ليس المهم ان تكون النتائج مادية فيما يخص اي مجهودا يبذل بل المهم ان يمتثل الانسان والمكلف المسلم للأوامر والارشادات التي تحث على العمل الصالح والنافع والذي يصب في اصلاح المجتمع من خلال توجيه النصح والأرشاد عبر عدة اساليب ومستويات مناسبة وبعد اصلاح الذات والسلوك الاخلاقي لمن يريد ان يحقق فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعتبر هذه الفريضة هي المفتاح وهي المخرج وهي السبيل على طول تاريخ البشرية ومنذ عهد نبينا ادم عليه السلام ونوح وأدريس وأيوب وأسحاق ويعقوب وأبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ووصولا بنبينا الامجد الاقدس محمد صلى الله عليه واله وغيرهم من الانبياء والرسل والصالحين عموما فبهذه الوظيفة اي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تمت الدعوة الى التوحيد ومن خلالها تم افهام الناس كيفية ضرورة عمل الخير وتجنب الشر وكذلك افهامهم ان تحقيق السعادة وتجنب الشقاء مرهون بعدم الوقوف الى جانب الظلمة والطواغيت والمفسدين وعدم الانجرار وراء مكرهم والانخداع بزيفهم وبالتالي الوقوع بمكائدهم وحينها لاتنفع حيلة ولا يوجد منفذ للخلاص لان ما وصلوا اليه من سوء حال وهلاك كان بماكسبت ايديهم من عمل خاطئ وفاسد
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
وان شكواهم من المتسلط الظالم اشبه بصوت يضرب الجدار ليعود صداه على صاحبه لايسمعه احد غيره ولايغير شيء من سوء حاله ومصيره المخزي ومن هنا كان لابد ان يتحمل البعض الذي لازال يشعر بانسانيته وضميره الحي ونقاوة قلبه الطاهر خصوصا مع ارتباطه بصاحب حق وداعي اصلاح فان ذلك سيجعل العمل مقبولا ومرضيا عند الله وان كان محفوفا بالمنغصات او بالمعاصي من باب ان المعصية مع اهل الحق تغفر والطاعة في دين الباطل لاتقبل كما جاء في الاثر وفي حال تخلي ذلك البعض عن اداء التكليف والوظيفة الالهية الشرعية الاخلاقية الانسانية وعدم تفاعلهم مع هذه الوظيفة المقدسة والمباركة والمثمرة فأن ذلك يعني تخلي الانسان عن أنسانيته وضميره الحي ونقاوة قلبه الطاهر ويصبح خائنا وغادرا ملوث السريرة ناكرا وجاحدا للنعمة الالهية التي انعم الله بها عليه نعمة الهداية والصلاح والعلم نعمة العزة في دين الحق نعمة السير في طريق الحق نعمة العفو والمغفرة مع اهل الحق نعمة الشفاعة المرجوة من صاحب الحق نعمة الدعاء نعمة الحفظ من الفتنة والبلاء نعمة الله التي لاتعد ولاتحصى
(وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ )
وقد يتصور البعض ونتيجة لتسلل الشيطان الى نفوسهم ليشعرهم باليأس من رحمة الله
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ......وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ )
فيصور لهم ان الامر قد قضي وأن الناس ما عاد ينفع فيها اي اصلاح او نصح وتوجيه وارشاد وان فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ماعادت تغير شيء من الواقع الفاسد فيجعلهم يغفلون ويرهنون تفكيرهم بالنتائج المادية متناسين ان الاصل تحقيق رضا الله جل وعلا ولعل البعض يهتدي بهداهم ونصحهم وارشادهم والادهى من ذلك ان الشيطان حينما يستغل قلة فهمهم للخطاب الشرعي حيث يصور لهم ان النصح والارشاد مقيد بقضية معينة ومورد معين وواقعة معينة كأن تكون الانتخابات مثلا ومدى تأثيرها على حياة الناس كيفية ارتباط نتائجها بأختيارهم الصالح من الفاسد وكأنما الطرق اغلقت والوسائل نفذت لتحقيق الاصلاح نعم رغم ما للأنتخابات من دور مهم وفعال واكثر فاعلية في التغيير الا انه ليس الطريق الحصري والوحيد فطرق الهداية كثيرة وكلها تصب في محور الاصلاح فذكر تطبيق معين لواقعة معينة لايعني ان الخطاب الشرعي مقيد بتلك الواقعة بل الاصل تحقيق الاصلاح رغم تعدد الوسائل فالدعوة الى اتباع الحق بالطريق العلمي والشرعي والاخلاقي يعتبر طريقا مناسبا لهداية الناس وهو مقدمة مناسبة لتحقيق الاصلاح بأعتبار ان القانون الالهي في تغيير الواقع دائما منصب على تغيير مابالنفوس
((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))
( فلو حصل تغيير نسبي في نفوس الناس ومن خلال الثلة المؤمنة الصالحة التي حملت على عاتقها مسؤولية تبني مشروع العدل الالهي ورفعت لواء الاصلاح فحين ذلك ستأتي الثمار المتوقعة والغير متوقعة والتي لايعلمها الا الله وأن الاحداث ستكون اكثر تسارعا وجميعها ستصب في تفعيل مقومات الاصلاح المرجو كما ان القضية الانتخابية قابلة للتكرار ومع ذلك فهو لاينتظر عودتها حتى يعوض مافاته من نصح وأرشاد وتوجيه بل عليه ان يسارع الى تحقيق النصح والارشاد بقضية اخرى وتطبيق اخر من تطبيقات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لكي لايشمل باللعنة والبلاء والفتنة ولكي يخضع لقانون الاستبدال ولا تسولن له نفسه الأمارة ولاينخدعن بأن استبداله مستبعد وغير ممكن الحصول فأن ذلك سهل يسير وغيره ممن تشمله الهداية والرحمة كثير فرحمت ربي وسعت كل شيء فلا تذهبن به المذاهب ويرى ان الحق وقضية الحقة متوقفة عليه كونه ممن واكبها او عاشها لسنين فأن ذلك لايعني ان غيرك قد يستوعبها بأيام بل بساعات فليفهم كل واحد منا دوره ومسؤوليته وعمله ولايخضعن للاهواء والرغبات والجهل والدنيا فيعيش حالة الخسران في الدارين الدنيا والاخرة فلابد اذن من الثورة على الذات والتحرر من قيود الشيطان والامارة بالسوء والدنيا وعوائقها لننال رضا الله تعالى وهو غاية مايتمناه كل منا وان رضاه مرهون باصلاح انفسنا وتنقيتها من الشوائب والضغائن وتعويدها على نكران الذات والتفاعل مع الواقع المعاش والسير في تغيير مساره نحو الاصلاح ولنفوز بصحبة اهل الحق من انبياء وأئمة وأولياء صالحين عليهم الصلاة والسلام اجمعين ولنحظى ببركات دعائهم وشفاعتهم ورؤيتهم وذلك مرتبط بمقدار استجابتنا وتفاعلنا وهمتنا
( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)