|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 53658
|
الإنتساب : Aug 2010
|
المشاركات : 592
|
بمعدل : 0.11 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام
بتاريخ : 05-04-2014 الساعة : 07:25 AM
بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحَمّْدُ للهِ رَبِّ العَاْلَمِيْنَ .. عَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ وَبِهِ نَسْتَعِيْن
وَصَلَّى اللهُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْن
-------------------
« حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام »
إذا سافر المكلف قاصداً قطع المسافة الشرعية وجب عليه قصر صلواته الرباعية إذا اجتمعت شروط القصر ، غير أن وجوب القصر على المسافر ليس على إطلاقه ، فقد يجب عليه التمام في بعض الموارد كما إذا نوى الإقامة عشرة أيام ، أو كان سفره سفر معصية ونحو ذلك .
وعليه فتكليف المسافر قد يكون قصر الصلاة وقد يكون هو إتمامها ، وإذا كان كذلك أمكن أن نتصور خطأ المكلف واشتباهه في امتثال التكليف الفعلي والواقعي المتوجه اليه ، فقد يكون تكليفه قصر الصلاة الا أنه يشتبه فيصلي تماماً ، وقد يحصل العكس فيصلي قصراً في مورد تكليفه ووظيفته الفعلية إتمام الصلاة لا قصرها .
وحينئذٍ ينفتح السؤال في مثل هذه الحالة عن حكم هذه الصلاة التي أتى بها المسافر على خلاف تكليفه الفعلي ، فهل تكون صحيحة أم يحكم عليها بالبطلان ووجوب الإعادة أو القضاء على طبق التكليف الفعلي الصحيح ؟
مع إلفات النظر الى أن الكلام في هذه المسألة لا يشمل ما إذا كان حكم المكلف التخيير بين القصر والتمام وذلك في أماكن التخيير الأربعة : مكة المكرمة والمدينة المنورة ومسجد الكوفة وحرم الإمام الحسين عليه السلام ففي مثل ذلك سواء صلى قصراً أو تماماً فصلاته صحيحة كما هو مقتضى التخيير بين القصر والتمام ، وإنما الكلام فيما إذا كان حكمه وتكليفه أحد الأمرين فقط إما القصر أو التمام ولكنه يخالفه ويأتي بالأمر الآخر ، وللجواب على ذلك ومعرفة ما ذكره الفقهاء أعلى الله تعالى مقامهم في حكم هذه المسألة نذكر الجواب ضمن نقاط :
النقطة الأولى / لا خلاف ولا إشكال في أن المكلف إذا فعل ذلك عن علم وعمد بطلت صلاته ووجبت عليه الإعادة أو القضاء ، فإذا كان يعلم أن حكمه قصر الصلاة مع ذلك صلاها تماماً عالماً عامداً بطلت صلاته ووجبت عليه الإعادة أو القضاء قصراً ، وهكذا لو فعل العكس بأن قصر الصلاة عالماً عامداً مع علمه بأن تكليفه إتمام الصلاة فصلاته باطلة وتجب الإعادة أو القضاء تماماً .
النقطة الثانية / إذا كانت المخالفة بالتقصير في موضع التمام ، بأن يكون تكليف المسافر ووظيفته الفعلية هي التمام ولكنه يقصر الصلاة ، ففي هذه الصورة تبطل الصلاة مطلقاً وتجب عليه الإعادة أو القضاء تماماً ، سواء فعل ذلك عن عمد أو جهل أو نسيان أو خطأ ، فمتى ما قصّر المسافر صلاته مع أن تكليفه هو التمام فصلاته باطلة مطلقاً ولا خلاف في ذلك بين الفقهاء ، لأن المسافر إذا قصّر في موضع التمام فقد أنقص من صلاته ركعتين ومعلوم أن من أنقص من صلاته ركناً واحداً بطلت صلاته مطلقاً سواء كان عامداً أو جاهلاً أو ناسياً أو غير ذلك فكيف بمن أنقص ركعتين ؟! فلا إشكال في بطلان الصلاة في هذه الصورة .
