قال رسول الله صلى الله علية واله وسلم
انا مدينت العلم وعلي بابها
ومما أمتاز به الامام أمير المؤمنين على بقية الصحابة سعة علمه ، ووفور فقهه ، ودرايته باحكام التنزيل ، وأحاطته باسرار التشريع ، فهو وارث علمي وقد فتق أبواب العلوم ، ودلل على قواعدها وأصولها بعد ما كان الناس يجهلون منها كل شيء .
ويلتفت النبي صلى الله عليه وآله الى المجموعة الهائلة من الناس فيقول لها : لقد خلّفت علياً في أمتي ليوضح لها معالم الدين , ويبني لها أحكام التنزيل ، ولو ثنيت له الوسادة من بعدي لأفتى أهل الإنجيل بانجيلهم ، واهل الزبور بزبورهم ، واهل الفرقان بفرقانهم .
وساد العلم ، وانتشرت آفاق المعرفة ، ولكن الصدر الأول من امتي حرموا أنفسهم ، وحرموا الاجيال الصاعدة من بعدهم من الانتهال من غدير علمه ، والاستفادة من مكنونات فضائله التي حباه الله بها .
وقد أعلنت لجميع المسلمين ، وقلت لهم : « أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب . » (1) .
____________
1 ـ مستدرك الصحيحين 3 / 126 ، تأريخ الخطيب 4 ـ 348 ، تهذيب التهذيب 6 ـ 320 ، فيض القدير 3 ـ 46 ، مجمع الزوائد 9 ـ 114 .
(45)
وأشدت بمواهبه وفضائله فقلت في حقه « أنا دار الحكمة وعلي بابها . » (1) .
وقد عهدت إليه أن يبين لأمتي ما اختلفت فيه من بعدي فقلت له : « أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي . . . » (2) .
وهو أعلم أمتي بشؤون القضاء وأحكامه ، وأدرى منهم بغوامضه ، وقد قلت فيه : « علي أقضى أمتي » (3) .
وقد رجع إليه أبو بكر في كثير من المسائل التي لا دراية له بها (4) .
وكذلك رجع إليه عمر حتى قال : « لولا علي لهلك عمر » (5) وقال : ( اللهم لا تنزل بي شدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي ) (6) . وكذلك رجع إليه عثمان فيما خفي عليه من أمور القضاء وغيره (7) .
ومع توفر علمه ، وإحاطته بشؤون الدين ، وأحكام الله ، فهل يصح لي أن أرشح غيره لمنصب الخلافة والإمامة ، والله تعالى يقول : « هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون » .