بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
ما أعظم الشّهادة في سبيل الله (فوق كلّ برّ بر، حتى يقتل الرجل في سبيل الله، فليس فوقه برّ)، وما أعظم الشّهداء ومنزلتهم عند الله عزّ وجل (بل هم أحياء عند ربهم يرزقون)، وذلك لما تمثّله الشّهادة من وعي كبير، وقمّة في التضحية، والفداء، والعطاء، وإصرار على المبدأ الحقّ، وتعال وترفّع وسموّ على الأرض والمادّة والدنيا وحطامها وأهلها.
وما أروع أنْ نحيي ذكرى الشهداء، بل هو أقلّ واجب في حقّهم، وأروع من ذلك كلّه أنْ نأخذ الدروس والعبر من الشهادة، والشهداء بما يصلح أنفسنا، وديننا، ودنيانا.
وفي إحياء ذكرى الشّهداء يبعث لنا الشهداء برسائل عدّة منها:
الرّسالة الأولى
إنّ الإسلام ومبادئه خير ما يضحّي الإنسان من أجله، وأنّه يستحق منّا كلّ التضحيات، بل إنّ تضحياتنا لا شيء أمام عظمة الإسلام، وعليكم أنتم أنْ تبذلوا في سبيله كلّ ما يحتاجه من جهد، أو وقت، أو مال، أو ….، بل وحتّى أغلى ما عندكم وهي نفوسكم إنْ تطلّب الأمر.
الرّسالة الثانية
الزهد في هذه الدنيا، حيث إنّها لا تستحقّ منكم حتّى الالتفات إليها، فقد طلّقناها قبل أنْ تطلّقنا هي، وأنْ التخلّي عنها والتضحية بها وبملاذها في سبيل الله خير ما يمكن أنْ يقدمّه المؤمن لآخرته (وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلّا قليل)، وأنَّ الأجر والجزاء الإلهيّ لعباده المضحّين لا يوصف (وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربّك فترضى)، بل ولو خيّرنا لاخترنا أنْ نعود إلى الدنيا، ونقتل في سبيل الله مرّة أخرى بل مرارًا (ويستبشرون باللذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألّا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
الرسالة الثالثة
إنّ الإسلام – بمبادئه وأحكامه – منتهك في الأرض ما لم يمكّن كلّ التمكين (على الدين كلّه)، ولذا فإنّ باب البذل والعطاء والتضحية في سبيله مفتوح ما دام يستصرخ، ويستغيث.
الرسالة الرابع
إنَّنا قد ضحّينا في سبيل الإسلام الذي به نجاتكم وسعادتكم دنيًا وآخرة، وأجرنا وجزاؤنا على ربّنا، ولكن مع ذلك فإنّ هذا الأمر يفرض لنا حقوقًا عليكم في أنفسنا، وأهلينا، وذوينا فإنّ (المرء يحفظ في ولده)، فلا يضيعوا بحضرتكم