ان الوهابية العمياء والسلفية الطالحة ,الذين كفروا المسلمين بمختلف طوائفهم, كل هؤلاء استعملوا العنف والارهاب في تحميل عقائدهم الفاسدة على المسلمين , فهدموا البقيع الذي يحوي قبور اهل البيت (ع) والصحابة وامهات المؤمنين,وارادوا تخريب قبر النبي (ص) لولا ان وقف المسلمون اما فعلتهم الشنعاء هذه , وكذلك حاولواتخريب قبور الائمة في العراق ولم يفلحوا , نسأل الله ان يكفينا شرهم.. وهم يوما بعد اخر في طريقهم للسقوط في مزبلة التاريخ , وذلك لتشويههم سمعة الاسلام والمسلمين في العالم بما يقومون به من اعمال ارهابية مخالفة للشريعة المحمدية السمحاء .
وأما في مقام الاستدلال على جواز بناء القبور , فتارة يكون الدليل خاصا , واخرى عاما .
ثم ان الاصل الاباحة ,الا اذاورد دليل تام يحرمه.
وفيما نحن فيه الادلة التي اقاموها على الحرمة غير تامة , والدليل الخاص ثابت في مصادر الشيعة , والدليل العام وارد في مصادر الفريقين , واصل الاباحة ساري المفعول عند السنه والشيعة لعدم تماميةالادلة التي اقاموها على الحرمة .
أخبرنا الله تعالى عن المؤمنين الذين قررّوا أن يتّخذوا من مضجع الفتية المؤمنة مسجداً يسجدون لله سبحانه فيه ، ويعبدونه وهم مؤمنون وليسوا بمشركين ، ولم يذمّهم الله تعالى على ذلك .
وممّا لا شك فيه أن شأن الأنبياء والأئمة ( عليهم السلام ) ، أرفع من شأن أولئك الفتية، فإذا جاز بناء قبورهم ، فبالأولى جواز ذلك بالنسبة إلى الأنبياء والأئمة ( عليهم السلام ) .
2ـ قوله تعالى : (( قفل لَّا أَسْأَلفكفمْ عَلَيْهف أَجْرًا إفلَّا الْمَوَدَّةَ ففي الْقفرْبَى )) الشورى 23 .
تدل هذه الآية على وجوب مودّة قربى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو وجوب مطلق لم يقيد بزمان دون آخر ، ولا مكان دون مكان ، ولا كيفية دون أخرى .
وممّا لا شك فيه أن تعهد قبر شخص ما بالبناء والإعمار والتجديد من جملة المصاديق العرفية لهذه المودة .
3ـ تعظيم شعائر الله تعالى .
فإن القرآن الكريم وإن لم يصرح على بناء قبور الأنبياء والصالحين بالخصوص ، لكنه صرح بتعظيم شعائر الله تعالى بقوله : (( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )) ، وبقوله : (( ومن يعظم حرمات الله فهو خير له )) ، وبقوله : (( ولا تحلوا شعائر الله )) .
ولا شك ولا ريب أن صون المعالم الدينية عن الإندراس ـ كالمشاهد المتضمّنة لأجساد الأنبياء والصالحين ـ وحفظها عن الخراب بناءاً وتجديداً ، نحو من أنحاء التعظيم ، كما أن حفظ المسجد عن الخراب تعظيم له .
ولا يخفى : أن الله تعالى جعل الصفا والمروة من الشعائر والحرمات التي يجب احترامها ، فكيف بالبقاع المتضمنة لأجساد الأنبياء والأولياء ، فإنها أولى بأن تكون شعاراً للدين .
كيف لا ؟ وهي من البيوت التي أذن الله أن ترفع ، ويذكر فيها اسمه ، فإن المراد من البيت في الآية هو : بيت الطاعة ، وكل محل أعدّ للعبادة ، فيعم المساجد والمشاهد المشرفة لكونها من المعابد .
ولو لم يكن في الشريعة ما يدل على تعمير المساجد وتعظيمها واحترامها ، لأغنتنا الآية بعمومها عن الدلالة على وجوب تعمير المسجد وتعظيمه ، وإدامة ذكر الله فيه ، لكونه من البيوت التي أذن الله أن ترفع .
ومثل المسجد في جهة التعمير والتعظيم والحفظ ، المشاهد التي هي من مشاعر الإسلام ومعالم الدين .
4ـ إقرار النبي ( صلى الله عليه وآله ) والصحابة على البناء .
فإنه ( صلى الله عليه وآله ) أقرّ ، وهكذا أصحابه ، على بناء الحفجر ولم يأمروا بهدمه ، مع أنه مدفن نبي الله إسماعيل ( عليه السلام ) وأمّه هاجر ، وهكذا إقرارهم على بناء قبر النبي إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) ، وبقية قبور الأنبياء والمرسلين حول بيت المقدس .
