مازال رمضان يطوينا بجناحه النوراني ويحلق بنا في فضاءات الرحمة والغفران فنستنبط منه العبر ونتعلم منه الصبر, فكل ايامه المضيئة مليئة بالفعاليات الاجتماعية والطقوس الدينية.
والشعب المسلم يستقبل رمضان استقبالاً قدسياً ويضع له طقوساً خاصة منها الاجتماعية ومنها الدينية وقد اعتادت شعوب الارض ان تمجد وتحتفل بأعيادها الدينية ومناسباتها الاخرى, ولو أخذنا نظرة سريعة على الشعوب المتقدمة لوجدناها اكثر تمسكاً بعاداتها وتقاليدها, فالشعب السويدي مثلاً له طقوس خاصة تراثية أملته المثيولوجيا السويدية القديمة فلو حضرت في عيد الفصح وهو احد الاعياد الدينية لرأيت الأطفال وهم يرتدون ملابس خاصة مصممة توحي الى اشكال الساحرات ويصبغون وجوههم ويطرقون الابواب وهم يحملون سلال الحلويات, في صباح ذلك اليوم السعيد ويصبحون عليك بكلمة (هَيْ) ويقدمون لك الحلوى فتمنحهم النقود وتتبادل معهم التحية وهي (كراش) اي مبروك وهذا الامر يسري على كل شعوب العالم وقد ورثنا نحن الاحتفال في ليلة النصف من شعبان وليلة النصف من رمضان والليالي الاخيرة منه فكلمة (القرقيعان) او (القرقعون) او (القريقشون) او (الوحوي) والماجينا.
تحتفل بعض الشعوب العربية في ليالي رمضان بطريقة تكاد تكون متفقاً عليها ففي البحرين و البصرة والكويت وقطر وبعض مناطق الخليج الاخرى يكون القرقيعان في ليلة الرابع عشر والخامس عشر من رمضان حيث يخرج الفتية على اشكال مواكب يحملون اكياساً ويرددون اغنية كلماتها اشبه بالدعاء يطرقون الابواب وهم يرددون: قرقيعان وقرقيعان
عادت عليكم صيام
كل سنة وكل عام
ثم يشرعون بالدعاء الى اهل البيت فرداً فرداً:
الله يخلي راعي البيت آمين
الله يخلي حمودي آمين
فتخرج ام البيت وتطلب منهم الاكثار بالدعاء قبل ان توزع عليهم الحلوى والمكسرات فيملأون اكياسهم ولا يتركون بيتاً الا ووقفوا على بابه ويجعلون الليل كرنفالاً جميلاً.
اما في الامارات العربية المتحدة فإن كرنفالها هو ليلة النصف من شعبان والطريقة لا تختلف كثيراً عما ذكرنا وقد يردد الاطفال اهزوجة تختلف نظماً عما ذكرنا تقول بعض كلماتها:
انطونه حق الله
يرضى عليكم الله
جدام بيتكم دله
عسى الفقر ما يدله
وهم ايضاً يحصلون على الحلوي بالطريقة نفسها والطريف ان هناك من لا يرد على الاطفال فيقومون بمعاكسته كما يقال في دولة الامارات:
جدام بيتكم طاسه
وعجوزكم محتاسه
اما في بغداد فيطلقون على تلك الليلة (الماجينا) واهزوجتهم هي:
ماجينا يا ماجينا
حلي الكيس وانطينا
انطونا الله ينطيكم
بيت مكة يوديكم
واذا طال عليهم الوقوف ولم يخرج اليهم صاحب الدار يصرخون
بأعلى أصواتهم:
يا أهل السطوح
تنطونا لو نروح
أما اهل الشام فإنهم يخرجون في الليالي الثلاث الاخيرة من رمضان مرددين اشعاراً شبيهة بالموشح:
الصبح بدا من طلعته
والليل دجى من وفرته
فاق الرسل فضلاً وعلا
هاذي السبل بدلالته
وفي مصر فإن احتفالهم يبدأ من الليلة الاولى وينتهي في الليلة الاخيرة منه حيث يجول الاطفال في الشوارع وهم يوقدون الفوانيس في كل ليلة ويحملونها معهم ويرددون اغنيتهم التراثية:
وحوي يوحوي اياحا
وكمان وحوي اياحا
وهكذا فإن المجال لا يسع ان نذكر كل البلاد وكانت هذه الطقوس عامة وشاملة الا انها بدأت تنحسر شيئاً فشيئاً وبدأ الاهتمام بها يتضاءل وربما اقتصرت على المناطق الشعبية في كل البلدان