العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 11  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 10:58 AM


الأمر الخامس‏

لا شكّ في أنّ العلماء ليسوا معصومين وليسوا منزّهين عن الهفوات. يقول الشيخ مرتضى المطهّري (ره) تحت عنوان (فكرة العوام حول الكريّة واعتصام العلماء) متحدّثاً عن وضع العلماء ونظرة الناس إليهم، ما ترجمته:

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 47

«إنّ بعض الناس يتصوّر أنّ تأثير الذنب على الإنسان يتفاوت بين فردٍ وآخر، بحيث تؤثّر المعصية في الإنسان العادي وتخرجه من حالة التقوى والعدالة، ولكنّها لا تؤثّر في طبقة العلماء، لأنّهم يتمتّعون بحالة من الكريّة والاعتصام، نظير ما في الماء القليل والكثير؛ فإنّ الماء الكثير إذا بلغ قدر كرٍّ لم ينجّسه شي‏ء؛ مع أنّ الإسلام لا يقول بكريّة أحد ولا باعتصامه ...» «1». وحول عدم ارتفاع طبقة العلماء الكبار عن النقد يقول (ره) في أجوبته عن النقود الموجّهة إلى كتابه (مسألة الحجاب) ما ترجمته:
«أنا كانت لديّ مجموعة من الانتقادات، وقد صرّحت في بعض كتاباتي بأنّ المراجع ليسوا فوق النقد بحسب المفهوم الصحيح لهذه الكلمة، وكنتُ ولا زال أعتقد بأنّ كلّ من ليس معصوماً ويترفّع بنفسه عن الانتقاد ففي ذلك خطرٌ عليه وعلى الإسلام. وأنا بطبيعة الحال لا أزكّي نفسي وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ «2»، ولكن ما أعرفه هو أنّي حفظت لساني عن التعرّض لأحد بسوء، خصوصاً إلى طبقة المراجع، حتّى عن الذين وصلني منهم سوء، هذا مع عدم التقائي مع العوام في اعتقادهم بأنّ كلّ من وصل إلى مقام المرجعيّة فهو مورد عناية إمام الزمان (ع) الخاصّة، وأنّه مصون عن الخطأ والذنب والفسق. وإلّا، إن كان الأمر كذلك، فَقَدَ شرط العدالة موضوعه» «3».
إلّا أنّنا مأمورون بالتريّث في إصدار الأحكام، وأن نراعي في مقام بلورة ردّات الفعل دوائر الأحكام الشرعيّة واللياقات، فلا يجوز الطعن في دين أحد في حال من الأحوال .. ولتكن الحريّة التي نتحلّى بها في النقاش مقيّدة بما تفرضه القيود الشرعيّة، ويتطلّبه البحث العلمي والأخلاقي.

الأمر السادس‏

لم يعد خافياً على أحد أنّ الحوزة العلميّة تشتمل على تيّارين مختلفين في طريقة تعاملهما وتفاعلهما مع فكرة العمل الإسلامي وإقامة الحكومة الإسلاميّة، إضافةً إلى الموقف من وظيفة المرجع ودوره في عصر الغيبة. ومن هنا، فما قد لا يستحسنه القارئ من أعمال معروضة في الكتاب قد يكون ناتجاً عن الاختلاف في كبريات العمل مع الشخص الوارد ذكره في الكتاب. ومهما كان رأي القارئ في ما يقرأ، ومهما كانت الدرجة التي وصل إليها في قناعاته إزاء حدثٍ أو شخص، فليترك حيّزاً من (المعذريّة) للطرف الآخر في ما اعتقده أو قام به. وعلى هذا الأساس لا أجدني مجبراً في كلّ موردٍ مبرّرٍ عند أصحابه أن أشير إلى هذه المسألة، وليعتبرها القارئ من الكبريات التي يستطيع تطبيقها في كثيرٍ من الموارد التي جاءت في الكتاب.
وإلى جانب ذلك، أطلب من القارئ الكريم أن يأخذ بعين الاعتبار أنّ هناك تفاوتاً بين العلماء في مستوى الوعي والاهتمامات، وهذا ليس افتراءً، وإنّما هو تقريرٌ لواقع ملموس، ولا أحسبني مطالباً أمام أبناء جلدتنا بالبرهنة على ذلك.
ولكن يحلو لي ذكر حادثتين: إحداهما ذكرها لي أحد السادة أثناء تشرّفه بزيارة النجف الأشرف‏

__________________________________________________
(1) اصل اجتهاد در اسلام (فارسي)، مجموعه آثار20 : 176؛ وانظر: محاضرات في الدين والاجتماع: 529. وفي تتمّة الكلام ما يرتبط ببحث العصمة
(2) يوسف: 53
(3) پاسخهاى استاد به نقدهايى بر كتاب مسأله حجاب (فارسي)، مجموعه آثار19: 623؛ أجوبة الأستاذ: 148- 149.


السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 48

بعد سقوط نظام البعث، حيث التقى بأحد المراجع المعاصرين المقلَّدين هناك، وبعد أن أكّد لي على تقوى الرجل العالي وورعه وطيبته و ... ذكر لي أنّه بينما كان يبدي لوعته من الوضع الجديد الذي خيّم على العراق، كان ذاك العالم يشكر الله تعالى لأنّ بيته موجود، ودرسه قائم.
كما سمعتُ من أحد معارفي أنّه اعترض على أحد كبار المراجع المعاصرين في قم بأنّ أهالي المنطقة الفلانيّة يشكونه إلى الله تعالى لعدم إرساله العدد الذي يفي بحاجاتهم من المبلّغين، فيجيبه متعجّباً بأنّه سبق وأن أرسل إليهم نسخاً من رسالته العمليّة!!
فهذان نموذجان من اتّجاه نسلّم له بالتقوى والعدالة على المستوى الشخصي، ومتى ما أمّوا الصلاة اقتدينا بهم، ولكنّ كلامنا في ما يصطلح عليه السيّد الصدر (ره) بـ «العدالة الوظيفيّة» التي لا ملازمة- عنده (ره)- بينها وبين «العدالة الذاتيّة».
وعلى الضفة المباينة يقف عددٌ من العلماء ذوي رؤى وآفاق مختلفة تماماً. وتعقيباً على المثال الأخير الذي سقناه، نجد السيّد الصدر (ره) يكتب في إحدى رسائله الخطيّة:

«إنّ المسألة- كما أظنّكم تعرفون بفهمكم الاجتماعي المعهود للأمور- [ليست‏] مسألة منشور يكتبه الإنسان في السرداب فيقرأه الآخر في السطح فيهتدي، بل هي مسألة تفاعل وعلاقات وتأثير»«1»؛ فبينما يعتبر الفهم الاجتماعي إحدى بديهيّات العمل وحاجاته عند السيّد الصدر (ره)، قد لا يكون لهذه المقولة تعريفٌ واضحٌ في قاموس ذاك.
يقول السيّد محمّد حسين الطباطبائي (ره) ما ترجمته:
«ألا يجب علينا في عالمٍ مثل عالمنا الذي نعيش فيه، حيث تركّزت قدرات الاستقلال المادي المعنوي بيد خصومنا الألدّاء، أن نبادر لنصرة حقائق هذا الدين ونسعى لإحياء كلمته؟ أم يجب علينا أن نترك هذه الأمانة الإلهيّة الثمينة لعبةً تتقاذفها أفكار الخصوم وتلوكها ألسنتهم وتعبث بها أقلامهم، لنجلس نحن في بيوتنا ونمضي الأيّام بحياتنا المعيشيّة بحجّة أنّ للدين صاحباً! فالله عزّ اسمه هو حافظ هذا الدين، والإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) صاحبه! لذلك ليس علينا سوى أن نَكِلَ الأمانة (الدين) إلى الله وإلى الإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، ثمّ نتوجّه بالخطاب إلى ساحة الإمام المقدّسة ونقول: [فَاذْهَبْ‏] أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ «2»، ترى ما هو دخل حفظ الله للدين وحراسة الإمام له بوظيفتنا العبوديّة؟ ...» «3».
إنّ هذا التفاوت في مستوى الوعي ونوعيّة الهموم المعاشة، سينعكس- لا محالة- على سيرة هؤلاء العلماء، وسيؤدّي إلى بروز أنحاء من الاختلافات في ما بينهم. ومن هنا وجدتُ مناسباً الإشارة إلى أنّ قسماً من الاختلاف يرجع إلى هذا النقطة.
وتتميماً لهذه المسألة، لا بأس بالإشارة إلى القطيعة الموجودة بين هذين الاتّجاهين في ما يتعلّق‏

__________________________________________________
(1) تجدها بإذن الله تعالى في إحدى رسائله سنة 1396 هـ
(2) المائدة: 24
(3) الشيعة .. نص الحوار مع المستشرق كوربان: 231؛ وانظر الأصل الفارسي في: شيعه .. مجموعه مذاكرات با پروفسور هانرى كربن (فارسي) : 207.


السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 49

باطّلاع كلٍّ منهما على فكر الآخر. ونحن لا نريد تبرئة أتباع التيّار الإصلاحي المتّهمين بعدم اطّلاعهم الكافي على التراث. ولكن إذا اقتصرنا في عرضنا على الرموز، فإنّ رموز التيّار الإصلاحي- في دائرته الضيّقة- معترفٌ لهم بتمكّنهم من التراث، إلّا أنّني- وبحسب ما أجد- لا أرى مزيد اهتمام من الطرف الآخر بالاطلاع على نتاجاتهم وآرائهم. ولهذا أجد- في معايشاتي اليوميّة- الكثير من المعجبين بفكر السيّد الصدر (ره) الأصولي وفكر الشهيد مطهّري (ره) الفلسفي، ولكنّهم ليسوا على استعداد للاطلاع على نتاجاتهم وآرائهم في ما يتعلّق بما خرجوا به عن الوضع الرتيب. وقد عزّز هذا الواقعَ المزاوجةُ الحاصلة بين التغيير في المجال الإداري والفقهي والحكومتي والدراسي وبين الانقلاب في المجال العقائدي، ما يساهم في انكفاء الطالب عن ذلك، مع أنّه لا ملازمة بين المجالين على الإطلاق.
وفي ما يتعلّق بالسيّد الصدر (ره)- موضوع دراستنا- نقل لي أنّ أحد المراجع ردّ في درسه إشكال أحد طلبته الذي لجأ فيه إلى حساب الاحتمال- الذي يستخدمه السيّد الصدر (ره) بكثرة- معلّلًا بأنّ «ما جاءنا من الغرب نردّه إليه‏». وعبّر أحد مدرّسي الفلسفة عن هذه النظرة في تعبيره بأنّ نظريّة الاستقراء قد أتى بها السيّد الصدر (ره) من «ألعاب القمار»!!
ونحن نسأل: هل هذا تشويه عفوي، أم أنّه لجوءٌ عمدي إلى نفور المتشرّعة من الغرب ومن القمار لقلب الطاولة على أطروحة الصدر الذي لا ذنب له سوى أنّه استخدم مصطلحاً خلت منه كتب القوم، ولم يذكره الشهيد الثاني في فقهه أو الوحيد البهبهباني في أصوله؟! وعلى ماذا يعتمد الفقهاء- ومنهم فقيهنا- في حياتهم اليوميّة وفي تجميعهم للقرائن في بحوثهم الفقهيّة والرجاليّة؟ وهل أنّ تكوّن البذور الأوليّة لنظريّة الاحتمال الرياضيّة في مناخ ألعاب الحظ والقمار، بدءاً من لوسا باسيولي وجيرولاموا كاردانو ونيكولو فونتانا تارتاجليا، مروراً بجاليليو جاليلي في أجوبته الرياضيّة عن أسئلة صديقه المقامر، وصولًا إلى بليز باسكال في جوابه عن سؤالي شيفلييه دي ميريه المتعلّقين بالقمار كذلك .. هل هذا التكوّن التاريخي يجوّز لنا تسطيح المسألة التي تغيّرت ماهيّة البحث فيها بشكل شبه كامل في مطلع القرن العشرين مع هنري بوانكاريه وألفرد نورث وايتهد وبرتراند رسل وريتشارد فون مايسز وهانز رايشنباخ وجون ماينار كينز وأندريه كولموغوروف وكارل بوبر وشارلي دنبر برود وردولف كارناب وغيرهم الكثير .. لتصبح من أعقد وأعوص المشكلات التي يواجهها البحث الفلسفي للفكر البشري عموماً .. هل هذا التكوّن يجوّز تسطيح المسألة إلى هذا الحد؟!
إنّ القطيعة إلى هذا الحد غير قابلة للتحمّل، وإذا قدّر لها البقاء، فالحلُّ الناجع هو أن يلتزم كلُّ طرف الصمت تجاه أطروحات الطرف الآخر ..

الأمر السابع‏
رجوعاً إلى أصل الموضوع، نجد أنّ الناس قد انتهجوا أحد منهجين، كلاهما لا يخلو من عيب:

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 50

أ- فهم إمّا يغمضون أعينهم عن الواقع وينظرون إلى كائناته بنظّارات ميتافيزيقيّة، ليقنعوا أنفسهم بأنّه واقع مثالي .. وهذا ممّا ينعكس سلباً على وعيهم بدرجة كبيرة، لينعكس ذلك بدوره سلباً ولمرّة أخرى على الواقع نفسه. وهو الحال عند كثيرٍ من الناس وطلبة العلوم الدينيّة.
ب- وإمّا يتسرّعون ويتساهلون في الطعن بدين الناس، لتخرج مسألة التبصّر والنقد عن إطارها الرسالي والتربوي- الذي هو غايتها الأصيلة- إلى إطار التشهير المحض.
وهنا بالذات كلامٌ للسيّد الصدر (ره) يحاكي المسألة من بعيد، حيث يقول:
«وأنا أرى من فضول القول أن أتحدّث عن صحّة التنظيم وضروراته بالنسبة إلى الحوزة لعلاقتها بمستقبلها، فإنّ هذا أعتبره أمراً ضروريّاً لا ينبغي تركه، كما أنّي أعتبر أنّ المستوى الفكري الذي أعيشه معكم قد تعدّى مرحلة النزاع حول صحّة ذلك، وإنّما أتيت بموضوع النظام لكي أنبّه على نقطة مهمّة، وهذه النقطة هي أنّ دعاة التنظيم في الحوزة وأنصار هذه الفكرة لا ينبغي لهم الغلوّ في التحمّس لهذه الفكرة حتّى تصبح هذه الفكرة عندهم غاية ووسيلة تخرج الفكرة التنظيميّة عن حدودها الصالحة، وتعتبرها الحدّ النهائي، وهذا هو موضع الخطر» «1».
ج- وأكاد أرى تغييباً كبيراً لمنهجٍ ثالثٍ أحقّ بالتبنّي، وتتلخّص معالمه في ضرورة وعي الواقع على ما هو عليه، والإقرار قولًا وعملًا بأنّ العصمة لأهلها، والاعتراف بأنّ علماءنا ليسوا معصومين، وبأنّهم ليسوا طينةً واحدة، وبأنّ مسيرتهم حافلة بالاختلاف هنا وهناك، لكن دون أن يستلزم ذلك الطعن بدين أحد منهم، ومحاولة إيجاد العذر الشرعي حتى مع عدم المصادقة على صحّة العمل بنظر أحدنا، ثمّ تمييز حسنات هذا الواقع عن قبيحه، وتبنّي الحق وتولّيه، ورفض الباطل والتبرّئ منه، والعمل قدر المستطاع على رفع ما يُمكن الوقوف عليه من عيوب.
وكما ألمحنا إليه سابقاً، فإنّ غياب الإمامة المعصومة القائمة بالفعل يجعل لافتراض اجتماع الخطأ مع براءة الذمّة حيّزاً واسعاً، إضافةً إلى ما أمرنا به في الأصل من التريّث والحمل على الأحسن قدر المستطاع .. الأمر الذي يستوجب الأناة في إصدار الأحكام، وهو- أي إصدار الأحكام- أمرٌ لشدّ ما ابتعدت عنه.
ولا بأس هنا بالإحالة إلى نصٍّ يسجّل فيه الإمام الخميني (ره) شيئاً ممّا يتعلّق بما نحن فيه؛ فهذا الرجل الذي شدّد على عدم التشاغل بالتناحرات الداخليّة وتشهير بعضنا البعض «2»، حمل في الوقت نفسه وبشكلٍ واضحٍ وعنيف على تيّار سائدٍ في الحوزة العلميّة «3»، وشدّد على ضرورة كتابة التاريخ كما وقع ودون كتمان الحقائق، ولو أدّى ذلك إلى تضرّر بعض الناس «4»، وهو ما يُفهم من كلام الإمام الخامنئي المتقدّم في دعوته إلى إفهامهم بأنّ هذا المريض مريضٌ حقّاً.
__________________________________________________
(1) من محاضرة للسيّد الصدر (رحمه الله) سنة 1385 هـ تنشر قريباً ضمن كتاب (ومضات) عن المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر (قدس سره)
(2) الجهاد الأكبر: 30- 40
(3) وسيأتيك في هذه المقدّمة بعض كلماته حول ذلك‏
(4) نهضت امام خمينى (فارسي)، ط 15، 1: 11 - 12. وقد تقدّم النصّ في مطلع الكتاب، ولعلّه يتكرّر لاحقاً.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 12  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 10:58 AM


السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 51

الأمر الثامن‏
وأخيراً أشير إلى فائدة الثقافة التاريخيّة ومساهمتها في التخفيف من حدّة الأزمات النفسيّة التي قد يولّدها الاصطدام مع الواقع الخارجي ومعطياته.
ودعونا هنا نعرّج مباشرةً على ما يرتبط من الكتاب بهذا الجانب، فإنّنا قد نورد بعض الروايات التي قد لا يستسيغها القارئ- وإن كنّا قد نبّهنا على أنّنا لا نتبنّى كلّ ما نورده- فيردّها لمجرّد تصادمها مع بعض المسلمّات التي لا يصادق على سلامتها الواقع الخارجي. ومنهجنا في التعامل مع أصل الجامع الذي تجتمع حوله الأخبار قائمٌ على حساب الاحتمالات، وإليك بعض النماذج:

المثال الأوّل:
يحضرني الآن مثالٌ أوردناه ضمن أحداث سنة 1387 هـ: فقد حدّثني الأستاذ محمود سالم صاحب دار الفكر ببيروت بأنّه كان يزور السيّد الصدر (ره) مرّتين في السنة تقريباً، وقد بقي على ديدنه هذا حتّى بعد طلب السيّد الصدر (ره) منه التوقّف عن طباعة كتبه نتيجة بعض الحرج الذي وقع فيه (ره) مع دار أخرى. وذات مرّة وصل الأستاذ سالم إلى منزل السيّد الصدر (ره) عند الظهر في وقتٍ لم يره مناسباً للزيارة، فقصد حرم الإمام علي (ع) ريثما يصبح الوقت ملائماً. وقد تأذّى هناك من مشهد قابضي النذورات وغيرهم من المعتاشين على هذه الأمور. وعندما التقى بالسيّد الصدر (ره) أخبره بما جرى معه، فبادله (ره) استياءه هذا، فقال له: «سيّدنا، أنتم العلماء، أليس من واجبكم الردع عن هذه الأمور؟!»، فتبسّم السيّد الصدر (ره) وأجابه بكلّ شفافيّة: «إنّ مشكلة علماء السنّة هي أنّهم توظّفوا عند الدولة، فهم عنها ساكتون، ومشكلتنا نحن أنّ وارداتنا من عامّة الناس، فنسكت عنهم قليلًا».
قد يسارع بعض القرّاء لردّ هذه الرواية مع ما تحمله، لمجرّد إشعارها بأنّ العنصر المالي دخيلٌ في تحديد مسار بعض سياسات المرجعيّة. وأنا أقدّر شعور هذا الصنف من القرّاء، لأنّني أعي تماماً طبيعة البيئة التي تكوّنت فيها قناعاته، ولكنّي على الصعيد الشخصي تجاوزت هذه المرحلة ولم أعد أشعر بأزمة نفسيّة إذا طرقت سمعي هذه الحكايا، لأنّني وبكل بساطة استطعت الجمع بين الإيمان العملي بعدم عصمة من لم تثبت عصمته، وبين محاولة تبرير الدوافع متى كان مجالٌ لذلك، والمجال واسع .. ولستُ أدري حقّاً ما المشكلة في أن نفترض صحّة رواية من هذا القبيل- طبعاً بعد الإيمان بأنّ الإمكان لا يكفي في نفسه مبرّراً للبناء على الصحّة إذا لم تتوفّر المبرّرات الموضوعيّة لذلك- ونفترض في الوقت نفسه أنّ الذين راعوا عوام الناس كانوا فعلًا بانين بأنّ المصلحة الدينيّة من وراء مراعاتهم والحفاظ على مقدّرات المؤسّسة المرجعيّة أكبر من مفاسد مقاطعتهم؟! ما المشكلة في ذلك حتّى لو اعتقدنا مثلًا بأنّهم مخطئون وبأنّ المفاسد هي الأعظم؟! طبعاً، جواب السيّد الصدر (ره) هذا ممّا يُمكن تأييده بحوادث أخرى:
1- فالشهيد مرتضى المطهّري (ره) يشير إلى الموضوع بالشفافيّة نفسها وبالوضوح نفسه، حيث يعترف بأنّ من العناصر الإيجابيّة للعامل المالي لدى الشيعة استقلال المؤسّسة الدينيّة عن الدولة وقدرتها على الوقوف بوجهها، ولكن من عناصره السلبيّة حمل العلماء على مراعاة أذواق عوام‏

