|
شيعي محمدي
|
رقم العضوية : 30624
|
الإنتساب : Feb 2009
|
المشاركات : 3,716
|
بمعدل : 0.64 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
تشرين ربيعة
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 22-03-2010 الساعة : 01:56 PM
المقال التالي كتب ونشر قبل اكتشاف هذه الفضيحة
الحاسبة .... المزوّر الصامت لأصوات الناخبين!
صائب خليل *
كمال الساعدي من إتئلاف دولة القانون، رد على أتهامات مقابله من "العراقية"، والتي احتج فيها على زيارة مختص بالحاسبات من "دولة القانون" إلى مركز الحاسبة الخاصة بالمفوضية المستقلة للإنتخابات، ردّ قائلاً بأن الرجل لم يكن له أن يتدخل فيما يتم إدخاله من معلومات في الحاسبات، لوجود المئات من الموظفين وممثلين عن جميع الكتل، بضمنها العراقية، وهناك مراقبين من الأمم المتحدة والإعلام وجهات رقابة دولية ووطنية..الخ..ويبدو أن ما قاله كمال الساعدي معقول...فليس من الضروري أن تسهل زيارة شخص ما، عملية تزوير، فهو تحت نظر جميع المراقبين!
لكن العاملين على الحاسبات ليسوا كذلك دائماً...منظمة تموز لمراقبة الإنتخابات، أشارت إلى هذه المشكلة (1) وقالت "لا يمكن للمراقب ملاحظة بالضبط ما يحصل لأنه داخل الخطوط، وان الموظفين يشتغلون داخل المركز والموجود هو ما يعلن من خلال شاشات التلفاز والمراقب يتابع من خلالها"
ومن بيان منظمة تموز نقرأ :" عملية ادخال البيانات عملية معقدة وليست سهلة (....) وهناك نظام خاص في الحاسوب بهذه العملية"، وعبرت عن مخاوفها "تجاه ما يحصل في مراكز العد والفرز"، بالقول "مراقبونا تعرفوا على وجود مشكلة وحالة تزوير وهناك موظفون تم طردهم وفصلهم مع العلم يجب ان يتخذ بحقهم إجراءات وليس الاكتفاء بالفصل".
إن كان كلام منظمة تموز دقيقاً فأن هذا "الطرد" يشبه عقوبة طرد اللص من البيت الذي اكتشف وهو يسرقه، ألا يشير هذا إلى ان "الشرطة" جزء من "الحرامية"، وأنها وعدتهم بتخليصهم في حالة أكتشافهم؟ وطالبت المنظمة أن يتم إعلان النتائج بشفافية، أولاً بأول...
كلما طال الوقت، إزدادت الشكوك والريبة بما يجري في الفرز والعد، ولا شك أن هناك سراً عجيباً في الإنتخابات العراقية، فهي دون غيرها، يطول "عدها وفرزها" مدداً تقاس بالأشهر، ففي الإنتخابات السابقة بلغ زمن الإنتظار شهراً، واليوم تعلن المفوضية أنها ستنتهي من العد "قبل نهاية الشهر" أي أنه، إن صدق الوعد، فسيكون الزمن شهراً تقريباً ايضاً، بعد أن وعدت المفوضية سابقاً بأن الزمن سيكون أقل من اسبوع!
لكن ما لا نفهمه هو : لماذا يطول العد حتى أسبوع؟ لماذا تنتهي كل دول العالم من العد في نفس يوم إغلاق الصناديق ويتم إعلان النتائج بعدها بساعات، ويتأخر ذلك في العراق شهراً؟؟
منظمة تموز أقرت بـ "تعقيد العملية" ولكن هل هي أعقد من بقية البلدان؟ كم مرة؟
الفرق ليس ضعف الزمن أو ضعفيه، بل 30 مرة أو ربما 60 مرة! إن من يتصور أن الأمر طبيعي هو شخص "على نياته"، فكل يوم إضافي، هو فرصة إضافية لتزوير العدد.. مسؤول الأنشطة الجماهيرية بالمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات عبد الرحمن خليفة (2) "ان الإنتخابات الحالية شملت التصويت العام والخاص وتصويت المهجرين والناخبين ممن غيروا مناطق سكناهم، وهذا كله يتطلب جهدا مضاعفا ويحتاج الى وقت". وسمعنا بأن "السرفر" بدأ "يدخن" من كثرة المعلومات، وأنه توقف عن العمل لبضعة ساعات الخميس (حسب الناطق باسم بعثة الأمم المتحدة، "للراحة"، على ما يبدو.
اياد الكناني من المفوضية قال: (3) "إن أسباب تأخر ظهور النتائج تعود الى ان عدد الاستمارات كبير جدا وان كل محطة انتخابية يجب ان يخصص لها اكثر من صفحة للنتائج، ما أدى الى حصول ثقل في عملية الادخال وبطء العمل."
والسؤال، هل أن بقية العالم ليس لديهم "تصويت خاص وعام ومهجرين"؟ أية دولة ليس فيها عساكر أو مرضى أو مهاجرين؟ لنقل أن الناس في كل دول العالم يسكنون حيث خلقوا، فهل استغرقت عملية عد المهجرين خمسة وعشرين يوم مثلاً؟ حسناً، تأخرت الحاسبة لبضعة ساعات يوم الخميس، فلماذا طالبت المدة "بضعة أسابيع" إضافية! وما هذا العدد "الكبير جداً" من الإستمارات؟ هل بلغ سكان العراق أكثر من سكان الهند ونحن لا ندري؟
لماذا تتحدث المفوضية وكأن العراق هو أول دولة في التاريخ تجري إنتخابات، لتتحدث عن "جسامة المهمة" وكثرة الإستمارات وتعقيد العملية؟ ولماذا تقطر النتائج بالقطارة وتكرر "النتائج الأولية لمحافظة ميسان" وكأن ميسان أكبر محافظات العراق، بل وكأنها "بكين"!
النائب كريم اليعقوبي: (4) ان “الاعلان بالنسب المئوية سيسبب التشويش والارباك وعدم وضوح المحصلة”، مبينا “ان اعلانها بالارقام الصحيحة لن يكون صعبا بعد ورود ارقام العد والفرز لديها وهذه الصورة للاعلان ستكون اكثر وضوحا لدى المواطن العراقي”.
والنائبة ليلى الخفاجي استغربت عدم كشف مفوضية الانتخابات الارقام التي تجعل المرشحين يعرفون حجم الاصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات. وقالت عن المفوضية متعجبة أنها "تتعذر بان الاجهزة التي تستخدم في ادخال البيانات لا تحتمل حجم البيانات المدخلة”، رغم الميزانية الكبيرة المخصصة للمفوضية"
وقالت (5):" ان المفوضية ايضا واستجابة لطلب الائتلاف الوطني ، وعدت بوضع نسخ من نتائج الانتخابات في المحافظات على الموقع الالكتروني ، لكن زائر ذلك الموقع يتفاجأ بعدم وجود هذه النسخ هناك لحد الان على الرغم من مرور ما يقارب الاسبوع على الانتخابات ، في حين ان العملية لا تحتاج الى اكثر من نسخ لصورة العد والفرز ولصقها على الموقع".
ومسعود البارزاني (6) طالب مفوضية الانتخابات بكشف الحقائق بصورة صريحة، وتقديم تفسير عاجل عن سبب تأخر إعلان النتائج، ووجه الحزب الديمقراطي الكردستاني انتقاداً شديداً للمفوضية العليا للانتخابات بسبب تأخرها في إعلان نتائج الانتخابات، ورفض أعذارها، وأعرب عن الإستياء "العميق والشديد".
لا أحد يصدق حرص البارزاني على "نزاهة" العد، وهو الذي اتفق مع أياد علاوي على أن يضرب عدد سكان المدن الكردية في واحد ونصف، ومازالت نتائج هذا "التفاعل" بين الراشي والمرتشي تلعب دورها في تخريب البلاد، لكن اعتراضاته هذه سليمة ومنطقيه، كما هي اعتراضات الخفاجي واليعقوبي. ويبدو أن هناك من يهمه ألا تكون النتائج سريعة و "أكثر وضوحاً" لدى المواطن العراقي، لكن حاسبات المفوضية هي الوحيدة في العالم التي تشكو كثرة الناخبين، ويبدو أن سكان العراق أكبر من سكان الهند!
كذلك أكد عضو البرلمان الأوروبي أستراون أستيفنسون على خطورة "عمليات الغش والتلاعب الواسعة" (7) إلا أنه بالمقابل أشادت تقارير عديدة (8) من مراقبين دوليين ومحليين بالإنتخابات، وبجهود المفوضية وأبدى أوباما والسفير الأمريكي والأمين العام للأمم المتحدة سعادتهم بالإنتخابات، إضافة إلى عدد من السياسيين والقادة الأوروبيين ورئيس حلف شمال الأطلسي.
إلا أن هؤلاء جميعاً كانوا قد سعدوا في الماضي بانتخابات أفغانستان بالرغم من هول التزوير الذي جري فيها والذي أجبرهم على الإعتراف به، لكنهم دعموا نتائجها، لذا فهم جميعاً عديمي المصداقية، وما يشير إليه الناس من مخالفات أهم وأثبت من تهانئهم. فهناك أكثر من 2000 شكوى (9) مسجلة حسب عضو المفوضية سعد الراوي، عدا تلك التي لم تسجل والتي لم تكتشف.
من ناحية أخرى، فليس كل من اشتكى ذو حق. فما أسهل أن يشتكي المزورون أنفسهم لكي يأخذوا المبادرة ويسلطوا الضغط على المقابل. لذلك، نحن نعرف جيداً أن تزويراً قد حدث، لكننا لن نعرف حجمه الحقيقي ولن نعرف الذي قام به ومن لم يفعل. ومن الصعب أن نبرئ أية جهة من التزوير، وخاصة الكتل الكبيرة، لأنها أكثر قدرة على القيام به. وإن استثنينا عدد محدود جداً من الكتل والشخصيات، فليس هناك ثقة لدى الشعب العراقي بأن يمتنع أحد عن التزوير إن هو أتيح له، رغم أن كل كتلة تتهم الأخريات بالتزوير وبغضب!
لكن دعوني أقول لكم، أن الجميع في إتهاماتهم، ينسون مزوراً آخر محتمل، بل شديد الإحتمال. إنه من يستطيع أن يدخل المعلومات إلى الحاسبة، دون أن يحتاج إلى دخول غرفتها، كما فعل السياسي العراقي، أو يصل إلى لوحة المفاتيح كما يفعل من يدخل المعلومات إليها. إنه من كتب برنامجها، ومن جهزها، وهو بالتالي قادر ليس فقط على جعلها تحسب كما يشاء، بل أيضاً قادر على تجديد تعليماته إليها بواسطة الراديو، ليضيف ما يضيف ويحذف ما يحذف، ويضرب بالأصفار والعشرات، دون أن يحس بذلك أي إنسان، شرط أن لا يبالغ في تزويره كثيراً، وبشكل مفضوح!
ليس هذا مجرد اتهام عشوائي مبالغ فيه أو ضمن "نظرية المؤامرة"، بل أنا أتحدث كشخص متخصص في دراسته الأكاديمية بالحاسبات، وكنت قد كتبت عن الموضوع في الماضي أكثر من مرة (10) ووعدت بكتابة إضافية عن تجارب الدول الأخرى مع مشكلة التصويت بواسطة الحاسبة وقصص التزوير فيها، وما أزال آمل أن يتاح لي ذلك يوماً، فالمادة متوفرة، وأنا مسؤول عما أقول. إنني أتحدى أن تدعي جهة أكاديمية هندسية من أية جانب كانت، بأنه يمكن تأمين التصويت، كما كان مخططاً، أو حساب الأصوات كما تقوم به المفوضية الآن، أو إجراء القرعة لإنتخاب الأعضاء، كما فعلت المفوضية في الماضي، بشكل سليم بواسطة الحاسبة. وأتحدى أن يقول أحد بأنه لا يمكن أن تأتي النتائج كما يقررها البرنامج، ما لم يكن مكشوف الكود (open source)، أو أن ترسل لها النتائج المطلوبة بواسطة إشارة راديوية، لتغير النتيجة الحقيقية، حتى لو كان البرنامج مكشوف الكود. لدينا وزارة علوم وتكنولوجيا، فأتمنى أن تقول رأيها بالموضوع!
لكني واثق من أن أحداً لن يرد على هذا التحدي, وأن وزارة العلوم والتكنولوجيا ستلتزم الصمت كما التزمته في فضيحة أجهزة كشف المتفجرات التي تعمل بالكهربائية الستاتيكية حسب مبدأ التغطيس، وهي من عجائب العلوم التي لم نتشرف بأن سمعنا بها أو رأينا أحداً يدعي أنه سمع بها. لذلك ستمر هذه "الفضيحة" الصغيرة نسبياً، مثلما مرت فضيحة التغطيس الهائلة بسلام، حتى الآن.
لن يرد أحد، لذلك أنقل لكم أخباراً لا يستطيع أحد أن يردها، لأنها موثقة ووثائقها موجودة على الإنترنت لمن يريد الإطلاع عليها. من بين الوثائق الكثيرة، اود الإكتفاء بتجربة دولة أوروبية متقدمة جداً، تكنولوجياً وديمقراطياً، وهي هولندا.
