شيعة باكستان ومخططات الابادة الجماعية
اضطهاد يسبقه القتل وسلب الحقوق
شبكة النبأ: مازالت معاناة الشيعة في باكستان مستمرة بشكل مضطرد وبأكثر عنف خاصة في الاونة الأخيرة، بعد عقود عديدة من اشكال مختلفة من الاضطهاد والقيود الحقوقية في المجالات كافة، ، وقد جاءت اعمال العنف الاخيرة في مدينة كويتا لتنسف كل امل للتعايش السلمي هناك، كونها اعنف اضطرابات طائفية منذ سنين. فقد شكلت هذه الكارثة الإنسانية المتصاعدة واحدة من اسوأ الهجمات الطائفية في تاريخ البلاد، ومأساة حقوقية راح ضحيتها المئات من المسلمين الشيعة.
في حين يسعى المسلمون الشيعة في باكستان الى اتخاذ تدابير امنية لحماية انفسهم من هجمات المتطرفين السنة، ففي ظل تزايد أعمال العنف الدينية وغياب المسؤولية في ردع الإرهابيين في باكستان، ستلقي تلك الامور آنفة ذكر بظلالها على الوضع الإنساني وبالتالي ستفاقم من الفوضى وتفشي الانتهاكات الحقوقية والإنسانية في البلاد بشكل دائم. حيث أدى العنف الطائفي والدامي المتصاعد في باكستان مؤخرا ، إلى إثارة ضجة كبيرة داخل الشعب الباكستاني، إذ تحرك عشرات الآلاف ليتظاهروا ويعبروا عن غضبهم تجاه هذه الجرائم، وتوجهت أنظار العالم إلى انعدام الأمان الذي تعيشه شيعة باكستان يومياً، حيث أن هنالك عدد من الحقائق المعروفة توضح تلك اسباب تردي الامني المستدام، منها هيمنة المنظمات الارهابية كالقاعدة وطالبان، بالإضافة إلى نظام الامن يعمه الفساد. وهذا يعني تشكيل دوامة التهديدات الصارخة المتجددة لاستمرار العنف الطائفية والانتهاكات الحقوقية والإنسانية على حد سواء.
في سياق متصل يحمل عصمت الله بندقية ايه كاي-47 ويفتش العربات التي تسير على الطريق. ويقول هذا الطالب الشيعي "طفح الكيل. نحن لم نعد نثق بقوات الامن، وسنحمي مجتمعنا بانفسنا". وبعد كل هجوم خرج الاف الهزارة من بينهم نساء واطفال في اعتصامات في البرد القارس لمطالبة الجيش بالتدخل لحمايتهم. وتوسطت الحكومة لانهاء تلك الاعتصامات الا انها رفضت نشر الجيش، واعلنت جماعة "عسكر جنقوي" مسؤوليتها عن التفجيرين، وهددت بالقضاء على جميع الشيعة. ويشكك البعض في احتمال محاكمة اي من العشرات الذين تم القاء القبض عليهم للاشتباه بمشاركتهم في الهجمات.
وتتهم المحكمة الباكستانية العليا وجماعات حقوقية السلطات بالفشل في حماية الهزارة ما دفع شبانا مثل عصمت الله (18 عاما) الى حمل السلاح للدفاع عن انفسهم وعائلاتهم، وقال عصمت الله، وهو طالب جامعي في سنته الاولى، "لم استطع تمالك نفسي عندما رايت اشلاء متناثرة للعديد من الاطفال والنساء من الشيعة"، واضاف "نحن لا نركز سوى على التعليم والتجارة، ولكن الارهابيين اجبرونا على حمل اي سلاح لدينا، والخروج الى الشارع لحماية انفسنا"، ويعمل هؤلاء حاليا كمتطوعين تحت اسم "كشافة سيد الشهداء" المسجلة في جمعية كشافة بلوشستان التي هي جزء من حركة الكشافة العالمية. بحسب فرانس برس.