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 52

الناس ومعتقداتهم، والحفاظ على حسن ظنّ هؤلاء الناس بهم «1»، وعندما يتحدّث (ره) عن ذلك- وهو المعايش والمعاين لشؤون المرجعيّة عن قرب- فهو لا ينطلق في حديثه من فراغ.
2- وعندما تمّ تدشين مدرسة (الخان) التي تولّى بناءها وإدارتها من قبل السيّد حسين البروجردي (ره) الشيخ مجتبى العراقي، وتمّ تعيين السيّد بدلا والشيخ عبد الحسين الدشتي وشخصين آخرين لإعانة الشيخ العراقي في إدارة المدرسة، تمّ إدخال اللغة الإنجليزيّة مادةً للتعليم. ولمّا عُرض ذلك على السيّد البروجردي (ره) استحسن الفكرة قائلًا: «من يعرف لغة واحدة فهو شخص، ومن يعرف لغتين فهو شخصان، ومن يعرف ثلاثاً فهو ثلاثة أشخاص‏».
ولكن سرعان ما التقى به أحد الأشخاص وقال له: «إذا علم الناس أنّك تبذل أموالهم في سبيل تدريس اللغة الأجنبيّة فستسقط من أعينهم‏»، فاقتنع (ره) بذلك وأعرض عن الفكرة «2».
3- وإذا عدنا قليلًا إلى الوراء، سنجد قريباً منه ما يذكره السيّد محسن الأمين (ره) في ترجمة السيّد حسين ابن السيّد دلدار علي ابن السيّد محمّد معين الدين النقوي النصيرآبادي الرضوي اللكهنوئي، حيث يقول:
«لمّا وصل مجلّد الصلاة من كتابه مناهج التحقيق إلى صاحب الجواهر كتب فيما كتب إليه: (بالله أقسم أنّها كاسمها، إذ هي منهج التدقيق لمن أراد إلى التدقيق سبيلًا، ومعارج التحقيق لمن رام على التحقيق دليلًا، وهداية الحق لطالب الحق، ونجاة الصدق لمريد الصدق. كيف لا! وهي من مصنّفات فرع تلك الذات الملكوتيّة، وغصن تلك الشجرة الزيتونيّة المتبحبح من الأبوّة بين الإمامة والنبوّة، الإمام ابن الإمام، والهمام ابن الهمام، لا يقف على حدٍّ حتّى ينتهي إلى أشرف جدّ، ذريّة [بعضها] من بعض، والله سميع عليم. ولمّا وصلت إلينا رتعت النواظر في خمائل رياضها الزاهرة، وابتهجت الخواطر بتحقيقاتها الباهرة ... إنّ رجائي ممّن هو كعبة رجائي أن ترسلوا باقي أجزاء المناهج إن كانت له بقيّة، وإلّا فمأمولي والتماسي السعي في إتمامه، فإنّني رأيته ما بين، فقد اشتمل على مزيد التحقيق. ولعمري لهو بذلك حقيق، فالتماسي لكم بل إلزامي إيّاكم الجدّ في ذلك ليقرّ به ناظري ويبتهج به خاطري ...)».
ويعلّق السيّد الأمين (ره) قائلًا:
«وأنت ترى في هذه الكتابة أثراً ظاهراً لمراعاة المصلحة العامّة؛ فصاحب الجواهر يطلب ويؤكّد أن ترسل بقيّة الأجزاء إليه، فهل كان في حاجة إليها؟! وإذا كان يرسل بواسطته ثمانين ألف ليرة عثمانيّة إلى الشيخ لإيصال الماء إلى النجف، وإن لم يساعد التوفيق على وصوله، وألوف الروبيّات لتفضيض ضريح العباس (ع)، وتعمير قبري مسلم وهانئ كما يأتي، فلا حرج على الشيخ في ما كتب» «3».
__________________________________________________
(1) مشكل اساسى در سازمان روحانيت (فارسي) : 299- 300؛ وانظر: محاضرات في الدين والاجتماع: 554
(2) مجلّه حوزه (فارسي)، شماره (43) : 167، مصاحبه با حاج آقاى مجتبى عراقى؛ چشم وچراغ مرجعيت .. گفتگو با شاگردان آيت لله بروجردى (فارسي) : 175. والمصدر الثاني هو عين المصدر الأوّل ولكن بعنوان آخر، فما ورد في (يادنامه شرق، ضميمه رايگان تاريخ وانديشه، شماره 12، ويژه آيت الله بروجردى، فروردين85 : 16) نقلًا عن المصدر الثاني من أنّ إعراض السيّد البروجردي (رحمه الله) عن المشروع كان نتيجة اعتراض التجّار والمؤمنين ليس دقيقاً، بل الوارد ما أوردناه في المتن‏
(3) أعيان الشيعة (ط. ق) 9: 173.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 13  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 10:59 AM


السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 53

وعن هذه المسألة في شقّها المرتبط بأهل السنّة، يقول الشيخ محمّد رشيد رضا صاحب (المنار) :
«إنّ للعلماء من الاحترام والنفوذ الروحي في بلاد الأعاجم ما ليس لهم في البلاد العربيّة، وإنّ احترامهم في بلاد الفرس أشدّ منه في سائر بلاد العجم؛ فإنّ الحكّام ليس لهم عليهم من السلطة هناك مثل ما لغيرهم من حكّام المسلمين، وما أزال الملوك والأمراء احترام العلماء ومحو نفوذهم- حاشا ما كان منه مؤيّداً لهم ومعيناً لاستبدادهم- إلّا بما اخترعوه لهم من الرتب العلميّة وكساوي الشرف الوهميّة، وبما جعلوا من موارد أرزاقهم في تصرّفهم، فصار رزق العالم وجاهه الدنيوي بيد الأمير أو السلطان، وهما الرسنان اللذان يقودون بهما طالب المال والجاه من العلماء إلى حيث شاءوا، فإذا أمكن لطلّاب الإصلاح الإسلامي أن يبطلوا هذه الرتب العلميّة وما لها من الشارات، ويخرجوا أرزاق علماء الدين من أيدي الحكّام فإنّهم يحرّرون العلماء من رقٍّ يكون مقدّمةً لإصلاح الأمّة كلّها» «1».

المثال الثاني:
وربّما أوردنا في الكتاب ما يُستفاد منه تحفّظ العلماء على إبداء ما يتوصّلون إليه من فتاوى مراعاةً للناس، وهو ممّا يثير حفيظة الكثيرين. ولكنّه على أيّة حال ليس ممّا يتفرّد به الكتاب:
1- فها هو الشيخ محمّد جواد مغنيّة مثلًا يقول لدى حديثه عن طهارة أهل الكتاب:
«وما زلتُ أذكر أنّ الأستاذ قال في الدرس ما نصّه: (إنّ أهل الكتاب طاهرون علميّاً- أي نظريّاً- نجسون عمليّاً)، وأنّي أجبته بالحرف أيضاً: (هذا اعترافٌ صريحٌ بأنّ الحكم بالنجاسة عملٌ بلا علم)، فضحك الأستاذ ورفاق الصف، وانتهى كلّ شي‏ء. وقد عاصرتُ ثلاثة مراجع كبار من أهل الفتيا والتقليد، الأوّل كان في النجف الأشرف، وهو الشيخ محمّد رضا آل ياسين؛ والثاني في قم، وهو السيّد صدر الدين الصدر؛ والثالث في لبنان، وهو السيّد محسن الأمين، وقد أفتوا جميعاً بالطهارة، وأسرّوا بذلك إلى من يثقون به، ولم يعلنوا خوفاً من المهوّشين، على أنّ آل ياسين كان أجرأ الجميع. وأنا على يقينٍ بأنّ كثيراً من فقهاء اليوم والأمس يقولون بالطهارة، ولكنّهم يخشون أهل الجهل، والله أحقّ أن يخشوه» «2»، حتّى لو لم يكن اعتقادنا بالمسألة بالمستوى الذي صوّره (ره).
2- وقد قدّمنا في ما سبق رسالة السيّد الصدر (ره) التي يسجّل فيها موقفه من انعكاسات إفتائه بطهارة أهل الكتاب، وفيها إشارة إلى ما نحن فيه.
3- كما أنّ للشهيد مطهّري (ره) كلاماً متعلّقاً بدواعي كتمان الفتاوى عن الناس تحت عنوان (كتمان يا اظهار؟) «3».

المثال الثالث:
قد يجد القارئ في هذا الكتاب بعض الأحداث التي توحي- أو تصرّح- بأنّ لأبناء العلماء دوراً- يختلف خفّةً وشدّةً- في التأثير على سياسات آبائهم، وهو أمرٌ يلمسه أهل‏
__________________________________________________
(1) نامه ها واسناد سياسى- تاريخى از سيد جمال الدين الحسينى اسدآبادى (فارسي) : 198
(2) فقه الإمام جعفر الصادق1: 43
(3) مسأله حجاب (فارسي)، مجموعه آثار19 : 560

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 54

الداخل، وهو في قسمٍ منه أمرٌ طبيعي، ولكنّه أحياناً زائدٌ بمدّه عن حدّه. وفي هذا الصدد كلامٌ للشيخ محمّد جواد مغنيّة (ره)، ونحن وإن خالفناه في مستوى الشدّة وفي تصوير المسألة، إلّا أنّ كلامه ليس نابعاً من فراغ على أيّة حال، وربّما كان ناظراً في هذا النص إلى بعض المصاديق الخارجيّة التي عايشها (ره). يقول (ره) :
«وبهذه المناسبة نذكر أوجه الشبه بين بعض أولاد العلماء بالدين وأولاد إسرائيل، وهو الاسم الثاني ليعقوب:
قال أولاد بني إسرائيل إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ «1»، وبهذا الوصف ينعت بعض أولاد العلماء آباءهم إذا قالوا كلمة أو تصرّفوا تصرّفاً لا يعجبهم ولا يتّفق مع أهوائهم، حتّى ولو كان وحياً منزلًا.
وقال أولاد إسرائيل: اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوْ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ «2». وهكذا يفعل بعض أولاد العلماء، يتآمرون على الناصح الأمين، ويدسّون عليه الدسائس والمفتريات ليخلو لهم وجه أبيهم وللشياطين من أمثالهم، ثمّ يوحون إليه بما استوحوه من وسطاء الشر وعملاء الشيطان، ويقبضون الأجر بالعملة الصعبة والنقد النادر، وكلّما كان التأثير بالغاً تضاعف الأجر.
وجاء أولاد إسرائيل على قميص يوسف بِدَمٍ كَذِبٍ «3». وفي كل يومٍ يحمل بعض أولاد العلماء لأبائهم أحاديث وروايات ابتدعوها ظلماً وزوراً ينالون بها من مقام المخلص الأمين، ويرفعون من شأن الخائن العميل عند الوالد الكريم، ليأخذ منه ومنهم دون مراقبٍ ومعاتب «4».
وجاء أولاد إسرائيل أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ «5»، يسترون فعلتهم الشنعاء بالنفاق ودموع التماسيح. وتظاهر أولاد العلماء أمام أبيهم المقدّس بالتقى والقداسة كذباً ورياءً؛ لينخدع بدسائسهم ومؤامراتهم» «6».

المثال الرابع:
وإذا أوردنا من الروايات ما يُستفاد منه وجود خلافات بين العلماء، علت صيحات الاتّهام بالوضع والتزوير والتحامل ... باعتبار أنّ لدى الناس مصادرات أوليّة قبليّة حول الموضوع مفادها أنّ «العلماء لا يختلفون»، فكلّما ورد خبر يفيد اختلافهم، حملوه على هذه الكبرى الأوليّة التي لا مجال لمسّها بحسب الفرض، باعتبارها أوليّة، فيتمّ طرح الخبر. وهذا شبيهٌ ببحث المصادرات الذي وقع في فخّه المنطق الأرسطي، الذي حسب أنّ التواتر يفيد اليقين لاعتماده على كبرى عقليّة أوليّة مفادها «استحالة الاتفاق الدائمي»، إلى أن أتى دور السيّد الصدر (ره) الذي أرشد هذا المنطق إلى أنّ هذه الكبرى هي بنفسها وليدة حساب الاحتمال، وأنّها بَعديّة لا قبليّة، وأنّ حياتها تعتمد على مدى جود أو بخل الاحتمالات تبعاً للدرجة الذي يوصل إليها تراكمها.
وما نحن فيه من هذا القبيل؛ فإنّ إيماننا بقضيّة عدم اختلاف العلماء منوط بما يمنحه لنا
__________________________________________________
(1) يوسف: 8
(2) يوسف: 9
(3) يوسف: 18
(4) انظر إلى هنا: التفسير الكاشف 4: 293 - 294؛ صفحات لوقت الفراغ: 177
(5) يوسف: 16
(6) التفسير الكاشف 2: 294.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 55

الاستقراء، لا أنّنا نفترضها مصادرةً من عنديّاتنا ثمّ نحاكم على ضوئها أعداداً هائلة من الاحتمالات المتراكمة التي تنازعها. ومن هنا، فإنّ جولة تاريخيّة ستوصلنا إلى ما يكاد يبلغ حدّ التواتر الإجمالي بوجود خلافات من هذا القبيل، علماً بأنّ ما ينعكس في الكتب لا يعبّر بطبيعة الحال سوى عن جزءٍ يسير ممّا كان يجري، خاصّةً إذا لم يكن هناك قوّة إعلاميّة قائمة.
والخلافات التي نتحدّث عنها ليست ناشئة فقط من الاختلاف في وجهات النظر المتعلّقة بكبريات العمل السياسي والاجتماعي مثلًا، لأنّنا نلمس توتّر الأجواء حتّى في مقام البحث العلمي، حتّى أنّك تجد الشيخ صاحب (الجواهر) (ره) مثلًا يطيل البحث كثيراً في بحث الوجوب العيني لصلاة الجمعة، وممّا يقوله:
«ومن مضحكات المقام دعوى بعض المحدثين تواتر النصوص بالوجوب العيني»، وكذلك قوله: «ولقد وقفت على جملة من الرسائل المصنّفة في المسألة نسجوا فيها على منوال هذه الرسالة، وقد أكثروا فيها من السب والشتم، خصوصاً رسالة الكاشاني التي سمّاها بـ (الشهاب الثاقب ورجوم الشياطين)، ولولا أنّه آية في كتاب الله لقابلناه بمثله، لكن لا يبعد أن تكون هذه الرسالة وما شابهها من كتب الضلال التي يجب إتلافها، اللهمّ إلّا أن يرجّح بقاءها أنّها أشنع شي‏ء على مصنّفيها لما فيها من مخالفة الواقع في النقل وغيره، بل فيها ما يدلّ على أنّهم ليسوا من أهل العلم كي يعتدّ بكلامهم ويعتنى بشأنهم ... ولقد قيل: إنّ بعضهم كان يبالغ في حرمتها حال قصور يده ولمّا ظهرت له كلمة بالغ في وجوبها» «1».ومن هنا- وبعيداً عن المثال المتقدّم- يقول الشيخ مرتضى الأنصاري (ره) : «وقد وقع من بعض الأعلام بالنسبة إلى بعضهم ما لا بدّ له من الحملٍ والتوجيه، أعوذ بالله من الغرور وإعجاب المرء بنفسه، وحسده على غيره، والاستيكال بالعلم» «2». ويقول في موضع آخر: «وأمّا ما وقع من بعض الأعلام بالنسبة إلى من تقدّم عليه منهم من الجهر بالسوء من القول، فلم يعرف له وجهٌ، مع شيوعه بينهم من قديم الأيّام!» «3»، وليس المقام مقام إحصاء كلماتهم الكاشفة عن ذلك ولو بعضاً.
ونحن سنقوم بعرض بعض النماذج التي تؤكّد على وجود خلافات تتفاوت عمقاً وسعةً، ولكنّنا نؤكّد على أنّنا لسنا في مقام بيان حقيقة العلاقة بين علمائنا لتكون هذه النماذج معبّرة عنها، فإنّ هذا سيعني- حينها- تشويهاً للحقيقة؛ لأنّ لدينا مئات الشواهد والحاكايا التاريخيّة التي تكشف عن طهارة وعظمة العلاقات التي قامت بين الكثيرين منهم، وسيأتيك بعضها في هذا الكتاب. إذن نحن في مقام بيان أصل وجود خلاف بينهم فحسب، ولا ندّعي أنّ هذه النماذج تتكفّل بييان طبيعة علاقاتهم بشقّيها الإيجابي والسلبي:
1- الخلاف الواقع بين المحقّق الكركي (ره) وبين الشيخ إبراهيم القطيفي (ره) الذي عارضه بشدّة
__________________________________________________
(1) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 11: 174، 178
(2) كتاب المكاسب 1: 331
(3) كتاب المكاسب 1: 357.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 56

حول دخوله في سلطان الدولة الصفويّة، وهي علاقة وصفها السيّد الأمين (ره) بحالة (العداء) «1»، وقال في موضع آخر: «عاب عليه معاصره ومنافسه الشيخ إبراهيم القطيفي قبوله جوائز السلاطين ... ونرجو أن لا يكون الباعث للقطيفي على ذلك الحسد، وهو ليس من رجال الكركي وأقرانه مع زيادة علمه وفضله. وبالجملة كانت بينهما منازعات وردود ونقوض صنعها القطيفي وأجابه الكركي، ذكرت ترجمتها ... ألّف معاصره الشيخ إبراهيم القطيفي رسالة في الرضاع ردّ بها على المحقّق الكركي، أساء فيها الأدب، وتكلّم بما لا يليق بالعلماء، مع عدم إصابته في أكثر ما ردّ به. ولو فرض جدلًا أنّه مصيب في ردّه لكان مخطئاً كلّ الخطأ وخارجاً عن طريقة أهل العلم في بذاءته» «2». وكان الشيخ القطيفي (ره) قد ردّ على الرسالة الرضاعيّة للمحقّق الكركي (ره) بما يوحي بطبيعة الموقف بينهما، حيث قال: «أشهد بالله أنّ جهاد مثل هذا الرجل على الغلط والأغلاط في المسائل أفضل من الجهاد بالضرب بالسيف في سبيل الله»، وكان يصفه بـ «المعاصر القاصر» «3».
2- أضف إلى ذلك الخلاف الأصولي الأخباري الحاد الذي تجاوز ميادين الصناعة العلميّة، حتّى أنّ الشيخ عبد الله المامقاني (ره) يقول- نقلًا عن ثقات مشايخه بحسب ظاهر عبارته- : «ومن غريب ما نقلوا ممّا يكشف عن قوّة ديانة صاحب الحدائق أنّ مسجد الوحيد (ره) كان محاذياً لمسجد صاحب الحدائق، وكان الوحيد يحكم ببطلان الصلاة خلف صاحب الحدائق، وكان صاحب الحدائق يحكم بصحّة الصلاة خلف الوحيد (ره)، وكانوا يخبرون صاحب الحدائق بما يقوله الوحيد (ره)، فكان يجيب بأنّ: (تكليفه الشرعي ذاك، وتكليفي الشرعي هذا، فكلٌّ منّا يعمل بما كلّفه الله تعالى به)، وكان صاحب الحدائق يتحمّل ذلك لأجل رواج مذهب الأصوليّة ..» «4». وفي الوقت الذي يكشف فيه هذا النص عن ديانة صاحب الحدائق (ره)، فإنّه يكشف عن أمور أخرى نحن بصدد الإلماح إليها.
وقد أودى الخلاف الأصولي الأخباري- في بعض تجلّياته العليا- بحياة الميرزا محمّد الأخباري (ره) الذي يُعرف بالـ (المقتول) «5»؛ فبعد أن حاول الميرزا المذكور إقناع فتح علي شاه القاجاري بتبنّي مذهبه الأخباري، سعى علماء النجف لقطع الطريق عليه، فألّف الشيخ جعفر كاشف‏
__________________________________________________
(1) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 10: 225، تحت عنوان (الأمير نعمة الله الحلي، السيّد الصدر الكبير)
(2) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 10 : 209 - 211، تحت عنوان (الشيخ نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي)
(3) رسائل الكركي 1: 18؛ أعيان الشيعة (ط. ق) 8: 211؛ وانظر حول الموضوع: تاريخ المؤسّسة الدينيّة الشيعيّة: 289
(4) انظر بهذا الصدد: تنقيح المقال في علم الرجال (ط. حجريّة) 2: 85، حرف الميم، ترجمة (محمّد بن أكمل البهبهاني) تحت رقم (10429)؛ مع علماء النجف الأشرف: 74، نقلًا عنه دون تعيين التفاصيل؛ البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة 1: 25 (مقدّمة التحقيق)
(5) انظر التعبير عنه بـ (المقتول) في: الذريعة 2: 223، 318، 349، 408؛ 3: 92؛ 6: 190، 266؛ 9 : 986؛ 12: 209؛ 14: 197، 221؛ 15 : 3، 22، 104، 129، 193؛ 16 : 60 ؛ 18: 129؛ 19: 373؛ 21: 161، 207؛ 21: 317؛ 24: 33.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 57

