يا نجف الخير قولكم: إن أبا بكر منع فاطمة ميراثها من أبيهاr فقالت له: «يا ابن أبي قحافة أترثُ أباكَ ولا أرث أبي» والتجأ أبو بكر إلى روايةٍ انفرد بها وهو الغريمُ لفاطمةَ لأن الصدقة تحل له، واستدل بحديث: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» على أن ما رواه يخالفه القرآن كما في قوله تعالى: ]يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا[ ولم يجعل ذلك خاصا بالأمة دونهr وكَذَّبَ القرآنُ رِوَايَتَهُ فقال تعالى: ]وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ، وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ، وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ[[1] وقال تعالى عن زكريا: ]وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا[.
هذه الشبهة من كلام الروافض، كيف الجواب عنها.
والجواب من وجوه:
الوجه الأول: إن قول فاطمة المذكور لا يعلم صحته عنها –رضي الله عنها- ولو صح هذا القول إليها –رضي الله عنها- فليس فيه حجة لأن أباهاr لا يقاس بأحد من البشر وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وحرم الله عليه صدقة الفرض والتطوع، أي لو قال أحد: لماذا نرث آباءنا ولا ترث فاطمة أباها؟: فنقول هذا منك معناه أن أبا فاطمة كغيره من الآباء عليه الصلاة والسلام، وهذا غير صحيح، الرسولr ليس لغيره من البشر، له أحكام تختص به، فمن ذلم حرمت عليه صدقة التطوع وصدقة الفرد، فإن قال قائل هذا ثبت بنص، قلنا: وكذلك عدم توريث ورثة الأنبياء من الأنبياء ثبت بنص، أين اٌشكال؟ إذا كنت تسلم بأن النبي عليه الصلاة والسلام حرمت عليه الصدقة وغيره من الناس تحل له الصدقة، قلت: هذا جاء بدليل خاص، قال القائل: ومنع توريث الأبناء من آبائهم الرسل عليهم السلام ثبت بدليل خاص، والعبرة بثبوت الدليل، إذا ليس فيه شحناء ولا بغضاء ولا تصفية حسابات بين أبي بكرt وفاطمة –رضي الله عنها- إنما أبو بكر الصديقt متبع للحديث الذي جاء عن النبيr، ولكم أن تتصوروا كما سيأتي أبو بكر عندما يستدل بحديث: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» أليست عائشة –رضي الله عنها- وارثة لرسول اللهr وهي بنت أبي بكر الصديقt؟ هي أيضا ممنوعة من الميراث، إذا أبو بكرt ما منع فاطمة وحدها منع بنته أيضا من الميراث لأن الأنبياء لا يورثون، وهذا من خصائص الأنبياء، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: أراد الله بهذا أن يدفع عنهم الريبة حتى لا يقول قائل: إنه يفتحون البلدان ويجمعون الأموال ويأخذون الحصون، ويأخذون ويأخذون يريدون هذا لأبنائهم من ورائهم، أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لهم: هذه الأشياء التي يأخذها النبي ليست لذاته ولا لمصلحته الشخصية ولا لورثته، إنما هذه لبيت مال المسلمين من عموم الأمة، فهذا التشريع فيه حكمة عظيمة، فيه دفع للشبهة حتى لا يتذرع متذرع أو يشكك مشكك للناس فيقول لهم: لا تتبعوا هذا النبي سيأخذ أموالكم ويأخذ الزكوات ويأخذ الصدقات ويملأ بيوت المال وإذا مات ورثته يرثونه كملك من الملوك، لا، النبي لا يورث.
إذا الذي يريد أن يطعن في صدق الأنبياء وأنهم يريدون أن يدعوا الناس إلى الله لا يردون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا لا يجد سبيلا على الأنبياء.
«نحن معاشر ألأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة».
الوجه الثاني: صان الله الأنبياء عليهم السلام عن أن يورثوا دنيا لأن لا يكون في ذلك شبهة لمن يقدح في نبوتهم، بأنهم طلبوا الدنيا وخلفوها لورثتهم كما صان الله تعالى نبينا عليه الصلاة والسلام عن الخط والشعر صيانة لنبوته عن الشبهة وإن كان غيره لم يحتاج لهذه الصيانة، لأن غيره حكمه غير حكم رسول اللهr فلا يحتاج لمثل هذه الصيانة لاختلاف الحكم.
الوجه الثالث: قوله والتجأ في ذلك إلى رواية انفرد بها كذب، هذا قول كذب، فإن حديث «لا نورث ما تركناه صدقة» رواه أبو بكر، وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، والعباس، وأزواج النبيr، وأبو هريرة، والرواية عن هؤلاء ثابتة في الصحيحين والمسانيد مشهورة يعلمها أهل العلم بالحديث، فقول هذا الرافضي يدل على فرط جهله أو تعمده الكذب.
الوجه الرابع: قوله: وكان هو الغريم لها كذب أيضا، فإن أبا بكرr لم يدعي هذا المال لنفسه، ولا لأهل بيته، وإنما هو صدقة لمستحقها، كما أن المسجد حق للمسلمين، والعدل لو شهد على رجل أنه وصى بجعل بيته مسجدا أو بجعل بئره مسبلة أو أرضه مقبرة ونحو ذلك، جازت شهادته باتفاق المسلمين، وإن كان ممن يجوز له أن يصلي في هذا المسجد أو يشرب من تلك البئر أو يدفن في تلك المقبرة، فإن هذه شهادة من جهة عامة غير محصورة والشاهد دخل فيها بحكم العموم لا بحكم التعيين، ومثل هذا لا يكون خصما، ولو شهد عدل فقير على رجل أوقف ماله للفقراء والمساكين قبلت شهادته وإن كان الشاهد فقيرا.
