من كان وراء فوز المالكي ؟
علاء الخطيب
كاتب واكاديمي عراقي
حملت انتخابات مجالس المحافظات العراقية الكثير من المفاجآت , كما حملت الكثير من الأجابات لأسئلة كانت تدور في الشارع العراقي وأوضحت في الوقت نفسه ثمن صوت الناخب العراقي وتوقه لأرساء قواعد المجتمع المدني من خلال تحرقه للأدلاء بصوته وان يسجل فعلا حضاريا طالما كنا ننتظره واسقط الانسان العراقي من خلال فعله الحضاري هذا كل التوقعات , ففي الوقت الذي اتسمت به الانتخابات السابقة بالاصطفاف الطائفي والمناطقي جائت هذه الانتخابات لتقلب الصورة رأسا على عقب فكل المراقبين كانوا يتوقعون غير هذه النتائج الذي رشحت من خلال عملية الفرز الاولية والتي تصدرت قائمة رئيس الوزراء في اغلب المحافظات والمفاجأة كانت في العاصمة العراقية بغداد , مما يعني ان الوعي الديمقراطي يتجه بالاتجاه الصحيح فالمعطيات مثلما صرح بها خصوم المالكي , أوكما هو مشاع ان هناك خصوم اقوياء لقائمة إئتلاف دولة القانون التي يتزعمها السيد نوري المالكي , وذلك على خلفية عملية فرض القانون في البصرة ومدينة الصدر وديالى وغيرها, إلا أن السؤال الابرز والأهم هو ماذا كان وراء فوز قائمة المالكي ؟؟ هناك بالتأكيد اسباب ومن خلال هذه الاسباب يمكن قراءة المجتمع العراقي وتوجهاته, ومعرفة ماذا كان وراء فوز السيد المالكي ومن خلال هذه الاسباب يجب ان تراجع الاحزاب والكتل السياسية حساباتها .
أولها:
السيد المالكي ورغم انتمائه لحزب ديني إلا أنه لم يرفع في حملته الانتخابية شعارا دينيا ولا مذهبيا لحث الناخب العراقي واستمالته مذهبيا , ولم تشر الحملة الانتخابية (( لأتلاف دولة القانون)) الى دورالمرجعية او اي دور ديني في العملية السياسية, وإنما أكدت على الحالة الوطنية مما يعني ان الشارع العراقي له توجه أخر أخطأ البعض في قرائته, وهنا يجب التنويه والتفريق بين التسييس الديني وبين الممارسات الدينية والشعور الديني فالشعب العراقي شعب مسلم والشارع العراقي شارع مسلم إلا أنه يكره التسييس الديني وهذا ما دأب عليه الشارع العراقي من خلال ما اكدته المرجعية الدينية كالسيد الخوئي وحتى السيد السيستاني وهو عدم زج المرجعية والدين في الصراع السياسي وهذا لا يعني ان ليس هناك رأي للمرجعية في الامور السياسية ولكن تنأى المرجعية الدينية بنفسها عن الفعل السياسي , ومن ناحية أخرى اتضح للجميع ان دائرة الانتماء والولاء الوطني هي الدائرة الاكبروهي الوتر الاكثر إطرابا للعراقيين والذين عاشوا عقودا كانوا يتمنون فيها ان يتغنوا به .
ثانيا:
ان الأنتصار الذي حققه السيد المالكي على التيار الصدري في البصرة وكربلاء ومدينة الصدر على مايبدو كان مطلبا شعبيا وجماهيريا, فقد اعتبره البعض دينا في رقابهم للسيد المالكي يجب إداؤه وقد حانت الفرصة في هذه الانتخابات, بالاضافة الى وقفاته امام الارهابين امثال مشعان الجبوري والجنابي وحارث الضاري وغيرهم .
ثالثا :
القرار الشجاع والتوقيع التاريخي الحكيم على إعدام الطاغية المقبور والذي ارتجف منه البعض وتنصل منه ومطابته الدائمة بأعدام علي الكيمياوي وبقية المجرمين أكسبه شعبية واسعة بين صفوف المتضررين من النظام السابق رغم وصفه بالضعف في البداية .
رابعا:
لقد مثل السيد المالكي خط الاعتدال لدى البعض ففي الوقت الذي ينتمي فيه الى حزب ديني فهو منفتح للتعامل مع الجميع , ولعلنا نتذكر في بداية تسلمه الحكم كان يوصم بالطائفية إلا أن هذا الوصف بدأ يزول تدريجيا حتى اختفى من خلال ما اعلنه من مواقف ,ولعل نتائخ محافظات مثل صلاح الدين والرمادي وديالى ونينوى تثبت ذلك .
خامسا :
وقوفه أمام الأئتلاف الكردستاني في مسألة المناطق المتنازع عليها في ديالى وبعض المناطق الاخرى وفرض سيطرة الجيش العراقي وقوى الأمن العراقية وفي قضية كركوك أيضا أعطته زخما جماهيريا كبيرا وأعتبره البعض قائد المرحلة الاكثر قدرة على قيادة البلد ,مما زرع الثقة في نفوس الناخبين العراقيين ويجعلهم يصوتون للمالكي وليس للقائمة وخصوصا هؤلاء الذين يعيشون في مناطق التماس , وقد رشحت بعض الاخبار ان الناخبون لقائمة إتلاف دولة القانون لم يصوتوا الى مرشح بعينه وإنما انتخبوا القائمة ككل ويمكن القول أنهم انتخبوا السيدالمالكي ولم ينتخبوا القائمة .
هذه الاسباب بالاضافة الى الدور الإعلامي الذي مارسته بعض القنوات الفضائية في تسقيط وأظهار بعض الكيانات السياسية الدينية بمظهر الطائفية والعمالة للاجنبي وضمن أجندتها الخاصة التي كانت ترمي من خلالها اهداف مكشوفة للجميع , مما حرفت توجهات الناخب عن هذه الكيانات , فرب ضارة نافعة كما يقولون او كما يقول الشاعر العربي مصائب قوم عند قوم فوائد فقد استفاد السيد المالكي من أخطاء الآخرين وحقق نصرا للوطنية وللعراق . ولكن بأعتقادي ان هذه القنوات ستعاود الحرب على السيد المالكي في الانتخابات النيابية القادمة وسنرى. هنيئا لقائمة إتلاف دولة القانون وهنيئا للسيد المالكي ونتمنى ان يقدموا للعراق وللعراقيين ما يستحقون وليتذكروا دائما أن صوت الناخب العراقي له ثمن باهض.