الغطاء (ره) رسالة في الرد عليه أهداها- ضمن من أهداها إليهم- إلي فتح علي شاه القاجاري سنة 1222 هـ، وممّا جاء فيها مخاطباً الميرزا الأخباري: «اعلم والله أنّك نقصت اعتبارك، وأذهبت وقارك، وتحمّلت عارك، وأجّجت نارك، وعرفت بصفات خمس هي أخس الصفات، وبها نالتك الفضيحة في الحياة، وتناولتك بعد الممات: أوّلها نقص العقل، ثانيها نقص الدين، ثالثها عدم الوفاء، رابعها عدم الحياء، خامسها الحسد المتجاوز للحد؛ وعلى كل واحد منها شواهد ودلائل لا تخفى عن العالم بل ولا الجاهل ..» «1».
ويبدو من التفاصيل والحكايا التي ينقلها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ره) أنّ الموقف تجاه الميرزا الأخباري (ره) كان متوتّراً إلى أبعد الحدود. وبعد استقراره في العراق، عقد درساً يباحث فيه في الردّ على الوحيد البهبهاني (ره) أستاذ الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ره)، فاستاء الأخير لذلك، وإلى جانبه السيّد علي الطباطبائي (ره) صاحب (رياض المسائل) [وهو صهر الوحيد البهبهاني (ره)] «2»، وكذلك الآغا محمّد علي ابن الوحيد، فعزموا على إخراجه من العراق، فاستفتوا الشيخ كاشف الغطاء (ره) : «ما يقول شيخنا في مبتدعٍ بالدين يسعى بإتلاف شريعة سيّد المرسلين؟ وما جزاء من سعى في الأرض الفساد وحارب أولياء الله الأمجاد؟»، فجاء في جواب الشيخ: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ «3»»، ولمّا بعثوا بحكم الشيخ إلى حاكم البلد، نفي الميرزا خارج العراق «4».
وبعد رجوع الميرزا مجدّداً إلى الكاظميّة بعد وفاة الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ره)، خطّط السيّد محمّد الطباطبائي المجاهد (ره) «5»- نجل السيّد علي صاحب (الرياض)- لقتله، فوجّه إلى الشيخ موسى كاشف الغطاء (ره) نجل الشيخ جعفر السؤال التالي: «ما رأي حجّة الله على خلقه وأمينه في أرضه في رجلٍ يؤلّب على العلماء الصالحين، ويسعى في قتلهم إطفاءً لنور الدين؟»، فوقّع الشيخ موسى (ره) : «يجب على كلّ محبٍّ وموالٍ أن يبذل في قتله النفس والمال، وإلّا فلا صلاة ولا صيام له، وليتبوّأ في جهنّم منزله»، ثمّ حكم السيّد عبد الله شبّر (ره)- إمام الكاظميّة آنذاك- بوجوب اتّباع حكم الشيخ موسى، وأيّده علماء آخرون، من قبيل السيّد محسن [الأعرجي‏]- صاحب المحصول- والشيخ أسد الله. وبعد نشر الفتوى في الكاظميّة، هجم الناس على الميرزا في بيته وقتلوه «6» مع ولده الكبير السيّد أحمد وأحد تلامذته «7»، وذلك يوم الأحد 28 / ربيع الأوّل / 1232 هـ «8». وقد أرجع آغا بزرگ الطهراني (ره) السبب‏
__________________________________________________
(1) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 4: 101، تحت عنوان (الشيخ جعفر ابن الشيخ خضر ... الجناجي النجفي)
(2) ما بين [ ] من: تنقيح المقال في علم الرجال (ط. حجريّة) 2: 85، ترجمة رقم (10429)
(3) المائدة: 33
(4) العبقات العنبريّة في الطبقات الجعفريّة: 86- 103
(5) انظر حول هذا التصريح: روضات الجنّات 7: 129
(6) العبقات العنبريّة في الطبقات الجعفريّة: 183- 187
(7) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 9: 173؛ موسوعة طبقات الفقهاء13 : 481؛ وانظر: فهرس التراث 2: 112
(8) الوارد في (الذريعة 8: 273) أنّ ذلك كان يوم الأحد سنة 1233 هـ، ووردت هذه السنة في: (مستدرك أعيان الشيعة 7: 94)، بينما جاء في: (الذريعة 8: 227، 10: 241 ...) و (أعيان الشيعة، ط. ق 7: 331) أنّه كان سنة 1232 هـ، وقد أفاد محقّق (العبقات العنبريّة) الدكتور جودت القزويني- استناداً إلى مخطوطات أسرة الأخباري- أنّ ذلك كان يوم الأحد 28 / ر 1 / 1232 هـ.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 58

في ذلك إلى كتابه (السلّم المرونق في من تكفّر وتزندق) «1». وكان الميرزا قد كتب أيضاً (معاول العقول لقطع أساس الأصول)، ردّاً على كتاب (أساس الأصول) للسيّد دلدار علي بن محمّد معين النصير آبادي، فردّ عليه تلامذة الأخير بكتاب (مطارق الحق واليقين لكسر معاول الشياطين) «2».
3- الحالة المضطربة التي ذُكرت بين الشيخ صاحب (الجواهر) وبين الشيخ محسن بن خنفر العفكي (ره)، الذي يقول السيّد الأمين (ره) في ترجمته:
«... قال تلميذه السيّد محمد الهندي في (نظم‏ اللآل في علم الرجال) : (... وكان لغزارة علمه وإحاطته وتفرّده بذلك ربّما أنكر فضيلة بعض الأساطين، وكان خشناً في الله لا يداهن ولا يبالي، أقبل الناس عليه أم أعرضوا) ... وبعض الأساطين المشار إليه في كلام السيّد الهندي هو صاحب (الجواهر) : فيحكى عنه أنّه كان يقول له: (أعطِ جواهرك هذه لبائعي الفلفل والكمّون يصرّون بها «3»)، ولذلك نسب إلى اعوجاج السليقة. ويقال: إنّ صاحب (الجواهر) كان يرميه بذلك، والله أعلم. ولا يبعد أن يكون رميه من علماء عصره باعوجاج السليقة لما كان يبديه من التحقيق ودقّه النظر في المسائل. ويدلّ على ذلك ما يقال: إنّ الشيخ مرتضى الأنصاري كان يُرمى من بعضهم بمثل ذلك. ويحكى أنّه حجّ عن طريق نجد، فزاره صاحب (الجواهر)، وقال لبعض الحاضرين: (سلوه عن هواء نجد الذي أجمع الناس كافّة على حسنه، حتّى ذكرته الشعراء في أشعارها، لتعلموا حال سليقته)، فسألوه فذمّ هواء نجد. وسأله صاحب (الجواهر) مرّة من باب [المطايبة]: (هل للمجتهد جميع ما للإمام؟! وكان يقول بذلك، وصاحب (الجواهر) لا يقول به، فقال: (نعم)، فقال صاحب (الجواهر) : (اشهدوا أنّي طلّقت زوجة الشيخ)، فقال الشيخ محسن: (ثبّت العرش ثمّ انقش). ومثل هذا قد يقع بين المتعاصرين كثيراً، ولا يقدح في جلالة شأنهم، تغمّدنا الله وإيّاهم بعفوه ورحمته» «4».
4- ومثالٌ رابع: الشيخ هادي الطهراني (ره) الذي كاد أن لا يباري الآخوند الخراساني (ره) في زمانه إلّا هو والميرزا حبيب الله الرشتي (ره) «5»، حتّى سمع الشيخ صدر الإسلام محمّد أمين الإمامي الخوئي (ره) بنفسه من بعض من كان ينتسب إلى الشيخ الطهراني (ره) وقرأ على بعض فضلاء تلاميذه اعتقاده بأنّ أكابر أعلام الشيعة مثل المفيد والطوسي والحلّي والطوسي والعلّامة والشهيدين (ره) ومن في طبقتهم لو كانوا حاضرين في عصر الشيخ كانوا يتبادرون إلى حضور درسه والاستفادة من حضرته، وكلّهم يعترفون بأعلميّته وتقدّمه عليهم .. «6».
__________________________________________________
(1) انظر الذريعة 12: 221
(2) انظر الذريعة 21: 207
(3) يقصد: يلفّون بها
(4) أعيان الشيعة (ط. ق) 9: 47 - 48
(5) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 9: 6، تحت عنوان (الآخوند الشيخ ملّا كاظم)
(6) مرآة الشرق 2: 1381.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 14  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 11:01 AM


السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 59

يقول الشيخ بزرگ الطهراني (ره) في ترجمة الشيخ رضا الهمداني (ره) :
«.. وقد أصرّ علماء عصره على الطعن بالحجّة الجليل الشيخ هادي الطهراني حسداً لمكانته، إلّا المترجم له ..» «1». كما تعرّض لنكبته السيّد محسن الأمين (ره) في ترجمة الشيخ الهمداني (ره) أيضاً، حيث يقول: «كان في عصره رجل في النجف اسمه الشيخ هادي الطهراني، مشهور بالفضل، له حلقة درس كبيرة ومؤلّفات مطبوعة، يقال: إنّه كان يطيل لسانه على أكابر العلماء. ولعلّه لما كان يعتقده في نفسه من الفضل والتفوّق. وقد شاهدناه في النجف وكثر الكلام في حقّه من كثير من أكابر العلماء، حتّى وصل إلى حد التكفير، فانحلّ أمره وتناقص عدد حلقة درسه إلى ما يقرب من عدد الأصابع أو يزيد قليلًا، وكان ذلك قبل ورودنا النجف، فوردناها والحال على ذلك. وفي بعض أوقات وجودنا فيها ثارت ثائرة جماعة من العلماء عليه، فأصدروا فتاواهم بتكفيره، وأرسلوا إلى شيخنا المترجم ليشاركهم في ذلك فأبى وقال: التكفير أمرٌ عظيم لا أقدم عليه بمثل هذه النسب، وصارت يومئذٍ مسألة الشيخ هادي حديث الناس من العلماء والطلّاب وغيرهم في مجالسهم ومحافلهم»«2».
وأضاف في موضع آخر:
«تصدّى للتدريس، فتهافتت عليه الطلّاب وأعجبوا بحسن أسلوبه في الإلقاء والإملاء، وبجودة تحقيقه في ذلك وحسن بيانه، وطار ذكره وكثرت تلاميذه وانتشروا في الأقطار، وكانوا مغالين به يفضّلونه على معظم العلماء من المعاصرين والقدماء. وكان لهذه المزايا، ولما طبع عليه من علو الفطرة لا يعجبه كثيرٌ من العلماء، وربّما أوقع في بعضهم، وجهّلهم، وفنّد آراءهم، وصرّح بمؤاخذتهم، فاغتنم هذا فيه بعض معاصريه أو مفاخريه، فحمل بإغراء أتباعه على إعلان تكفيره، فكان لهذه الواقعة دوي في المحافل الدينية وغيرها في العراق وغيره. وتحزّب الناس حزبين، وانبرى لنصرته وبراءته فريق من العلماء، منهم الشيخ محمّد حسين الكاظمي والملّا محمّد الإيرواني وغيرهما، فهان أمره، ولولا ذلك لانتظر الإيقاع به. رأيناه في النجف والطلّاب والعلماء تتحامى مخالطته خوفاً على أنفسهم من ألسنة الناس، ولا يحضر درسه إلّا نفر قليل متناهون في الإخلاص له، لا يبلغون الخمسة عشر. وكان يحضر درسه أوّلًا فضلاء العرب والفرس، فلما جرى عليه ما جرى تحامى الناس حضور درسه خوفاً من الناس، مع رغبتهم في حضوره، وكانت حادثته هذه في عصر الميرزا الشيرازي والميرزا في سامراء، فلم ينبس فيها ببنت شفة، إلّا انه قطع السؤال عنه. وكانت هذه الحادثة قبل مجيئنا إلى النجف، ودخلناها وحالته كما ذكرنا من تحامي الناس درسه سوى خاصّته، وكان يدرّس نهاراً في بيته وليلًا على سطح الكيشوانيّة القبليّة الشرقيّة، ثمّ جدّد أمر الهياج عليه ونحن بالنجف من أكثر العلماء إلّا شيخنا الآغا رضا الهمداني؛ فلم يدخل في ذلك ولم يرض أن يجري ذكر هذا الأمر في مجلسه بحرف واحد، وإلّا شيخنا الشيخ محمّد طه نجف. وكان كثيرٌ من الناس يغالي في علمه وفضله، لكنّ الذي سمعته من السيّد علي ابن عمّنا السيّد محمود- وكان ممّن حضر مجلس درسه- أنّه ليس بتلك المنزلة من المغالاة، وإن كان في مرتبة سامية من الفضل، وأنّ الناس في حقّه بين الإفراط والتفريط. ولكن من المحقّق أنّه كان يطيل لسانه على العلماء، ويقال إنّه صنّف حاشية على رسائل الأنصاري سمّاها الحسام المنتضى على الشيخ مرتضى، وكان يقول للشيخ حسن ابن صاحب الجواهر وهو في مجلس درسه: إنّ أباك ليلة كتب هذا المطلب كان عشاؤه طبيخ الماش، ونحو ذلك. ومثل هذا يقع كثيراً من العلماء، خصوصاً من ذوي الأفهام الحادّة والأفكار الواسعة»«1».
__________________________________________________
(1) نقباء البشر في القرن الرابع عشر 2: 777
(2) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 7: 20.
(1) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 10: 233، تحت عنوان (الشيخ هادي ابن الحاج ملّا محمّد أمين الواعظ الطهراني النجفي)

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 60

يقول متمّم (روضات الجنّات) في ترجمة الشيخ الطهراني (ره) :
«ونقل أنّه كان كثير الطعن والتشنيع في مجلس درسه على العلماء والمجتهدين في مقام ردّ كلماتهم، ولذا نقل بل اشتهر أنّ معاصره العلّامة الرشتي المتقدّم ذكره حكم بكفره، بحيث نقل لنا من أثق بنقله وأعتمد على قوله أنّ شيخنا الهادي صاحب العنوان ورد في تأبين بعض علماء النجف، فلمّا سقوه القهوة حسب ما هو العادة في المأتم والتعازي، صاح من وسط المجلس بعض المغرضين بمحضر الشيخ العلّامة الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي (ره) وملأٍ من الناس: (اغسلوا فنجان القهوة الذي شرب منه الشيخ هادي)، وكان شيخنا العلّامة المحقّق الشيخ محمّد حسين الكاظمي (ره) حاضراً في المجلس، فلمّا سمع تلك الصيحة النفسانيّة المنبعثة من الوساوس الشيطانيّة والدسائس الشخصيّة، حرّكته الغيرة الإيمانيّة، فأمر بإتيان كوز من الماء ليشرب، فجي‏ء له بكوز من الماء، فقدّمه لشيخنا الهادي (ره) وقال: (اشرب منه حتّى أشرب سؤرك)، ففعل ذلك، فتعجّب الحاضرون من صنيع الشيخ، فوثقوا بصاحب العنوان بعد فعل الشيخ المعظّم عليه، وتركوا الحركات القبيحة والتكلّمات البذيّة الموجبة لفساد عقايد العوام، والمخرّبة لشعائر الإسلام، ولولاه لكان ساقطاً عن الأنظار بالكليّة. وبالجملة لم نر في مؤلّفاته ما يوجب ذلك، بل يعبّر في كتبه عن علمائنا رضوان الله عليهم بحسن التعبير. وظنّي أنّ بعض المغرضين المفسدين الذين غرضهم هتك شعائر الله وحرماته ألبسوا الأمر على العلّامة الرشتي (قدس سره)، ومع ذلك ما أظنّه تفوّه بذلك، بل نسبوه إليه، كما وقع نظيره لمعاصره العلّامة الشيرازي (ره) بالنسبة إلى تحريم التنباك» «2».
ويذكر الشيخ صدر الإسلام الخوئي (ره) في ترجمة الشيخ حبيب الله الرشتي (ره) : «سافر المترجم إلى إيران .. ولمّا رجع المترجم من سفره إلى النجف الأطهر، زاره جلّ طبقاتها، وزاره أيضاً الشيخ محمّد هادي الطهراني من أعلام عصره. ولمّا قام الشيخ المذكور من مجلسه أمر المترجم بتغسيل الفنجان- الذي شرب الشيخ المذكور فيه القهوة- على ملأ من الحاضرين ومشهدٍ منهم، وانتشر الخبر من حينه وشاع وفشا شيوعاً عظيماً، فجاء المترجم جماعة يسألون عن العمل المذكور وسرّه ورأيه فيه، فأجابهم المترجم أوّلًا بأنّ الأمر بالتغسيل إنّما هو على وجه الاحتياط ممّا بلغه من الشيخ المذكور بوجوه ليس المقام موضع شرحه؛ فاعتُرض عليه- ولعلّ هذا الاعتراض كان على الشيخ وإن كان له بصورته- بأنّ الاحتياط إنّما هو في خلافه، لاستلزام العمل الحرام القطعي لأمرٍ لم يُعلم وجوبه، فيه توهين المؤمن، بل إيذاؤه وكسر اعتباره وهدم مقامه وهتك حرمة. فلمّا سمع به المترجم أظهر الجزم بذلك. فلمّا صدر منه [الأمر] تنجّز على الطهراني ما كان‏
__________________________________________________
(2) انظر: أحسن الوديعة في تراجم أشهر مشاهير مجتهدي الشيعة 1: 167 - 168؛ مقدّمة تحقيق الفوائد الأصوليّة للشيخ الأنصاري (رحمه الله) : 101، نقلًا عنه.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 61

يتبعه، واستقرّ وشاع أثره، وطار صيته وعلا وامتدّ ذيوله.
ووقتئٍذٍ قام بعض معاصريه- مثل العلّامة مولى محمّد الأيرواني الفاضل من عمد أعلام العصر وزعيمه- وغيره بتبجيل الشيخ المذكور وتعظيمه اعتقاداً منهم باشتباه المترجم في نظره، ولكنّ الشيخ لم يستقم صلباً ولم ينبسط وجهاً بعد ذلك مدّة حياته أبداً، مع الإصرار والاجتهاد [البليغ‏] في ترويج أمره وتعظيم مقامه ورفع الوصمة عنه من أعلام عصره، وما كان ذلك كلّه إلّا لإساءة اللسان منه بالنسبة إلى السلف الصالح رضوان الله [على‏] معاشر الماضين أجمعين، والله العالم بحقايق الأحوال وبواطن الأسرار» «1».
وأورد في ترجمة الشيخ محمّد هادي الطهراني (ره) :
«وكان (ره) حديد اللسان في المحاورة، قليل الرعاية في الكلام والانتقاد والقدح على أقرانه من السلف والخلف، ولا يبالي مخالفة الشهرة في الفتوى، بل لا يخلو عن حبّ التفرّد والاشتهار. وقد تقدّم ذكر معاملة العلّامة الميرزا حبيب الله الجيلاني النجفي مع المترجم في مجلسه العام وأمره باغتسال الفنجان- الذي شرب فيه المترجم قهوة- على رؤوس الأشهاد، وما ورد على المترجم من الكسر والنكبة بعد ذلك، بحيث إنّه لم يبتسم وجهاً ولم يستقم صلباً ولم يعدل أمراً ولم يرأ سقماً بعد ذلك اليوم إلى آخر عمره وخاتم أمره أبداً.
ويقال: إنّ كلّ ذلك كان ممّا كان عليه المترجم المغفور له من عدم [المبالاة] في انتقاداته العلميّة بالنسبة إلى السلف الصالح من أعلام الدين وخيار رجال العلم والأساتذة المحقّقين، ولو بالاستخفاف وسوء التعبير في ذلك، ولو على رؤوس الأشهاد، في مجالس درسه ونحوه. ويقال أيضاً: إنّ السبب في سوء اعتقاد العلّامة الجيلاني للمترجم ومعاملته معه أنّ العلّامة المذكور وقف على مقالة أو كرّاسة بقلم المترجم، أو سمع بمقالته هذه ممّن يثق به، أنّ المترجم ينكر فيه علم الباري تعالى شأنه على «2» الجزئيّات، كما نسب ذلك إلى جملة من الفلاسفة أيضاً، فجرى بينهما ما جرى من الأمر. وقيل في ذلك مقالات أخرى [غيرها] أيضاً [ممّا] لا ينبغي ذكرها، فضلًا عن قبولها أو الظن بصدقها في مثل هذا العالم الجليل ..» «3».
5- هذا إضافةً إلى العلاقات المتوتّرة بين أنصار الآخوند الخراساني وبين أنصار السيّد محمّد كاظم اليزدي (ره)؛ فقد أورد السيّد الأمين (ره) في ترجمة أستاذه السيّد محمّد كاظم اليزدي (ره) : «في أيّامه ظهر أمر المشروطة في إيران، وأعقبها خلع السلطان عبد الحميد في تركيا، وكان هو ضدّ المشروطيّة، وبعض العلماء يؤيّدونها، كالشيخ ملّا كاظم الخراساني وغيره. وتعصّب لكلٍّ منهما فريقٌ من الفرس، وكان عامّة أهل العراق وسوادهم مع اليزدي، خصوصاً من لهم فوائد من بلاد إيران، لظنّهم أنّ المشروطيّة تقطعها. وجرت بسبب ذلك فتن وأمور يطول شرحها، وليس لنا إلّا أن نحمل كلًّا منهما على المحمل الحسن والاختلاف في اجتهاد الرأي‏» «4»، وقد بلغ الأمر أنّ أنصار المشروطة أرادوا قتل السيّد اليزدي (ره) لولا
__________________________________________________
(1) مرآة الشرق 1: 688
(2) كذا في المصدر
(3) مرآة الشرق 2: 1380
(4) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 10: 43

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 62

دفاع رؤساء عرب النجف وشيوخهم عنه وطوافهم ببيته لحمايته «1».
ويفصّل الحديث السيّد حسن الأمين (ره)، حيث يذكر أنّه بعد امتناع السيّد محمّد كاظم اليزدي (ره) عن التوقيع على (المشروطة)، صار أنصاره يوصفون بالمستبدّين، وانقسمت النجف والمدن الأخرى إلى فريقين، وقد استطاع السيّد اليزدي (ره) أن يكسب كفّة الميزان لصالحه، و «كان أكثر العامّة من دعاة الاستبداد، ويعدّون الملّا كاظم الخراساني هو وأتباعه كفّاراً، ولا يكادون يسمعون عن أحد العلماء أنّه (مشروطة) حتّى ينفضّوا عنه ويلعنوه ويتركوا الصلاة خلفه‏».
وبعد أن انقلب موقف الدولة العثمانيّة لصالح الشيخ الآخوند الخراساني (ره) «نظم الشيخ علي الشرقي قصيدة يهجو بها اليزدي ويتشفّى به، كما نظم السيّد صالح الحلي بعض الأبيات اللاذعة من الشعر، قارن في أحدها بين اليزدي ويزيد» «2»، وهي قوله:
فوالله ما أدري غداً في جهنّم*** (أَيَزْدِيُّها) أشقى الورى أو يزيدُها «3»