الوجه الخامس: أبو بكر لم يكن من أهل الصدقة حتى يكون غريما لفاطمة بل كان مستغنيا عنها، سبحان الله هو الذي أنفق ماله في سبيل الله، فيرجع يبحث عن الصدقة، سبحان الله أعطى ماله كله في سبيل الله، هل هذا يرجع بعد ذلك يبحث عن الصدقة ويكذب على رسول اللهr في حديث من أجل أن ينتفع هو بالصدقة بعد ذلك؟ قاتل الله الروافض ما أكذبهم، وما أسمج كذبهم.
قال: بل كان مستغنيا عنها، ولا انتفع هو ولا أحد من أهله بهذه الصدقة؛ فهو كما لو شهد قوم من الأغنياء على رجل أنه وصَّى بصدقة للفقراء؛ فإن هذه شهادة مقبولة بالاتفاق.
الوجه السادس: أن أبا بكر في موقف الراوي لا الشاهد، والرواية مقبولة ولو كان يعود منها نفع على الراوي، والمحدِّث إذا حدَّث بحديث في حكومة بينه وبين خصمه قُبلت روايته للحديث، لأن الرواية تتضمن حكماً عاماً يدخل فيه الراوي وغيره.
الوجه السابع: وهذا الحديث تضمَّن حكما شرعيا، وعائشة بنت أبي بكر ممن حرمت الميراث بهذا الحديث، ولهذا تضمن تحريم الميراث على ابنة أبي بكر عائشة -رضي الله عنها-، وتضمن تحريم شرائه لهذا الميراث من الورثة واتِّهابه لذلك منهم، وتضمن وجوب صرف هذا المال في مصارف الصدقة.
الوجه الثامن: أن قوله: "على أن ما رووه فالقرآن يخالف ذلك، لأن الله تعالى قال: ]يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ[ [سورة النساء: 11] ولم يجعل الله ذلك خاصًّا بالأُمَّة دونهr.
فيقال: أولاً: ليس في عموم لفظ الآية [ما يقتضي] أن النبيr يورث، فإن الله تعالى قال: ]يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ[ [سورة النساء: 11]، وفي الآية الأخرى: ]وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ[ إلى قوله: ]مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ[ [سورة النساء: 12]، وهذا الخطاب شامل للمقصودين بالخطاب وليس فيه ما يوجب أن النبيr مخاطب بها.
و"كاف" الخطاب يتناول من قصده المخاطب، فإن لم يعلم أن المعين مقصود بالخطاب لم يشمله اللفظ، حتى ذهبت طائفة من الناس إلى أن الضمائر مطلقاً لا تقبل التخصيص [فكيف بضمير المخاطب؟] فإنه لا يتناول إلا من قُصد بالخطاب دون من لم يُقصد.
ولو قُدِّر أنه عام يقبل التخصيص، فإنه عام للمقصودين بالخطاب، وليس فيها ما يقتضي كون النبيr من المخاطبين بهذا.
فإن قيل: هب أن [الضمائر] ضمائر التكلم والخطاب والغيبة لا تدل بنفسها على شيء بعينه، لكن بحسب ما يقترن بها؛ فضمائر الخطاب موضوعة لمن يقصده المخاطِب بالخطاب، وضمائر التكلم لمن يتكلم كائناً من كان.
لكن قد عُرف أن الخطاب بالقرآن هو للرسولr والمؤمنين جميعاً، كقوله تعالى: ]كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ[ [سورة البقرة: 183] وقوله: ]إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ[ [سورة المائدة: 6] ونحو ذلك.
وكذلك قوله تعالى: ]يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ[ [سورة النساء: 11].
قيل: بل "كاف" الجماعة في القرآن تارة تكون للنبيr والمؤمنين، وتارة تكون لهم دونه.
كقوله تعالى: ]وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ[ [سورة الحجرات: 7]؛ فإن هذه "الكاف" للأمة دون النبيr.
وكذلك قوله تعالى: ]لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ[ [سورة التوبة: 128].
وكذلك قوله تعالى: ]أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ[ [سورة محمد:33]، وقوله تعالى: ]إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[ [سورة آل عمران: 31] ونحو ذلك؛ فإن كان الخطاب في هذه المواضع لم يدخل فيها الرسولr، بل تناولت من أُرسل إليهم. فَلِمَ لا يجوز أن تكون الكاف في قوله تعالى: ]يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ[ [سورة النساء: 11] مثل هذه الكافات؟ فلا يكون في السنة ما يخالف ظاهر القرآن.
ومثل هذه الآية قوله تعالى: ]وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ*وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا[ [سورة النساء: 3 - 4]، فإن الضمير هنا في "خفتم" و"تقسطوا" و"انكحوا" و"طاب لكم" و"ما ملكت أيمانكم" إنما يتناول الأمة دون نبيهاr، فإن [النبيr] له أن يتزوج أكثر من أربع، وله أن يتزوج بلا مهر، كما ثبت ذلك بالنص والإجماع.
فإن قيل: ما ذكرتموه من الأمثلة فيها ما يقتضي اختصاص الأمة، فإنه لما ذكر ما يجب من طاعة الرسولr وخاطبهم بطاعته ومحبته، وذكر بعثه إليهم، عُلم أنه ليس داخلاً في ذلك.
