تمكن علماء الكومبيوتر في جامعة كارنيغي ميلون في أميركا من تطوير برنامج عمل يمكنه تشغيل كميات كبيرة من الحسابات الكومبيوترية الخاصة بعمليات مثل الشبكات الاجتماعية، أو تحليلات البحث على الشبكة، بكفاءة كبيرة، وذلك على كومبيوتر صغير واحد. وقد يساعد البرنامج هذا، على سبيل المثال، المطورين العاملين على الكثير من الأعمال العصرية، على تصميم محرك جديد خاص بالتوصيات، مستخدما التواصلات الاجتماعية على الشبكة، وللقيام بتقديم التوصيات الفعالة على غرار «أصدقاؤك أعجبوا بالفيلم الفلاني، وإليك فيلما آخر لم تشاهده بعد، وقد يعجبك أيضا» مثلا. وينبغي أن يتمكن البرنامج من تحليل الارتباطات بين أعضاء الشبكة الاجتماعية.
يطلق على مثل هذا النوع من الأعمال «حسابات المخططات البيانية (الغراف)»، وبات يزداد شيوعا. لكن العمل مع نطاق واسع من المخطط البياني يتطلب عادة «أدوات شغل» قوية للتحليل، مؤلفة من الكثير من الكومبيوترات المجمعة سوية كالعنقود، التي تقدمها خدمة «إي سي 2» من «أمازون» التي مقرها السحاب.
يستغل البرنامج الجديد الذي يدعى «غراف تشي» GraphChi، الأقراص الصلبة ذات السعات الكبيرة، التي أضحت شائعة أكثر في الكومبيوترات الشخصية. ويجري عادة تخزين المخطط البياني (الغراف) في الذاكرة المؤقتة (رام) لأغراض التحليل. ومع «غراف تشي» يقوم القرص الصلب بأداء هذا العمل بدلا منه.
إن «الكومبيوترات الشخصية لا تملك عادة ما يكفي من (رام) لاستيعاب المخطط البياني في الشبكة (ويب غراف) برمته، لكن هنالك الأقراص الصلبة التي بمقدورها استيعاب الكثير من المعلومات»، كما يقول كارلوس غويسترين أحد المديرين المشاركين في مختبر «سيليكت لاب» التابع لجامعة كارنيغي ميلون، حيث جرى تطوير «غراف تشي». بيد أن الأقراص الصلبة بطيئة مقارنة بـ«رام» لأغراض قراءة المخطط البياني وكتابته، مما يعني إبطاؤها للعمليات الكومبيوترية. وهذا ما دفع كابو كيرولا تلميذ غويسترين إلى تصميم أسلوب سريع، وأقل عشوائية، للدخول إلى القرص الصلب. واستنادا إلى غويسترين، يمكن لكومبيوتر «ماك ميني» الصغير الذي يشغل «غراف تشي»، تحليل المخطط البياني الاجتماعي الخاص بـ«تويتر» منذ عام 2010. الذي يضم 40 مليون مستخدم، ونحو 1.2 مليار عملية اتصال، خلال 59 دقيقة. وكانت «النتيجة المنشورة سابقا حول هذه المشكلة قد استغرقت 400 دقيقة، عن طريق استخدام مجموعة عنقودية مؤلفة من 1000 كومبيوتر»، وفقا إلى غويسترين.
ومع تحول التقنية إلى مزيد من الشبكات، فإن كميات المخطط البياني تصبح كبيرة، كما أن الحسابات الكومبيوترية الخاصة بالمخطط البياني باتت أكثر صلة بالكثير من الميادين، كما يقول ديفيد بادر الخبير في عمليات المخططات البيانية في معهد «جورجيا تيك»، «فمحاولة فهم كيفية عمل الدماغ البشري، أو محاولة استيعاب السجلات الطبية الخاصة بالمريض، تنطوي على عمليات حسابية بيانية (غرافية)» على حد قوله.
ويدفع تحليل المخطط البياني أيضا نحو تطور منتجات جديدة للشبكة، كما يقول جيرمي كيبنر الباحث في معهد ماساتشوستس للتقنية (إم آي تي) في حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو». فـ«البحث في الوثائق والمستندات، وتخطيط الطرقات، وحجوزات السفر، والأمن الخاص بالفضاء المعلوماتي، تعتمد كلها على تحليل المخططات البيانية». ومضى يقول: «إن تمكين مطوري الشبكات من تركيب هذه التحليلات على أجهزة الكومبيوتر المكتبية الخاصة بهم، تحفز هذه الصناعات، وتسرع من تطوير المنتجات».