نعم اختلفوا في حالة واحدة من هذه الصورة حيث صحّح بعض الفقهاء فيها الصلاة ولم يوجبوا إعادتها ، وهذه الحالة هي ما لو كان المسافر جاهلاً بأن حكم من نوى الإقامة عشرة أيام هو إتمام الصلاة فصلّى قصراً مع كونه قاصداً للإقامة ، كما إذا سافر شخصٌ الى مكان وقرّر البقاء فيه عشرة أيام الا أنه كان يصلي قصراً لعلمه أن المسافر حكمه قصر الصلاة وذلك لجهله بأنه إذا نوى الإقامة عشرة أيام في مكان فحكمه إتمام الصلاة لا قصرها ، ففي هذا المورد ذكر بعض الفقهاء صحة الصلاة وعدم وجوب إعادتها تماماً وإن صلاها قصراً ما دام جاهلاً بالحكم ، ذهب الى ذلك السيد الخوئي قدس سره (1) وغيره (2) .
لكن كثير من الفقهاء استشكلوا في استثناء هذا المورد والحكم بالصحة في هذه الحالة كالسيد الصدر والسيد السيستاني والشيخ الخراساني (3) وغيرهم ، وحكموا بالاحتياط الوجوبي بالإعادة هنا أيضاً فمن صلى قصراً وكان تكليفه التمام وجبت عليه الإعادة حتى في هذا المورد وهو ما لو كان جاهلاً بأن حكم المقيم إتمام الصلاة فصلى قصراً على الأحوط وجوباً للاستشكال في الحكم بالصحة ، بل أفتى بعض الفقهاء بعدم الصحة (4) .
النقطة الثالثة / إذا كانت المخالفة بالإتمام في موضع القصر أي عكس النقطة السابقة ، بأن يكون تكليف المسافر ووظيفته الفعلية هي القصر ولكنه يصلي تماماً ، فيزيد ركعتين على تكليفه الفعلي لا أنه ينقص من تكليفه ركعتين كما في الصورة والنقطة السابقة ، وهنا أي لو أتم صلاته مع أن تكليفه القصر فإن كان قد فعل ذلك عن علم وعمد فقد تقدم في النقطة الأولى بطلان الصلاة ولا إشكال في ذلك لأن من زاد ركناً في صلاته عمداً بطلت صلاته فكيف إذا زاد ركعتين ؟ .
وإنما الكلام فيما لو لم يكن عامداً وفي هذه الصورة ثلاث حالات :
الحالة الأولى : أن يكون ذلك عن جهل بالحكم وهو وجوب القصر ، بأن لم يكن يعلم بأصل تشريع وجوب القصر في حق المسافر وكان جاهلاً بأن تكليف المسافر وحكمه هو وجوب قصر الصلاة إما لأنه لم يسمع بقصر الصلاة أصلاً أو سمع ولكن كان يتخيل عدم الوجوب ويعتقد أن المكلف يصلي الظهرين والعشاء أربع ركعات دائماً سواء في الحضر أو في السفر ، فصلّى تماماً في سفره كما هي عادته قبل السفر مع أن حكمه القصر ، وحكم هذه الحالة صحة الصلاة وعدم وجوب الإعادة ولا القضاء ، فإذا صلّى تماماً ثم ارتفع الجهل وعلم أن عليه قصر الصلاة صحت صلاته التي أتى بها تامة سواء كان ارتفاع الجهل أثناء الوقت أو خارجه فلا إعادة عليه ولا قضاء .
الحالة الثانية : أن يكون ذلك عن جهل بالموضوع مع العلم بالحكم ، والمقصود من الموضوع هو حالة السفر وقصد قطع المسافة الشرعية فهذه الحالة هي موضوع الحكم بقصر الصلاة ، فهو يعلم بأن حكم المسافر قصر الصلاة الرباعية ، ولكنه كان يجهل تحقق الموضوع ولا يعلم بأنه مسافر ، كما إذا قصد الذهاب الى مكان كان يبعد عن بلده المسافة الشرعية ولكنه كان يجهل ذلك فصلّى تماماً في ذلك المكان أو في الطريق لجهله بأنه مسافر وأنه بذهابه الى ذلك المكان هو قاصد لقطع المسافة ، والمعروف بين الفقهاء في هذه الحالة وجوب الإعادة وعدم وجوب القضاء ، بمعنى أنه إن علم بالموضوع والتفت الى أنه مسافر في الوقت وجبت إعادة الصلاة قصراً ، وإن استمر على جهله حتى خرج الوقت ثم علم بالموضوع وأنه مسافر صحت صلاته التي صلاها في الوقت تماماً ولم يجب قضاؤها قصراً بعد الوقت ، هذا هو المعروف خلافاً لبعض الفقهاء الذين أوجبوا القضاء أيضاً (5) .
الحالة الثالثة : أن يكون ناسياً للحكم أو الموضوع وليس جاهلاً بهما كما في الحالتين السابقتين ، فهو يعلم بالحكم وأن المسافر يجب عليه القصر لكنه نسي ذلك فصلّى تماماً ، وهو يعلم بالموضوع وأنه مسافر وقاصد لقطع المسافة ولكن نسي سفره فصلى تماماً ثم تذكر أنه مسافر ، وهنا أكثر الفقهاء على أن الحكم كما في الحالة السابقة وهي وجوب الإعادة قصراً إذا كان تذكره في الوقت وعدم وجوب القضاء إذا كان تذكره بعد الوقت بلا فرق بين نسيان الحكم أو الموضوع ، غير أن بعض الفقهاء احتاط في ناسي الحكم بالقضاء أيضاً (6) .
وينبغي الالتفات الى أن المقصود بعدم وجوب القضاء هو فيما لو استمر بالنسيان حتى انقضى الوقت ثم تذكر بعد الوقت فلا يجب عليه القضاء ، أما إذا تذكر في الوقت وقلنا تجب عليه الإعادة قصراً ولكنه لم يُعد حتى خرج الوقت فحينئذٍ يجب عليه القضاء كأي شخص فاته أداء الصلاة في الوقت .
الحالة الرابعة : أن لا يكون جاهلاً بالحكم أو بالموضوع ولا ناسياً لهما كما في الحالات الثلاث السابقة ، بل يعلم بالحكم وأن المسافر يجب عليه القصر ، ويعلم بالموضوع وأنه قاصد لقطع المسافة وملتفت الى أنه على سفر ولا نسيان في البين ، ولكنه كان جاهلاً ببعض خصوصيات الحكم أي جاهل ببعض أحكام صلاة المسافر وتفاصيل الحكم بالقصر على المسافر ، فيكون جهله هذا سبباً لأن يتم الصلاة مع أن تكليفه القصر ، مثل ما لو كان سفره سفر معصية فوجب أن يصلي تماماً ثم في السفر تاب ورجع عن المعصية فحكمه أنه يصلي قصراً ولا يبقى على التمام إذا كان ما بقي مسافة ولو ملفقة وشرع في السير ، كما إذا سافر الى مكان يبعد عن بلده مئة كيلو متر مثلاً قاصداً المعصية في ذلك المكان كالسرقة فيجب أن يصلي تماماً في الطريق وفي ذلك المكان لأنه سفر معصية لكنه بعد أن قطع عشرين كيلو متراً مثلاً ندم وتاب ورجع عن المعصية فهنا حيث أن الباقي ثمانون كيلو متراً وهي مسافة شرعية توجب القصر في حد نفسها فإذا استمر في السير فيها بعد التوبة انقلب تكليفه من التمام الى القصر لأنه بعد التوبة ليس سفر معصية بل هو بقصده قطع الثمانين كيلو متراً المتبقية بعد التوبة هو مسافر غير قاصد للمعصية فيجب عليه القصر ، لكنه كان يجهل بذلك ولا يعلم بأن المسافر سفر معصية إذا رجع عن المعصية في أثناء السفر رجع عن التمام الى القصر فاستمر يصلي تماماً حتى بعد رجوعه عن المعصية فيكون قد صلّى تماماً مع أن تكليفه القصر .
ومثال آخر أن من سافر سفر معصية الى مكان ثم أراد الرجوع الى وطنه فقد ذكر الفقهاء أنه يصلي في طريق العودة قصراً - بشرط أن تكون هناك مسافة شرعية بين ذلك المكان وبين الوطن - حتى وإن لم يتب ولم يرجع عن المعصية لأن الرجوع سفر جديد وهو ليس سفر معصية لأنه قاصد الرجوع الى الوطن وهذا ليس معصية فلا يصلي تماماً بل قصراً ما دام الرجوع مسافة شرعية ما لم يكن قاصداً لمعصية أخرى (7) ، ولكن قد يتفق أن المكلف جاهل بهذه الخصوصية وهذا التفصيل وكان يعتقد أن من سافر سفر معصية يصلي تماماً حتى في طريق العودة الى الوطن فحينئذٍ يكون قد صلّى تماماً في موضع تكليفه القصر .
ومثال ثالث أن المسافر إذا نوى الإقامة في مكان عشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة لكنه إذا قطع هذه الإقامة بالذهاب الى مكان آخر يبعد عن محل الإقامة المسافة الشرعية بطلت إقامته ووجب عليه قصر الصلاة ما لم ينوِ إقامة جديدة ، كما إذا سافر شخص الى النجف فنوى الإقامة فيها عشرة أيام ثم في اليوم الخامس سافر الى كربلاء لزيارة الحسين عليه السلام ورجع ظاناً بقاء حكم الإقامة في النجف فاستمر على التمام في النجف مع أن تكليفه القصر بعد الرجوع لبطلان الإقامة وانقطاعها بالخروج الى كربلاء ما لم ينوِ إقامة جديدة في النجف ، فيكون حينئذٍ قد صلّى تماماً في موضع القصر لجهله بهذه الخصوصية وهي انقطاع حكم الإقامة بالخروج عن محلها مسافة شرعية ، الى غير ذلك من الأمثلة .
وفي هذا الحالة التي تكوت مخالفة المسافر لتكليفه بالقصر وصلاته تماماً ناشئة من جهله بخصوصيات الحكم بالقصر لا بنفس الحكم فالمعروف بين أكثر الفقهاء هو وجوب الإعادة في الوقت وعدم وجوب القضاء أيضاً ، فإذا صلّى تماماً لجهله بأن السفر يقطع الإقامة أو لجهله بأن التوبة والرجوع عن المعصية توجب القصر أو لجهله بوجوب القصر عند الرجوع من سفر المعصية ثم علم في الوقت خطئه وأن عليه أن يصلي قصراً لا تماماً وجبت إعادة الصلاة في الوقت قصراً وإذا لم يصلِ حتى انتهى الوقت وجب عليه القضاء ، أما إذا استمر على جهله حتى انقضى الوقت ولم يعلم بأن تكليفه القصر حتى انتهاء الوقت ثم علم بعد ذلك لم يجب عليه القضاء ، وعلى ذلك أكثر الفقهاء كما قلنا غير أن بعضهم أفتى أو احتاط بالقضاء أيضاً (8) .
خلاصة الحكم في المسألة /
إذا خالف المسافر وظيفته الفعلية فصلّى تماماً في موضع القصر أو قصراً في موضع التمام فهل تصح صلاته أو لا ؟
ههنا صورتان :
الصورة الأولى : أن يكون تكليفه التمام فيصلي قصراً وهنا صلاته باطلة مطلقاً وتجب إعادتها أو قضاؤها تماماً ، سواء فعل ذلك عن علم وعمد أو عن جهل أو نسيان أو خطأ وسواء كان الجهل أو النسيان بالحكم أو بالموضوع أو ببعض الخصوصيات أو غير ذلك فمتى ما قصّر في موضع التمام بطلت صلاته أياً كان السبب ، بلا خلاف في ذلك بين الفقهاء الا في حالة واحدة وهي ما لو نوى الإقامة في مكان عشرة أيام ومع ذلك صلّى قصراً لجهله بأن من نوى الإقامة حكمه إتمام الصلاة فبعض الفقهاء قال هذه الحالة تستثنى من هذه الصورة ويحكم بصحة الصلاة ، فيما ذهب فقهاء آخرون الى عدم الاستثناء والحكم بالبطلان في هذه الحالة أيضاً ولو احتياطاً .