قيل: وكذلك آية الفرائض لما قال: ]آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً[ [سورة النساء: 11]، وقال: ]مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ[ [سورة النساء: 11]، ثم قال: ]تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ[ [سورة النساء: 13- 14]، فلما خاطبهم بعدم الدراية التي لا تناسب حال الرسول، وذكر بعد هذا ما يجب عليهم من طاعته فيما ذكره من مقادير الفرائض، وأنهم إن أطاعوا الله ورسوله في هذه الحدود استحقوا الثواب، وإن خالفوا الله والرسول استحقُّوا العقاب، وذلك بأن يعطوا الوارث أكثر من حقه، أو يمنعوا الوارث ما يستحقه - دلّ ذلك على أن المخاطبين المسلوبين الدراية [لما ذكر]، الموعودين على طاعة الرسولr، المتوعدين على معصية الله ورسوله وتعدّى حدوده فيما قدره من المواريث وغير ذلك، لم يدخل فيهم الرسولr، كما لم يدخل في نظائرها.
ولما كان ما ذكره من تحريم تعدّى الحدود عقب ذكر الفرائض المحدودة، دلّ على أنه لا يجوز أن يزاد أحد من أهل الفرائض على ما قُدِّر له، ودلّ على أنه لا تجوز الوصية لهم، وكان هذا ناسخاً لما أُمر به أولاً من الوصية للوالدين والأقربين.
ولهذا قال النبيr عام حجة الوداع: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» رواه أهل السنن كأبي داود وغيره، [ورواه أهل السير]، واتفقت الأمة عليه، حتى ظن بعض الناس أن آية الوصية إنما نُسخت بهذا الخبر، لأنه لم ير بين استحقاق الإرث وبين استحقاق الوصية منافاة، والنسخ لا يكون إلا مع تنافي الناسخ والمنسوخ.
وأما السلف والجمهور فقالوا: الناسخ هو آية الفرائض، لأن الله تعالى قدَّر فرائض محدودة، ومنع من تعدّي حدوده، فإذا أعطى الميت لوارثه أكثر مما حدَّه الله له، فقد تعدّى حدّ الله، فكان ذلك محرّماً، فإن ما زاد على المحدود يستحقه غيره من الورثة أو العصبة، فإذا أخذ حق العاصب فأعطاه لهذا كان ظالماً له.
ولهذا تنازع العلماء فيمن ليس له عاصب: هل يردّ عليه أم لا؟ فمن منع الردّ قال: الميراث حق لبيت المال، فلا يجوز أن يعطاه غيره.
ومن جوَّز الرد قال: إنما يوضع المال في بيت المال، لكونه ليس له مستحق خاص، وهؤلاء لهم رحم عام ورحم خاص، كما قال ابن مسعودt: «ذو السهم أَوْلى ممن لا سهم له».
والمقصود هنا أنه لا يمكنهم إقامة دليل على شمول الآية للرسولr أصلاً.
فإن قيل: فلو مات أحد من أولاد النبيr ورثه، كما ماتت بناته الثلاث في حياته، ومات ابنه إبراهيم؟
قيل: الخطاب في الآية للموروث دون الوارث، فلا يلزم إذا دخل أولاده في كاف الخطاب لكونهم موروثين أن يدخلوا إذا كانوا وارثين.
يوضح ذلك أنه قال: ]وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ[ [سورة النساء:11]، فذكره بضمير الغَيْبة لا بضمير الخطاب، وهو عائد على المخاطب بكاف الخطاب وهو الموروث، فكل من سوى النبيr من أولاده وغيرهم موروثون شملهم النص وكان النبيr وراثاً لمن خوطب، ولم يخاطب هو بأن يورث أحداً شيئاً، وأولاد النبيr ممن شملهم كاف الخطاب فوصَّاهم بأولادهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ففاطمة -رضي الله عنها- وصَّاها الله في أولادها للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأبويها لو ماتت في حياتهما لكل واحد منهما السدس.
فإن قيل: ففي آية الزوجين قال: (ولكم)، (ولهن).
قيل: أولاً: الرافضة يقولون: إن زوجاته لم يرثنه ولا عمه العباس، وإنما ورثته البنت وحدها.
الثاني: أنه بعد نزول الآية لم يُعلم أنه ماتت واحدة من أزواجه ولها مال حتى يكون وارثاً لها.
وأما خديجة -رضي الله عنها- فماتت بمكة، وأما زينب بنت خزيمة الهلالية فماتت بالمدينة، لكن من أين نعلم أنها خلَّفت مالاً، وأن آية الفرائض كانت قد نزلت.
فإن قوله تعالى: ]وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ[ [سورة النساء: 12] إنما تناول من ماتت له زوجة ولها تركة، فمن لم تمت زوجته أو ماتت ولا مال لها لم يخاطب بهذه الكاف.
وبتقدير ذلك فلا يلزم من شمول إحدى الكافين له شمول الأخرى، بل ذلك موقوف على الدليل.
فإن قيل: فأنتم تقولون: إن ما ثبت في حقه من الأحكام ثبت في حق أمته وبالعكس. فإن الله إذا أمره بأمر تناول الأمة، وإن ذلك قد عرف بعادة الشرع. ولهذا قال تعالى: ]فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا[ [سورة الأحزاب: 37]، فذكر أنه أحل ذلك له، ليكون حلالاً لأمته.