6- وبما أنّ اسم السيّد الأمين (ره) قد تردّد، فلا بأس بالإشارة إلى ما تعرّض له عقيب انتقاده بعض المراسم الحسينيّة التي تجري في يوم عاشوراء: فقد حرّم (ره) الضرب بالسيوف والسلاسل يوم عاشوراء، ودعا إلى مقاومة من يستعمل الطبول والصنوج والأبواق، [وقد تسرّبت هذه الظاهرة لاحقاً إلى مراسم استقبال الجنائز، في حين كان استعمال الطبول في العهد الذي كان فيه السيّد الأمين (ره) في النجف مقصوراً على التُرك الإيرانيّين في أيّام عاشوراء] «4»، وكان ذلك في تصريحٍ له إلى مراسل جريدة (العهد الجديد) البيروتيّة، فألّف الشيخ عبد الحسين صادق (ره) سنة 1345 هـ في الردّ عليه رسالة (سيماء الصلحاء في إثبات جواز إقامة العزاء لسيّد الشهداء (ع))، وهي عبارة عن الفائدة الثانية والسبعين من كتابه (مجمع الفوائد)، ثمّ طبعها مستقلّة في اثنين وثمانين صفحة بعد أن دعت الحاجة إلى ذلك، وهي- بحسب قول الشيخ صادق (ره)- أنّ «ناشئة عصريّة ولّدها الدهر بعد حبال أو قاءها بعد جشا، تنتحل دين الإسلام، وما هي منه بفتيل أو نقير، ولا بعير أو نفير، وإن تقشّفت بلبسته وأدهنت بصفته‏...»، ثمّ يقارن بين السيّد الأمين (ره)- دون أن يسمّيه- وبين الوهابيّة- دون أن يسمّيها كذلك- التي هدّدت بتخريب قبور البقيع، قائلًا: «ولا ريب أنّ هذه العصا من تلك العصية».
وعلى أيّة حال، فقد ألّف السيّد الأمين (ره) في الردّ على (سيماء الصلحاء) رسالة (التنزيه)، والتي- بحسب قوله- : «قام لها بعض الناس وقعدوا، وأبرقوا وأرعدوا، وجاشوا وأزبدوا، وهيّجوا طغام العوام والقشريّين ممّن ينسب للدين، فذهب زبدهم جفاء ومكث ما ينفع الناس في الأرض».
وكانت ردّة الفعل الشعبيّة على دعوة (التنزيه) مزيداً من التمسّك بالشعائر الحسينيّة، ظهر «في أوّل شهر محرّم جاء بعد الفتوى؛ فقد ازداد عدد الضاربين بالسيوف والسلاسل، وازداد استعمال الطبول والصنوج والأبواق، وكثرت‏
__________________________________________________
(1) أحسن الوديعة في تراجم أشهر مشاهير مجتهدي الشيعة 1: 190
(2) مستدركات أعيان الشيعة 4: 151 - 152
(3) انظر: هكذا عرفتهم 1: 109؛ وانظر حول الخلاف بين هذين العالِمين: المرجعيّة الدينيّة ومراجع الإماميّة: 118- 120
(4) ما بين [ ] من: رحلات السيّد الأمين: 113.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 63

الأهازيج والأناشيد التي تتضمّن النقمة والتحدّي لتلك الحركة الإصلاحيّة». وقد أيّد السيّد الأمين (ره) من علماء جبل عامل الشيخ أحمد رضا، الشيخ سليمان ظاهر، [الشيخ محسن شرارة]، ومن العراق: السيّد أبو الحسن الإصفهاني، الشيخ عبد الكريم الجزائري، الشيخ علي القمي، الشيخ جعفر البديري، السيّد مهدي القزويني، السيّد هبة الدين الحسيني الشهرستاني، ومن الهند: الكاتب الهندي محمّد علي سالمين صاحب جريدة (ديوائن ميسج) التي تصدر في بومباي باللغة الإنجليزيّة، والذي كتب مقالًا نشر باللغة العربيّة.
وقد وقف إلى جانب صاحب (سيماء الصلحاء) عددٌ من رجال الدين، [خاصّةً بعد إصدار الميرزا النائيني (ره) فتواه بالتحليل بتاريخ 5 / ربيع الأوّل / 1354 هـ]: منهم السيّد عبد الحسين شرف الدين، السيّد نور الدين شرف الدين، الشيخ عبد الله سبيتي، والشيخ مرتضى آل ياسين (ره)، [وقد أصدر بعضهم كتباً في هذا المجال، من قبيل: (المواكب الحسينيّة) للشيخ كاشف الغطاء، و (نظرة دامعة حول مظاهرات عاشوراء) للشيخ مرتضى آل ياسين، و (الأساليب البديعة في رجحان مآتم الشيعة) للسيّد شرف الدين والتي نشرت في مجلّة (العرفان)].
وكان للصحافة كذلك دورٌ واسع في تحريك هذه الظاهرة، فكتبت مقالات عديدة- بعضها باسم مستعار- مع السيّد الأمين، وبعضها ضدّه؛ فكتب اثنان من أنصاره، وقع أحدهما مقاله بتوقيع (حبيب بن مظاهر) ووقّعه الثاني بتوقيع (أبو فراس) «1».
أمّا السيّد أبو الحسن الإصفهاني (ره) الذي أيّده، فقد أصدر فتواه التالية:
«إنّ استعمال السيوف والسلاسل والطبول والأبواق، وما يجري اليوم من أمثالها في مواكب العزاء بيوم عاشوراء باسم الحزن على الحسين، إنّما هو محرّم وغير شرعي‏».
وإثر ذلك انقسم الناس إلى فريقين: أطلق عليهم العوام: (الأمويّون)، وهم أنصار السيّد الأمين (ره)، ويقابلهم (العلويّون)، وهم أنصار الطرف المقابل. وقد بلغت الأمور بين الفريقين شدّتها، حتّى راح حملة القرب وسقاة الماء ينادون‏: «لعن الله الأمين .. ماء»، بعد أن كانوا ينادون: «لعن الله حرملة .. ماء». ويؤكّد الخليلي أنّ العامليّين الذين يسكنون النجف كانوا السبب الأكبر في توتّر الجو ضدّ السيّد الأمين (ره).
وفي هذه الأجواء، أطلق الخطيب المعروف، السيّد صالح الحلّي (ره) شعره ذائع الصيت، والذي يقال إنّه لأحد العامليّين، وإنّما اشتهر على لسان السيّد الحلّي لشدّة موقفه من السيّد الأمين (ره)،
__________________________________________________
(1) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 11: 20 - 21؛ الذريعة 12: 292؛ وما بين: [ ] من: حياة الإمام السيّد أبو الحسن الموسوي الإصفهاني (قدس سره) .. دراسة وتحليل: 144- 149. وقد جاء في المصدر أنّ من الذين أيّدوا الفريق الذي يقابل السيّد الأمين (رحمه الله) : السيّد محسن الحكيم والسيّد محمود الشاهرودي والسيّد الخوئي والسيّد عبد الهادي الشاهرودي والسيّد حسين الحمّامي، وهذا بعيدٌ بحقّ بعضهم على الأقلّ، لأنّ ما نحن فيه يرجع إلى سنة 1345 هـ. ويُشار إلى أنّ الشيخ كاشف الغطاء (رحمه الله) صرّح بأنّ الأدلّة الفقهيّة لا تساعد إلّا على الحرمة، ولكنّ هذه الأعمال إن صدرت من المكلّف بدافع العشق الحسيني، فلا يبعد جوازها، بل إنّها تكون من القربات وأجلّ العبادات (الفردوس الأعلى: 58- 59).

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 64

والشعر هو:
يا راحلًا أما مررت بجلّق***فابصق بوجه أمينها المتزندق‏

ونظم في مقابله الشيخ مهدي الحجّار شعره التالي:
يا حرّ رأيك لا تحفل بمنتقد***إنّ الحقيقة لا تخفى على أحد
إن تلق ذمّاً على رأي تجد مدحاً***وأنت في البين لم تنقص ولم تزد
وهل على الشمس بأسٌ حين لم ترها***عين أصيبت بداء الجهل لا الرمد
يا أيّها الوطن المحبوب رحلتنا***وقفا عليك غداً أو لا فبعد غد
آسى على ضيعة الأخلاق منك وذا***قلبي لأجلك مطويٌّ على الكمد
هذى بنوك صوادّ عن معارفها***و كيف يمكث ذوري بجنب صدي‏
ليس المقام على الإرغام من شيمي***أقصى البلاد أدنى الإبا بلدي‏
إنّي أقول ونظم الشهب من كلمي***كما أصول ونصر الله من مددي‏
عن كلّ شائنة في معطسي شمم***لكن على بيعة الرضوان هاك يدي‏
عندي من المتنبي خير عاطفة***روح الحماسة حلّت منه في جسدي‏
ومصلح فاه «بالتنزيه» ليس له***غير الحقيقة إي والله من صدد
تأسَّ يا «محسن» فيما لقيت بما***لاقاه جدّك من بغي ومن حسد
إنّا على «عامل» نأسى لأنّ بها***من لا يفرّق بين الزبد والزبد
سيروا شبيبتنا لكن على خطط*** قد سنّها الدين في منهاجه الجدد
لا تجعلوا لسقيم الذوق منتقداً***عليكم واحذروا من أعين الرصد
إنّا لنأمل فيكم أنّ شعبكم***يعود ملتئماً في شمله البدد «1»

وللسيّد رضا الهندي (ره) شعرٌ قيل إنّه نظمه في السيّد الأمين (ره)، وكان الأوّل مخالفاً الثاني في ما دعا إليه، ولكن يبدو من جواب السيّد الهندي عن سؤال الأستاذ جعفر الخليلي أنّه لم يقله في السيّد الأمين (ره)، هذا إن لم يكن لغيره، وهو:
ذريّة الزهراء إن عددت *** يوماً ليطري الناس فيها الثنا
فلا تعدّوا (محسناً) منهم *** لأنّها قد أسقطت (محسنا)
كما تطاول السيّد صالح الحلّي (ره) على السيّد الإصفهاني (ره) نفسه «2»، وقد أقدم الأخير على تحريم مجالسه مفتياً بفسقه «3»، فأنشأ الشيخ علي بازي مؤرّخاً ذلك:
__________________________________________________
(1) انظر الشعر بالخصوص في: أعيان الشيعة (ط. ق) 10: 148
(2) انظر: هكذا عرفتهم 1: 207 - 210؛ وما يتعلّق بالسيّد رضا الهندي (رحمه الله) انظره في: هكذا عرفتهم1 : 31، وفي بعض الدواوين: «لتحصي» بدل «ليطري»
(3) في التعبير عن هذه الأمور بالفتاوى تسامح، ولا مصحّح له سوى أن يكون من باب تحقيق موضوع الفتوى، وهو على كلّ حال أمرٌ يستوي فيه المقلّد مع مقلَّده في غير الموارد الولائيّة ويمكنه مخالفته فيه. اللهمّ إلّا أن يكون لفظ الفتوى للأعمّ من الحكم المحض- أعني غير الولائي- والولائي.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 65

أبو حسنٍ أفتى بتفسيق ***صالح قراءته أرّختها (غير صالحة)

ولمّا حاول وجوه الحلّة استرضاء السيّد الإصفهاني (ره) ملقين بالسيّد صالح على قدميه، أبى التراجع عن موقفه وقال: «إنّ السيّد صالح كحرف (أي) التي قيل عنها (أيٌّ كذا خلقت‏)» «1»، فكان أن اعتذر السيّد صالح عمّا بدا منه في حشد حافل في الصحن الحيدري، حيث اعتلا المنبر وقال: «أيّها الناس! إنّي أستغفر الله عمّا قلته وعمّا سأقوله‏»، ثمّ نزل «2».
يقول السيّد محسن الأمين (ره) :
«لقد أشاعوا في العوام أنّ فلاناً حرّم إقامة العزاء، بل زادوا على ذلك أن نسبونا إلى الخروج من الدين، واستغلّوا بذلك بعض الجامدين من المعمّمين، فقيل لهم: إنّ فلاناً هو الذي شيّد المجالس في دمشق، فقالوا: قد كان هذا في أوّل أمره، لكنّه بعد ذلك خرج من دين الإسلام. وعمدوا إلى شخص من الذاكرين يسمّى السيّد صالح الحلّي، بذلوا له مالًا على أن يقرأ في مجلسٍ أنشأوه كمسجد الضرار، ليقرأ فيه السيّد صالح ويقدح فينا، ورهن بعضهم لذلك داره وأنفق المال الذي رهنها به في ذلك السبيل»«3».
ناهيك عن مجريات تاريخيّة أشدّ قرباً إلينا، تختلف شدّةً وضعفاً:
7- من قبيل ما حدث بين السيّد حسين البروجردي وبين السيّد محمّد حسين الطباطبائي (ره) بعد عودة الأخير من تبريز إلى قم وشروعه بتدريس (الأسفار) واجتماع أكثر من مئة طالب في درسه؛ فقد أمر السيّد البروجردي (ره) بقطع رواتب من يحضر هذا الدرس، وأرسل إلى السيّد الطباطبائي [الحاج أحمد الخادمي‏] يبلغه بأنّه هو بنفسه درس (الأسفار) ولكن بشكل مخفي، وأنّ هذا الدرس ليس من الدروس المتعارفة في الحوزة، فأجاب الطباطبائي (ره) بأنّه درس ما هو متعارف في الحوزة من فقه وأصول، وأنّه لا يقلّ عن الآخرين في هذا الجانب. وقد انقطع الأمر عند هذا الحد ولم يتعرّض لهم السيّد البروجردي (ره) بعد ذلك، وأرسل إلى السيّد الطباطبائي (ره) ذات مرّة نسخة من القرآن الكريم من أصحّ وأجود المطبوع «4». وكان الشيخ حسين المنتظري يدرّس‏
__________________________________________________
(1) انظر: هكذا عرفتهم 1: 109 - 111. ويشير السيّد الإصفهاني (رحمه الله) في قوله: «أيٌّ كذا خلقت» إلى ما جرى مع مروان بن سعيد بن عبّاد بن عبّاد بن حبيب بن المهلّب بن أبي صفرة حين سأل الكسائي بحضرة يونس: «أيّ شي‏ء يشبه (أيّ) من الكلام؟»، فقال: «ما ومن»، فقال له: «فكيف تقول: لأضربنّ من في الدار؟»، قال: «لأضربنّ من في الدار»، قال: «فكيف تقول: لأركبنّ ما تركبُ؟»، قال: «لأَركبنّ ما تركب»، قال: «فكيف تقول: ضربت من في الدار؟»، قال: «ضربتُ مَن في الدار»، قال: «فكيف تقول: رَكبتُ ما ركبتَ؟»، قال: «ركبتُ ما ركبتَ»، قال: «فكيف تقول لأضربنّ أيّهم في الدار؟»، قال: «لأضربنّ أيَّهم في الدار»، قال: «فكيف تقول ضَرِبتُ أيّهم في الدار؟»، قال: «لا يجوز»، قال: «لِمَ؟»، قال: «أيٌّ كذا خلقت» (أخبار النحويّين، الموسوعة الشعريّة: 22)
(2) انظر: حياة الإمام السيّد أبو الحسن الموسوي الإصفهاني (قدس سره) .. دراسة وتحليل: 150، نقلًا عن الشيخ باقر القرشي الذي كان حاضراً
(3) انظر: أعيان الشيعة (ط. ق) 10: 363
(4) مهر تابان (فارسي) : 61 وما بعد؛ الشمس الساطعة: 101 وما بعد.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 66

(المنظومة)، فتعطّل درسه «1»، ولكنّ السيّد البروجردي (ره) إنّما كان يعارض درس (الأسفار) و (المنظومة)، ولم يعارض تدريس فلسفة ابن سينا وفلسفة المشّائين «2».
أو الضغوط التي سبّبتها تعليقة السيّد الطباطبائي (ره) على كتاب (بحار الأنوار)، والتي أدّت بمتولّي طبع الكتاب إلى الاعتذار منه عن متابعة طبع بقيّة التعليقة، بعد أن توقّفت عند الجزء السادس، وكان السيّد الطباطبائي (ره) يرفض التخفيف من التعليق باعتبار أنّ منزلة الإمام الصادق (ع) أعظم من منزلة صاحب (البحار) «3»، وكان يردّد: «قد أخطأ المجلسي، قد أخطأ العلّامة» «4». وكان السيّد عبد الهادي الشيرازي (ره) قد أصدر بياناً من النجف الأشرف نشره في قم إثر تعليق السيّد الطباطبائي (ره) على (البحار)، وبحسب المصدر فإنّه: «تقريباً قد كفّره‏» «5».
ويشير السيّد الطباطبائي (ره) في بعض كتاباته إلى ظاهرة حمل مقولة (مخالفة العلماء) حملَ قميص عثمان، ويؤكّد على أنّ حسن الظن بالعلماء واحترام شخصيّتهم الدينيّة شي‏ء، واتباع نظريّاتهم العلميّة وأفكارهم العقليّة شي‏ء آخر «6». ويقول (ره) في تفسيره (الميزان) : «فمن شرائط التربية الصالحة أن يكون المعلّم المربي نفسه متصفاً بما يصفه للمتعلّم، متلبّساً بما يريد أن يلبسه، فمن المحال العادي أن يربّي المربّي الجبان شجاعاً باسلًا، أو يتخرّج عالمٌ حرٌّ في آرائه وأنظاره من مدرسة التعصّب واللجاج، وهكذا» «7».
8- وعام 1949 م وقعت في المدرسة الفيضيّة في قم خلافات بين الطلّاب الرشتيّين وبين الطلّاب الأتراك، هجموا خلالها على بعضهم البعض، وقد نشرت ذلك صحيفة (استوار) القميّة، ودخل رجال الأمن على إثرها المدرسة الفيضيّة. وقد دفعت هذه الحادثة بالإمام الخميني (ره) إلى
__________________________________________________
(1) تاريخ شفاهى انقلاب اسلامى ايران .. پيدايش وتحولات حوزه علميه قم (فارسي) : 207
(2) تاريخ شفاهى انقلاب اسلامى ايران .. پيدايش وتحولات حوزه علميه قم (فارسي) : 210
(3) مهر تابان (فارسي) : 35- 36؛ الشمس الساطعة: 52- 53.
(4) تاريخ شفاهى انقلاب اسلامى ايران .. پيدايش وتحولات حوزه علميه قم (فارسي) : 216
(5) تاريخ شفاهى انقلاب اسلامى ايران .. پيدايش وتحولات حوزه علميه قم (فارسي) : 212، نقلًا عن حسين حقّاني. وقد ذكر لي الشيخ جعفر السبحاني أنّه اطّلع ضمن تركة السيّد الطباطبائي (رحمه الله) على مجموعة من الرسائل التي كانت قد أرسلت إليه، وفيها شتمٌ وكلامٌ من قبيله.
وإذا رغب القارئ الكريم في الاطلاع على تعليقات السيّد الطباطبائي (رحمه الله) على (البحار) ليرى طبيعتها، فليراجع: بحار الأنوار ج 1: 90، 100، 104، 135، 179، 194، 218؛ ج2: 25، 33، 52، 104، 123، 135، 141، 160، 174، 176، 177، 185، 192، 314، 319؛ ج3 : 8، 31، 40، 45، 56، 62، 82، 87، 110، 143، 151، 180، 229، 249، 252، 258، 267، 273، 306، 327؛ ج4 : 38، 62، 63، 72، 86، 98، 129، 131، 137، 140، 144، 148، 149، 164، 167، 197، 296، 302، 305؛ ج5 : 7، 18، 33، 39، 83، 102، 105، 111، 112، 123، 149، 161، 207، 215، 223، 224، 234، 257، 276، 294؛ ج6 : 8، 37، 158، 271، 280، 290، 291، 326، 330، 336
(6) شيعه .. مجموعه مذاكرات با پروفسور هانرى كربن (فارسي) : 220؛ الشيعة .. نص الحوار مع المستشرق كوربان: 246
(7) الميزان في تفسير القرآن 6: 258 - 259.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 67

الاجتماع بالسيّد البروجردي (ره) والحديث معه حول ضرورة إصلاح الحوزة وتنظيم أمورها، وأنّ الوضع لم يعد يُحتمل، وأنّ عليهم الإسراع في ذلك، وكان السيّد البروجردي (ره) يسعى بشدّة لإصلاح الوضع، إلّا أنّ المقرّبين منه كانوا يحولون دون ذلك. وكان مدير الفيضيّة في ذلك الوقت الحاج الميرزا عبد الحسين صاحب الداري البروجردي الذي لم يكن- حسب المصدر- محبوباً من قبل الطلّاب، وكان المقرّبون من السيّد البروجردي (ره) يحمونه ويحرصون على بقائه في منصبه.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 15  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 11:04 AM


وقد نقل الشيخ عبد الله آل آغا الطهراني (ره) للشيخ علي الدوّاني أنّه- أي آل آغا- ذهب مع الإمام الخميني والسيّد ريحان الله الگلپليگاني والشيخ مرتضى الحائري (ره) إلى السيّد البرورجردي (ره) واجتمعوا به. وبعد المباحثات، تمّ الاتّفاق على تعيين الشيخ آل آغا الطهراني مديراً للمدرسة الفيضيّة، وكُتب ذلك في ورقة موقّعة ومختومة من السيّد البروجردي (ره). إلّا أنّ الشيخ آل آغا يفاجأ بعد صلاة الصبح من اليوم التالي بخادم السيّد البروجردي (ره) يأتيه ويبلغه طلب الأخير تسليمه الورقة التي منحه إيّاها، فيعطيه إيّاها ويبلغ الإمام الخميني (ره) بذلك، فيقصد الوفد الأخير نفسه السيّد البروجردي (ره) للمرّة الثانية مستوضحاً الأمر، [وقد ذكر لهم السيّد البروجردي (ره) أنّهم يسعون إلى سحب الأمور من يديه‏] «1»، ويسأله الإمامُ (ره) : «سيّدنا! إنّ أعضاء هيئة المصلحين أقاموا عدّة جلسات وعملوا، حتّى استطعنا الحصول على هذه الورقة، وكان الجميع مسرورين لأنّ العمل قد آتى ثماره. ماذا استجدّ حتّى سحبتم الورقة من الشيخ عبد الله‏؟!»، فأجاب السيّد البرورجردي (ره) : «لقد ذكروا لي بعض الأمور التي جعلتني أخشى أن يسوء الوضع مع وجود توقيعي وختمي، ثمّ إنّ من الممكن العمل على هذا النحو»، فقال الإمام (ره) : «لا، لا بدّ من وجود الورقة»، فقال السيّد (ره) : «لا، ليس ذلك ضروريّاً»، فقال الإمام: «إنّ الشيخ عبد الله لن يحرّك ساكناً طالما أنّ الورقة ليست بحوزته‏».
عندها تدخّل بعض الأصحاب «2» فقال السيّد البروجردي (ره) : «من أين لي أن أعلم بأنّكم ستقومون بإصلاح الوضع؟!»، فأجابه الشيخ مرتضى الحائري (ره) بغضب وهو يرمي عمامته أرضاً: «وهل نحن مفسدون؟ إنّ أبي «3» قد أجاد في تأسيس هذه الحوزة، والآن نحن مفسدون؟!». ومع تدخّل بعض الأصحاب «4» يضرب الإمام الخميني (ره) بفنجان الشاي الذي كان في يده عرض الحائط فيكسره، ويقوم السيّد البروجردي ويدخل إلى الدار، بينما يقوم الوفد ويخرج.
وبعدها يعتزل الإمام الخميني (ره)، بينما يسافر الشيخ مرتضى الحائري (ره) إلى مشهد لمدّة ستّة أشهر، ويقرّر البقاء هناك. وعندما بلغ ذلك السيّد البرورجردي (ره)، أرسل إليه من يستميله ويرجعه إلى قم، ففعل، ولكنّه خفّف من تردّده على منزل السيّد البروجردي (ره)، وبقي الاثنان على الاحترام‏
__________________________________________________
(1) ما بين [ ] من: تاريخ شفاهى انقلاب اسلامى ايران .. پيدايش وتحولات حوزه علميه قم (فارسي) : 201، وفي هذا الكتاب كلامٌ كثيرٌ حول دور حاشية السيّد البروجردي (رحمه الله) في تكوين قناعاته‏
(2) يبدو أنّ المراد بعض أصحاب السيّد البروجردي (رحمه الله)
(3) أي الشيخ عبد الكريم الحائري (رحمه الله) مؤسّس الحوزة العلميّة في قم‏
(4) يبدو كذلك أنّ المراد بعض أصحاب السيّد البروجردي (رحمه الله).

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 68

المتبادل «1»، وقيل: إنّ السيّد الخميني (ره) لم يذهب إلى بيت السيّد البروجردي (ره) سوى في أيّام العزاء، وعند وفاة الأخير «2». وجاء في كلام آخر أنّه أراد زيارته بعد قطيعة دامت لفترة، وذلك أثناء تواجد السيّد محمّد صادق اللواساني (ره) في قم وعزمه على زيارة السيّد البرورجردي (ره)، ولكنّ حاشية الأخير عندما علمت بوجوده لم تطلع السيّد البروجردي (ره) على تواجده في البيت، فجلسا لفترة ثمّ غادرا «3».
9- كما أنّ الشيخ مرتضى المطهّري (ره) كان أحد الكوادر العاملة إلى جانب الإمام الخميني (ره) في سبيل إصلاح الحوزة ضمن ما عرضناه في النقطة السابقة. وبعد فشل المشروع، اتّخذ المقرّبون من السيّد البروجردي (ره) موقفاً سلبيّاً منه، وكلّما أراد توضيح موقفه كان يقابل برفض الاستماع إلى شهادته، فلجأ إلى كتابة رسالة إلى السيّد البروجردي (ره) يوضح فيها الموقف ويعترض بأنّه في أيّ نظام تتمّ فيه محاكمة المتّهم غيابيّاً دون سماع شهادته؟! وطلب من الشيخ حسين المنتظري تسليمه إيّاها شخصيّاً. ولمّا التقى به، رفض السيّد البروجردي (ره) استلامها، فكان من الشيخ المطهّري (ره) أن انتقل إلى طهران، ليبدأ مرحلةً جديدةً من حياته في الجامعة «4».
10- أو ما كان يلقاه الإمام الخميني (ره) من الوسط العلمائي، و «كانوا إذا أرادوا أن يمسكوا كتاب (المنظومة) يستعينون بخرقة لئلّا يتنجّسوا، أو أنّهم يعتبرون الشخص الذي يدرّس الفلسفة عديم الدين‏» «5»، حتّى أنّ البعض كان يتّهمه بأنّه لا يصلّي «6». وفي هذا المجال يقول نجله السيّد أحمد (ره) : «أعتقد أنّ نضال الإمام ضدّ المتظاهرين بالقداسة داخل الحوزة كان أصعب بكثيرٍ من نضاله في ساحة الصراع السياسي‏» «7». وبيانات ورسائل الإمام الخميني (ره) تشتمل على الكثير من الانتقادت التي يوجّهها إلى الحوزة والحوزيّين، ولعلّ آخرها وأشدّها ما يُعرف بالفارسيّة بـ (منشور روحانيت)، وهو عبارة عن ندائه إلى الحوزات العلميّة الذي وجّهه بتاريخ 22 / 2 / 1989 م قبيل أشهرٍ من وفاته، والذي أثار في حينه- على ما سمعته من بعض معاصري الأحداث- بلبلة في الوسط الحوزي، كادت أن تقلب الموازين فيها بسعي من السيّد أحمد الخميني (ره) لولا تدخّل بعض الشخصيّات، ونحن نترجم مقاطع‏
__________________________________________________
(1) زندگانى زعيم بزرگ عالم تشيع آيت الله بروجردى (فارسي) : 307- 312؛ وانظر حول موضوع إصلاح الحوزة وملابساته في: تاريخ شفاهى انقلاب اسلامى ايران .. پيدايش وتحولات حوزه علميه قم (فارسي) : 200- 248
(2) تاريخ شفاهى انقلاب اسلامى ايران .. پيدايش وتحولات حوزه علميه قم (فارسي) : 168
(3) تاريخ شفاهى انقلاب اسلامى ايران .. پيدايش وتحولات حوزه علميه قم (فارسي) : 255- 256؛ وانظر حول هذا الخلاف: سرگذشتهاى ويژه از زندگى امام خمينى (فارسي)، شماره 6: 60
(4) انظر: خاطرات من از استاد شهيد مطهرى (فارسي) : 88- 91، نقلًا عن الشيخ المطهّري (رحمه الله)؛ ذكرياتي مع الشهيد مطهّري: 127- 128؛ زندگانى زعيم بزرگ عالم تشيع آيت الله بروجردى (فارسي) : 322
(5) مرآة الشمس: 75
(6) انظر: صحيفه دل (2) (فارسي) : 15. وهذه النسبة بطبيعة الحال ليست إلى كبار العلماء
(7) انظر: صحيفه امام (فارسي) 21: 150 - 152.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 69

منه: «... طبعاً هذا لا يعني أن ندافع عن جميع رجال الدين؛ لأنّ رجال الدين المرتهنين والمتظاهرين بالقداسة والمتحجّرين لم يكونوا قلّة، وليسوا كذلك. في الحوزات العلميّة يوجد من يعمل ضدّ الثورة والإسلام المحمّدي الأصيل، واليوم هناك أشخاص يلجأون إلى مظاهر القداسة من أجل تحقيق مآربهم في ضرب أصل الدين والثورة والنظام، وكأنّ هذا شغلهم الوحيد. إنّ خطر المتحجّرين والمتظاهرين بالقداسة الحمقى في الحوزة العلميّة ليس بالقليل، وعلى الطلّاب الأعزّاء أن لا يغفلوا ولو للحظة واحدة عن هذه الأفاعي، إنّ هؤلاء يروّجون للإسلام الأمريكي، وهم أعداء رسول الله. ألا يجب في مقابل هذه الأفاعي ذات الملمس المخادع المحافظة على اتّحاد الطلّاب الأعزّاء؟!
في بداية المواجهة الإسلاميّة، كنتَ إذا قلت: إنّ الشاه خائن، تسمع مباشرةً من يقول: إنّ الشاه شيعي! هناك مجموعة من المتظاهرين بالقداسة الرجعيّين كانوا يحرّمون كلّ شي‏ء، ولم يكن بوسع أحد الوقوف بوجههم.
إنّ النزف الذي ألحقه هؤلاء المتحجّرون بقلب أبيكم العجوز لم تُلحقه به أيٌّ من الضغوطات والصعوبات الأخرى.
عندما راجت مقولة فصل الدين عن السياسة وصار معنى الفقاهة في منطق غير الواعين عبارة عن الغرق في الأحكام الفرديّة والعباديّة، وصار ممنوعاً على الفقيه أن يخرج من هذه الدائرة ويكسر طوق هذا الحصار ليتدخّل في أمور السياسة والحكومة، صارت حماقة رجل الدين في طريقة تعامله مع الناس تعدُّ فضيلة. وبزعم أحدهم، فإنّ مؤسّسة رجال الدين كانت تلقى الاحترام والتكريم عندما تتدفّق الحماقة من جنبيها، وإلّا فإنّ العالم الخبير بأمور السياسة ورجل الدين العاقل والواعي كان يعتبر مكّاراً.
إنّ هذه المسائل كانت رائجة في الحوزات، حتّى أنّ كلّ من يتمايل أكثر في ميشه يعدّ أكثر تديّناً. كانت دراسة اللغة الأجنبيّة كفراً، ودراسة الفلسفة والعرفان ذنباً وشركاً. في مدرسة الفيضيّة شرب ابني الحدث المرحوم مصطفى الماء من الإبريق فغسلوه، لأنّني كنتُ أدرّس الفلسفة.
لا يساورني شكٌّ في أنّ الوضع السابق لو طال، لوصلت مؤسّسة رجال الدين والحوزات إلى ما كانت عليه الكنائس في القرون الوسطى، ولكنّ الله منّ على المسلمين وعلى هذه المؤسّسة بحفظ الكيان الحقيقي لهذه الحوزات ...» «1».
11- كما أنّ السيّد محسن الحكيم (ره) تعرّض لنقد شديد إثر إفتائه بطهارة أهل الكتاب، فقد كتب الشيخ محمّد الشيخ مهدي الخالصي (ره)- وكان مقيماً حينها في كاشان- : «أفتى الحكيم بكذا وثبت كفره‏»، وقال يومذاك: إنّه في الوقت الذي نواجه فيه اليهود، فإنّ فتوى من هذا القبيل تدلّ على كفر ونفاق مفتيها «2».
إضافةً إلى ما ستجده في هذا الكتاب من الأمور المرتبطة بالسيّد الصدر (ره) والموقف منه ...
__________________________________________________
(1) انظره كاملًا بالفارسيّة في: صحيفه امام (فارسي) 21 : 273 - 293؛ وانظر ترجمةً أخرى له في: بحثاً عن نهج الإمام (2) : 79- 105؛ وانظر أيضاً رسالته (رحمه الله) إلى [الشيخ‏] محمّد حسن قديري في: صحيفه امام (فارسي) 21: 150 - 152
(2) انظر: هفتاد سال خاطره از آيت الله حسين بدلا (فارسي) : 197؛ جريان ها وسازمانهاى مذهبى سياسى ايران .. سالهاى 1320- 1357 (فارسي) : 353، نقلًا عنه.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 70

ونحن هنا أيضاً لا نريد من خلال هذا الاستعراض المختصر والسريع لبعض أحداث الماضي أن نسجّل انتصاراً لطرفٍ على آخر، وإنّما نريد الإشارة إلى أنّ ما سردناه يختزن في طيّاته مدلولين اثنين:
أحدهما: أصل وقوع الخلاف بين علمائنا رضوان الله تعالى عليهم أجمعين بمستويات مختلفة أفقيّاً وعموديّاً، الأمر الذي يعني بدوره أنّ ما قد يتعثّر به القارئ في هذا الكتاب ليس- في اتّجاهه العام- بدعاً من القول، وإنّما يأتي في سياق أمور متكرّرة الوقوع. وأنا أعتبر أنّ ما وقع ويقع أمرٌ طبيعيٌّ في ظلّ غياب إمامة فكريّة ونفسيّة معصومة قائمة بالفعل، ولكنّ المهم أن يكون الاختلاف ممّا يعتقد كلّ طرفٍ من أطرافه أنّه في سبيل خطّ تلك الإمامة.
والثاني: نقلُ علمائنا هذه الأخبار في كتبهم وتعرّضهم لها في كلماتهم، وبعضهم من الفقهاء أصحاب الفتوى، الأمر الذي يكشف عن عدم تحرّزهم من ذلك.
ولكن حيث يكون الحديث عن الماضين، فإنّ القارئ المعاصر لا يجد مزيد حزازة في التعامل مع مجريات التاريخ، لأنّ طرف المعاملة عندما يكون ميتاً، تسري بصمات موته لتخلق شيئاً من البرودة في التعامل معه. ولذلك لا يجد المحقّق حزازةً نفسيّة في تحقيق مسألة تاريخيّة تتمحور مثلًا حول استيلاء ابن عبّاس على أموال البصرة «1»، بينما لا يستطيع تحقيق مسألة من هذا القبيل ترجع إلى إنسان معاصر أو متّصل نِسبيّاً من الناحية الزمنيّة. وفي المقابل تجعل حياتُه العلاقةَ به حيّة ملؤها الحرارة والتفاعل العاطفي الواضح، وهو ما يبرّر حالات التعاطف أو الاستنفار التي قد يتركها طرحٌ من هذا القبيل، حيث يعتبر تأريخاً لمرحلةٍ متّصلةٍ بمرحلتنا.
_____________________________________
(1) انظر مثلًا: أعيان الشيعة (ط. ق) 1: 528 ،8 : 57


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 16  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 11:05 AM


أسلوب التوثيق‏

1- أستطيع أن أقول بإيجاز: إنّ المعلومات الواردة في الكتاب هي في الجملة وبشكل عام معلومات مسندة، وهي موزّعة بين المسند منّي مباشرةً وبين المسند بواسطة. وإذا كنتُ قد أرجعتُ في مقام التوثيق إلى الكتب، فما تمّ إثباته في الأخيرة هو بدوره بين مسندٍ بالواسطة وبين مسندٍ بغيرها، حيث الإرجاع غالباً إلى المقابلات والصحف العراقيّة الصادرة في إيران، وما في الصحف منقولٌ بلا واسطة على الغالب.
2- نعم، بعد أن كنتُ قد وثّقت معلومات الكتاب في مرحلة متأخّرة عن مرحلة تجميعها، فقد غاب عنّي أثناء التوثيق المصدرُ الذي أخذت منه بعض المعلومات، وقد حال ضيقُ الوقت من ناحية وعدم التمكّن من الوصول إلى المصادر من ناحية أخرى دون النجاح في تفادي هذه المشكلة، ومن هنا بقيت بعض المعلومات (مرسلة) فأشرت إلى أكثرها بـ (***)، ولكنّ عدد هذه الموارد قليلٌ جدّاً قد لا يلحظه القارئ. وكنتُ في بعض الموارد أتذكّر المصدر الذي قرأتُ فيه معلوماتي، غير

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 71

أنّه غير متوفّر لديّ، فكنتُ أذكر المصدر دون رقم الصفحة.
هذا إضافةً إلى بعض المرويّات التي طلب ناقلوها عدم ذكر اسمهم، فبقيت مرسلةً من هذه الناحية.
3- لقد كنتُ أرغبُ كثيراً في إرجاع كلّ معلومة إلى أصلها وإلى الشخص الذي ذكرها غيرَ مكتفٍ بسرد المصادر التي يمكن أن تكون قد اعتمدت جميعاً على مصدر واحد، ولكنّ هذه الخطوة تحتاج إلى شي‏ءٍ من الوقت الذي لم أغنم به حاليّاً «1».
4- وهناك ملاحظة فنيّة لم يتح لي ضيق الوقت فرصة تجنّبها بشكل كامل، وإن كنت قد راعيتها في أكثر الموارد على ما في بالي، وهي أنّ الطريقة الأسلم في التوثيق هي ذكر المصدر الأصلي ثمّ الفرعي وتقديم الأقدم على الأحدث، ولكنّني ربّما ذكرتُ- لدى تخريج المصادر- الأصلَ ثمّ أردفته بالفرع الذي نقل عنه، أو ربّما قدّمتُ الفرع على الأصل، أو ربّما قدّمتُ الأحدث على الأقدم ..
5- إنّ ما أنقله حرفيّاً عن المصادر المكتوبة أنقله بين «»، وما لا أنقله كذلك لا يمكن نسبته حرفيّاً إلى المصدر، وإن كنتُ التزمنتُ على العموم بعبارات المصادر ولم أتصرّف إلّا بحدود تغيير الضمائر وما يفرضه ربط العبارات بعضها ببعض.
6- ما كنتُ أضيفه إلى النصوص وهو ليس منها كنتُ أضعه بين [ ] تمييزاً له عمّا ورد في الأصل، وما ورد في الكتاب بين [ ] على أنواع:
فما لم أدرج إلى جانبه هامشاً توضيحيّاً فهو في الغالب تصحيحٌ لخطأ نحويٍّ أو إملائيٍّ ورد في الأصل، كما هو الحال في الوثائق الخطيّة التي قمنا بإدراجها داخل الكتاب.
وبعض ما جاء كذلك هو عبارة عن تتميم لمعلومة ناقصة وردت في الأصل، كما لو لم يرد في المصدر اسم بعض الأشخاص نتيجة النسيان وكان معلوماً لديّ، فكنتُ أضيفه بين [ ]، فإن لم أشر إلى المصدر فهذا يعني أنّه منّي.
أمّا ما أذيّله بهامش، فتوضيح حاله يظهر من الهامش نفسه.
7- ما نقلته عن المصادر المسموعة- أعني المقابلات- ووضعته بين «» قد يشتمل على شي‏ءٍ من التغيير الذي يقتضيه السياق وصحّة العبارة، وهو مقدارٌ ضئيلٌ جدّاً لا يؤثّر بتاتاً على أصل المطلب.
ثمّ إنّني أثبتُّ الحوارات التي نُقلت لي باللهجة (العاميّة) بالفصحى، ومع ذلك وضعتها بين «»، اللهمّ إلّا ما وجدتُ أنّ إبقاءه على حاله من (العاميّة) يضفي على الحدث جوّاً خاصّاً.
8- عندما أورد في الهامش مصدراً، فهذا يعني أنّني راجعته بنفسي ووصل إلى يدي، ولم أكتفٍ‏
__________________________________________________
(1) وهنا ينبغي عليّ أن أشير إلى أنّ كثيراً ممّا نقلته عن صحيفة لواء الصدر دون ذكر الناقل هو ممّا تعب على جمعه السيّد ياسين الموسوي، ولم أتمكّن لاحقاً من تدارك هذا الخلل.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 72

على الإطلاق بنقل أحد؛ فإذا كان «ب» ينقل عن «أ»، واستطعت الوصول إلى «أ»، أرجعتُ إلى «أ» وإلى «ب» نقلًا عنه. أمّا إذا لم أعاين «أ» بنفسي، أرجعتُ إلى «ب» نقلًا عن «أ» فحسب. وقد وجدتُ أنّ الكثير من الباحثين يقعون في هذه المشكلة، حيث يرجعونا إلى «أ» مع أنّهم لم يطّلعوا إلّا على «ب» الناقل عنه، وهذا بحسب ما يبدو خلاف الأمانة العلميّة.
9- إذا تكرّر المصدر الواحد فإنّنا لم نعمد إلى أسلوب التوثيق المتداول حيث الإشارة إلى (المصدر نفسه) أو (المصدر السابق) أو (م. ن)، لأنّني- على الصعيد الشخصي- كنتُ أشعر بالتشويش أثناء تنقّلي بين هوامش الكتب التي تعتمد الطريقة المذكورة، فتفاديتُ ذلك.

صياغة النصّ‏
1- لقد حاولتُ جاهداً أن أبقى في أجواء نصوص المصادر التي اعتمدت عليها، وقد عزّز ذلك ضيقُ الوقت الذي لم يسمح باستئناف الكتابة، إضافةً إلى عدم وجود ما يدعو إلى ذلك. وقد حاولتُ أن لا أخرج عنها إلّا بالمقدار الذي يتطلّبه دمج النصوص، أو المقدار الذي نقلتُه ممّا لم يسبق أن نُشر في مكان آخر، أو (تفصيح) ما كان يُنقل لي بغير الفصحى، ويضاف إليه المقدار المتعلّق بالأوصاف- التمجيديّة منها والتحقيريّة- التي حذفتُ الكثير منها في محاولةٍ للحفاظ على هدوء النصّ، وإن اعتقدتُ في بعضها بثبوت الوصف للموصوف.
2- لقد حاولتُ تهدئة جوّ الكثير من النصوص التي تتمظهر فيها مشاعر ناقليها، وذلك حرصاً منّي على التركيز على البعد التاريخي للمسألة من وجهة النظر الموضوعيّة. ومن هنا لم أثبت النصوص ذات الطابع الأدبي، إلّا في موارد نقل النصوص الحرفيّة. اللهمّ إلّا بعض الموارد التي لم أنجح فيها في عزل الجانب المعلوماتي والاقتصار عليه.
3- لا شكّ لديّ في أنّ لغة الكتاب جاءت جافّة ومملّة في كثيرٍ من فصوله، وكان ذلك نتيجة ما التزمتُ به في محاولتي الاقتصار غالباً على الجانب المعلوماتي المحض، وقد عزّز قناعتي هذه ما لاحظتُه في بعض الكتابات التي صاغت بقلمها ما جاء في مصادر أوّليّة، حيث وجدتُ أنّ الحدث قد يتعرّض لدى صياغته إلى شي‏ءٍ من التحريف ولو في بعض تفاصيله، الأمر الذي كنتُ أتجنّبه.
وإلى جانب هذا العيب، فقد بدا الكتاب لي مرهقاً، لعدم اشتماله على محطّات استراحة ولو قصيرة؛ إضافةً إلى أنّي كتبته في أوقات متقطّعة، حيث لم أكن في مزاج واحد أو طاقة واحدة ... ليأتي الكتاب بأسلوب واحد.
وعلى أيّة حال، فإنّي في الجملة مؤمنٌ بأنّ لغة الكتاب تحتاج إلى تطوير في مرحلة لاحقة وإدخال شي‏ءٍ من المحسّنات الأدبيّة عليها إذا قدّر لها الاحتفاظ بسلامة المعلومة التاريخيّة، إضافةً إلى إعادة اختيار عناوين مناسبة للفقرات، وذلك في مشروع اختصارٍ للكتاب أرجو أن أوفّق لاحقاً لإنجازه.

- 2-
متفرقات حول الكتاب‏
العقبات‏
لم أكن لأشكّ أبداً في صعوبة عمل من هذا القبيل، وقد واجهتني صعوبات عديدة تغلّبت على قسم كبير منها بعد عناء شديد، وفي ما يلي استعراضٌ لأبرز هذه المصاعب:
1- جدة المشروع، إذ من الطبيعي أن يعاني أيّ مشروع تتمُّ ممارسته حديثاً من صعوبات ومتاعب خاصّة، ترجع غالباً إلى ضبابيّة المنهج الذي ينبغي اتّباعه.
2- ليس كاتب السطور ممّن عايش الشهيد الصدر (ره) أو لقيه، بل إنّ معاصرته الزمنيّة لم تبلغ السنتين، ولهذا الفاصل التاريخي بين المصنّف وبين صاحب الترجمة أثره الذي يُلحظ.
3- إضافة إلى ذلك، فإنّ عملًا من هذا القبيل يتطلّب إلماماً كافياً بتوزّع الأحداث على السنوات التي عاشها الشهيد الصدر (ره)، في حين غاب التأريخ الدقيق عن كثيرٍ من الكتابات التي شكّلت مصادرنا في البحث والكتابة، إضافةً إلى الوثائق التي ندر فيها وجود التأريخ.
ومن هنا، فقد صعب علينا تحديد الكثير من التواريخ، الأمر الذي اضطرّنا إلى اتّباع أسلوب الحدس من خلال تجميع القرائن، وهو ما استنفذ الحظّ الأوفر من وقت إعداد الكتاب، حيث كنتُ مضطرّاً إلى قراءة الكثير ممّا يُحتمل اشتماله على قرينة تفيد في البحث.
4- العامل الزمني الذي حكمني في محاولتي هذه، حيث كان عليّ إنجاز الكتاب خلال عطل دراسيّة متقطّعة، لم أكن خلالها في مزاجٍ واحد أو جَلَدٍ واحد، ومن المحتمل أنّ الوقت لو طال، لجاء الكتاب أكمل.
ومن الجوانب التي تأثّرت سلباً بضيق الوقت تصحيح الكتاب من الأخطاء المطبعيّة وعمليّة إخراج صفحاته فنيّاً، فإنّ ضيق الوقت لم يسمح لي فعلًا بتصحيحه بشكلٍ متأنّ وإخراجه بشكل متقن.
5- التغييب العمدي وغير العمدي لكثيرٍ من الحقائق المرتبطة بتاريخ السيّد الصدر (ره)، ويقف إلى جانب ذلك إحجام بعض تلامذته المقرّبين منه عن الإدلاء بأيّة معلومات لا يشكّ الباحث في مساهمتها في الكشف عن الكثير من الخفايا والملابسات.
وإذا قدّر للقارئ الكريم أن يلاحظ أنّ هذا الكتاب لا يستند إلى بعض المقرّبين من السيّد الصدر (ره)، فذلك راجعٌ إلى إحجامهم لا إلى عدم مبادرة الكاتب.
6- وجود بعض التعديلات المخلّة التي وقعت في طبعات لاحقة لكتب تناولت حياة السيّد الصدر (ره) «1».
__________________________________________________
(1) انظر حول هذه النقطة: محمّد باقر الصدر .. حياة حافلة .. فكرٌ خلّاق: 24- 26.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 74

نوعيّة المصادر
بحسب استحضاري الآن لمحتويات الكتاب، فإنّ مصادره تتوزّع على الأقسام التالية:
1- الكتب التي كتبت خصّيصاً للحديث عن سيرة السيّد الصدر (ره)، والتي جاء بعضها على شكل تدوين لمجموعة من الخواطر، وإن اختلفت من هذه الناحية ضيقاً ووسعاً.
2- الدراسات العلميّة التي اشتملت في بعض فقراتها على أمور تتعلّق بسيرة السيّد الصدر (ره).
3- الكتب المتعلّقة بتاريخ العراق عموماً، والتي أفادت في رسم صورة أكثر وضوحاً حول الوضع في العراق.
4- البحوث والمقالات التي كتبت حول السيّد الصدر (ره) ونشرت مستقلّةً أو في مجلّات وصحف متفرّقة، والتي اشتملت على معلومات مهمّة تتعلّق بسيرته الشخصيّة أو بمسيرة العمل الإسلامي في العراق.
5- المقابلات التي أجريت مع الكثير من طلّاب الشهيد الصدر خصوصاً ومن عاصره عموماً، والتي تعب على جمعها السيّد حامد علي الحسيني، وهي محفوظة في أرشيف (المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر (قدس سره)) الذي رمزنا إليه بشعار المؤتمر المذكور).
6- المقابلات التي أجريتها بنفسي مع العديد من الشخصيّات التي عاصرت السيّد الصدر (ره) من طلّابه وغيرهم.
وكانت قناة المنار قد أجرت مجموعة من المقابلات مع عددٍ من الشخصيّات من أجل إعداد فيلم (شهيد العراق .. الصدر الأوّل) الذي ارتكز أساساً على مسودّة هذا الكتاب، والذي اشتمل على مقاطع من معظم هذه المقابلات، وقد تفضّلت إدارة (المنار) بإعطائنا نسخة كاملة عن المقابلات، فاستفدنا منها بشكل كامل وأوردنا كثيراً ممّا لم يرد في الفيلم المذكور. وقد رمزنا إلى أرشيف قناة المنار بشعارها.
وهناك ملاحظة أودّ تسجيلها في ما يتعلّق بالمقابلات وبالشخصيّات التي قابلتها: فقد سمعتُ أحدهم يوجّه انتقاداً هادئاً إلى السيّد محمّد الحسيني على عدم تنويعه بين الشخصيّات التي يقابلها وعلى تكرّر بعض الشخصيّات في كتابه بشكل ملحوظ، خاصّةً في المسائل الحسّاسة، وهذا من شأنه تضعيف قيمة شهاداتهم. ولكنّني أدرك- من خلال معايشتي وتجربتي- أنّ التقصير ليس من السيّد الحسيني، وهذا الإشكال قد يوجّه في بعض الموارد إلى كتابي وسأجيب عنه بالجواب نفسه: فقد قابلت ما يقرب من مائة شخصيّة، بعضهم لا يعرف إلا الأمور السطحيّة، أمّا من يعرف الأمور الحسّاسة فلعلّي لم أجد إلّا شخصاً واحداً لم يمانع من الإدلاء بشهادته، فما ذنب الكاتب في ذلك؟ أضف إلى ذلك أنّ طبيعة موقع الشخص قد تجعله الوحيد القادر على الإدلاء بشهادات من هذا القبيل: فمثلًا يقولون: إنّ الأمور التي يرويها الشيخ الفلاني مطعونٌ فيها لتفرّده بروايتها .. أقول: إذا هذا الشيخ هو الوحيد الذي بقي مع السيّد الصدر (ره) في فترة الحجز فكيف يمكن لغيره أن يرويها؟!

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 75

وإذا كان غيرها ممّا يرتبط بغير فترة الحجز يحتاج بطبيعته إلى شخصٍ ملازمٍ للسيّد الصدر (ره)، وكان الشيخ هو المولج بأموره (ره) الخاصّة، فكيف يمكن لغيره الإدلاء بشهادته؟! إنّ ما يتعلّق بالسيّد الصدر (ره) والتنظيم مطعونٌ فيه؛ لأنّ رواته من المنتسبين إلى التنظيم .. أقول: إنّ جلّ هذه الأمور ممّا لا يُمكن لغير المنظّم أن يطّلع عليها، فكيف يتوقّع منه الإدلاء بشهاداته حولها؟!
7- الوثائق الخطيّة الكثيرة التي ساعدت بشكل كبير على صقل الصورة التاريخيّة لكثيرٍ من الأحداث وتدعيم جملة من الشهادات التاريخيّة في مقابل أخرى.
أمّا ترتيب الوثائق بحسب التسلسل الزمني، فالحقيقة أنّ كثرة الوثائق وخلوّ أكثرها من التواريخ من ناحية وضيق وقتي من ناحية أخرى، حتّم وجود بعض الخلل في تقديم وتأخير بعضها، وأنا أعتقد بأنّها بحاجة إلى إعادة نظر فيما يتعلّق بهذا الجانب.
8- المصادر الفارسيّة: لا شكّ لديّ في أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران قد بذلت جهوداً جبّارة في إرساء قواعد مؤسّسات علميّة تعنى بشؤون التراث والاهتمامات الثقافيّة المعاصرة لم تبذلها- بحسب علمي- أيٌّ من الدول المجاورة. ويكاد المرء يعجب من السعي الحثيث في سبيل تعميم ثقافة الكتاب والقراءة من خلال تشييد مؤسّسات التحقيق والتأليف والنشر والعرض والمكتبات العامّة المجانيّة...
أمّا في ما نحن فيه: فقد أولت الثورة الإسلاميّة- وبتشجيع من الراحل السيّد الإمام الخميني (ره)- اهتماماً بالغاً بتدوين تاريخ الثورة، فقامت المؤسّسات التي تكفّلت توثيق وقائعها وجمع مستنداتها وتبويبها وترتيبها، إضافةً إلى تكفّلها طباعة ما ينتجه الكتّاب والمؤلّفون إذا كان حائزاً على الشروط العلميّة. هذه المشاريع التي نفتقدها فيما يتعلّق بتاريخ العراق ولبنان مع الحاجة الماسّة إليها.
ومن هذا المنطلق فقد وقفت أمام مادّة ضخمة جدّاً حول تاريخ الثورة الإسلاميّة في إيران، رافقتها معلومات هامّة تتعلّق بتاريخ العراق، نتيجة اللحمة بين تاريخي البلدين في كثيرٍ من المجالات، فلم أتردّد في ترجمتها والاستفادة منها في كتابي.
9- تقارير المخابرات الإيرانيّة: والتي ورد فيها الحديث عن السيّد الصدر (ره) لمناسبةٍ وأخرى. وقد عثرت في تقريرٍ من التقارير المرتبطة بالسيّد موسى الصدر على إشارة إلى وجود ملف لدى المخابرات الإيرانيّة يتعلّق بالشهيد الصدر (ره) حيث جاء: «در پرونده محمد باقر صدر بايگانى شود 14 / 7 / 53»، أي: «يحفظ في ملف محمّد باقر الصدر». وهذا يعني وجود ملفٍّ له (ره) في وزارة الأمن الإيرانيّة، نرجو أن ينشر على ضمن الأعمال التي تقوم بها الوزارة في هذا السياق.
10- يُشار إلى أنّ صحيفة (جوان) الإيرانيّة أشارت في عددها (1783) الصادر يوم الأربعاء 6 / 7 / 2005 م إلى أنّ صحيفة (الفرات) العراقيّة بدأت تنشر تقارير المخابرات العراقيّة المتعلّقة بالسيّد الصدر (ره) ابتداءً من عام 1963 م. وذكرت نقلًا عن الصحيفة المذكورة أنّ الوثيقة الأولى التي نشرت تتعلّق بإصدار إقامة للسيّدة فاطمة الصدر زوجة الشهيد الصدر (ره)، ولكن لم تتح لنا فرصة الاطّلاع‏ على هذه الوثائق «1».
__________________________________________________
(1) روزنامه جوان، چهارشنبه 15 / تير / 1384 هـ. ش، سال هفتم، شماره (1783) : 3. وقد ذُكر لي أنّ الصحيفة المذكورة هي صحيفة (الشاهد) لا (الفرات).

مراحل العمل‏
لقد قمتُ بجمع عدّة مئات من الدراسات والمقالات التي كتبت حول السيّد الصدر (ره)، ثمّ عزلت البحوث العلميّة- القرآنيّة، الفلسفيّة، العقائديّة، الفقهيّة، الأصوليّة، السياسيّة ...- وخصّصتُ لها مشروعاً مستقلًّا ولم آخذها بعين الاعتبار في هذه الدراسة، ثمّ أتيتُ إلى ما يرتبط بالسيرة والتاريخ فقرأته واستخرجتُ منه الجانب التاريخي المعلوماتي، إلى جانب عددٍ ضخمٍ من الوثائق الخطيّة التي وفّقني الله تعالى إلى الحصول عليها، مضافاً إلى ما حصلتُ عليه بالمشافهة.
وبعد ذلك عمدتُ إلى المصادر التي أرّخت للحقبة المنصرمة أو تناولتها من قريبٍ أو بعيد، وطبّقتُ عليها الأمر نفسه.
بعد هذا وذاك بدا لي الكمُّ الكبير والمتراكم من المعلومات كقطع مبعثرةٍ للوحةٍ كبيرةٍ عن حياة الشهيد الصدر والحركة الإسلاميّة سعيتُ إلى رسمها، فكان عليّ ترتيب هذه القطع من أجل استكمال رسم اللوحة المنشودة. ومن هنا كان عليّ اجتياز ثلاث مراحل:
الأولى: استكمال عدد قطع هذه اللوحة، الأمر الذي دفع بي إلى قراءة المزيد، ثمّ الالتقاء بصحب الصدر وآله والاستفسار منهم عن تفاصيل الحلقات المفقودة.
الثانية: تحديد هويّة الكثير من القطع التي لم تكن بالنسبة لي ذات شكل هندسي وهويّة تاريخيّة محدّدة يمكنني على أساسها أن أضعها في مكانها المناسب، فكان عليّ من أجل ذلك تجميع الكثير من القرائن، وكان ذلك يتطلّبُ- أثناء شحذ القطع- إحاطةً بحياة الصدر واستحضاراً فوقيّاً لها.
وأنا على اعتقاد بأنّ توزيع الكثير من الأحداث قد يكون بحاجة إلى إعادة نظر، وهو يحتاج بدوره إلى فسحة من الوقت غير متوفّرة حاليّاً.
الثالثة: ترتيب قطع اللوحة تمهيداً لرسم الصورة المنشودة. وعلى الرغم من الصعوبة التي اكتنفت هذه المرحلة، إلّا أنّها بدت لي أسهل أخواتها.
وقد بان لي بعد اكتمال المرحلة الثالثة أنّ عدداً من القطع ينقصني، فسعيتُ وراء تحصيله ما استطعتُ، ولكنّ كبر اللوحة وسعة مساحتها قد حالا دون ظهورها لوحةً مشوّهة منقوصة بدرجة فادحة.
وأريد للقارئ أن يدرك أنّ عمليّة تنسيق النصوص وترتيبها في نصٍّ يُنتج قصّة، وفي الوقت نفسه يحافظ على الأمانة المعلوماتيّة، لم تكن على الإطلاق عمليّةً سهلة؛ فالقارئ غالباً ما يتصوّر أنّ الجهد الذي يبذله الكاتب والوقت الذي يصرفه في التحقيق يوازي الجهد والوقت الذي يصرفه هو

__________________________________________________
(1) روزنامه جوان، چهارشنبه 15 / تير / 1384 هـ. ش، سال هفتم، شماره (1783) : 3. وقد ذُكر لي أنّ الصحيفة المذكورة هي صحيفة (الشاهد) لا (الفرات).

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 77

في القراءة، في حين قد يحتاج الباحث إلى صرف عشرين ساعة في تحقيق حادثة لا يحتاج القارئ في قراءتها سوى إلى دقيقة.

تاريخ الأحداث‏
1- هناك مجموعة من الأحداث لم أستطع الحدس بتاريخ وقوعها، فما كان منها يناسب بعض الأحداث ذات التاريخ المعلوم أدرجته في ذيلها من باب المناسبة؛ وما كان منها معلوم السنة ولكنّه غير معلوم التاريخ على وجه التحديد جمعته في ذيل أحداث ذلك العام.
ويُستثنى من ذلك بعض الأحداث معلومة التاريخ، والتي أدرجتُها في ذيل غيرها من الأحداث لوجود مناسبة قويّة تقتضي ذلك بعد أن لم يكن ذلك يؤثّر على صورة الأحداث.
وهنا أشير إلى أنّ الكثير من الشهادات والخواطر قد ورد فيها تواريخ محدّدة، ومع ذلك فقد تبيّن لي- بضرسٍ قاطع- خطؤها، فكنتُ أعمل وفق ما أتوصّل إليه مشيراً إلى وجه ذلك.
2- كنتُ أحياناً أحصل على قرائن تاريخيّة تغيّر قناعاتي في بعض ما كتبته، فأعدّله على ضوئها، وكان يلزمني تعديل ما يترتّب على تلك المعلومات المعدّلة، فكنتُ أعالج ما تسمح باستحضاره الذاكرة، وربّما بقي ما هو بحاجة إلى التعديل.
3- لقد اتّبعت التاريخ الهجري في عرض الأحداث، وقد حاولت أن لا يفوتني عطفه بالتاريخ الميلادي. والقاعدة العامّة هي أنّ ما ذكر في المصادر بالتاريخ الهجري اعتمدتُ فيه التاريخ الهجري وذكرت الميلادي بين قوسين، والعكس صحيح.
أمّا تحويل التاريخ الهجري إلى الميلادي وبالعكس، فقد اعتمدت فيه على برنامج (نجوم اسلامى) الصادر عن مركز الأبحاث الفلكيّة في مدينة قمّ المشرّفة.
نعم؛ ما أثبتت المصادر تاريخه بالميلادي والهجري معاً اعتمدته كما هو وإن خالف ما جاء في برنامج (نجوم اسلامى)، اللهمّ إلّا أن أطمئنّ إلى أنّ المصدر قد ذكره عن حدس لا عن حسّ وقامت قرائن على عدم صحّته، كما لو قامت أدلّة أجنبيّة على تحديده (وهو ما وقع مراراً في الكتاب)، أو صرّحت المصادر بتاريخه الهجري وفي أيٍّ من أيّام الأسبوع وقع، فإنّ تحديد التاريخ الميلادي في ضوء ذلك يمكن أن يتمّ بدقّة من خلال البرامج الكمبيوتريّة.

المتن والهوامش‏
1- لقد سعيتُ- ما أمكنني- أن أكتب عن (محمّد باقر الصدر) بشموليّة، ومن هنا فقد حاولتُ غالباً أن أذكر- أثناء عرض الأحداث- أكبر عدد ممكن ممّا عثرتُ عليه من وقائع وأحداث، ثمّ حاولتُ أن أسرد ما اطّلعتُ عليه من أقوال وآراء تتعلّق بالقضيّة الواحدة.
وكنتُ إذا رجّحتُ قولًا دون آخر سطّرتُ الراجح- أو ما قد أميل إليه- في المتن وأشرتُ في الهامش إلى المرجوح، وإذا تساويا عندي ولم أجد ما يقدّم أحدهما على الآخر سطّرتهما في المتن‏

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 78

معاً على نحو (قيل .. وقيل) أو جعلتُ ما كان أكثر شهرةً في المتن وأشرتُ إلى الآخر في الهامش.
2- لم تخلُ صفحات الكتاب من هوامش تعليقيّة توزّعت مهامها على الشكل التالي:
أ- بيان الوجه في اختيار وتوزيع بعض التواريخ والأحداث حيث يكون المدرك هو الحدس وتجميع القرائن، وربّما خالفتُ الناقلين أنفسهم في تحديدهم تاريخَ الأحداث.
ب- محاكمة ما اختلفت المصادر المعتمد عليها في نقله، حيث لم يكن من طريقٍ سوى اللجوء إلى تجميع القرائن من أجل ترجيح قول من الأقوال، أو اختيار قول جديد.
ج- سرد الأمور التفصيليّة التي قد لا تعني سوى بعض المحقّقين والدارسين.
د- إثبات بعض الخواطر التي وجدتُ مناسبةً ثانويةً لذكرها في هامش حادثة معيّنة.
3- حاولت الالتزام بتخريج ما جاء في الكتاب من آيات قرآنيّة وروايات وأشعار وأقوال وأمثال وما إلى ذلك، وإن لم يكن مخرّجاً في الأصول والمصادر التي استفدنا منها، وذلك تتميماً للفائدة، وقد استفرغت الوسع في توثيق كلّ ما ورد في الكتاب «1».
يُشار في هذا المقام إلى أنّ التشابه الموجود بين تحقيق جملة من مطالب الكتاب وبين تحقيق كثيرٍ ممّا جاء في مجلّد (ومضات) ضمن (تراث الشهيد الصدر) راجعٌ إلى أنّ تنسيق وترتيب وتحقيق الكتاب المذكور كان قد أسند إليّ، بعد أن أنجز قسماً منه الشيخ مجتبى المحمودي.
4- إنّ مساحةً لا بأس بها من الكتاب قد شغلتها كثرةُ الهوامش والتحقيقات والتعليقات والتفريعات. وأنا على اعتقادٍ تام بأنّ هذا ضروريٌّ للكتاب في هذه المرحلة، مرحلة التثبّت من الأحداث التاريخيّة. ولكنّي في الوقت نفسه على اعتقادٍ بإمكانيّة التخفيف من ذلك في خطوات لاحقة إن شاء الله تعالى، خاصةً إذا دخلت الكثيرُ من الأحداث في دائرة الثبوت التاريخي، أو بدا لنا دخولها.

