|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 50367
|
الإنتساب : May 2010
|
المشاركات : 299
|
بمعدل : 0.06 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
هل يكره ساسة المنطقة الخضراء مواطنيهم؟
بتاريخ : 18-06-2012 الساعة : 04:05 AM
هل يكره ساسة المنطقة الخضراء مواطنيهم؟
د. حامد العطية
تضمنت دعوة الإمام الحسين عليه السلام على المتخاذلين من أهل الكوفة أن لا يرضى الولاة عنهم أبداً، ولا اقتران للمحبة مع عدم الرضا، لذا فالوالي غير الراضي عن رعيته هو بالضرورة كاره لهم، وللكراهية مظاهر متنوعة من المواقف والتصرفات، منها التقليل من عقلانية الرعية وحتى وصمهم بالحمق والغباء، وتسفيه عقائدهم وعاداتهم، وازدراء تراثهم، وتحقير رؤسائهم، وتفضيل الأجانب عليهم. والحاكم غير الراضي عن رعيته من أسوء أنواع الحكام، إن لم يكن أسوءهم على الإطلاق، يظلم رعيته، يسلط عليهم أعوانه وجلاوزته، يرهقهم بالضرائب، ويستعمل الأموال العامة لتحقيق أغراضه ويبددها على ملذاته، وقد لا يتردد في اثارة النزاعات فيما بينهم، والزج بهم في حروب لا طائل من وراءها.
هل يشك أحد بكراهية الحجاج للعراقيين؟ وبالأمس القريب طفح حقد الطاغية صدام على العراق، ولم تشفي غليله حربان ضروستان وحصار مهلك، وتركه لقمة سائغة للمحتلين الأمريكيين ولاذ بحفرته، وتاريخ العراق ما بين الحجاج وصدام حافل بالحكام الذين تصرفوا بالعراق مثل غنيمة، وتعسفوا في معاملة سكانه.
يحكم العراق اليوم ساسة منتخبون، فهل يحبون العراقيين الذين أوصلوهم إلى سدة السلطة؟
أجزم بأن معظم الساسة الأكراد لا يحبون العراق، وهم لا يخفون ذلك بالفعل والقول، في تصريحاتهم اتهام سافر لكل العراقيين العرب - لا الطغاة وأعوانهم فحسب - بالمسؤولية الكاملة عن كل ما حاق بهم من ظلم، وكأنهم وحدهم المظلومون في العراق، وهم فعلياً رسموا حدود منطقتهم ووضعوا الحواجز بينهم وبقية العراق وأهله، ولهم دستورهم وعلمهم وجيشهم ومؤسساتهم السياسية المتكاملة، ويقايضون الشعرة الواهية التي ما زالت تربطهم بالعراق بحصة دسمة من عائدات البترول وقائمة طويلة من المناصب السياسية والإدارية الرفيعة.
يتصرف بعض ساسة العراق من السنة على أساس قاعدة من بعدنا فليأت الطوفان، لذا عندما انتهى عهد احتكار فئتهم للسلطة وشاركتهم الفئات الأخرى في الحكم أغرقوا العراق في الطوفان، على كل الصعد، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، طالبوا بحصة من السلطة تتجاوز استحاقهم العددي فكان لهم ما أرادوا، واشترطوا التجاوز عن جرائم أزلام النظام البعثي الطاغوتي، فاستجاب لهم المتخاذلون الكارهون للعراق وأهله، في المنطقة الخضراء، واستبدلوا قانون اجتثاث البعث بالمسائلة والعدالة، لكن ذلك لم يرضيهم وخرج كبيرهم ليصرح بأنه "قانون المسائلة واللاعدالة"، وهو محق في كونه غيرعادل، ولكن بحق ضحايا النظام البعثي البائد لا أزلام النظام، وأعيد المجتثون من البعثيين لمناصبهم السابقة ليعودوا إلى سيرتهم الأولى في الفساد والإفساد، وفي الوقت الذي كانوا يشاركون في العملية السياسية بهدف تعطيلها وتخريبها نشط أتباعهم وشركائهم في تنفيذ العمليات الإرهابية، واستقدموا لها المهووسين من العرب وغيرهم ليقترفوا أبشع الجرائم الإرهابية الطائفية بحق المدنيين العزل الأبرياء من رجال ونساء وأطفال، مما أدى إلى تخلخل وانفصام روابط القربى والجيرة بين أبناء الطوائف واضعاف البنية الاجتماعية للعراق، وبعد فهل بقي في قلوبهم ذرة من حب للعراق أو أي أمر سوي؟
بعض الساسة من الشيعة كارهون للعراق أيضاً، وخاصة أولئك الذين عادوا بعد الاحتلال الأمريكي وسقوط النظام البعثي، وقد امضحلت وطنيتهم وحبهم لمواطنيهم، بسبب سنوات المنفى الطوال، وما تعرضوا خلالها من اذلال وفاقة وحرمان، فارتضوا التعاون مع المحتلين، وخدروا مشاعر الناس بشعار المقاومة السلمية المزيف، وبرروا انصياعهم لإرادة المحتلين بأنه السبيل الوحيد لضمان مشاركة الشيعة في الحكم، وهم كاذبون، وما ان اعتلوا سدة الحكم حتى قربوا الأقارب والمحسوبين والمنافقين وارتضوا عودة البعثيين وتستروا على سارقي المال العام والفاسدين والمرتشين، ووظفوا أصحاب الشهادات المزورة، وأداروا ظهورهم للمرجعية الدينية، وتشددوا مع المحرومين والفقراء، وتساهلوا مع الإرهابيين والبعثيين، وتقربوا للحاقدين على المذهب وأتباعه من حكام دول الجوار.
مضى اكثر من تسع سنوات على سقوط النظام الطاغوتي، وتبددت آمال العراقيين بالتغيير والتنمية، وتبين لهم بأن الديمقراطية مجرد واجهة مزيفة، يختبأ وراءها متسلطون جدد، تستشف من كل قراراتهم وتصريحاتهم وتصرفاتهم حقداً دفيناً على هذا البلد واحتقاراً واستخفافاً بشعبه.
تتحقق دعوة الأمام الحسين عليه السلام عندما يكون الأتباع منقادون لحكامهم الظالمين، ومن صفات الحاكم المستبد عدم الرضا، فلو كان راضياً لتعامل مع رعيته بالمودة واللين، لذا فالعراقيين مدعوون للتخلص من هؤلاء الحكام الساخطين عليهم واستبدالهم بآخرين اشد مخافة لله وأكثر عدلاً وانصافاً وقرباً للناس وحب الخير لهم، وإلا فكما يكونوا يولى عليهم.
17 حزيران 2012م
|
|
|
|
|