فبعد صراع طويل خاضه الناشطين الذين "لا يثقون بحاسبات التصويت" فقد قرر البرلمان الهولندي (11)، واستناداً إلى دراسة أعدتها لجنة متخصصة، بأن حاسبات التصويت لا يمكن الوثوق بها. وهكذا قرر البرلمان الهولندي منذ 16 مايس 2008، إلغاء جميع الحاسبات التي كانت تستعمل لحساب التصويت في الإنتخابات في هولندا، والعودة إلى استعمال القلم! (12) والوثائق في الموقع أغلبها باللغة الهولندية، لكن يمكن مشاهدة هذا الفيديو المترجم إلى الإنكليزية (13) لمعرفة بعد المشكلة وخطورتها، حتى في بلد مستقر ومتقدم مثل هولندا! الفلم يبين عملية تغيير برنامج الحاسبة ببرنامج "مغشوش" ويتم التصويت لجميع الأحزاب عدا واحد، لكن الحاسبة تجعل ذلك الحزب هو الفائز! إذن فالنتيجة تعتمد على البرنامج، فمن يعلم ما هو البرنامج الذي يحرك الحاسبات لدى المفوضية؟
في العراق لا تستعمل هذه الحاسبات، في التصويت مباشرة، رغم أن هناك مشاريع لذلك، وإنما توضع الحاسبة في نهاية السلسلة التي تمثل عملية التصويت وحساب الأصوات، وليس هناك أي فرق حقيقي بين الأثنين، إلا اللهم احتمال إعادة العد بواسطة اليد، ما لم يتم إتلاف البطاقات، بعد إدخال معلوماتها، وهي على أية حال، عملية تعود لتكرار الحساب باليد، مكررة الجهد الذي يفترض أن الحاسبة وفرته لنا.
لذلك فأن كل الإجراءات تصبح عديمة المعنى حين تنتهي العملية بثغرة لا حدود لها، تمكن من تغيير النتائج وتسقط كل الإجراءات. إن الحاسبات كارثة في أية انتخابات، إنها بحد ذاتها تخريب وتدمير للإنتخابات ولا مبرر لها على الإطلاق، فالدول التي لا تستعمل الحاسبات تنتهي من العد بنفس اليوم، وبثقة أكبر كثيراً , وبشكل يمكن مراجعته وبرهنة صحته أو خطئه، بينما يسلم صاحب الحاسبة مصيره إلى من صنع الحاسبة ومن كتب البرنامج من شركات، هي آخر من يمكن أن يؤتمن على مثل هذا الأمر.
إنني لا أتهم في هذه المقالة أية جهة بالتزوير، إنما أشير إلى ثغرة في النظام يمكن أن تغير النتائج بشكل كبير، إن أراد أحد أن يستعملها. الآن تدافع كتلة دولة القانون عن الإنتخابات عن نزاهة الإنتخابات، ليس لأنها الجهة الحكومية، وإنما لأنها الجهة الفائزة، ويهمها أن تحتفظ الإنتخابات بمصداقيتها، بينما تقف بقية الكتل بدرجة أو أخرى ضدها. وهنا لا أقف بالضد من دولة القانون، ولا أقول أنها من يمكن أن يقوم بالتزوير، بل ليس من المستبعد أن يتم التزوير ضدها لحرمانها من كامل تفوقها، ولصالح من يسيطر على التكنولوجيا التي تستعملها المفوضية، ولا أحد يستطيع ذلك في العالم كله خير من الولايات المتحدة، دولة الإحتلال والتي عبرت عن حماسها للتدخل في الإنتخابات العراقية بشكل لم يسبق له مثيل هذه المرة!
ليس هناك أية إمكانية لتغيير الحالة هذه المرة، إنما أدعو وبإلحاح، جميع الكتل النيابية، إلى الإنتباه إلى هذه النقطة والعمل على تجنب الحاسبة في أي شيء يتعلق بالإنتخابات والتصويت والقرعة، فالحاسبة ليست "جهة محايدة"، بل هي متحيزة تماماً، لمن صنعها، ومن يستطيع توجيهها، وقد تدفع أية كتلة ثمن ذلك، وفي كل الأحوال فأن الديمقراطية العراقية ستدفع الثمن في كل مرة.
______________________________
* المهندس صائب خليل الراوي: مهندس حاسبات وإلكترونيات وكاتب صحفي عراقي من الراوة مقيم في هولندا
الهوامش التي استند إليها الكاتب:
|
|
|
|
|