وعلى مدى سنوات تطوع شبان مثل عصمت الله لحماية الفعاليات الحساسة مثل المواكب الدينية التي يقيمها الشيعة خلال شهر محرم، الا ان رئيس جمعية كشافة الهزارة يقول ان التهديد الان اصبح كبيرا جدا لدرجة انه يجب ان يتلقى هؤلاء المتطوعون رواتب لعملهم بدوام كامل كمساعدين لقوات الامن الحكومية. واضاف سيد الزمان "لدينا نحو 200 شاب يؤدون واجبات امنية في مناسبات معينة، ولكن معظمهم من الطلاب والعاملين، ولا يستطيعون العمل بدوام كامل".
وقال رئيس الكشافة غلام حيدر انه كان من الخطأ الاعتماد على قوات الامن الحكومية عند وقوع اولى الهجمات الانتحارية على قاعدة البلياردو في حي المدار رود. وقال حيدر "عناصر الاجهزة الامنية لا يستطيعون حمايتنا. فهم لا يعرفون المنطقة لان معظمهم ياتون من خارج كويتا. ولذلك فاننا نعتزم اقامة نقاط تفتيش دائمة خاصة بنا داخل مناطقنا".
وقال رئيس عمليات الشرطة في كويتا فياض احمد سنبل "اذا بدأنا القيام بمهمات شرطة خاصة بتسليح مجموعة معينة، فان ذلك سيشكل سابقة خاطئة"، وقال زاهد علي (26 عاما) ويعمل في دكان "اذا لم يتحركوا وحدث امر مجددا، فسنحمل الاسلحة ونخرج لقتل خصومنا. وستكون حربا مفتوحة". على الصعيد نفسه كانت اجواء الغضب مخيمة لدى تشييع 89 شيعيا قتلوا في احد اكثر الاعتداءات دموية في تاريخ باكستان ضد هذه الاقلية المسلمة، ما ادى الى وقوع صدامات بين اقارب الضحايا وقوات الامن.
وكان الزعماء الشيعة في كويتا عاصمة ولاية بلوشستان (جنوب غرب) وافقوا على انهاء احتجاجات دامت ثلاثة ايام ودفن موتاهم بعد ان نفذت السلطات مداهمة ضد مشتبه بهم ووعدت اسر الضحايا بتعويضات مالية. لكن اسر الضحايا رأت ان هذه التدابير لم تكن كافية، وتزايدت الهجمات الطائفية زيادة كبيرة العام الماضي واودت بحياة اكثر من 400 شيعي في شتى أنحاء باكستان.
الى ذلك تكثفت حركات الاحتجاج والاضرابات في باكستان لمطالبة السلطات باجراءات اقوى من اجل حماية الاقلية الشيعية التي استهدفت باعتداء دموي جديد اوقع اكثر من 80 قتيلا في كويتا جنوب غرب البلاد، وفي كويتا، عاصمة اقليم بالوشستان غير المستقر، واصل اكثر من اربعة الاف شيعي اعتصاما ورفضوا دفن ضحايا التفجير الدموي. وينطوي هذا الموقف على رمزية كبيرة في العالم الاسلامي حيث يتعين دفن المتوفين في اليوم نفسه او في اليوم التالي.
وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، فان اكثر من 400 شيعي قتلوا في باكستان في 2012 "السنة الاكثر دموية" لهذه الطائفة في تاريخ هذا البلد. لكن تصاعد موجة العنف ضد الشيعة والتي اوقعت اكثر من 200 قتيل منذ مطلع كانون الثاني/يناير، يثير مخاوف من ان تكون سنة 2013 اكثر دموية لهذه الاقلية التي تشكل حوالى 20% من الشعب الباكستاني الذي يزيد عن 180 مليون نسمة.
واتهمت عدة صحف باكستانية الحكومة لكن ايضا اجهزة الاستخبارات القوية وقوات الامن التي تتهم في كثير من الاحيان بانها مقربة من حركات متطرفة، بعدم القيام بشيء لحماية الاقلية او مطاردة منفذي الاعتداءات.