السيد مرتضى الشيرازي يفسّر ظاهرة قيادة الشعوب لحركات التغيير في المنطقة
بتاريخ : 20-04-2011 الساعة : 12:47 AM
أجاب سماحة آية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي دام ظله على سؤال بعد نهاية إحدى محاضراته الأسبوعية الأخيرة التي ألقاها في يوم السبت الموافق 12 جمادى الأولى 1432 بعنوان مناشئ تولّد حقّ السلطة والحاكمية ، وكان السؤال حول ظاهرة قيادة الشعوب لحركات التغيير الجارية في دول المنطقة في ظل تخلف النخب السياسية والثقافية عن اللحاق بركب شعوبها ، فأفاد سماحته أن هذه الظاهرة الحيوية والهامة يمكن صياغتها بعنوان «تفاجُئ الكثير من النخب والقيادات بتقدم الناس عليها بالمطالبة بحقوقها دون توجيهٍ من النخب» ، وأردف أن التفسير لهذه الظاهرة يحتاج إلى بحث موسّع ودراسات اجتماعية نفسية تاريخية عن إرهاصات هذا التراكم المعرفي والذي هو أحد الأسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة وهو السبب الذي سنشير إليه ومنشأه هو أن الناس قد ازداد وعيهم بمرور الزمن بسبب توفر وسائل معرفية مختلفة تتيح المعرفة لعامة الناس كالمدارس والفضائيات والشبكة العنكبوتية والكتب وغير ذلك.
وأضاف أن الإنسان إذا كان له وعيٌ فأنه لا يقبل أن يُستعبد ويستذل ، أمّا إذا لم يكن الإنسان واعياً ومثقفاً ولم يكن ممن يعرف حقوقه وواجبات السلطان أو الحاكم أو الملك أو ما أشبه فعند ذلك تضيع حقوقه ، وكما يقال «ما ضاع حقٌ وراءه مطالب» ، فهذه الظاهرة تكشف بالبرهان أن وعي الناس قد ازداد مما يشجع الإنسان على أن يقول الحق.
وأشار سماحته إلى كتاب (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) لعبد الرحمن الكواكبي الذي طبع قبل أكثر من مائة عام ، والذي اعتقد البعض في ذلك الزمن بأن هذا الكتاب لم يؤثر كما يعتقد المحاضر الذي يتحدث عن الحرية في الإسلام أن حديثه لم يواجه إلا بتكميم الأفواه قسرًا بالسجن أو التعذيب عندئذٍ ، إلا أن التراكم على مر الأجيال يفعل فعله ويؤثر تأثيره فالكلمة لا تضيع وخصوصًا الكلمة المكتوبة وعليه فكلمة هنا وكلمة هناك وكتاب ومحاضرة وحديث وندوة ومؤتمر وغير ذلك فأنها بالمجموع تتكامل كالقطرات قطرة وقطرة وقطرة أفقيًا وعموديًا في نهر الزمن فتنتج التراكم المعرفي.
ومن جهة أخرى أفاد سماحته أن الوسائل الحديثة التي اتيحت للناس للإطلاع على مصادر المعرفة والمقارنة بين أنماط المعرفة وأنماط الأفكار وأنماط الحكومات دفعت الناس إلى الخروج للشوارع مطالبين بحقوقهم ، وهذا مظهر من مظاهر قوله «صلى الله عليه وآله»: كلكم راع وكلكم مسؤولٌ عن رعيته ؛ فما يجري هو ظاهرة إيجابية بعدم إتكال الفرد على الآخرين كالأحزاب أو القيادات أو النخب ، وبمقدار عمل الناس برواية الرسول الأعظم هذهِ تقدموا ، مع عفويتهم وفطريتهم ومعرفتهم أيضًا ، إلا أن الخطر في جهات معيّنة تحاول أن تلتف على الناس والجماهير وتمسك بزمام الأمر حيث الاتفاقات الدولية والمآمرات التي تحاك من وراء الكواليس وهذا يحتاج إلى مزيد من الوعي والدقة والرصد والكتابة وإلا فأن الحركة الشعبية الجماهيرية التي بدأت تجني بعض ثمارها قد تصادر في منتصف الطريق وهنا مكمن الخطر بكل جدية.