنام عبادة من يستحق العبادة وهو رب البيت الحرام الذي يعفو عن المسيء ويقبل التواب، ثم كَسَرَ منهم الأصنام وطهر منهم الأجساد وأزال الكفر والنفاق عن قلوبهم، والأوساخ والأرجاس عن وجوههم فانجاهم من النار ومن غضب الجبار، واستطاع هذا النبي الكريم بمعجزة وتسديد الهي ان يقلب ذلك المجتمع المتحجر الذي هضم حق المرأة واحتقرها ووصل بها إلى الوأد المادي والمعنوي في وأد مكانتها ان يحوله إلى الاعتقاد بأن (الجنة تحت أقدام الأمهات)، و(خير الأولاد المخدرات من كانت عنده واحدة جعلها الله ستراً له من النار)، و(البنات حسنات)
وصَنَعَ الحضارة الإنسانية القائمة على توحيد الله والإيمان به وبما بعث. وصنع كرامة المرء ورفعهم من الأرذل إلى الأعز في كل جانب من جوانب الحياة فحرر إرادتهم وفكرهم. فصار المسلمون في راحة في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جميع الجهات ولا سيما من جهة التمكن من الوصول إلى الأحكام الشرعية وذلك لوجوده بينهم فهو مصدر التشريع بعد الله تعالى فكلما واجهتهم مشكلة سارعوا إليه لحلها.
وصفاته وأخلاقه أرواحنا له الفداء كثيرة لا يتسع لنا المجال أن نذكرها لكن هو ذلك الذي إذا جاء شيء يسره خر ساجداً، وإذا قام بالليل إلى الصلاة قال: لبيك وسعديك الخير في يديك والشر ليس إليك. وإذا ودع المؤمن قال رحمكم الله وزودكم التقوى ووجهكم إلى كلِ خير وقضى لكم كل حاجة وسلم لكم دينكم ودنياكم وردكم سالمين إلى سالمين، ويَقْبُل على الناس بوجهه ويقبلون عليه بوجوههم، وكان ذلك الرجل الأمين الذي بُعث رسولاً للأمة يأكل على الأرض ويجلس جلسة العبد ويخصف بيده نعله ويرفع بيده ثوبه ويركب الحمار العاري، وإذا دخل على مريض قال: اذهب البأس رب البأس واشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت.
لكن حينما مرض (صلى الله عليه وآله) بالمرض الذي توفي به ماذا حدث بحضرته؟ وهل انشغل من كان يقبل وجهه إليهم بعلته؟ أم كان يريد ان يحوز الدنيا ويتسلطن ويتفرعن بها؟ كلا، فبَدل من ان يواسوه سبوه!!!
فلما خاف (صلى الله عليه وآله) ان يضلوا الناس من بعده وأراد أن يعطي الناس الوضوح كل الوضوح قال: (آتوني بدواة وكتف لأكتب فيه كتاباً لن تضلوا بعده أبداً) فاندفع عمر وقال ان الرجل لَيهجر حسبنا كتاب الله. وهو يعلم إن رسول الله من أُنزل فيه (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، أهكذا يجازى من بعثه الله لنا وجعله أسوة لنا؟ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الذي يجب ان نقول ما يقول، ونفعل ما يفعل، ونقف كما يقف في كل المواقف السلبية والايجابية؟ وان النبي (صلى الله عليه وآله) كان عقلاً كله جاء من أجل أن يعطي العالم عقلاً، فلا يمكن للعقل الذي أراد الله له أن يبقى متفتحاً قوياً معصوماً الى أن يلفظ أنفاسه ان يهجر، ولكن القضية أثارت وخلقت كثيراً من الجدل مما يدل على ان هناك كثيراً من التعقيدات دخلت الواقع الإسلامي بحيث أنهم يجتمعون عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول كلمة ويطلب أمراً فيختلف الناس معه، فهذا يقول ائتوه بالدواة وبالكتف، وذاك يقول ان النبي ليهجر وضاعت الكلمة الواضحة الصريحة عندما قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كما تقول كتب السيرة: (ألا نأتيك يا رسول الله بالدواة وبالكتف، قال: أبعد الذي قلتم) فلو كتبتُ فسيقول البعض منكم ان النبي كتبه وهو غير واعٍ لما يريد فلقد كان يهجر بكلمته وضاعت الفرصة الأخيرة. لكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عالم بما ستواجه به الأمة من بعده فجعل مصدرين مهمين يلجأ إليهما المسلمون لحل مشاكلهم وقد صرح بذلك في طوال حياته أكثر من مرة حين قال: (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما تمسكتم بهما وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض) فكان يحرض على المسلمين دائماً بإتباع هذين الثقلين وجعلهما في عرض واحد. وبذلك أشار إلى ان القرآن وان كان هو المصدر الوحيد والأصيل للتشريع لكنه يحتاج إلى مفسر فجعل عترته الطاهرة وهم الذين تربوا في حجره وفي بيته الذي نزل فيه القرآن مفسرين له.
