سورة الأعراف، هي السورة السابعة ضمن الجزء (8 و 9) من القرآن الكريم، وهي من السور المكية، واسمها مأخوذ من الآية (46). تتحدث السورة عن المبدأ والمعاد، وإثبات التوحيد، ويوم القيامة، ومكافحة الشرك، وعن إحياء شخصية الإنسان، وشرح قصة خلق آدمعليه السلام، وعن المواثيق التي أخذها الله تعالى من ذريته، وعن قصص الأنبياء السابقين، مثل: نوح ولوط وشُعيبعليها السلام، وعن قصة بني إسرائيل، وجهاد موسىعليه السلام ضد فرعون.
من آياتها المشهورة قوله تعالى في الآية (31): ﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾، وقوله تعالى في الآية (42): ﴿لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾، وقوله تعالى في الآية (43): ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾، وقوله تعالى في الآية (172) المشهور بـآية الميثاق: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾.
ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة، منها ما رويَ عن النبيصلی الله عليه وآله وسلم: من قرأ سورة الأعراف جعل الله يوم القيامة بينه وبين إبليس ستراً، وكان آدم شفيعاً له يوم القيامة.
تسميتها وآياتها
سُميت هذه السورة بـــ (الأعراف)؛ من قوله تعالى في الآية (46): ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ...﴾، ومعنى الأعراف هي الأماكن المرتفعة،[١] وروي عن أمير المؤمنينعليه السلام في هذه الآية: «نحن على الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم ونحن الأعراف الذين لا يُعرف الله عزوجل إلا بسبيل معرفتنا ونحن الأعراف يوقفنا الله عزوجل يوم القيامة على الصراط ولا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه».[٢]
آياتها (206)، تتألف من (3346) كلمة في (14437) حرف.[٣] وتُعتبر من السور الطوال، سميت طوالاً لطولها على سائر السور، وهي: البقرة وآل عمران والنساء والأعراف والمائدة والأنعام ويونس،[٤] وقيل: سابعها سورة براءة.[٥]
ترتيب نزولها
المقالة الرئيسة: ترتيب سور القرآن
سورة الأعراف، من السور المكية وقيل: مكية إلا من الآية (163 إلى آخر السورة) فهي مدنية،[٦] وقيل: من الآية (163 إلى 170) مدنية،[٧] ومن حيث الترتيب نزلت على النبيصلی الله عليه وآله وسلم بالتسلسل (39)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء (8 و 9) بالتسلسل (7) من سور القرآن.[٨]
معاني مفرداتها
الآية (199) من سورة الأعراف بخط الثلث (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)
أهم المعاني لمفردات السورة:
(بَيَاتًا): قصد العدو ليلاً، والبيات هنا: قَصدِهم وهم نائمون.
(مَذْؤُومًا): مذموماً.
(وُورِيَ): وارى الشيء: إذا ستره.
(سَوْآتِهِمَا): السوأة: العورة، وسُميت بذلك لأنه يسوؤه رؤيتها.
(طَفِقَا): شَرَعَا وأخَذَا.
(يَخْصِفَانِ): يرقعان ويلصقان ورقة فوق أخرى.
(سَمِّ الْخِيَاطِ): ثقب الإبرة.
(خُوَارٌ): صوت البقر، كالغثاء للشاة.
(حِطَّةٌ): حط الأعمال: إذا وضعها.
(نَتَقْنَا): قلعنا الشيء عن موضعه، وقيل: رفعنا.
(الآصَالِ): جمع أصيل، وهو الوقت بعد العصر إلى المغرب.[٩]
شأن النزول
المقالة الرئيسة: شأن النزول
﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾،[١٠] قال المفسرون: كان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت عراة نساءً ورجالاً، وكانوا لا يأكلون في أيام حجهم دسماً، ولا ينالون شيئاً من الطعام، فنزلت هذه الآية.[١١]
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ...﴾،[١٢] وفقاً لما ورد في بعض الروايات فإنّ قريشاً أرسلت عدّة أنفار إلى نجران ليسألوا اليهود الساكنين فيها مسائل ملتوية، ثمّ يلقوها على النبيصلی الله عليه وآله وسلم ظناً منهم أنّ النبيصلی الله عليه وآله وسلم سيعجز عن إجابتهم، ومن جملة هذه الأسئلة كان هذا السؤال: متى تقوم الساعة؟ فنزلت الآية وأفحمتهم.[١٣]
﴿قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ...﴾،[١٤] جاء في كتب التفسير: إنّ أهل مكة قالوا: يا محمد ألا يُخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتريه فتربح فيه؟ وبالأرض التي تريد أن تجدُب فنرتحل منها إلى أرض قد أخصبت؟ فأنزل الله هذه الآية.[١٥]
﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾،[١٦] جاء في التفاسير: أنّ الآية نزلت في الصلاة جماعةً خلف الإمام، وروي عن الإمام الصادقعليه السلام أنه قال: «يجب الإنصات للقرآن في الصلاة وغيرها».[١٧]
محتواها
يتلخّص محتوى السورة في عدّة أقسام:
الأول: يتحدث عن المبدأ والمعاد، وإثبات التوحيد، ويوم القيامة، ومكافحة الشرك.
الثاني: يتحدث عن إحياء شخصية الإنسان، وشرح قصة خلق آدمعليه السلام، وعن المواثيق التي أخذها الله تعالى من ذريته.
الثالث: يتحدث عن هزيمة وخسران الأقوام التي تحيد عن سبيل التوحيد والعدالة والتقوى.
الرابع: يتحدث عن نجاح المؤمنين الصادقين وانتصارهم.
الخامس: يتحدث عن قصص الأنبياء السابقين، مثل: نوح ولوط وشُعيبعليها السلام.
السادس: يتحدث عن قصة بني إسرائيل، وجهاد موسىعليه السلام ضد فرعون.[١٨]
آياتها المشهورة
الإخلاص في العبادة
المقالة الرئيسة: الإخلاص
قوله تعالى:﴿....وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾،[١٩] الآية بمعنى: توجهوا إليه بالدعاء مُخلصين له لا تشركون به أحداً، وليكن له الدين؛ فليكن كل دينكم خالصاً له، وقيل: اعبدوا الله بإخلاصٍ لا إشراك فيه وله يوم الجزاء والحساب.[٢٠]
الإسراف
المقالة الرئيسة: الإسراف
قوله تعالى:﴿....وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾،[٢١] تدلّ الآية للنهي عن الإسراف، وهو الخروج عن حدِّ الاستواء في زيادة المقدار، وقيل: المراد بها الخروج عن الحلال إلى الحرام، وقيل: الخروج مما ينفع إلى ما يضرّ، وقيل: هو الزيادة عن الشبع، فالإسراف بكل أحواله مذموماً.[٢٢]
التكليف بما يطاق
المقالة الرئيسة: آية التكليف بما يطاق
قوله تعالى:﴿....لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾،[٢٣] جاء في كتب التفسير: إنّ التكليف على قدر الوسع، فمن عمل من الصالحات ما وسعه أن يعمله من غير أن يشقّ على نفسه ويتحمل ما لا طاقة له به، فهو من أهل هذه الآية.[٢٤]
حمد الله على نِعمِه
قوله تعالى:﴿....الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ...﴾،[٢٥] قال المفسرون: من نِعمِه تعالى أنه هدانا للعمل الذي استوجبنا به هذا الثواب بأن دلّنا عليه وتكليفه إيانا، وقيل: معناه هدانا للثبوت على الإيمان في قلوبنا، وقيل: نزع الغلّ من صدورنا، وقيل: هدانا بمجاوزة الصراط ودخول الجنة.[٢٦]
الخوف والرجاء
المقالة الرئيسة: الخوف والرجاء
