|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 16770
|
الإنتساب : Feb 2008
|
المشاركات : 41
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
العـراقي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 26-04-2008 الساعة : 08:44 PM
سأجيبك بنص ما قاله الشيخ المفيد ( قدس سره ) حول الآية في كتابه (الإفصاح 139) :
((...فإن قال : أفليس الله تعالى يقول في سورة الفتح 29 : (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع أخرج شطأه )) , وقد علمت الكافة أن أبا بكر وعمر وعثمان من وجوه أصحاب رسول الله ( صلى الله وعليه وآله ) ، ورؤساء من كان معه ، وإذا كانوا كذلك فهم أحق الخلق بما تضمنه القرآن من وصف أهل الإيمان ، ومدحهم بالظاهر من البيان ، وذلك مانع من الحكم عليهم بالخطأ والعصيان ؟! قيل لهم : إن أول ما نقول في هذا الباب: ان أبا بكر وعمر وعثمان ، ومن تضيفه الناصبة إليهم في الفضل ، كطلحة والزبير وسعد وسعيد وأبي عبيدة وعبد الرحمن ، لا يتخصصون من هذه المدحة بما خرج عنه أبو هريرة وأبو الدرداء ، بل لا يتخصصون بشيء لا يعم عمرو بن العاص ، وأبا موسى الاشعري والمغيرة بن شعبة وأبا الاعور السلمي ويزيد ومعاوية بن أبي سفيان ، بل لا يختصون منه بشيء دون أبي سفيان صخر بن حرب ، وعبد الله بن أبي سرح والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، والحكم بن أبي العاص ومروان بن الحكم وأشباههم من الناس ، لأن كل شيء أوجب دخول من سميتهم في مدحة القرآن ، فهو موجب دخول من سميناه ، وعبد الله بن أبي سلول ومالك بن نويرة وفلان وفلان .
إذ أن جميع هؤلاء أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومن كان معه ، ولأكثرهم من النصرة للإسلام ، والجهاد بين يدي النبي ( صلى الله عليه وآله ) والآثار الجميلة والمقامات المحمودة ما ليس لإبي بكر وعمر وعثمان ، فأين موضع الحجة لخصومنا في فضل من ذكره على غيره من جملة من سميناه، وما وجه دلالتهم منه على إمامتهم ، فإنا لا نتوهمه ، بل لا يصح أن يدعيه أحد من العقلاء ؟!
ثم يقال لهم : خبّرونا عمّا وصف الله تعالى به من كان مع نبيه ( صلى الله عليه وآله ) بما تضمّنه القرآن، أهو شامل لكل من كان معه ( عليه الصلاة والسلام ) في الزمان ، أم في الصقع والمكان ، أم في ظاهر الإسلام ، أم في ظاهره وباطنه على كل حال ، أم الوصف به علامة تخصيص مستحقه بالمدح دون من عداه ، أم لقسم آخر غير ما ذكرناه ؟
فإن قالوا : هو شامل لكل من كان مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الزمان أو المكان أو ظاهر الإسلام .
ظهر سقوطهم وبان جهلهم ، وصرّحوا بمدح الكفّار وأهل النفاق ، وهذا ما لا يرتكبه عاقل .
وإن قالوا : إنه يشمل كل من كان معه على ظاهر الديانة وباطنها معاً دون من عددتموه من الأقسام .
قيل لهم : فدلّوا على أئمتكم وأصحابكم ، ومن تسمّون من أوليائكم ، أنهم كانوا في باطنهم على مثل ما أظهروه من الإيمان ، ثم ابنوا حينئذ على هذا الكلام ؟ وإلا فأنتم مدعون ومتحكمون بما لا تثبت معه حجة ، ولا لكم عليه دليل ، وهيهات أن تجدوا دليلاً يقطع به على سلامة بواطن القوم من الضلال ، إذ ليس به قرآن ولا خبر عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ومن اعتمد فيه على غير هذين فإنما اعتمد على الظن والحسبان .
وإن قالوا : إن متضمن القرآن من الصفات المخصوصة ، إنما هي علامة على مستحقي المدحة من جماعة مظهري الإسلام ، دون أن تكون منتظمة لسائرهم على ما ظنّه الجهّال .
قيل لهم : فدلوا الآن على من سمّيتموه كان مستحقا لتلك الصفات ، لتتوجه إليه المدحة ويتم لكم فيه المراد ، وهذا ما لا سبيل إليه حتى يلج الجمل في سم الخياط .
ثم يقال لهم : تأمّلوا معنى الآية ، وحصّلوا فائدة لفظها ، وعلى أي وجه تخصص متضمنها من المدح ، وكيف مخرج القول فيها ؟ تجدوا أئمتكم أصفاراً ممّا ادعيتموه لهم منها ، وتعلموا أنهم باستحقاق الذم وسلب الفضل بدلالتها منهم بالتعظيم والتبجيل من مفهومها ، وذلك أن الله تعالى ميّز مثل قوم من أصحاب نبيه ( صلى الله عليه وآله ) في كتبه الأولى ، وثبوت صفاتهم بالخير والتقى في صحف إبراهيم وموسى وعيسى ( عليهم السلام ) ، ثم كشف عنهم بما ميّزهم به من الصفات التي تفرّدوا بها من جملة المسلمين ، وبانوا بحقيقتها عن سائر المقرّبين . فقال سبحانه : (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل )) وكأن تقدير الكلام : إن الذين بينت أمثالهم في التوراة والإنجيل من جملة أصحابك ومن معك - يا محمد - هم أشداء على الكفّار ، والرحماء بينهم الذين تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا .
وجرى هذا في الكلام مجرى من قال : زيد بن عبد الله إمام عدل ، والذين معه يطيعون الله ، ويجاهدون في سبيل الله ، ولا يرتكبون شيئاً ممّا حرّم الله وهم المؤمنون حقاً دون من سواهم ، إذ هم أولياء الله الذين تجب مودتهم دون من معه ممّن عداهم ، وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، فالواجب أن تستقرئ الجماعة في طلب هذه الصفات ، فمن كان عليها منهم فقد توجه إليه المدح وحصل له التعظيم ، ومن كان على خلافها فالقرآن إذن منبه على ذمّه ، وكاشف عن نقصه ، ودال على موجب لومه ، ومخرج له عن منازل التعظيم .
فنظرنا في ذلك واعتبرناه ، فوجدنا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وجعفر بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب ، وعبيدة بن الحارث وعمار بن ياسر ، والمقداد بن الأسود ، وأبا دجانة - وهو سماك بن خرشة الأنصاري - وأمثالهم من المهاجرين والأنصار ( رضي الله عنهم ) ، قد انتظموا صفات الممدوحين من الصحابة في متضمن القرآن .
وذلك أنهم بارزوا من أعداء الملة الأقران ، وكافحوا منهما الشجعان ، وقتلوا منهم الأبطال ، وسفكوا في طاعة الله سبحانه دماء الكفّار ، وبنوا بسيوفهم قواعد الإيمان ، وجلوا عن نبيّهم ( صلى الله عليه وآله ) الكرب والأحزان ، وظهر بذلك شدّتهم على الكفّار ، كما وصفهم الله تعالى في محكم القرآن ، وكانوا من التواصل على أهل الإسلام ، والرحمة بينهم على ما ندبوا إليه ، فاستحقوا الوصف في الذكر والبيان .
فأما إقامتهم الصلاة وابتغاؤهم من فضل الله تعالى القربات ، فلم يدفعهم عن علو الرتبة في ذلك أحد من الناس ، فثبت لهم حقيقة المدح لحصول مثلهم فيما أخير الله تعالى عنهم في متقدم الكتب ، واستغنينا بما عرفنا لهم ممّا شرحناه في استقراء غيرهم ، ممّن قد ارتفع في حاله الخلاف ، وسقط الغرض بطلبه على الاتفاق .