الملحقات‏
لقد عمدتُ في آخر الكتاب إلى إدراج بعض الملحقات التي قد لا تخلو من فائدة، خاصّةً بالنسبة إلى الباحثين والمعنيّين.
الملحق الأوّل: عرضت فيه آثار الشهيد الصدر (ره) المطبوعة وغيرها، مع ذكر ترجماتها التي عثرت عليها باللغات الثلاث: الفارسيّة، الإنجليزيّة والفرنسيّة.
الملحق الثاني: عرضت فيه أبرز طبعات كتبه وما تمتاز به طبعة على أخرى.
الملحق الثالث: عرضتُ فيه قائمة موسوعة (تراث الشهيد الصدر (قدس سره)) الصادرة عن المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر (قدس سره).

__________________________________________________
(1) ربّما اعتمدتُ في بعض التخريجات طبعةَ دار إحياء التراث العربي لكتاب (بحار الأنوار) إلى جانب الطبعة التي اعتمدتُها أساساً، وهي طبعة مؤسّسة الوفاء.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 79

الملحق الرابع: عرضت فيه- ضمن ثلاثة أقسام- عناوين ما كتب من مقالات وأبحاث حول السيّد الصدر (ره)، وذلك عوناً للباحثين.
الملحق الخامس: عرضتُ فيه ما حصلت عليه من تواريخ دروسه الأصوليّة.
الملحق السادس: عرضتُ فيه قائمة بأسماء طلّاب الشهيد الصدر (ره).
وكنتُ أفكّر في تخصيص ملحق أقيّم فيه صحّة ما نسبه إلى السيّد الصدر (ره) بعض تلامذته في بعض ما نشره وفي بعض أحاديثه. ولكنّي فضّلتُ لاحقاً الاستغناء عنه والاقتصار على ما جاء في الكتاب ممّا أراه صالحاً لبيان حقيقة الحال، ولم أجد داعياً لأخلق جوّاً لم أرده.

الوثائق والصور
1- إلى جانب الملحقات فقد أثبتُّ في آخر الكتاب كافّة ما وقع تحت يديّ من وثائق وصور متعلّقة بالشهيد الصدر (ره) أو ببعض مباحث الكتاب، وقمتُ بالإشارة إلى مصدرها.
وبفضل جود السيّد نور الدين الإشكوري الذي سمح لي بالاستفادة من أرشيف (المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر (قدس سره))، فقد حصلت على أرشيف ضخمٍ نسبيّاً بلغ عدد وثائقه (574) وثيقة، إضافةً إلى ملحق بوثائق للشهيدة بنت الهدى (ره) «1».
__________________________________________________
(1) وهناك مجموعة من الرسائل التي لم نحصل عليها، منها ما هو مفقود، ومنها ما لم يتفضّل أصحابها بها، ومنها ما لم يتيسّر أمر الاتّصال بأصحابها، نذكر من مختلف المجموعات رسائله (رحمه الله) إلى: عمّه السيّد صدر الدين الصدر (موجودة عند السيّد محمّد باقر خسروشاهي الذي ينوي نشرها قريباً)، السيّد أحمد العلوي الغريفي، السيّد تقي القمّي، الحاج حامد عزيزي، الأستاذ حسن الزين، السيّد حسين الخادمي، السيّد حسن القمّي، الأستاذ راجة محمود آباد، الدكتور زهير الغزّاوي، الدكتور صادق الطباطبائي، السيّد السلطاني الطباطبائي، السيّد شرف، الأستاذ الطويل، الشيخ علي كوراني (بعض)، السيّد علي العدناني، السيّد علي ناصر السلمان، السيّد كاظم الحائري (بعض)، السيّد مرتضى الجزائري؛ السيّد مرتضى الحكمي، السيّد مرتضى العسكري، الدكتور محمّد أبو السعود، الأستاذ محمّد أسد شهاب، السيّد محمّد باقر الحكيم (رحمه الله)، السيّد محمّد بحر العلوم، الشيخ محمّد تقي الجعفري (رحمه الله) (بعض)، الشيخ محمّد تقي الفقيه (رحمه الله)، الشيخ محمّد جعفر شمس الدين (بعض)، الشيخ محمّد جواد مغنيّة (رحمه الله) (بعض)، السيّد محمّد حسين الطباطبائي (رحمه الله)، الشيخ محمّد رضا الجعفري، الدكتور محمّد شوقي الفنجري، السيّد محمّد علي الباقري، الشيخ محمّد مهدي شمس الدين (رحمه الله)، الأستاذ محمود جبر، الشيخ محمود الخليلي، الأستاذ محمود سالم (بعض)، الدكتور محمود فهمي زيدان، السيّد محمود الهاشمي، الأستاذ مصطفى الزرقا، السيّد مهدي صدر عاملي، السيّد موسى الصدر، السيّد مير محمّد القزويني (بعض)، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، السيّد نور الدين الإشكوري (بعض)، السيّد هاشم معروف الحسني.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 17  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 11:06 AM


الألقاب‏
يقول الشيخ محمّد جواد مغنيّة (ره) تحت عنوان (الألقاب) : «.. ومن أعطى لنفسه فضائل ليست فيه فقد عاش في جنّة الأساطير، تماماً كذلك الطفل المدلّل الذي سأل أباه أن ينزل القمر من كبد السماء ليلعب به (فطبولًا)، أو كهذا الشيخ الذي كتب بالخط الطويل العريض على ما جمع وطبع: (تصنيف فلك الفقاهة،

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 80

سلطان قلم التحقيق والنباهة، شيخ الطائفة وقدوة مجتهدي الفرقة المحقّة، نائب الإمام وباب الأحكام، غياث المسلمين وحجّة الإسلام، آية الله في الأنام، الفقيه المخالف لهواه إلخ). قطب وفلك وسلطان وغياث وباب وآية ونائب وحجّة .. ولا مدلول وراء ذلك إلّا الأحلام ومضغ الكلام! ولا أدري كيف وصف هذا الشيخ نفسه بالعلو والشموخ أو يرضى به- على فرض أنّه من غيره- وهو مخالفٌ لهواه وزاهدٌ في الرفعة والجاه؟ ولهذا الشيخ المغرق في المتاهات أكثر من شبيه، ويا للأسف» «1».
ويقول (ره) في موردٍ آخر: «ومن هنا كانت هذه الفوضى والتطفّلات، وهذا التكالب على لقب تقي وأتقى، وورع وأورع، وزاهد وأزهد، والعلّامة الأوحد، وحجّة الله وآيته، ومرجع عالي وأعلى، ومجتهد كبير وأكبر، إلى آخر ما هو شائع ذائع، بخاصّة في إيران، مصدر هذه الطنطنات ومسقط رأسها .. وقد كثر التسابق إلى هذه الألقاب بعد أن اشتهرت الفتوى بوجوب الرجوع إلى الأعلم في التقليد»«2».
ويقول الشيخ محمّد مهدي شمس الدين (ره) حول مصطلح (مرجع أعلى) :
«.. وأقول للتاريخ: إنّنا في عهد الإمام السيّد محمّد باقر الصدر كنّا مجموعة من الناس- وأنا واحدٌ منهم- رحم الله من توفّاه، وحفظ الله من بقي حيّاً، نحن اخترعنا هذا المصطلح في النجف، اخترعنا مصطلح مرجع أعلى، وقبل مرحلة الستّينات لا يوجد في أدبيّات الفكر الإسلامي الشيعي هذا المصطلح على الإطلاق. هذا المصطلح نحن أوجدناه: السيّد محمّد باقر الصدر، السيّد محمّد مهدي الحكيم، السيّد محمّد بحر العلوم- ولعلّه يمكن أن أقول: إنّ جانب السيّد الشهيد الصدر (رضى الله عليه) كان في هذا الرعيل، وهو أعلاهم وأسماهم- والداعي أنا محمّد مهدي شمس الدين، كنّا مجموعة نعمل في مواجهة نظام عبد الكريم قاسم المؤيّد للشيوعيّة في نطاق جماعة العلماء، وفي نطاق مجلّة (الأضواء)، وأردنا أن نوجّه خطاباً سياسيّاً للخارج، سواء كانت مرجعيّة السيّد الحكيم (رضى الله عليه) هي المرجعيّة البارزة وليست الوحيدة، أو كانت مرجعيّة السيّد [البروجردي‏] في إيران هي المرجعيّة البارزة، اخترعنا هذا المصطلح واستعملناه، وآسف لأنّه أصبح مصطلحاً رائجاً، وهو لا أساس له على الإطلاق، استخدمناه وأفادنا الكثير، ولكنّنا استخدمناه كآليّة، ولم نكن مؤقّتاً نريده غلًّا، ولا نريده عائقاً»«3» ...
في ما يتعلّق بالألقاب، ابتعدتُ في هذا الكتاب عن تسطير الألقاب التي تحمل في مدلولها اللغوي أكثر ممّا تكشف عنه من واقع «4»، واكتفيتُ بذكر لقب (السيّد) و (الشيخ) و (الأستاذ) ... وعزفت عن ذكر ألفاظ (الفضيلة) و (السماحة) و (الحجّة) و (آية الله) و (آية الله العظمى) وغيرها، لأسباب عديدة، منها اجتناب تضخّم الكتاب، باعتباره مليئاً بأسماء الأعلام بحسب ما يقتضيه‏
__________________________________________________
(1) صفحات لوقت الفراغ: 45- 46
(2) عقليّات إسلاميّة1: 487
(3) الاجتهاد والتجديد في الفقه الإسلامي: 145- 146
(4) من قبيل آية الله العظمى وهو ليس بأعظم آيةٍ لله. وقد وقعت عيني على كتاب فقهي استدلالي لأحد علماء القرن المنصرم (رحمه الله)، وقد جاء فيه: «... سماحة حجّة الإسلام والمسلمين وآية الله في العالمين ...»، وهو ما جاء أيضاً في رسالته العمليّة. والعبارة نفسها جاءت على غلاف رسالةٍ عمليّة فارسيّة لأحد المراجع المعاصرين، حيث جاء: «حضرت حجّة الإسلام والمسلمين، آية الله في العالمين ..».


السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 81

موضوعه.
وعلى أيّة حال، وبحسب تعبير السيّد الصدر (ره)، فإنّ «الوجود الحقيقي لا يحتاج إلى ألقاب‏»، وتنبغي الكتابة «بدون رتوش وجمل إنشائية .. ويُقتصر على ذلك بدون ألقاب وإنشاءات إلّا بالقدر الذي لا يجعل الكلام ممّا ينتزع عنه الجفاء أو سوء الأدب لا أزيد من ذلك‏»، وقد وجدتُ أنّ المقدار الذي لجأت إليه يفي بالغرض بشكل كامل، وليس في بالي الآن موردٌ واحد يشعر بهذا الجفاء.
ثمّ إنّي كنتُ قد درجتُ على استخدام عبارة (السيّد الشهيد) و (الشهيد الصدر) و (الإمام الخميني) و (الإمام موسى الصدر)، بناءً على خلو الأمر من التكلّف عند عامّة الجمهور، بعد أن صارت هذه الألفاظ أشبه بأسماء الأعلام، ولكنّني مع ذلك ارتأيتُ لاحقاً حذفها من المتن- ما عدا المقدّمة- والاكتفاء بـ (السيّد الصدر) و (السيّد الخميني) و (السيّد موسى الصدر)، محاولًا في ذلك عدم إيقاع القارئ تحت التأثير النفسي الذي قد تتركه هذه الألفاظ في ما يُصطلح عليه بمنطقة (اللاوعي)، وإن كنتُ أراهم أئمّةً في ما قالوا وفعلوا.
وكنتُ قد استخدمتُ في الكتاب عبارة ((قدس سره)) بشأن بعض الأعلام، ثمّ ارتأيتُ أن أحذفها- إلّا ما كان جزءاً من عنوان- فراراً من التبعيض بين شخصيّات الكتاب، بعد الفراغ عن أنّي لم أكن لأستخدمها بحقّ الجميع، لأنّ العبارة تفترض وجود سرٍّ ما في مرحلة سابقة، هذا إذا فرضنا أنّ المراد واضحٌ بشكل كافٍ.

المسائل الفنيّة
1- لقد قمت بتنضيد الكتاب وتصحيحه ومراجعته وإخراجه بنفسي، ولمّا بلغت مرحلة الإرهاق النفسي والجسدي الشديد نتيجة العمل الصيفي المتواصل، أعانني الأخ الشيخ أحمد عمّار الذي آزرني- مشكوراً- بتنضيد قسمٍ كبيرٍ من الوثائق الخطيّة والكلمات، قبل أن أقوم بمطابقتها وتصحيحها والتعليق عليها توضيحاً. وهنا أعترف بأنّ تقطيع النصوص- من حيث النقاط والفوارز- ربّما يحتاج إلى إعادة نظر، نتيجة السرعة التي حكمت إنجاز العمل.
2- لقد عمدت إلى تصحيح الكتاب من خلال جهاز الكمبيوتر لا من خلال الأوراق، الأمر الذي يؤدّي بطبيعته إلى وجود عدد لا بأس به من الأخطاء المطبعيّة، وقد مررت على أحداث السنوات الأخيرة (1392- 1400 هـ) مروراً سريعاً نتيجة ضيق الوقت ومحاولتي الإسراع في طبع الكتاب قبل بداية العام الدراسي. وإلى جانب هذا، فمن المعروف لدى أهل الفنّ في مجال تصحيح النصوص وتقويمها أنّ من الخطأ تصدّي المؤلّف نفسه لتصحيح ما كتب، لأنّ الأخطاء تكون مختزنة في ذهنه بنحوٍ يغفل عنها إذا تعثّر بها.
وأثناء مروري السريع على بعض فقرات الكتاب تعثّرتُ بمجموعة من الأخطاء، وقد وجدتُ أنّ كثيراً منها ناجمٌ عمّا كنتُ أقوم به أحياناً من تعديل عبارةٍ كتبتها، ثمّ أغفل عن ترتيب الأثر النحوي الذي تقتضيه العبارة الجديدة، وحيث إنّ الاحتفاظ بالكتاب لإعادة قراءته وتصحيحه من جديد كان‏

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 82

سيؤخّر ذهابه إلى الطبع إلى أجلٍ غير مسمّى، فقد أغمضت النظر عن ذلك. وبسبب ضيق الوقت أيضاً لم أقم لحدّ الآن بوضع فهارس فنيّة ضروريّة كفهرس الأعلام مثلًا، إلّا إذا سنحت الفرصة لاحقاً. كما أنّ الكتاب بحاجة إلى كشّاف موضوعي لتيسير وصول القارئ إلى آراء السيّد الصدر (ره) في مختلف المجالات.
3- في ما يتعلّق بإخراج الكتاب، حرصتُ على أن لا يزيد المدُّ عددَ الأجزاء عن الحد، فعمدتُ إلى تصغير حجم الخط وزيادة عدد الأسطر في الصفحة، ثمّ إثبات وثيقتين في الصفحة الواحدة من الجزء الأخير، لتصبح الأجزاء خمسة بعد أن كان حقّها أن تكون ثمانية. وبعض العيوب المتعلّقة بإخراج الكتاب ناجمة عن ضعف برنامج (وورد) في هذا الجانب، خاصّةً التغييرات التي تطرأ على الإخراج لدى تحويل الملف إلى (بي. دي. إف).
4- هناك العديد من الألفاظ التي تشتمل على أحرف أجنبيّة عن أحرف اللغة العربيّة، فما لم يكن منها اسماً لعلم أثبتّه بحسب أحرف اللغة العربيّة كما في (إنجليزي)، وما كان منها كذلك وكان دارجاً في اللغة العربيّة نطقه بذلك الحرف أثبتّه بحرف أجنبي كما في (الگلپايگاني). أمّا ما كان يلفظ منها بأحرف العربيّة فقد أثبتّه بحسب أحرفها، كما في كلمة (القپانچي) التي تلفظ (القبانجي)، وإن كان الصواب الاقتصار على أحرف اللغة العربيّة في الحالات كلّها.
5- لم ألتزم بمجانبة ما بات يُصطلح عليه اليوم بالأغلاط أو الأخطاء الشائعة، نحويّاً وإملائيّاً وصرفيّاً، خاصّةً بعد ملاحظة طبيعة موضوع الكتاب «1»، هذا إذا بنينا على أنّ اللغة العربيّة لا تسمح بتداول هيئات وصيغ كلاميّة جديدة لم يعرفها السابقون.
وبعيداً عن هذا، فقد جعلني في سعةٍ من أمري الخلاف الحاصل بين أعلام هذا الفن أنفسهم، فما تكاد تركن إلى عدّ بعض التعبيرات خطأً شائعاً اعتماداً على كلام أحدهم حتّى يقنعك آخر بأنّه ليس كذلك. وأكتفي ببعض الأمثلة التي قد يتكرّر ذكرها في الكتاب:
* منها التحيّز الصارم لمذهب البصريّين في عدم تجويزهم النسبة إلى الجمع، ولزوم النسبة إلى المفرد، ولذلك قالوا «دَولي» بدل «دُولي»، و «عقيدي»- بل «عَقَدي»- بدل «عقائدي»، مع أنّه لا إشكال في صحّة النسبة إلى الجمع ووقوعها في كلام العرب، كما هو الحال في (الدوانيقي) مثلًا «2» وعشرات الموارد الأخرى من أنساب رجال معروفين في التاريخ «3»، فيصحّ قولنا: (عقائدي) إذا أردنا النسبة إلى الجمع.
__________________________________________________
(1) لو أراد السيّد الصدر (رحمه الله) الأخذ بهذه التدقيقات- بعيداً عن صحّتها- لأسمى مذهبه المعرفي في كتاب (الأسس المنطقيّة للاستقراء) : «المذهب الذووي في الأسس المنطقيّة للتقرّي» بدل «المذهب الذاتي في الأسس المنطقيّة للاستقراء»، كما أنّ عبارة (البنك اللاربوي) غير صحيحة، والصحيح (البنك غير الربوي) (راجع بشكل خاص هوامش كتاب: السيّد محمّد باقر الصدر .. دراسةٌ في المنهج)
(2) قل ولا تقل: 269
(3) انظرها في: في التراث اللغوي: 415.


السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 83

* وكذلك نسبتهم إلى «فَعَلي» من «فعيلة»، فقالوا «بَدَهي» و «طَبَعي» و «كَنَسي»، من «بديهة» و «طبيعة» و «كنيسة»، وذلك على وزان «حَنَفي» من «حنيفة». مع أنّ النسبة إلى «فَعَلي» مختصّة بالأعلام وما يشبهها، من قبيل حنيفة مثلًا، وما عداها يُنسب على «فعيلي»، فيقال «بديهي» و «سليقي» و «طبيعي» و «كنيسي» و «قبيلي» «1». وإذا أردنا الاستفادة من استقراء الدكتور مصطفى جواد في موارد لم يتعرّض لها، فلا يصحّ ما بات متعارفاً في الكتابات المعاصرة من النسبة إلى (عَقَدي) من (عقيدة)، بل الصحيح (عقيدي) إذا أردنا النسبة إلى المفرد بناءً على مذهب البصريّين، أو (عقائدي) إذا نسبنا إلى الجمع بناءً على أحد وجهَي المدرسة الكوفيّة.
* أو في تخطئتهم دخول اللام على ما كان في الأصل مفعولًا به للمصدر، كما في: «نصيحتك إيّاهم» بدل «نصيحتك لهم»، مع أنّ استخدام لام (التقوية)- التي تتقدّم المفعول به تقويةً لعاملٍ قد ضعف أصلًا أو عرضاً- رائجٌ في كلام العرب وفي القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ «2»، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ «3»، سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ «4» «5»، ومع ذلك فقد استغنينا عن خدماتها حيث وجدنا مجالًا لذلك.
* ومنها قولنا على سبيل المثال «مدير عام المجالس التنفيذيّة»، فإنّ الصحيح: «مدير المجالس التنفيذيّة العام». وما وقع على هذا النحو هو من الغلط الفاحش عند الدكتور جواد «6».
6- هناك بعض الكلمات وقعت محلّ اجتهاد أو اختلاف في ما يتعلّق برسمها الإملائي من قبيل «نموذج» و «أنموذج»، حيث يصرّ العديد من المدقّقين المعاصرين على إثبات الألف، مع أنّ رسمها بدون الألف جائز في كلام العرب «7»، وقد وردت في أشعارهم برسميها على ما ظهر لنا بالبحث والتتبّع. وفي هذه الحالة اعتمدنا على ما هو أقرب إلى اللغة الأم، فأثبتنا «نموذج»، لأنّه أقرب إلى لغته الأم «نموده» بمعنى ظاهر «8»، أو «نمونه» بمعنى عيّنة أو مثال، خاصّة أنّ دأبهم في كلمات أخرى هو الاكتفاء بإثبات (ذج) و (زج) و (سج) بدل (ده) و (زه) و (شه) دون إضافة الألف، كما في «فالوذج» من «فالوده»، و «فيروزج» من «فيروزه»، و «بنفسج» من «بنفشه»، وهي كلمات ذكر الثعالبي أنّها ممّا تفرّد به الفرس دون العرب «9». وكذلك الأمر بالنسبة إلى «إصفهان» بدل «أصفهان»، فحيث ورد الرسمان في كتب اللغة أثبتنا ما هو أقرب إلى تلفّظ الإيرانيّين أنفسهم، وهو «إصفهان».
__________________________________________________
(1) قل ولا تقل: 266- 268؛ في التراث اللغوي: 73
(2) النساء: 34
(3) ق: 25
(4) المائدة: 41
(5) انظر: معجم الأغلاط اللغويّة المعاصرة: 595
(6) في التراث اللغوي: 385
(7) المصباح المنير: 625
(8) انظر حول تعريب «نموذج» من «نموده»: معجم المعرّبات الفارسيّة: 179
(9) فقه اللغة: 274- 276.


السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 84

إضافةً إلى بعض الاجتهادات في باب رسم الهمزة من قبيل (يقرؤه) بناءً على أنّ الهمزة متوسّطة ولو بعد إضافة الضمير، بدل (يقرأه) بناءً على أنّ الهمزة في الأصل متطرّفة، ولعلّنا استخدمنا الرسمين.
أمّا «مائة» فقد أثبتناها بهذا الرسم تبعاً للرسم القرآني والمتداول في كتب اللغة بناءً على عدم تلفّظ الألف ورجوع رسمها في الحقيقة إلى «مئة»، الذي هو رسمها الصحيح.
هذا إلى جانب بعض موارد همزة (انّ) التي تكون تابعة إلى مراد المتكلّم أو الكاتب، أو بعض الموارد التي تكون محلَّ خلاف بين علماء النحو والإملاء.
نعم، ربّنا لم ألتزم بإثبات همزة القطع إذا جاءت في ابتداء الكلام وكان حقّها الوصل في وسطه، مع أنّ الصحيح أن تكون همزة قطع حين ورودها في ابتداء الكلام.
كما ربّما لم ألتزم تماماً بتجنّب بعض الصيغ المتداولة، كما في: «إنّه كمؤلّف ..» وصحيحها: «إنّه بوصفه مؤلّفاً»؛ أو في دخول باء الاستبدال على الحالّ، مع أنّ الصحيح دخولها على المنصرم، كما في قولنا: «استبدلتُ القديم بالجديد»، وصحيحها: «استبدلتُ الجديد بالقديم»، قال تعالى: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ «1»، وقولنا في الدعاء: «.. ولا تستبدل بي غيري‏» «2».
__________________________________________________
(1) البقرة: 61
(2) الكافي 2: 553


ترجمة النصوص‏


بالنسبة إلى ترجمة النصوص الفارسيّة الواردة في الكتاب، فقد حاولتُ قدر المستطاع البقاء في أجواء النصّ الفارسي إلّا حينما تعجز الترجمة الحرفيّة أو شبهها عن أداء المعنى بشكلٍ مناسب، خاصّةً ما يشتمل على (مجاملات) فارسيّة لا وجود لها في الذوق العربي، وقد ابتعدتُ عن أداء المعنى بجمل عربيّة أدبيّة وإن كان ذلك أكثر صحّة بنظري. وهو الحال في النصوص الإنجليزيّة أو الفرنسيّة إن ورد شي‏ءٌ منها في الكتاب.
نعم، في ما يتعلّق برسائل السيّد الصدر (ره) بالخصوص والواردة بالفارسيّة فقد تمثّلتُ ترجمتها على لسانه (ره) بعد أن تلمّستُ مذاقه في تحرير الرسائل.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 18  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 11:07 AM


- 3-
تنبيهات‏
1- كان على الكاتب في بعض الموارد أن يناقش من الناحية التاريخيّة ويتبنّى رأياً دون آخر، الأمر الذي سيجعل منه- شاء أم أبى- مناصراً لأحد طرفي النزاع ومعادياً للآخر، وهذا ما وددتُ هنا نفيه جملةً وتفصيلًا، فإنّ اعتقادي برأي دون آخر لا يعني البتّة مناصرتي من يتبنّاه أو معاداتي من لا

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 85

يتبنّاه.
2- لقد قابلت بهدف توثيق مطالب الكتاب مختلف الشخصيّات، ولا أحبُّ لأحدٍ أن يعتمد على ذلك ليصنّفني في اتّجاهٍ يحلو له أن يضعني فيه.
3- إذا كنتُ قد نقلتُ ما يُستفاد منه مدح بعض الأشخاص أو التيّارات أو ذمّهم، فهذا لا يبرّر توظيف ذلك سياسيّاً في هذا الظرف، فإنّ المناط هو الحاضر لا الماضي.
4- إنّ ميزان الحقّ لا يُمكن أن يتمثّل في أشخاص غير معصومين، ولذلك من الخطأ جدّاً أن يُجعل السيّد الصدر (ره) ميزاناً للحكم على الأشخاص، ونحن مأمورون بمعرفة رجال الحق من خلال معرفة الحق نفسه، ومنهيّون عن معرفة الحقّ من خلال الرجال.
ومن هنا فإنّ مدح الشهيد الصدر (ره) أو غيره شخصيّةً من الشخصيّات لا يصلح في حدّ نفسه مبرّراً لتجليلها ابتداءً أو بقاءً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى النماذج السلبيّة التي قد يتعثّر بها القارئ بين أسطر الكتاب، فإنّ المناط في الحكم دائماً هو الحقّ لا الرجال، وليس لدينا قاعدة- فيما عدا من عصم الله تعالى- مفادها أنّ الحقّ مع فلان مطلقاً.
5- إنّ ما قد يتضمّنه الكتاب لا يبرّر على الإطلاق لأيّة شريحة متفاعلةٍ مع الأحداث ترتيب آثار غير منضبطة عليه، فهو من ناحية يعبّر عن اختلاف وجهات النظر، ومن ناحية أخرى لا يعبّر إلّا عن فترات زمنيّة سابقة، ومن ناحية ثالثة يمكن أن يكون المعنيّون قد غيّروا من وجهات نظرهم.
6- لا بأس بالإشارة إلى أنّ السيّد الصدر (ره) عندما كان يبلغه شي‏ءٌ ممّا يقال في حقّه من انتقاصات أو ما شابه، كان يحمل صاحبها- بحسب التعبير الأصولي- على الشبهة المصداقيّة لا المفهوميّة، بمعنى أنّه كان يدعو الله تعالى أن يكون صاحب الكلام مخلصاً لله تعالى ولا يريد من وراء كلامه أو فعله سوى نصرة دين الله، ولكن غاية الأمر أنّه اشتبه في تطبيق المصاديق، فظنّ أنّ في ما يقوم به هو- أي السيّد الصدر- تضعيفاً للدين وأهله.
7- وتبقى مسألة أتعمّد الإشارة إليها بإبهام، لسبب، وربّما يتّضح المراد منها إذا وقعت بعض الأمور في عالم الخارج، وهي أنّ علماء الحديث والرجال قد يعمدون إلى روايات الراوي، ليحصوها ويميّزوا بين صحيحها وسقيمها، فإن ارتفعت نسبة هذه الروايات، شكّل ذلك قدحاً واحتمالًا (قبليّاً) في تقييم ما سيرويه أو ما سيصل إلينا من رواياته لاحقاً. فلو قال قائل: سأخبرك مئة خبر، بعضها ستجده بعد وفاتي، وكان قد أخبرك في حياته ستّين خبراً مثلًا، وكانت ستّة أخبار منها فقط صحيحة، فهذا سيشكّل احتمالًا قبليّاً يتحكّم في أخباره الأربعين الباقية ويجعلك تفترض أنّ أربعة منها فقط ستكون صحيحة.

- 4-
انطباعات‏

إنّ جملة من الانطباعات التي خرجتُ بها من هذه الدراسة ترجع إلى جملة من المشكلات التي‏

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 86

يواجهها المؤرّخ، أوجز أهمّها:

عدم استبعاد اتّجاهات تاريخيّة لوفرة ما يناظرها
وهذا ما طبّقناه في هذه المقدّمة، حيث أوردنا أربعة نماذج يُمكن أن لا يستسيغها القارئ، وأوردنا لكلّ نموذج مجموعة من الأحداث التاريخيّة التي تسير في الاتّجاه نفسه، ما من شأنه أن يحدّ من درجة حساسيّته تجاه الموضوع.
فلو قلنا مثلًا: إنّ السيّد الصدر (ره) كان مختلفاً مع عالم من العلماء، واستنكر القارئ ذلك بحجّة أنّ العلماء لا يختلفون في ما بينهم، ثمّ أوردنا له من باب المثال عشرات النماذج التاريخيّة التي تؤكّد وجود خلافات بين العلماء، فهذا من شأنه أن يهيّئ له الأرضيّة لتقبّل فرضيّة حصول اختلاف بين السيّد الصدر (ره) وغيره في حال توافرت ظروفها الموضوعيّة المناسبة. أمّا مع فقدان هذه الشواهد التاريخيّة، فقد لا يرضى بأقلّ من آية قرآنيّة تنصّ على إمكان وقوع الاختلاف بين العلماء.

تجريد الحدث عن قرائنه‏
من المشكلات التي يواجهها البحث التاريخي أنّ ناقل الحدث قد يجرّده عن القرائن المقاميّة المحيطة به، والتي من شأنها في كثيرٍ من الأحيان أن تغيّر وجهة البحث من أساسه. وقد مرّ بنا في بداية هذه المقدّمة ما يشير إلى مفاسد نقل الأحداث مجتزأة.

نقل الراوي حدسه لا ما يقع تحت حسّه‏
وهناك مشكلة أخرى تسير إلى جانب هذه المشكلة، وهي أنّ الناقل قد يعمد إلى الحدس ببواعث الأحداث، ثمّ إذا أراد أن ينقل الحدث نقل حدسه الخاص لا ما يقع تحت حسّه مباشرةً. ومن الواضح لممارسي البحث العلمي أنّ النتيجة تختلف بين الموقفين.

مل‏ء الفراغ بمختزنات الحاضر
ومن المشكلات أيضاً أنّ الناقل قد يعمد إلى مل‏ء الفراغ التاريخي بما يختزنه هو من معلومات حول الحدث حال النقل لا حال وقوع الحادثة.

شهادة الكلّي ونقل الجزئي‏
ومن المشكلات أيضاً أنّ الناقل قد يسمع أمراً كليّاً فينقل ما في ذهنه من مصاديق لهذا الأمر الكلّي، مع أنّها قد لا تكون في بعض الحالات مرادة للقائل.

التسرّع في التعميم الاستقرائي‏
ومن المشكلات كذلك أنّ الناقل قد يشهد حادثة معيّنة لمرّة واحدة- خلافاً لما لو كان ذلك على نحو التكرار والدوام- فيستخلص منها ديدناً، فيقع الديدن في روايته لا ما شهده.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 87

فلو شاهد الراوي- لمرّة واحدة- شخصاً ينام عند الواحدة مثلًا، لا يقول: رأيته مرّة قد نام عند الواحدة، بل يقول: كان ينام عند الواحدة، فيظنّ المستمع أنّ الراوي شاهده لعدّة مرّات ينام عند الواحدة، بينما الأمر ليس كذلك.
وهذه النماذج قد تتكرّر في الكتاب، ولكنّي لم أعلّق عليها بشي‏ء إذ لا سبيل لذلك، واكتفيتُ بالإشارة إلى هذه المشكلة هنا.

ازدياد درجة الكشف في الأخبار الاستطراديّة
وممّا نلاحظه أنّ الخبر المنقول استطراداً ترتفع فيه درجة الكشف عن الحادثة، لتناقص احتمال الوضع والدسّ، باعتبار أنّ الوضع يحتاج إلى شي‏ءٍ من التخطيط لكي لا يبتلى بالتهافت .. هذا في الحالات التي يحرز فيها كونه استطراديّاً، وأنّ الاستطراد لم يكن عمديّاً وبهدف تمويه عمليّة الوضع.

الانطلاق من قبليّات لا مبرّر علميّ لها
أشرنا في هذه المقدّمة إلى أنّ إحدى الخلافات المعرفيّة بين السيّد الصدر وبين مشهور العقليّين يكمن في أنّهم فسّروا القضايا المتواترة وأخواتها على أساس كبرى عقليّة أوليّة قبليّة افترضوها في هذا الباب ومفادها «استحالة الاتّفاق الدائمي» كما عبّروا عنها، بينما وقف السيّد الصدر (ره) في مقابل ذلك ليؤكّد على أنّ هذه القضيّة المذكورة ليست قبليّة، وإنّما هي بَعْديّة يحدّد تحقّقها أو عدمه حساب الاحتمالات تبعاً لنموّه متأثّراً بالعاملين الكمّي والكيفي للقرائن المتراكمة.
لسنا بصدد الحديث عن آراء السيّد الصدر (ره) الفلسفيّة، ولكنّنا أحببنا أن ننقل هذا الخلاف إلى مجال البحث التاريخي لنسلّط الضوء على خلافٍ مشابهٍ في تكوين الانطباعات التاريخيّة:
فهناك اتّجاهٌ في البحث التاريخي يفترض وجود صورة معيّنة حول واقعٍ معيّن- وهي تقابل القبليّات العقليّة التي يفترضها البحث الفلسفي الأرسطي- ويجعل هذه الصورة القبليّة معياراً لقبول أو رفض الأخبار، مع أنّه لا مبرّر لتكوين هذه الصورة سوى أنّه يحلو له أن تكون صورة الواقع على ذلك النحو. وفي المقابل هناك اتّجاه آخر يجعل الأخبار الموثوقة معياراً لتكوين القناعات والانطباعات التاريخيّة آخذاً بعين الاعتبار عامل (منطق طبائع الأشياء)، وبالتالي يجعلها معياراً لتقييم الأخبار الضعيفة سنداً أو دلالةً.
وإنّي وإن لم أظهر شيئاً من قناعاتي وانطباعاتي في الكتاب، إلّا أنّني أؤمن في مجال البحث التاريخي بصحّة الاتّجاه الثاني، إضافةً إلى بطلان التفسير الأرسطي على صعيد البحث المنطقي.

دخالة الراوي في رسم الحدث التاريخي‏
إنّ من النتائج المهمّة التي خرجتُ بها من هذه التجربة قناعتي التامّة بأنّ الراوي- بما يختزنه من مواقف ومشاعر- غالباً ما يكون عنصراً فاعلًا في تحديد مسار شهادته، وبالتالي في رسم الصور التاريخيّة.

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 88

وشهادة الرواي تشمل بطبيعة الحال أقوال الآخرين وأفعالهم:
أمّا الأقوال، فإنّ نقلَها بشكلٍ مقبول غير مخلٍّ يتوقّف على ذاكرة الراوي وضبطه ومدى أخذه بعين الاعتبار أنّه سيروي في يومٍ من الأيّام ما يسمعه، فإنّ المؤرّخ الذي يسمع الشي‏ء بداعي توثيقه يفوق الآخرين دقّةً في ضبط الأقوال.
نعم، إذا كان الحال كحالنا في النقل عن أشخاص ينقلون ما سمعوه، فإنّ التعويل على تسجيلنا شهاداتهم والتدقيق في تدوينها لا يحلّ إلّا جزءاً من المشكلة، فإنّها تبقى من جهتهم بلا حلّ مضمون.
أمّا الأفعال، فالمشكلة فيها تزداد صعوبةً، لأنّ للحدس دوراً مهمّاً في فهمها وتقييمها قبل حفظها ثمّ الشهادة عليها، وغالباً ما تطرأ هنا المشكلات التي تحدّثنا عنها سابقاً.

نقصان الصورة المرسومة بواسطة التاريخ الكتبي‏
لقد كنتُ أمتلك نظرة معيّنة عن الواقع المعاصر قبل الدخول إلى ميدان البحث التفصيلي، وكم غيّر التنقيب والبحث من قناعاتي وتصوّراتي التاريخيّة، وكدت أركن إلى مقولة سمعتها من بعض المؤرّخين، وهي «أنّ التاريخ هو التاريخ الشفهي لا الكتبي» «1»، وربّما وجدتُ أنّ الواقع لا يُمكن الوصول إليه إلّا من خلال التنقيب في صدور الرجال، ولا يُمكن الوصول إليه عبر الاكتفاء بقراءة ما يُكتب.
والحقيقة أنّني لم أجد ما يدعوني إلى الاطمئنان الكافي والركون إلى الصورة المرسومة لدينا حول كثيرٍ من لوحات الماضي بعد أن أيقنتُ ميدانيّاً أنّ التحقيق قد يغيّر انطباعات قائمة ومتداولة، كما لم أجد ما يدعوني إلى القطع بأنّ مؤرّخينا المتقدّمين مختلفون عن المعاصرين في جريهم على الاكتفاء بتعويم جانب معيّن من الواقع، دون أن ادّعي إغفالهم الجانب الآخر بشكل كامل ..

محاكاة الماضي من خلال معايشات الحاضر
خلاصة هذا الانطباع أنّني أكاد أطمئنّ إلى أنّ تكوين انطباعات تاريخيّة عن الماضي أكثر ملامسةً للواقع إنّما يتأتّى من خلال محاولة قراءة الماضي عبر نقل الحاضر إليه، وهو ما قد نعبّر عنه بلسانٍ (آخوندي) بـ «النزعة القهقرائيّة في دراسة التاريخ»، وهو ما عبّر عنه ابن خلدون حيث تحدّث في مقدّمته عن قياس «الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب‏» «2».
واللجوء إلى هذه الوسيلة في تكوين الانطباعات التاريخيّة أمرٌ مبرّرٌ جدّاً، وطريقة ذلك هي أن نعي حاضرنا بشكلٍ كافٍ، مع الاهتمام بشكل خاص بالعناصر والخصائص المشتركة في الطبع‏
__________________________________________________
(1) لا يُشكل على ذلك بأنّ الشفهي بعد تدوينه سيصبح كتبيّاً، فلا يبقى معنى لهذه المقولة؛ فإنّ المراد هو أنّ الشاهد إذا أراد بنفسه تدوين التاريخ أهمل الكثير ممّا يعرفه، وإذا تحدّث وعرف أنّ ما سيقوله لن يكتب نقل الكثير ممّا كان سيهمله، ولذلك غالباً ما يكون ما يُدوّن من التاريخ الشفاهي مستخرجاً استحياءً
(2) تاريخ ابن خلدون، القسم الأول من المقدمة: في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه ..

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 89

البشري عامّة، والتي لا يختلف فيها السلف عن الخلف، فإنّنا مهما وشّحنا السلف برداء القداسة، فإنّه في نهاية الأمر يشترك معنا في كثيرٍ من الأمور.
وعليه، فعندما نعي جو العلماء المعاصرين بشكل دقيق، ونعيش جزئيّات حياتهم، ونقف على أسلوبهم في التعامل والتفاعل والتصرّف و .. و ... وإذا علمنا أنّهم ينطلقون في ذلك ممّا يشتركون به مع سلفهم، فإنّ هذا سيمنعنا من النظر إلى علماء السلف بنظرة معيّنة، وسيسمح لنا بتكوين صور تاريخيّة أكثر وضوحاً وملامسةً للواقع.

- 5-
دعوة
لستُ أدّعي الكمال في ما كتبت، فهو يشتمل دون شك على الكثير من العثرات، ولذلك مبرّراته المتعلّقة من ناحية باستيلاء النقص على طبيعة البشر، وبالزمن وبطاقة المصنّف من ناحية أخرى، وليس هناك ما هو متعمّدٌ إن شاء الله تعالى.
ولكنّني على كلّ حال أدعو كلّ من يرغب في توجيه ملاحظة أو تصحيح معلومة أو إضافة أخرى، خاصّةً طلّاب الشهيد الصدر (ره) الذين يمكنهم إفادتي بالكثير، وكلّ من يملك وثيقةً أو صورة أو غير ذلك ويرغب في التفضّل بها .. أدعوه إلى التواصل عبر الناشر في بيروت، أو على العنوان البريدي التالي:
Sadr_assira_wal_masira*************

والحمد لله ربّ العالمين «1»
احمد عبدالله ابو زيد العاملي
***

______________
(1) أضفنا إلى المقدّمة والكتاب بعض ما استجدّ لنا عام 2006 م قبيل إرساله إلى الطبع.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 19  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 11:09 AM


اللهم صل على محمد وآل محمد

انتهينا من عرض نص

مقدمة المؤلف


وهنا نسخة المقدمة المصورة



مع وجود الملف بصيغة وورد (هنا)

وسندرج الجزء الأول مصورا تباعا بحول الله تعالى وقوته

وفقكم الله تعالى ونسألكم الدعاء


توقيع : alyatem

اللهم صل على محمد وآل محمد
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء



قال الامام الخميني رحمه الله:
مقدار الصبر على المصاعب والآلام والتضحيات والفداء والحرمان
يتناسب وعظمة حجم الغاية وقيمتها ورفعة مكانتها
من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 06:36 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية