الطريق الأول / شهادة النساء ، فلا يثبت الهلال بشهادة النساء لأن هذا ليس من موارد الثبوت بشهادة النساء فما يثبت بشهادة النساء موارد خاصة هذا ليس منها ، أو قل إن قيام شهادة النساء مقام شهادة الرجال إنما ورد في موارد خاصة هذا ليس منها ، بل دل الدليل على عدم ثبوت الهلال بشهادة النساء وهو صحيح الحلبي الآنف عن أبي عبد الله ( ع ) قال : ( قال علي ( ع ) : لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال ، إلا شهادة رجلين عدلين ) ولا خلاف في ذلك .
الطريق الثاني / شهادة العدل الواحد ، فلا يثبت الهلال بشهادة رجل عادل واحد بل لا بد من رجلين حتى تتحقق البينة وقوله (إلا شهادة رجلين عدلين ) في صحيح الحلبي يدل على ذلك
ولا يكفي ضم اليمين أي الحلف والقسم الى شهادته بأن يشهد على رؤية الهلال ويقسم على ما شهد عليه فإن الشهادة مع اليمين وإن كانت من وسائل الإثبات في بعض موارد الا أن ثبوت الهلال ليس منها ، وخالف في ذلك السيد الروحاني فحكم بثبوت الهلال بشهادة العدل الواحد ولو من دون يمين .
الطريق الثالث / إخبار المنجمين ، ولا خلاف في ذلك بين فقهائنا الا من ندر من المتقدمين ، وذلك لعدم الدليل على ثبوت الهلال بإخبار المنجمين بل الدليل على خلافه حيث حصرت الأخبار ثبوت الشهر بالرؤية – الأعم من رؤية المكلف نفسه أو رؤية غيره فيشمل الشياع والبينة - ومضي ثلاثين يوماً ، فما عدا ذلك ليس بحجة ، مضافاً الى أن قول المنجمين لا يفيد العلم ولا الاطمئنان بل غاية ما يفيد الظن بثبوت الهلال والظن لا يصح التعويل عليه لأنه لا يغني من الحق شيئاً .
الطريق الرابع / غيبوبة الهلال بعد الشفق ليدل على أنه لليلة سابقة ، والشفق هي الحمرة المغربية التي في السماء التي تبقى فترة بعد الغروب ثم تذهب باسوداد الأفق ، والمراد أن يكون الهلال عالياً عن الأُفق بحيث يغيب الشفق عن الأُفق أي تذهب الحمرة قبل غياب الهلال عنه ، فإنّه قد ذكر بعض الفقهاء أننا إذا رأينا الهلال وتأخر بقاؤه في الأفق واستمرت رؤيته الى ما بعد زوال الحمرة بحيث اسودّ الأفق وما زال الهلال موجوداً فهذا دليل على أنه هلال الليلة الثانية وأن الشهر دخل من ليلة أمس فاليوم الذي انقضى كان أول الشهر ويوم غد هو اليوم الثاني
ولكن المشهور أنكروا ذلك ، وذكروا أن المدار هو الرؤية ولا اعتبار بالغيبوبة ، بمعنى أننا ما دام لم نرَ الهلال ليلة أمس ورأيناه هذه الليلة فهذه الليلة هي ليلة أول الشهر وأن يوم غد هو أول أيام الشهر وإن تأخر بقاء الهلال في الأفق فلا عبرة بذهاب الهلال سريعاً ليدل على أنه لليلة ولا لتأخره ليدل على أنه لليلتين بل المدار على الرؤية الفعلية .
الطريق الخامس / شهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية ، فلا اعتبار بشهادتهما كما إذا شهدا برؤية ثالث فلا تقبل شهدتهما لأن الدليل دل على قبول شهادتهما فيما لو شهدا بالرؤية أي برؤيتهما لا برؤية ثالث ، ولا خلاف في ذلك .
الطريق السادس / الرؤية قبل الزوال ، بمعنى أن الهلال إذا رؤي في النهار قبل الزوال فهذا يعني أننا في أول أيام الشهر وأن الهلال كان موجوداً منذ الليلة السابقة ، بخلاف ما إذا شوهد بعد الزوال وممن قال بذلك بعض الفقهاء المتقدمين ووافقهم من المعاصرين السيد الخوئي الشيخ الفياض والسيد الروحاني والشيخ وحيد الخراساني
فيما ذهب السيد الماتن – السيستاني – والسيد محمد الصدر قده الى عدم ثبوت الهلال بهذا الطريق وأن المدار على الرؤية فما دمنا لم نره في الليلة الماضية إذن هذا اليوم ليس أول أيام الشهر اللاحق بل هو تمام عدة السابق وإن شوهد الهلال في نهاره
الطريق السابع / تطوّق الهلال ، أي ظهور نور وضوء حول الهلال كطوق مع ظلام دامس في الوسط ، فقد ذهب بعض الفقهاء أن الهلال إذا كان مطوقاً فهو لليلة ثانية وأنه كان موجوداً منذ الليلة السابقة فاليوم المنصرم كان أول الشهر ويوم غد هو اليوم الثاني ، وممن قال بذلك السيد الخوئي والسيد الروحاني
الا أن السيد الماتن والسيد محمد الصدر والشيخ الخراساني خالفوهم في ذلك وذكروا أن المدار هو الرؤية ولا اعتبار بالغيبوبة ، بمعنى أننا ما دام لم نرَ الهلال ليلة أمس ورأيناه هذه الليلة فهذه الليلة هي ليلة أول الشهر وأن يوم غد هو أول أيام الشهر وإن كان الهلال مطوقاً
الطريق الثامن / حكم الحاكم ، فقد ذهب بعضهم أن الحاكم أي الفقيه إذا حكم بثبوت الهلال فقد دخل الشهر ووجب ترتيب الأثر على حكمه ، كما إذا رأى الحاكم الهلال فحكم بدخول الشهر فالمفروض أن تلك الرؤية حجة عليه فقط وليست حجة على غيره ، وحتى لو أخبرهم بالرؤية فإخباره لا يفيد لأنه من شهادة العدل الواحد وهي غير كافية كما تقدم الا أن بعض الفقهاء قالوا إذا حكم الحاكم الشرعي بثبوت الهلال نفذ حكمه وكان حجة بحق غيره ، وكما إذا شهد شاهدان عند الحاكم بالثبوت وكانا عادلين عنده فحكم بالثبوت بناء على شهادتهما فعلى هذا القول حكم الحاكم نافذ بحق غيره حتى من كان الشهود عنده ليسوا من الثقات .
وفي هذا خلاف وممن قال بصحة هذا الطريق السيد اليزدي والسيد محسن الحكيم والسيد الشهيد والسيد الخميني والسيد الروحاني والشيخ الخراساني والشيخ الفياض بل هو المشهور
وبالمقابل منع السيد الخوئي والسيد الماتن – السيستاني – والسيد محمد الصدر اعتبار هذا الطريق وأن حكم الحاكم ليس حجة في ثبوت الهلال
ومنشأ الخلاف أن الدليل الدال على ثبوت الهلال بحكم الحاكم وارد فيه لفظة الإمام فهل تختص بالمعصوم أم تشمل الفقيه العادل في زمن الغيبة ؟
وقوله ( لا يعلم خطأه ولا خطأ مستنده ) أي كان حكمه على وفق الأصول الصحيحة للاستنباط والحكم بحيث نحتمل مطابقته للواقع ، أما إذا جزمنا بخطأ حكمه كما إذا اعتمد في حكمه على ما لا يصح الاعتماد عليه في ثبوت الحكم كقول المنجمين او شهادة النساء فلا إشكال ولا خلاف في عدم حجية حكمه ، وإنما الخلاف في ما إذا لم يعلم خطأه ولا خطأ مستنده ، وأراد السيد الماتن بذلك الرد على بعض العامة الذين عمموا ثبوت الهلال بحكم الحاكم حتى الى صورة العلم بالخطأ .
وقوله ( نعم إذا أفاد حكمه .... ) استدراك فبعد أن نفى حجية حكم الحاكم ونفى ثبوت الهلال به استدرك وقال الا أن يفيد ذلك الاطمئنان فإن أفاد حكمه الاطمئنان بثبوت الهلال فقد تقدم أن الاطمئنان حجة وأنه كالعلم ولا يهم من أين يحصل بل المهم حصوله فهو حجة وطريق معتبر
وقوله ( أو الثبوت عنده الاطمئنان بالرؤية في البلد أو فيما بحكمه اعتمد عليه ) أي أذا قامت البينة عند الحاكم بأن شهد شاهدان عادلان عند الحاكم بالرؤية سواء في البلد أو ما في حكم البلد كالبلدان الواقعة على شرق البلد او المتحدة معه في الأفق كان ذلك كافياً لثبوت الهلال عند سائر المكلفين ووجوب التعويل على تلك البينة ، فكما في المسألة التالية أنه لا يشترط قيام البينة عند كل شخص بل يكفي قيامها عند البعض كالحاكم في جواز تعويل الآخرين عليها .
***
وللكلام تتمة في شرح المسألتين التاليتين يأتي إن شاء الله تعالى