ثم نظرنا فيما ادعاه الخصوم لاجل أئمتهم ، وأعظمهم قدراً عندهم من مشاركة من سمّيناه فيما ذكرنا من الصفات وبيّناه ، فوجدناهم على ما قدّمناه من الخروج عنها واستحقاق أضدادها على ما رسمناه .
وذلك أنه لم يكن لأحد منهم مقام في الجهاد ، ولا عرف لهم قتيل من الكفّار ، ولا كلّم كلاماً في نصرة الإسلام ، بل ظهر منه الجزع في مواطن القتال ، وفرّ في يوم خيبر وأحد وحنين ، وقد نهاهم الله تعالى عن الفرار ، وولّوا الأدبار ، مع الوعيد لهم على ذلك في جلي البيان ، وأسلموا النبي ( صلى الله عليه وآله ) للحتوف في مقام بعد مقام ، فخرجوا بذلك عن الشدّة على الكفّار ، وهان أمرهم على أهل الشرك والضلال ، وبطل أن يكونوا من جملة المعنين بالمدحة في القرآن ، ولو كانوا على سائر ما عدا ما ذكرناه من باقي الصفات ، وكيف وأنى يثبت لهم شيء منها بضرورة ولا استدلال ، لان المدح إنما توجه إلى من حصل له مجموع الخصال في الآية دون بعضها ، وفي خروج القوم من البعض بما ذكرناه ، ممّا لا يمكن دفعه إلا بالعناد ، ووجوب الحكم عليهم بالذم بما وصفناه ؟ ! وهذا بيّن جلي والحمد لله .
ثم يقال لهم : قد روى مخالفوكم عن علماء التفسير من آل محمد ( عليهم السلام ) أن هذه الآية إنما نزلت في أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة ( عليهم السلام ) من بعدهم خاصة دون سائر الناس ، وروايتهم لما ذكرنا عمّن سمينا أولى بالحق والصواب ، ممّا ادعيتموه بالتأويل والظن الحسبان والرأي ، لإسنادهم مقالتهم في ذلك إلى من ندب النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى الرجوع إليه عند الإختلاف ، وأمر باتباعه في الدين ، وأمن متبعه من الضلال .
ثم إن دليل القرآن يعضده البيان ، وذلك إن الله تعالى أخبر عمّن ذكره بالشدة على الكفّار ، والرحمة لأهل الإيمان ، والصلاة له ، والإجتهاد في الطاعات ، بثبوت صفته في التوراة والإنجيل ، وبالسجود لله تعالى وخلع الأنداد ، ومحال وجود صفة ذلك لمن سجوده للأوثان ، وتقرّبه للات والعزى دون الله الواحد القهّار ، لأنه يوجب الكذب في المقال ، أو المدحة بما يوجب الذم من الكفر والعصيان .
وقد اتفقت الكافة على أن أبا بكر وعمر وعثمان ، وطلحة والزبير وسعداً وسعيداً وأبا عبيدة وعبد الرحمن ، قد عبدوا قبل بعثة النبي ( صلى الله عليه وآله ) الأصنام ، وكانوا دهراً طويلاً يسجدون للأوثان من دون الله تعالى ، ويشركون به الأنداد ، فبطل أن تكون أسماؤهم ثابتة في التوراة والانجيل ، بذكر السجود على ما نطق به القرآن ، وثبت لأمير المؤمنين والأئمة من ذريته ( عليهم السلام ) ذلك ، للاتفاق على أنهم لم يعبدوا قط غير الله تعالى ، ولا سجدوا لأحد سواه ، وكان مثلهم في التوراة والإنجيل واقعاً موقعه على ما وصفناه ، مستحقاً به المدحة قبل كونه ، لما فيه من الإخلاص لله سبحانه على ما بيّناه .
ووافق دليل ذلك برهان الخبر عمّن ذكرناه ، من علماء آل محمد ( صلوات الله عليهم ) ، بما دل به النبي ( صلى الله عليه وآله ) من مقاله الذي اتفق العلماء عليه ، وهذا أيضاً ممّا لا يمكن التخلص منه مع الإنصاف .
ثم يقال لهم : خبّرونا عن طلحة والزبير ، أهما داخلان في جملة الممدوحين بقوله تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار ) إلى آخره ، أم غير داخلين في ذلك ؟
فإن قالوا : لم يدخل طلحة والزبير ونحوهما في جملة القوم .
خرجوا من مذاهبهم وقيل لهم : ما الذي أخرجهم من ذلك ، وأدخل أبا بكر وعمر وعثمان ، فكل شيء تدعونه في استحقاق الصفات ، فطلحة والزبير أشبه أن يكونا عليها منهم ، لما ظهر من مقاماتهم في الجهاد ، الذي لم يكن لأبي بكر وعمر وعثمان فيه ذكر على جميع الأحوال ؟! فلا يجدون شيئاً يعتمدون عليه في الفرق بين القوم ، أكثر من الدعوى الظاهرة الفساد .
وإن قالوا : إن طلحة والزبير في جملة القوم الممدوحين بما في الآية .
قيل لهم : فهلا عصمهما المدح الذي ادعيتموه لهم ، من دفع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن حقّه ، وإنكار إمامته ، واستحلال حربه ، وسفك دمه ، والتدين بعداوته على أي جهة شئتم : كان ذلك من تعمد ، أو خطأ ، أو شبهة ، أو عناد ، أو نظر ، أو اجتهاد !
فإن قالوا : إن مدح القرآن - على ما يزعمون - لم يعصمهما من ذلك ، ولا بد من الإعتراف بما ذكرناه ، لان منع دفعه جحد الاضطرار .
قيل لهم : فبما تدفعون أن أبا بكر وعمر وعثمان ، قد دفعوا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن حقّه ، وتقدّموا عليه وكان أولى بالتقدم عليهم ، وأنكروا إمامته وقد كانت ثابتة ، ودفعوا النصوص عليه وهي له واجبة ، ولم يعصمهم ذلك ، ثم توجه المدح لهم من الآية ، كما لم يعصم طلحة والزبير ممّا وصفناه ، ووقع منهم في إنكار حق أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، كما وقع من الرجلين المشاركين لهم فيما ادعيتموه من مدح القرآن ، وعلى الوجه الذي كان منهما ذلك ، من تعمد أو خطأ أو شبهة أو اجتهاد أو عناد ؟ وهذا ما لا سبيل لهم إلى دفعه ، وهو مبطل لتعلقهم بالآية ودفع أئمتهم عن الضلالة ، وإن سلم لهم منها ما تمنوه تسليم جدل للاستظهار .
ويؤكد ذلك أن الله تعالى مدح من وصف بالآية ، بما كان عليه في الحال ، ولم يقض بمدحه له على صلاح العواقب ، ولا أوجب العصمة له من الضلال ، ولا استدامة لما استحق به المدحة في الاستقبال .
ألا ترى أنه سبحانه قد اشترط في المغفرة لهم والرضوان ، الإيمان في الخاتمة ، ودل بالتخصيص لمن اشترط له ذلك ، على أن في جملتهم من يتغير حاله ، فيخرج عن المدح إلى الذم واستحقاق العقاب ، فقال تعالى فيما اتصل به من وصفهم ومدحهم بما ذكرناه من مستحقهم في الحال : (( كزرع أخرج شطئه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما )) .
فبعضهم في الوعد ولم يعمهم به ، وجعل الأجر مشترطاً لهم بالأعمال الصالحة ، ولم يقطع على الثبات ، ولو كان الوصف لهم بما تقدم موجباً لهم الثواب ، ومبيناً لهم المغفرة والرضوان ، لاستحال الشرط فيهم بعده وتناقض الكلام ، وكان التخصيص لهم موجباً بعد العموم ظاهر التضاد ، وهذا ما لا يذهب إليه ناظر ، فبطل ما تعلق به الخصم من جميع الجهات ، وبان تهافته على اختلاف المذاهب في الأجوبة والاسقاطات ، والمنة لله )).
|
|
|
|
|