الصورة الثانية : عكس الصورة الأولى بأن يكون تكليف المسافر القصر فيصلي تماماً وهنا حكم الصلاة يختلف باختلاف العمد والجهل والنسيان وليس كما في الصورة الأولى :
فإن كان عامداً بطلت صلاته ووجبت الإعادة قصراً في الوقت والقضاء خارجه ، وإن كان جاهلاً بالحكم وهو وجوب القصر على المسافر فصلاته صحيحة ولا تجب الإعادة ولا القضاء ، وإن كان جاهلاً بالموضوع أو جاهلاً ببعض خصوصيات الحكم أو ناسياً للحكم أو ناسياً للموضوع ففي كل ذلك تجب الإعادة إذا التفت الى خطأه في الوقت ولا يجب القضاء إذا التفت خارج الوقت على ما هو المعروف بين الفقهاء خلافاً لبعضهم الذي أوجبوا القضاء أيضاً فتوى أو احتياطاً .
.
.
والحمد لله رب العالمين
وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين
.
.
.
.
.
----------------------------------
(1) منهاج الصالحين - السيد الخوئي ج 1 مسألة 949 .
(2) لاحظ منهاج الصالحين - الشيخ محمد إسحاق الفياض ج 1 مسألة 966 ، وأيضاً منهاج الصالحين - السيد محمد صادق الروحاني ج 1 مسألة 949 .
(3) لاحظ منهج الصالحين للسيد محمد الصدر ج 1 مسألة 1305 ، وأيضاً منهاج الصالحين للسيد السيستاني ج 1 مسألة 949 ، وأيضاً منهاج الصالحين للشيخ وحيد الخراساني ج 2 مسألة 949 .
(4) الأحكام الواضحة - الشيخ فاضل اللنكراني مسألة 991 .
(5) لاحظ الأحكام الواضحة للشيخ اللنكراني مسألة 989 ، وغيره .
(6) لاحظ منهاج الصالحين للسيد محمد صادق الروحاني ج 1 مسألة 947 ، وأيضاً الأحكام الواضحة للشيخ اللنكراني مسألة 989 ، وغيرهما .
(7) توضيح ذلك أن المكلف قد يسافر الى مكان يبعد عن وطنه خمسين كيلو متراً مثلاً وهو مسافة شرعية توجب القصر ، لكن سفره كان بقصد المعصية كالسرقة في ذلك المكان فوجب عليه أن يصلي تماماً في ذلك المكان وفي طريق الذهاب اليه ، فإذا وصل الى ذلك المكان ثم أراد الرجوع الى الوطن وهذا يستلزم أن يقطع تلك المسافة وهي الخمسون كيلو متراً التي هي مسافة شرعية مما يعني أن رجوعه يعتبر سفراً شرعياً ثانياً لأنه قاصد لقطع المسافة الشرعية فوجب عليه أن يصلي قصراً في الطريق حتى يصل الى حد الترخص أو يصل الى وطنه فيصلي تماماً - على خلاف بين الفقهاء في منتهى السفر والقصر عند الرجوع - حتى لو لم يكن قد تاب من قصد المعصية والسرقة فهو يصلي تماماً في الرجوع ، لأنه سفر آخر غير سفر المعصية ، ففي الحقيقة هذا المسافر بذهابه الى ذلك المكان سافر سفرين أحدهما بالذهاب والآخر بالإياب والرجوع الى الوطن وكان القصد من الأول السرقة فوجب أن يصلي تماماً لأنه سفر معصية أما الثاني فالقصد فيه الرجوع الى الوطن وليس المعصية فوجب أن يصلي في الطريق قصراً ، نعم قد يكون عند الرجوع قاصداً لمعصية أخرى غير الأولى فحينئذٍ يجب عليه التمام حتى في الرجوع لأنه هو الآخر سفر معصية كالسفر الأول ، فقول الفقهاء الراجع من سفر المعصية يصلي قصراً يعنون به ما إذا كان قاصداً مجرد الرجوع الى الوطن من دون أن يقصد معصية أخرى في طريق الرجوع .
(8) لاحظ العروة الوثقى للسيد اليزدي ج 3 ص 510 أحكام صلاة المسافر مسألة 3 ، وأيضاً تحرير الوسيلة للسيد الخميني ج 1 ص 263 ، وأيضاً الأحكام الواضحة للشيخ اللنكراني مسألة 989 .
|
|
|
|
|