قبل 1300 عام خلت ونيف اجتهدت مجموعةً من المجرمين والقتلة وقطاع الطرق - باسم الدين - محاولة طمس حقيقة من الحقائق وإطفاء نور من أنوار الله وسد باب من أبواب الجبار التي ما فُتِح إلا رحمة للعباد، و تحديداً في ارض التضحية والفداء، أرض انقلاب السحر على الساحر، أرض كربلاء.
فتلطخت أياديهم بدماء الأبرياء، و ارتكبوا أبشع جريمة عرفها التاريخ، وما كفاهم ما فعلوه من قتل وفصل الرؤوس عن أجسادها ،فكرسوا كل جهودهم لتشويه الصورة التي جملها الله ونزهها وجعل العصمة فيها قبل أن يخلق نبيه آدم. فبمجرد أن قال اللعين ابن اللعين عمر بن سعد - عليّ بالنار لإحراق بيوت الظالمين - فأخرج كل ذي حقد منهم حقده وصب جم غضبه ومارس كل مجرم منهم إجرامه.
فمجموعة من أؤلائك المجرمين طحنت بحوافر خيولها أجساد الشهداء دون رحمة ولا شفقة، تلك الأجساد التي فُصلت عنها الرؤوس فأصبحت بلا حول لها ولا قوة كي تُطمس معالمها ولا يبقى لها اثر، ومجموعة أخرى صالت وجالت وسلبت كل ما كان يستر بنات النبوة، ومجموعة أخرى روعت أطفالهم وسلبت نسائهم ومزقت وحرقت راياتٌ كُتب عليها لا اله الا الله محمد رسول الله.
ومجموعة أخرى اقتحمت الخيام دون رادع ولا خوف من الله ولا مُراعيةٍ لحرمةٍ فأحرقتها بمن فيها كي لا يبقى لأهل هذا البيت اثر ويُمحى ذكرهم، فلولا لطف الله ورحمته التي نجاهم الحقد والغضب لتحققت رغباتهم الدنيئة في إطفاء نور الله، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره حتى تقوم الساعة، فتوالت المحاولات تلوى المحاولات بعد أن نفّذ بنو أمية جريمتهم النكراء في الحسين وأهل بيته وأنصاره محاولة منهم سد هذه الأبواب ولكن دون جدوى.
فلحق بهم بنو العباس بمحاولاتهم العديدة والمتكررة لتحجيم وإطفاء هذا النور الرباني، فحاولوا قطع العروق المتدفقة بحب آل محمد بن عبد الله في شيعتهم بالتضييق على زوار أبو عبد الله الحسين ليُمحى ذكره فنكلوا بهم تنكيلاً، وهدموا القبر الشريف وسكبوا عليه الماء حتى لا يبقى له اثر، ولحقهم من بعدهم أحفادهم وبقايا من أحفاد بنو أمية الضلاليين أتباع محمد بن عبد الوهاب.
فهجموا على قبر الحسين وطعنوا من طعنوا وسلبوا من سلبوا وقتلوا من قتلوا وأسبلوا الدماء في الصحن الشريف دون خوف من الله ولا احتراما لرسوله وصلة الحسين به ،ورغم ذلك باءت كل تلك المحاولات بالفشل فلا هم استطاعوا أن يطفئوا نور الله ولا استطاعوا أن ينتزعوا حب آل محمد من قلوب شيعتهم رغم المحاولات المتتالية والمتكررة والأساليب المتعددة بمحاربة الشيعة في حب آل محمد عموماً والحسين خصوصاً.
فما هو الفارق ما بين الأشخاص في الصورة التي رسمناها باختصار شديد وذكرنا البعض من أهدافها وما بين الصورة التي رأيناها قبل عدة أيام حين انتُزع السواد واُقتلعت الرايات المنصوبة على حيطان منازلنا حزناً على سبط الرسول، ومن ثم أُحرقت على ما فيها من ذكر لله ولرسوله، رغم أن حرارة دم الحسين لم تفتر بعد في قلوبنا ،وما زالت الفاجعة التي جرت عليه وعلى أهل بيته وأنصاره في اشد حرارتها.
وما هو نتاج ذلك العمل الفظيع؟ هل سيُنتزع حب الحسين من قلوبنا حين يُزال السواد وتُنكس الرايات وتُحرق ام سيزداد ذلك الحب والولاء تألقاً وعمقاً أكثر من ذي قبل؟.