خـطـوة نـحـو الـسـعـادة
بقلم : ثريا سلمان البحراني
بسم الله الرحمن الرحيم
رضا الضمير الإنساني،الصفاء الروحي،الهدور النفسي هو هدف و غاية عموم البشر، فهي مصاديق بارزة لمفهوم السعادة التي تمثل قاعدة الحياة وهدفها ومبدأها، فما هي السعادة الحقيقية ؟
وكيف لنا أن نحظى بها؟ السعادة هي كل شعور نفسي متضمن للرضا والاطمئنان النفسي ،فكل إنسان يسعى لأن يحظى بإرتقاء أعلى قمم السعادة ، فهل هي متوقفة على الأموال والثروة ، أم على إشباع الرغبات وممارسة الهوايات،وغير ذلك من الأمور التي نعتقد أنها سبيل أساسي لتحقيق السعادة الحقيقية ؟ إن المتأمل في آيات الذكر الحكيم يدرك أن السعادة ليست متوقفة على هذه الأمور بل على محاور أساسية عمادها القرب من الله تعالى ، وحسن الخلق مع الناس. قال تعالى مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) ) سورة النحل
فالسعادة هبة ربانية ومنحة إلهية يهبها الله لمن يشاء من عباده جزاء لهم على أعمال جليلة قاموا بها،وما الحياة الطيبة إلا مصداق من مصاديق السعادة التي ضمن الله تعالى لنا إحرازها ونيلها عند القيام بالأعمال ألصالحه، كالإحسان الذي نسديه للآخرين،والذي من خلاله تنبثق روح السعادة في الفرد ومن ثم في المجتمع، لأن سعادة الفرد موصولة بسعادة المجتمع.
فالإحسان قانون عام يتمثل في العطاء والتشجيع للإيصال إلى الكمال،من غير أن يكون هذا العطاء مشوبا بالمن والإيذاء، فعن الإمام الصادق (ع) انه قال طبعت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها) لأن المحسن يتيح الفرص للآخرين كي يكونوا سعداء فيسهم بذالك في تحقيق سعادة النوع الإنساني و جلب محبته.
فالسعادة تكمن في إصلاح النفس بعد معرفة كوامنها وترويضها حسبما يقودها الفكر إلى مواطن الكمال والاستقرار النفسي ، الذي يولد في وجود المرء السعي إلى البذل والعطاء،التضحية والفداء،إلى كل عمل نبيل يبلور في وجوده الشعور بألق الاطمئنان والرضا عن الذات.
لهذا نجد أن الذكر الحكيم قد لفت الأنظار إلى محور الإحسان إلى الآخرين عبر الإنفاق الذي يجعل المؤمن في معزل عن الحزن والخوف، قال تعالى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( (262) سورة البقرة
أي أنه مهما أنفقت أيها الإنسان من مالك فلن ينقص بل سيزداد ، لأن هذا الإنفاق يمنح المنفق شعورا بالسعادة ، مما يتيح له التفكير السليم في كيفية الحصول على المال بشكل أفضل.
وقد أبان الباحثين إلى الإرتباط الوثيق بين الإحسان والسعادة في بحوث عديدة، فيقول باحثون كنديون : إن جني مبالغ طائلة من الأموال لا يجلب السعادة للإنسان ، بل ما يعزز شعوره بالسعادة هو إنفاق المال على الآخرين.
وربما هذا ما يفسر لجوء الكثير من مشاهير وأثرياء الدول الغربية إلى القيام بأعمال خيرية تهدف إلى إدخال السرور في قلوب الآخرين،ورسم البهجة على وجوههم،لأنهم يجنون ثمرة عونهم للآخرين إرتياحا ورضا.كما فعل ذلك أغنى رجل بالعالم بيل غيتس عندما قرر أن يتبرع بجزء كبير من ثروته لينال السعادة.
ويقول الفيلسوف برتراندراسل (السعادة الأصلية تعتمد على الإهتمام الودي بالآخرين).
أي أن السعادة لا تتحقق عبر إشباع الذات والأنا بل عبر الإهتمام بالآخرين بشرط أن يكون هذا الإهتمام تلقائيا ،أي لا يكون مبتغاه إستمالتهم أو السيطرة عليهم ، أو نابعا من كونه واجبا كإهتمام الزوج بعائلته.
فهذا الإحسان عبر الإهتمام بالآخر يثار بالتعامل الإيجابي عبر العطاء والنصح وإضفاء الإحترام والتقدير على الغير وبالتالي فليس ثمة سبيل إلى السعادة الكبرى إلا عبر الإحسان ، وهذا ما يعرف بمقياس السعادة لأبن جودة والذي يشير إلى أن الإنسان بإمكانه أن يحقق أرقى معاني السعادة الممكنة فقط عندما يكون من المحسنين.
فالمؤمن لابد أن يكون مظهرا لأسماء وصفات الله الحسنى فهو (المحسن) تبارك وتعالى، فمن يريد الإرتقاء في مدارج السعادة فعليه أن يكون كالنحلة في نفع الآخرين ، ولو بإبتسامة تغمر قلب مؤمن بالسرور قال رسول الله(ص) تبسمك في وجه أخيك لك صدقة) فمن يسعد الآخرين لابد وأن يناله عطر السعادة.
إن الحياة قصيرة لكننا عندما نعين إنسانا على صعود جبل نقترب معه إلى القمة .
قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) سورة الرحمن
فربما كان بلوغ قمة السعادة في الدنيا والآخرة بدعاء صادق لمؤمن بظهر الغيب،أو إصلاح بين متخاصمين،أو كفالة ليتيم أو زيارة لعليل.
فهي وإن كانت أمورا بسيطة إلا أنها تحوي في مضامينها خطوة نحوى السعادة.
"مما راق لي في هذا الشهر المبارك"
اتمنى ان يصل الى اذواقكم..
خالص التحايا
**
لـــــــ هي كذلك اخت لحن..
اشياء بسيطه وبين ايدينا وقد تكون مفتاح السعاده الحقيقي
ولكن عنها غافلين..
شكراً لـــ مروركـ
العطر..
ان شاء الله..
دعواتكم ..