وهناك مقارنة عقدها الأستاذ أنور الخضري في مجلة البيان ، سأقتبس منها وأزيد عليها..
فمن المقارنات:
* على مستوى العلماء .. هناك حضور شيعي وشعبي واضح في وسائل الإعلام فالإعلام بكل قنواته يتابع ما يقوله علماء الشيعة "الآيات" ويتابعون ما ينادون به ، ودونكم الجماهير "المضللة" التي تصغي للخطب العصماء ، وحتى أقوالهم وخطبهم وفتاواهم تتصدر نشرات الأخبار .. وحتى هؤلاء العلماء صاروا مصدر إلهام للسياسيين ولكل الأفراد..
في المقابل هناك حضور ضعيف لعلماء السنة فالكثير منهم بعيد عن وسائل الإعلام ، وبعضهم يقبع في "زنازين" الحصار ، وآخرون في زوايا بعيدة عن التأثير الشعبي سواء كان بفعل سياسيي العرب الذين "عزلوا" الدين عن الحياة أو بإنشغال إعلامنا ولهثه وراء "مشاهير الفن" أو بعوامل الزحف الليبرالي الذي يحاول سحب البساط وإبعاد هؤلاء عن نقاط التأثير وبالتالي صرف المتابعين عن العلماء ..
* الشيعة يمتلكون دولة عصرية حديثة متقدمة نوعا ما ، هذه الدولة أخذت على كاهلها الدفاع عن "المذهب" والذب عنه بل التعهد بنشره في الأوساط القريبة والبعيدة "تصدير الثورة" ومحاولة التغلغل في كل ما يمكن طوله والوصول إليه "الحثويون على سبيل التمثيل" .. بينما دولنا العربية والإسلامية التي تربوا على الخمسين لا تجد دولة تقوم بما تقوم به إيران ، حتى وإن دعمت فعلى استحياء وبعيدا على الظل كما يقال .
* تتبنى إيران شعارات براقة لمناهضة الاحتلال الإسرائيلي ، ودعم المقاومة وتظهر بمظهر نصرة المظلوم ودعم المحتاجين ، وهي تندد في خطبها السياسية والدينية بأفعال اليهود وتستر أمريكا على الصهاينة وهذا ربما رفع أسهمها لدى المتلقين .. في المقابل الدول السنية لا تتفاعل مع الأحداث ولا تجد خطب "سياسية" ولا دينية لها صداها الإعلامي الواسع في تبني قضايا المسلمين المختلفة والوقوف ضد "الهمجية" الأمريكية حتى لو كان بأضعف الإيمان كسحب سفير أو دبلوماسي أو حتى مقاطعة اجتماع ، وإن كان تركيا قد حركت بعض المياه الجارية ، لكنها تظل تصرفات نادرة الحدوث.
* تأسست إيران بواسطة "الثورة" التي وصلت بها إلى سدة الحكم وإقامة الدولة الشيعية عام 1979 وتولاها الخميني وقد استطاعت أن تحرز تقدما على جميع المستويات الثقافية والصناعية وها هي تنافس على دخول النادي النووي.. في المقابل هناك دول عربية قامت وظهرت عن طريق الثورات مثل مصر وليبيا واليمن وغيرها ولكن هذه الدولة سجلت "صفراً" في الحضور التقني والميادين الصناعية والثقافية ولا زالت تعد في مصاف الفقيرة.
* تسعى إيران إلى امتلاك القنبلة النووية وهو ما يجعلها مرشحة لدخول نادي الكبار والوزن الثقيل في عالم السياسة بينما دولنا تجمع على "تحريم" ذكر التقدم النووي.
الأمثلة كثيرة ، وكل هذه النماذج تقدم إيران للعالم في أبهى صورة وأجمل "نجاحا" مما يرجح كفتها عند من لا يقيمون لموازين الحق والصواب وزناً .. ويجعل المتأثرين يرون فيها مقصدا وقبلة يتوجهون إليها !
بعد هذا ألا يحق لنا أن نطالب دولنا وشعوبنا بالتحرك إلى الأمام ومراجعة تاريخهم ومواقفهم وأفعالهم ووزنها بميزان الحق والعدل!
ألا يحق لنا أن نطالب حكامنا ورؤسائنا في أن يسيروا على خطى الخلفاء والأمراء الجادين والذين تحفل بهم كتب التاريخ وتتناقل سيرهم الركبان؟ ويسعون إلى إعزاز شعوبهم وحماية مجتمعاتهم دينيا وثقافيا واجتماعيا والعمل على قيادة مجتمعاتهم إلى العلو الحق.
ألا يجوز لنا أن نطالب علماءنا بالتحرك نحو الصدارة والقيادة الحقيقية للمجتمع كما حصل لابن تيمية وللعز بن عبد السلام ويبذلون جهودهم للإصلاح وقيادة المجتمع إلى بر الأمان والوقوف في وجه "التغريب واللبرلة" التي تكاد تجتث المجتمع من جذوره؟
لماذا يتراجع العلماء كلما زاد واقع المجتمع قتامة ؟
ألم يحن الوقت أن تتغير الأنظمة الاستبدادية ليتغير المجتمع إلى الأحسن ولتحارب كل الأنظمة التي ترعى الفساد الإداري والمالي وتتستر عليه؟
قد يكون تفوق الشيعة ليس لما معهم من الحق ، بقدر ما يكون ضعفاً من ممثلي أهل السنة السياسيين والشرعيين لذا سجل الشيعة هدف التفوق بينما رضي ممثلي السنة بالهزيمة الحضارية والإعلامية.