قوله تعالى:﴿....وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾،[٢٧] تحثّ الآية على أن يُقبل الفرد على الله بمنتهى الخضوع والخشوع والتواضع، بل ينبغي أن تنعكس روح الدعاء في أعماق روحه وعلى جميع أبعاد وجوده، فيتحدث اللسان نيابة عن جميع أعضاءه.[٢٨]
آية الميثاق
المقالة الرئيسة: آية الميثاق
قوله تعالى:﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾،[٢٩] اختلف مفسري الشيعة والسنة في تفسير هذه الآية، على أقول أهمها:
أنّ الله تعالى أخرج ذرية آدم من صلبه، كهيئة الذر، فعرضهم على آدم، وقال: إني آخذ على ذريتك ميثاقهم، أن يعبدوني ولا يشركوا بي شيئاً، ثم قال لهم: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾، قالوا: بلى شهدنا أنك ربنا، فقال للملائكة: اشهدوا، فقالوا: شهدنا، وقيل: إنّ الله تعالى جعلهم فهماء عقلاء، يسمعون خطابه ويفهمونه، ثم ردهم إلى صلب آدم، والناس محبوسون بأجمعهم، حتى يخرج كل من أخرجه الله في ذلك الوقت.[٣٠]
رقم الآية النص الباب الموضوع
32 قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ... الأطعمة والأشربة يُستفاد من الآية أنّ الأصل الأولي في الأطعمة هو الإباحة
199 خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدل على وجوب الأمر بالمعروف
فضيلتها وخواصها
وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:
عن النبيصلی الله عليه وآله وسلم: «من قرأ سورة الأعراف جعل الله يوم القيامة بينه وبين إبليس ستراً، وكان آدم شفيعاً له يوم القيامة».[٣٢]
عن الإمام الصادقعليه السلام: «من قرأ سورة الأعراف في كل شهرٍ كان يوم القيامة من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، قال: فإن قرأها في كل جمعة كان ممن لا يُحاسب يوم القيامة، أما إن كان فيها محكماً فلا تدعو قراءتها فإنها تشهد يوم القيامة لكل من قرأها».[٣٣]
وردت خواص لهذه السورة في بعض الروايات، منها:
عن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم: «من كتبها بماء وردٍ وزعفران وعلّقها عليه لم يقربه سبعٌ ولا عدو ما دامت عليه بإذن الله تعالى».[٣٤]
قبلها
سورة الأنعام سورة الأعراف
بعدها
سورة الأنفال
الهوامش
الموسوي، الواضح في التفسير، ج 6، ص 105 و 162.
الحويزي، نور الثقلين، ج 2، ص 460.
الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1238.
معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313.
السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج 1، ص 127.
الطوسي، تفسير التبيان، ج 6، ص 316.
الرازي، التفسير الكبير، ج 14، ص 13.
معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 169.
الموسوي، الواضح في التفسير، ج 6، ص 110-390.
سورة الأعراف: 31.
مغنية، تفسير الكاشف، ج 3، ص 321.
سورة الأعراف: 187.
مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 5، ص 199.
سورة الأعراف: 188.
الطبرسي، مجمع البيان، ج 4، ص 576.
سورة الأعراف: 204.
الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 8، ص 390.
مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 4، ص 338.
سورة الأعراف: 29.
الموسوي، الواضح في التفسير، ج 6، ص 137.
سورة الأعراف: 31.
الطوسي، تفسير التبيان، ج 6، ص 370.
سورة الأعراف: 42.
الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 8، ص 117.
سورة الأعراف: 43.
الطبرسي، مجمع البيان، ج 4، ص 368.
سورة الأعراف: 56.
مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 5، ص 50.
سورة الأعراف: 172.
الطبرسي، مجمع البيان، ج 4، ص 553.
الأيرواني، دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام، ج 1، ص 266 و 610.
الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 2، ص 528.
الحويزي، نور الثقلين، ج 2، ص 425.
البحراني، تفسیر البرهان، ج 4، ص 55.