ولما خصّه بالتحليل قال: ]وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ[ [سورة الأحزاب:50] فكيف يقال إن هذه الكاف لم تتناوله؟
قيل: من المعلوم أن من قال ذلك قاله لما عرف من عادة الشارع في خطابه، كما يعرف من عادة الملوك إذا خاطبوا أميراً بأمر أن نظيره مخاطَب بمثل ذلك، فهذا يُعلم بالعادة والعرف المستقر في خطاب المخاطب، كما يُعلم معاني الألفاظ بالعادة المستقرة لأهل تلك اللغة: أنهم يريدون ذلك المعنى.
وإذا كان كذلك فالخطاب بصيغة الجمع قد تنوعت عادة القرآن فيها: تارة تتناول الرسولr، وتارة لا تتناوله، فلا يجب أن يكون هذا الموضع مما تناوله، وغاية ما يدّعي المدّعي أن يقال: الأصل شمول الكاف له، كما يقول: الأصل مساواة أمته له في الأحكام، ومساواته لأمته في الأحكام، حتى يقوم دليل التخصيص.
ومعلوم أن له خصائص كثيرة خُصَّ بها عن أمته.
وأهل السنة يقولون: من خصائصه أنه لا يورث، فلا يجوز أن يُنكر اختصاصه بهذا الحكم إلا كما ينكر اختصاصه بسائر الخصائص، لكن للإنسان أن يطالب بدليل الاختصاص.
ومعلوم أن الأحاديث الصحيحة المستفيضة، بل المتواترة [عنه] في أنه لا يورث، أعظم من الأحاديث المروية في كثير من خصائصه، مثل اختصاصه بالفيء وغيره.
وقد تنازع السلف والخلف في كثير من الأحكام: هل هو من خصائصه؟ كتنازعهم في الفيء والخمس، هل كان ملكاً له أم لا؟ وهل أُبيح له من حُرِّم عليه من النساء أم لا؟
ولم يتنازع السلف في أنه لا يُورث، لظهور ذلك عنه واستفاضته في أصحابه. وذلك أن الله تعالى قال في كتابه:]يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ[ [سورة الأنفال: 1]، وقال في [كتابه]: ]وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ[ [سورة الأنفال: 41]، وقال في كتابه: ]مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ[ [سورة الحشر: 7].
ولفظ آية الفيء كلفظ آية الخمس، وسورة الأنفال نزلت بسبب بدر، فدخلت الغنائم في ذلك بلا ريب، وقد يدخل في ذلك سائر ما نفله الله للمسلمين من مال الكفار.
كما أن لفظ "الفيء" قد يُراد به كل ما أفاء الله على المسلمين، فيدخل فيه الغنائم، وقد يختص ذلك بما أفاء الله عليهم مما لم يُوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب.
ومن الأول قول النبيr: «ليس لي مما أفاء الله عليكم إلا الخُمُس، والخمس مردود عليكم».
فلما أضاف هذه الأموال إلى الله والرسول رأى طائفة من العلماء أن [هذه] الإضافة تقتضي أن ذلك ملك للرسولr كسائر أملاك الناس، ثم جعلت الغنائم بعد ذلك للغانمين، وخُمُسها لمن سمى، وبقي الفيء، أو أربعة أخماسه، ملكاً للرسولr، كما يقول ذلك الشافعي، وطائفة من أصحاب أحمد، وإنما ترددوا في الفيء، فإن عامة العلماء لا يخمِّسون الفيء، وإنما قال بتخميسه الشافعي وطائفة من أصحاب أحمد كالخرقي.
وأما أبو حنيفة، ومالك، وأحمد وجمهور أصحابه وسائر أئمة المسلمين فلا يرون تخميس الفيء، وهو ما أُخذ من المشركين بغير قتال، كالجزية والخراج.
التعديل الأخير تم بواسطة عائشة الحبيبة ; 01-07-2010 الساعة 06:55 AM.
يا نجف الخير قولكم: إن أبا بكر منع فاطمة ميراثها من أبيهاr فقالت له: «يا ابن أبي قحافة أترثُ أباكَ ولا أرث أبي» والتجأ أبو بكر إلى روايةٍ انفرد بها وهو الغريمُ لفاطمةَ لأن الصدقة تحل له، واستدل بحديث: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» على أن ما رواه يخالفه القرآن كما في قوله تعالى: ]يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا[ ولم يجعل ذلك خاصا بالأمة دونهr وكَذَّبَ القرآنُ رِوَايَتَهُ فقال تعالى: ]وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ، وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ، وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ[[1] وقال تعالى عن زكريا: ]وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا[.
هذه الشبهة من كلام الروافض، كيف الجواب عنها.