وبعد أن واجه المسلمون قضية الخلافة حصل الانشقاق والمشاكل والخلافات ففريق اتبعوا الرسول (صلى الله عليه وآله) فتمسكوا بالكتاب والعترة وفريق رفضوا العترة وقالوا (حسبنا كتاب الله) وكان لهذا الانشقاق اثر كبير في كيفية التفكير وحل المشكلات وصارت تكثر المشاكل بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمور دين ودنيا وتزاد يوماً بعد يوم حتى يومنا هذا ولحظتنا هذه.
هكذا صرنا يا رسول الله بأرض الله بعدكَ مذعورين مهجرين، وان ما تقرحت العيون لأجله ونزفت القلوب بسببه هو قتال الأخوان بعضهم بعضاً، ويضربون أعناق بعض، ويلعن بعضهم بعضاً.
وقد قُتل ساداتنا وآباءنا وإخواننا وأولادنا لأجل ان تعلوا مناصب آخرين في هذه الدنيا الدنية بعكس ما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يقبل الناس الذين لا يعتقدون بالإسلام ولكنهم يدخلون الإسلام نتيجة رغبة أو رهبة أو مصلحة أو ما إلى ذلك لأنه يريد أن يبعد الناس عن العوج والخطأ وان يلتقوا على كلمة الإسلام لينصروا الإسلام. صار المسلمون ـ ان صح التعبير وان كان عندي شك في تسميتهم مسلمين ودليلي بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال: (من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس مسلماً) فما بالك بمن يقاتل المسلمين ـ يقاتلون الخط المستقيم الذي يريد الوصول لرضا الله ويفزعونهم ويعتقلونهم ويقاتلون الأمر بالمعروف.
وصارت المرأة التي رَفَعتَها من آبار الرذائل إلى شمس الكرامة تستهين بما اوجب الله لها وأوجبت من حجاب، مياعة التصرفات، عارية الجسد، باطنها رديء، ظاهرها لا شيء، وصارت هي التي تسقط جنينها إذ صار نظيراً لوأد البنات.
سيدي.. لقد جَمَدَت أحكام الإسلام، وعُطلت حدوده، ولم يبقَ إلا اسمه، وهذه الإنسانية المعذبة قد فتكتها الحروب ودمرتها أطماع المستعمرين، وها نحن يا سيدي نتطلع إلى منقذ البشرية العظيم الذي لا نرجو غيره ليقيم فينا حكم الله تعالى الذي لا غنى فيه لأحد ولا استغلال ولا تميز لقوم آخرين، وليقيم معالم الإسلام ويعيد آياته حتى تزدهر الدنيا بعدله وعيوننا بالنظر إليه. وأود ان أُذكر الناس بقول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ).
|
|
|
|
|