ثم إقرار الصحابة على دفن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الحجرة التي توفّي فيها ، وهي مشيّدة بالبناء ، ودفن الخليفة الأول والثاني فيها من بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولم يأمروا بهدمها ، بل العكس أمروا بإعمارها ، دليل قاطع على جواز البناء على القبور .
5ـ الروايات الواردة في كتب الفريقين عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الحث على زيارة القبور ، وثواب من زار قبره ، وأنه ( صلى الله عليه وآله ) زار قبر أمّه ورمّم قبرها .
وأما بالنسبة إلى الأدلة التي تمسّك بها الوهابيون على تحريم البناء على القبور ، فهي :
1ـ إجماع العلماء قائم على عدم جواز البناء على القبور .
وفيه : أن دعوى الإجماع مرفوضة ، بإعتبارها مخالفة لكلمات العلماء الدالة على جواز البناء ، بل رجحانه ، ومخالفة لعمل المسلمين وسيرتهم القطعية في جميع الأقطار والأمصار ، على اختلاف طبقاتهم وتباين نزعاتهم ، من بدء الإسلام إلى يومنا هذا ، من العلماء وغيرهم ، من الشيعة والسنة وغيرهم ، وأي بلاد من بلاد الإسلام ليس لها جبانة ، فيها القبور المشيّدة ؟!
فهؤلاء أئمة المذاهب : الشافعي في مصر ، وأبو حنيفة في بغداد ، ومالك بالمدينة ، وتلك قبورهم من عصرهم إلى اليوم سامقة المباني شاهقة القباب ، وأحمد بن حنبل كان له قبر مشيّد في بغداد ، جرفه شط دجلة حتى قيل : أطبق البحر على البحر .
وكل تلك القبور قد شيّدت ، وبنيت في الأزمنة التي كانت حافلة بالعلماء ، وأرباب الفتوى ، وزعماء المذاهب ، فما أنكر منهم ناكر ، بل كل منهم محبّذ وشاكر .
وليس هذا من خواص الإسلام ، بل هو جار في جميع الملل والأديان ، من اليهود والنصارى وغيرهم ، بل هو من غرائز البشر ، ومقتضيات الحضارة والعمران ، وشارات التمدّن والرقي ، والدين القويم المتكفّل بسعادة الدارين ، إذا كان لا يؤكده ويحكمه ، فما هو بالذي ينقضه ويهدمه ، ألا يكفي هذا شاهداً قاطعاً ، ودليلاً بيناً على فساد دعوى الإجماع ؟
2ـ ما ورد عن الإمام علي ( عليه السلام ) بأنه قال لابن الهياج الأسدي : ألا ابعثك على ما بعثني عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا ادع تمثالاً إلا طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته ( صحيح مسلم 2 / 666 باب 31 ح 93 ، مسند أحمد 1 / 96 و 129 ، سنن النسائي 4 / 88 وفيه : ولا صورة في بيت الا طمستها ، سنن أبي داود 3 / 215ح 3218 ، الجامع الصحيح للترمذي 3 / 366 باب 56 ح 1041 ) .
وفيه : بناءً على صحّة هذه الرواية ، فهل معنى التسوية في قوله ( إلا سويته ) أي ساويته بالأرض ، بمعنى هدمته ، أم معنى تسوية الشيء عبارة عن تعديل سطحه ، وتسطيحه في قبال تقعيره أو تحديبه أو تسنيمه وما اشبه ذلك من المعاني المتقاربة ؟
لا شك أن معناه : إلا سطحته وعدلته ، وليس معناه : إلا هدمته وساويته بالارض . وقد فهم مسلم في صحيحه مافهمناه من الحديث ، حيث عنون الباب قائلاً : ( باب تسوية القبور ) ولم يقل مساواة القبور .
فأورد فيه أولاً بسنده إلى تمامه قال : كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس فتوفي صاحب لنا ، فأمر فضالة بقبره فسوّي ، ثم قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يأمر بتسويتها ( صحيح مسلم 2 / 666 باب 31 / 92 ) .
ثم أورد بعده في نفس هذا الباب حديث أبي الهياج المتقدم : ولا قبراً مشرفاً إلا سويته .
وكذا فهم شارحوا صحيح مسلم وإمامهم النووي ذلك ، حيث قال في شرح تلك العبارة ما نصه : أن السنة أن القبر لا يرفع عن الأرض رفعاً كثيراً ولا يسنم ، بل يرفع نحو شبر ، وهذا مذهب الشافعي ومن وافقه ، ونقل القاضي عياض عن أكثر العلماء أن الأفضل عندهم تسنيمها ( إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 4 / 301 ) .
ويشهد لأفضلية التسنيم ، مارواه البخاري في صحيحه ، في باب صفة قبر النبي وأبي بكر وعمر ، بسنده إلى سفيان التمار أنه رأى قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسنماً ( صحيح البخاري 2 / 128 ) .
ولكن القسطلاني أحد المشاهير من شارحي البخاري ، قال ما نصه : ( مسنماً ) بضم الميم وتشديد النون المفتوحة ، أي : مرتفعاً ، زاد أبو نعيم في مستخرجه : وقبر أبي بكر وعمر كذلك ، واستدل به على أن المستحب تسنيم القبور ، وهو قول أبي حنيفة ( المبسوط للسرخسي 2 / 62 ) ، ومالك ( المنتقى 2 / 22 ) ، وأحمد ( المغني لابن قدامة 2 / 380 ) ، والمزني وكثير من الشافعية .
إلى أن قال القسطلاني : ولا يؤثر في أفضلية التسطيح كونه صار شعار الروافض ، لأن السنة لا تترك بموافقة أهل البدع فيها ! ولا يخالف ذلك قول علي ( رضي الله عنه ) أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن لا ادع قبراً مشرفاً إلا سويته ، لأنه لم يرد تسويته بالأرض ، وإنما أراد تسطيحه جمعاً بين الأخبار ، ونقله في المجموع عن الأصحاب ( إرشاد الساري 2 / 477 ) .
إذن كل كلمات أعاظم المسلمين ، وأساطين الدين من مراجع الحديث ، كالبخاري ومسلم ، وأئمة المذاهب ، كأبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد ، وأعلام العلماء وأهل الإجتهاد ، كالنووي وأمثاله ، كلّهم متفقون على مشروعية بناء القبور في زمن الوحي والرسالة ، بل النبي ( صلى الله عليه وآله ) بذاته بنى قبر ولده إبراهيم ؛ إنما الخلاف والنزاع فيما بينهم في أن الأفضل والأرجح ، تسطيح القبر أو تسنيمه ؟
فالذاهبون إلى التسنيم يحتجّون بحديث البخاري عن سفيان التمار ، أنه رأى قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسنماً .
والعادلون إلى التسطيح يحتجّون بتسطيح النبي قبر ولده إبراهيم ، ولعل هذا الدليل هو الأرجح في ميزان الترجيح والتعديل ، ولا يقدح فيه أنه صار من شعار الروافض وأهل البدع ، كما قال شارح البخاري .
نعم ، لو أبيت إلا عن حمل ( سويته ) على معنى ساويته بالأرض ، حينئذ تجيء نوبة المعارضة ويلزم الصرف والتأويل ، وحيث أن هذا الخبر بإنفراده لا يكافئ الأخبار الصحيحة الصريحة الواردة في فضل زيارة القبور ، ومشروعية بنائها ، حتى أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) سطّح قبر إبراهيم ، فاللازم صرفه إلى أن المراد : لا تدع قبراً مشرفاً قد اتخذوه للعبادة إلا سويته وهدمته .
ويدل على هذا المعنى الأخبار الكثيرة الواردة في الصحيحين ـ البخاري ومسلم ـ من ذم اليهود والنصارى والحبشة ، حيث كانوا يتخذون على قبور صلحائهم تمثالاً لصاحب القبر فيعبدونه من دون الله .
أما المسلمون من عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى اليوم ، فليس منهم من يعبد صاحب القبر ، وإنما يعبدون الله وحده لا شريك له ، في تلك البقاع الكريمة ، المتضمنة لتلك الأجساد الشريفة ، وبكل فرض وتقدير فالحديث يتبرأ أشد البراءة من الدلالة على جواز هدم القبور فكيف بالوجوب ؛ والأخبار التي ما عليها غبار ، ناطقة بمشروعية بنائها وإشادتها ، وأنها من تعظيم شعائر الله .
ولتتميم الفائدة ننقل ما قاله الشيخ كاشف الغطاء في كتابه منهج الرشاد :
والأصل في بناء القباب وتعميرها ما رواه التباني ، واعظ أهل الحجاز ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده الحسين ، عن أبيه علي ( عليه السلام ) ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال له : ( لتقتلن في أرض العراق وتدفن بها ، فقلت : يارسول الله ، ما لمن زار قبورنا وعمّرها وتعاهدها ؟
فقال : يا أبا الحسن ، إن الله جعل قبرك وقبر ولديك بقاعاً من بقاع الجنة ، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه ، وصفوة من عباده تحن إليكم ، وتعمّر قبوركم ، ويكثرون زيارتها تقرباً إلى الله تعالى ، ومودة منهم لرسوله ) فرحة الغري 77 .