والجواب من وجوه:
الوجه الأول: إن قول فاطمة المذكور لا يعلم صحته عنها –رضي الله عنها- ولو صح هذا القول إليها –رضي الله عنها- فليس فيه حجة لأن أباهاr لا يقاس بأحد من البشر وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وحرم الله عليه صدقة الفرض والتطوع، أي لو قال أحد: لماذا نرث آباءنا ولا ترث فاطمة أباها؟: فنقول هذا منك معناه أن أبا فاطمة كغيره من الآباء عليه الصلاة والسلام، وهذا غير صحيح، الرسولr ليس لغيره من البشر، له أحكام تختص به، فمن ذلم حرمت عليه صدقة التطوع وصدقة الفرد، فإن قال قائل هذا ثبت بنص، قلنا: وكذلك عدم توريث ورثة الأنبياء من الأنبياء ثبت بنص، أين اٌشكال؟ إذا كنت تسلم بأن النبي عليه الصلاة والسلام حرمت عليه الصدقة وغيره من الناس تحل له الصدقة، قلت: هذا جاء بدليل خاص، قال القائل: ومنع توريث الأبناء من آبائهم الرسل عليهم السلام ثبت بدليل خاص، والعبرة بثبوت الدليل، إذا ليس فيه شحناء ولا بغضاء ولا تصفية حسابات بين أبي بكرt وفاطمة –رضي الله عنها- إنما أبو بكر الصديقt متبع للحديث الذي جاء عن النبيr، ولكم أن تتصوروا كما سيأتي أبو بكر عندما يستدل بحديث: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» أليست عائشة –رضي الله عنها- وارثة لرسول اللهr وهي بنت أبي بكر الصديقt؟ هي أيضا ممنوعة من الميراث، إذا أبو بكرt ما منع فاطمة وحدها منع بنته أيضا من الميراث لأن الأنبياء لا يورثون، وهذا من خصائص الأنبياء، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: أراد الله بهذا أن يدفع عنهم الريبة حتى لا يقول قائل: إنه يفتحون البلدان ويجمعون الأموال ويأخذون الحصون، ويأخذون ويأخذون يريدون هذا لأبنائهم من ورائهم، أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لهم: هذه الأشياء التي يأخذها النبي ليست لذاته ولا لمصلحته الشخصية ولا لورثته، إنما هذه لبيت مال المسلمين من عموم الأمة، فهذا التشريع فيه حكمة عظيمة، فيه دفع للشبهة حتى لا يتذرع متذرع أو يشكك مشكك للناس فيقول لهم: لا تتبعوا هذا النبي سيأخذ أموالكم ويأخذ الزكوات ويأخذ الصدقات ويملأ بيوت المال وإذا مات ورثته يرثونه كملك من الملوك، لا، النبي لا يورث.
إذا الذي يريد أن يطعن في صدق الأنبياء وأنهم يريدون أن يدعوا الناس إلى الله لا يردون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا لا يجد سبيلا على الأنبياء.
«نحن معاشر ألأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة».
الوجه الثاني: صان الله الأنبياء عليهم السلام عن أن يورثوا دنيا لأن لا يكون في ذلك شبهة لمن يقدح في نبوتهم، بأنهم طلبوا الدنيا وخلفوها لورثتهم كما صان الله تعالى نبينا عليه الصلاة والسلام عن الخط والشعر صيانة لنبوته عن الشبهة وإن كان غيره لم يحتاج لهذه الصيانة، لأن غيره حكمه غير حكم رسول اللهr فلا يحتاج لمثل هذه الصيانة لاختلاف الحكم.
الوجه الثالث: قوله والتجأ في ذلك إلى رواية انفرد بها كذب، هذا قول كذب، فإن حديث «لا نورث ما تركناه صدقة» رواه أبو بكر، وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، والعباس، وأزواج النبيr، وأبو هريرة، والرواية عن هؤلاء ثابتة في الصحيحين والمسانيد مشهورة يعلمها أهل العلم بالحديث، فقول هذا الرافضي يدل على فرط جهله أو تعمده الكذب.
الوجه الرابع: قوله: وكان هو الغريم لها كذب أيضا، فإن أبا بكرr لم يدعي هذا المال لنفسه، ولا لأهل بيته، وإنما هو صدقة لمستحقها، كما أن المسجد حق للمسلمين، والعدل لو شهد على رجل أنه وصى بجعل بيته مسجدا أو بجعل بئره مسبلة أو أرضه مقبرة ونحو ذلك، جازت شهادته باتفاق المسلمين، وإن كان ممن يجوز له أن يصلي في هذا المسجد أو يشرب من تلك البئر أو يدفن في تلك المقبرة، فإن هذه شهادة من جهة عامة غير محصورة والشاهد دخل فيها بحكم العموم لا بحكم التعيين، ومثل هذا لا يكون خصما، ولو شهد عدل فقير على رجل أوقف ماله للفقراء والمساكين قبلت شهادته وإن كان الشاهد فقيرا.
الوجه الخامس: أبو بكر لم يكن من أهل الصدقة حتى يكون غريما لفاطمة بل كان مستغنيا عنها، سبحان الله هو الذي أنفق ماله في سبيل الله، فيرجع يبحث عن الصدقة، سبحان الله أعطى ماله كله في سبيل الله، هل هذا يرجع بعد ذلك يبحث عن الصدقة ويكذب على رسول اللهr في حديث من أجل أن ينتفع هو بالصدقة بعد ذلك؟ قاتل الله الروافض ما أكذبهم، وما أسمج كذبهم.
قال: بل كان مستغنيا عنها، ولا انتفع هو ولا أحد من أهله بهذه الصدقة؛ فهو كما لو شهد قوم من الأغنياء على رجل أنه وصَّى بصدقة للفقراء؛ فإن هذه شهادة مقبولة بالاتفاق.
الوجه السادس: أن أبا بكر في موقف الراوي لا الشاهد، والرواية مقبولة ولو كان يعود منها نفع على الراوي، والمحدِّث إذا حدَّث بحديث في حكومة بينه وبين خصمه قُبلت روايته للحديث، لأن الرواية تتضمن حكماً عاماً يدخل فيه الراوي وغيره.
الوجه السابع: وهذا الحديث تضمَّن حكما شرعيا، وعائشة بنت أبي بكر ممن حرمت الميراث بهذا الحديث، ولهذا تضمن تحريم الميراث على ابنة أبي بكر عائشة -رضي الله عنها-، وتضمن تحريم شرائه لهذا الميراث من الورثة واتِّهابه لذلك منهم، وتضمن وجوب صرف هذا المال في مصارف الصدقة.
الوجه الثامن: أن قوله: "على أن ما رووه فالقرآن يخالف ذلك، لأن الله تعالى قال: ]يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ[ [سورة النساء: 11] ولم يجعل الله ذلك خاصًّا بالأُمَّة دونهr.
فيقال: أولاً: ليس في عموم لفظ الآية [ما يقتضي] أن النبيr يورث، فإن الله تعالى قال: ]يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ[ [سورة النساء: 11]، وفي الآية الأخرى: ]وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ[ إلى قوله: ]مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ[ [سورة النساء: 12]، وهذا الخطاب شامل للمقصودين بالخطاب وليس فيه ما يوجب أن النبيr مخاطب بها.
و"كاف" الخطاب يتناول من قصده المخاطب، فإن لم يعلم أن المعين مقصود بالخطاب لم يشمله اللفظ، حتى ذهبت طائفة من الناس إلى أن الضمائر مطلقاً لا تقبل التخصيص [فكيف بضمير المخاطب؟] فإنه لا يتناول إلا من قُصد بالخطاب دون من لم يُقصد.
ولو قُدِّر أنه عام يقبل التخصيص، فإنه عام للمقصودين بالخطاب، وليس فيها ما يقتضي كون النبيr من المخاطبين بهذا.
فإن قيل: هب أن [الضمائر] ضمائر التكلم والخطاب والغيبة لا تدل بنفسها على شيء بعينه، لكن بحسب ما يقترن بها؛ فضمائر الخطاب موضوعة لمن يقصده المخاطِب بالخطاب، وضمائر التكلم لمن يتكلم كائناً من كان.
لكن قد عُرف أن الخطاب بالقرآن هو للرسولr والمؤمنين جميعاً، كقوله تعالى: ]كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ[ [سورة البقرة: 183] وقوله: ]إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ[ [سورة المائدة: 6] ونحو ذلك.
وكذلك قوله تعالى: ]يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ[ [سورة النساء: 11].
قيل: بل "كاف" الجماعة في القرآن تارة تكون للنبيr والمؤمنين، وتارة تكون لهم دونه.
كقوله تعالى: ]وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ[ [سورة الحجرات: 7]؛ فإن هذه "الكاف" للأمة دون النبيr.
وكذلك قوله تعالى: ]لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ[ [سورة التوبة: 128].
وكذلك قوله تعالى: ]أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ[ [سورة محمد:33]، وقوله تعالى: ]إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[ [سورة آل عمران: 31] ونحو ذلك؛ فإن كان الخطاب في هذه المواضع لم يدخل فيها الرسولr، بل تناولت من أُرسل إليهم. فَلِمَ لا يجوز أن تكون الكاف في قوله تعالى: ]يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ[ [سورة النساء: 11] مثل هذه الكافات؟ فلا يكون في السنة ما يخالف ظاهر القرآن.
ومثل هذه الآية قوله تعالى: ]وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ*وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا[ [سورة النساء: 3 - 4]، فإن الضمير هنا في "خفتم" و"تقسطوا" و"انكحوا" و"طاب لكم" و"ما ملكت أيمانكم" إنما يتناول الأمة دون نبيهاr، فإن [النبيr] له أن يتزوج أكثر من أربع، وله أن يتزوج بلا مهر، كما ثبت ذلك بالنص والإجماع.
فإن قيل: ما ذكرتموه من الأمثلة فيها ما يقتضي اختصاص الأمة، فإنه لما ذكر ما يجب من طاعة الرسولr وخاطبهم بطاعته ومحبته، وذكر بعثه إليهم، عُلم أنه ليس داخلاً في ذلك.
قيل: وكذلك آية الفرائض لما قال: ]آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً[ [سورة النساء: 11]، وقال: ]مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ[ [سورة النساء: 11]، ثم قال: ]تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ[ [سورة النساء: 13- 14]، فلما خاطبهم بعدم الدراية التي لا تناسب حال الرسول، وذكر بعد هذا ما يجب عليهم من طاعته فيما ذكره من مقادير الفرائض، وأنهم إن أطاعوا الله ورسوله في هذه الحدود استحقوا الثواب، وإن خالفوا الله والرسول استحقُّوا العقاب، وذلك بأن يعطوا الوارث أكثر من حقه، أو يمنعوا الوارث ما يستحقه - دلّ ذلك على أن المخاطبين المسلوبين الدراية [لما ذكر]، الموعودين على طاعة الرسولr، المتوعدين على معصية الله ورسوله وتعدّى حدوده فيما قدره من المواريث وغير ذلك، لم يدخل فيهم الرسولr، كما لم يدخل في نظائرها.
ولما كان ما ذكره من تحريم تعدّى الحدود عقب ذكر الفرائض المحدودة، دلّ على أنه لا يجوز أن يزاد أحد من أهل الفرائض على ما قُدِّر له، ودلّ على أنه لا تجوز الوصية لهم، وكان هذا ناسخاً لما أُمر به أولاً من الوصية للوالدين والأقربين.
ولهذا قال النبيr عام حجة الوداع: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» رواه أهل السنن كأبي داود وغيره، [ورواه أهل السير]، واتفقت الأمة عليه، حتى ظن بعض الناس أن آية الوصية إنما نُسخت بهذا الخبر، لأنه لم ير بين استحقاق الإرث وبين استحقاق الوصية منافاة، والنسخ لا يكون إلا مع تنافي الناسخ والمنسوخ.
وأما السلف والجمهور فقالوا: الناسخ هو آية الفرائض، لأن الله تعالى قدَّر فرائض محدودة، ومنع من تعدّي حدوده، فإذا أعطى الميت لوارثه أكثر مما حدَّه الله له، فقد تعدّى حدّ الله، فكان ذلك محرّماً، فإن ما زاد على المحدود يستحقه غيره من الورثة أو العصبة، فإذا أخذ حق العاصب فأعطاه لهذا كان ظالماً له.
ولهذا تنازع العلماء فيمن ليس له عاصب: هل يردّ عليه أم لا؟ فمن منع الردّ قال: الميراث حق لبيت المال، فلا يجوز أن يعطاه غيره.
ومن جوَّز الرد قال: إنما يوضع المال في بيت المال، لكونه ليس له مستحق خاص، وهؤلاء لهم رحم عام ورحم خاص، كما قال ابن مسعودt: «ذو السهم أَوْلى ممن لا سهم له».
والمقصود هنا أنه لا يمكنهم إقامة دليل على شمول الآية للرسولr أصلاً.
فإن قيل: فلو مات أحد من أولاد النبيr ورثه، كما ماتت بناته الثلاث في حياته، ومات ابنه إبراهيم؟
قيل: الخطاب في الآية للموروث دون الوارث، فلا يلزم إذا دخل أولاده في كاف الخطاب لكونهم موروثين أن يدخلوا إذا كانوا وارثين.
يوضح ذلك أنه قال: ]وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ[ [سورة النساء:11]، فذكره بضمير الغَيْبة لا بضمير الخطاب، وهو عائد على المخاطب بكاف الخطاب وهو الموروث، فكل من سوى النبيr من أولاده وغيرهم موروثون شملهم النص وكان النبيr وراثاً لمن خوطب، ولم يخاطب هو بأن يورث أحداً شيئاً، وأولاد النبيr ممن شملهم كاف الخطاب فوصَّاهم بأولادهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ففاطمة -رضي الله عنها- وصَّاها الله في أولادها للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأبويها لو ماتت في حياتهما لكل واحد منهما السدس.
فإن قيل: ففي آية الزوجين قال: (ولكم)، (ولهن).
قيل: أولاً: الرافضة يقولون: إن زوجاته لم يرثنه ولا عمه العباس، وإنما ورثته البنت وحدها.
الثاني: أنه بعد نزول الآية لم يُعلم أنه ماتت واحدة من أزواجه ولها مال حتى يكون وارثاً لها.
وأما خديجة -رضي الله عنها- فماتت بمكة، وأما زينب بنت خزيمة الهلالية فماتت بالمدينة، لكن من أين نعلم أنها خلَّفت مالاً، وأن آية الفرائض كانت قد نزلت.
فإن قوله تعالى: ]وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ[ [سورة النساء: 12] إنما تناول من ماتت له زوجة ولها تركة، فمن لم تمت زوجته أو ماتت ولا مال لها لم يخاطب بهذه الكاف.
وبتقدير ذلك فلا يلزم من شمول إحدى الكافين له شمول الأخرى، بل ذلك موقوف على الدليل.
فإن قيل: فأنتم تقولون: إن ما ثبت في حقه من الأحكام ثبت في حق أمته وبالعكس. فإن الله إذا أمره بأمر تناول الأمة، وإن ذلك قد عرف بعادة الشرع. ولهذا قال تعالى: ]فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا[ [سورة الأحزاب: 37]، فذكر أنه أحل ذلك له، ليكون حلالاً لأمته.
ولما خصّه بالتحليل قال: ]وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ[ [سورة الأحزاب:50] فكيف يقال إن هذه الكاف لم تتناوله؟
قيل: من المعلوم أن من قال ذلك قاله لما عرف من عادة الشارع في خطابه، كما يعرف من عادة الملوك إذا خاطبوا أميراً بأمر أن نظيره مخاطَب بمثل ذلك، فهذا يُعلم بالعادة والعرف المستقر في خطاب المخاطب، كما يُعلم معاني الألفاظ بالعادة المستقرة لأهل تلك اللغة: أنهم يريدون ذلك المعنى.
وإذا كان كذلك فالخطاب بصيغة الجمع قد تنوعت عادة القرآن فيها: تارة تتناول الرسولr، وتارة لا تتناوله، فلا يجب أن يكون هذا الموضع مما تناوله، وغاية ما يدّعي المدّعي أن يقال: الأصل شمول الكاف له، كما يقول: الأصل مساواة أمته له في الأحكام، ومساواته لأمته في الأحكام، حتى يقوم دليل التخصيص.
ومعلوم أن له خصائص كثيرة خُصَّ بها عن أمته.
وأهل السنة يقولون: من خصائصه أنه لا يورث، فلا يجوز أن يُنكر اختصاصه بهذا الحكم إلا كما ينكر اختصاصه بسائر الخصائص، لكن للإنسان أن يطالب بدليل الاختصاص.
ومعلوم أن الأحاديث الصحيحة المستفيضة، بل المتواترة [عنه] في أنه لا يورث، أعظم من الأحاديث المروية في كثير من خصائصه، مثل اختصاصه بالفيء وغيره.
وقد تنازع السلف والخلف في كثير من الأحكام: هل هو من خصائصه؟ كتنازعهم في الفيء والخمس، هل كان ملكاً له أم لا؟ وهل أُبيح له من حُرِّم عليه من النساء أم لا؟
ولم يتنازع السلف في أنه لا يُورث، لظهور ذلك عنه واستفاضته في أصحابه. وذلك أن الله تعالى قال في كتابه:]يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ[ [سورة الأنفال: 1]، وقال في [كتابه]: ]وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ[ [سورة الأنفال: 41]، وقال في كتابه: ]مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ[ [سورة الحشر: 7].
ولفظ آية الفيء كلفظ آية الخمس، وسورة الأنفال نزلت بسبب بدر، فدخلت الغنائم في ذلك بلا ريب، وقد يدخل في ذلك سائر ما نفله الله للمسلمين من مال الكفار.
كما أن لفظ "الفيء" قد يُراد به كل ما أفاء الله على المسلمين، فيدخل فيه الغنائم، وقد يختص ذلك بما أفاء الله عليهم مما لم يُوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب.
ومن الأول قول النبيr: «ليس لي مما أفاء الله عليكم إلا الخُمُس، والخمس مردود عليكم».
فلما أضاف هذه الأموال إلى الله والرسول رأى طائفة من العلماء أن [هذه] الإضافة تقتضي أن ذلك ملك للرسولr كسائر أملاك الناس، ثم جعلت الغنائم بعد ذلك للغانمين، وخُمُسها لمن سمى، وبقي الفيء، أو أربعة أخماسه، ملكاً للرسولr، كما يقول ذلك الشافعي، وطائفة من أصحاب أحمد، وإنما ترددوا في الفيء، فإن عامة العلماء لا يخمِّسون الفيء، وإنما قال بتخميسه الشافعي وطائفة من أصحاب أحمد كالخرقي.
وأما أبو حنيفة، ومالك، وأحمد وجمهور أصحابه وسائر أئمة المسلمين فلا يرون تخميس الفيء، وهو ما أُخذ من المشركين بغير قتال، كالجزية والخراج.
بعد إذن مولاي نجف الخير سلمه الله
يا عائشة لاداعي للنسخ واللصق وفرض العضلات والفلسفة
ولو قرأتي الموضوع لأغناك عن هذا كله
أولا القول ليش من الروافظ كما جاء في منسوخك
وإنما من كتبكم
ثانيا فدك ملك وليس إرث كما في الروايات المذكورة والتي من كتبكم أيضا
يا عائشة لاداعي للنسخ واللصق وفرض العضلات والفلسفة
ولو قرأتي الموضوع لأغناك عن هذا كله
أولا القول ليش من الروافظ كما جاء في منسوخك
وإنما من كتبكم
ثانيا فدك ملك وليس إرث كما في الروايات المذكورة والتي من كتبكم أيضا
والسلام
أولا وقبل كل شيء: أتحداك أن تثبت أنني فعلا كما قلت أنسخ ثم ألصق.
الأمر الثاني: هذه من المضحكات المبكيات والاختراعات الجديدة في استنباط الأحكام التي لم نسمع عنها من قبل، أنه: (ملك وليس إرث) لم يقل بهذا حتى علماؤك في كتبهم، ويرد على كلامك هذا بما جاء عن فاطمة الزهراء رضي الله عنها كما في الحديث المزعوم: (يا ابن أبي قحافة أترثُ أباكَ ولا أرث أبي)، هل أنت يا عبد محمد أفقه من فاطمة رضي الله عنها، اللهم احفظ علينا ديننا.
في انتظار أن تأتينا بمرجع من مراجعكم يقول عن فدك: أنها ملك وليس ميراث.
أولا وقبل كل شيء: أتحداك أن تثبت أنني فعلا كما قلت أنسخ ثم ألصق.
الأمر الثاني: هذه من المضحكات المبكيات والاختراعات الجديدة في استنباط الأحكام التي لم نسمع عنها من قبل، أنه: (ملك وليس إرث) لم يقل بهذا حتى علماؤك في كتبهم، ويرد على كلامك هذا بما جاء عن فاطمة الزهراء رضي الله عنها كما في الحديث المزعوم: (يا ابن أبي قحافة أترثُ أباكَ ولا أرث أبي)، هل أنت يا عبد محمد أفقه من فاطمة رضي الله عنها، اللهم احفظ علينا ديننا.
في انتظار أن تأتينا بمرجع من مراجعكم يقول عن فدك: أنها ملك وليس ميراث.
نعم تنسخ وتلصق وهذا ليس بجديد عليكم
أما تقول لم يقل أحد العلماء فأنت أعمى ففي بداية الموضوع وضع الأستاذ نجف الخير رواية شيعية عن تفاصيل قضية فدك
وهذا دليل أنكم لا تقرؤون سوى العنوان
أما حديث مزعوم فلا يوجد شيء مزعوم فرواية البخاري شاهدة أن الزهراء عليها السلام طالبت صاحبك عتيق
ولو لم يكن للزهراء عليها السلام حق لما طالبت
أما الأعلمية فأفضل لك أن تسكت فحسب منطقكم المضحك أن النبي صلى الله عليه وآله علم كل الصحابة أمور الدين والشرع وترك الزهراء ولم يعلمها شيء
فإنه حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عثمان بن عيسى وحماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : لما بويع لأبي بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك ، فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله منها ، فجاءت فاطمة عليها السلام إلى أبي بكر ، فقالت : يا أبا بكر منعتني عن ميراثي من رسول الله وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر الله .