|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 733
|
الإنتساب : Dec 2006
|
المشاركات : 105
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
انتصار الدم
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 01-05-2007 الساعة : 02:52 PM
إذن فالحل هو أن يبين أهل البيت عليهم السلام للناس خطأهم فإن رجعوا إلى صوابهم، فإنهم سوف لن يقبلوا بحكم غيره وسوف يُسقِطون - من أجل صلاحهم- كل من يحاول التسلط عليهم طلماً و قهراً و إن ظلوا على ضلالهم فإن الله غني عن العالمين قال سبحانه و تعالى. ( إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ)(إبراهيم :8)
لقد سمعت الصديقة عليها السلام نداء القوم لعلي عليه السلام بالخروج للبيعة و إلا سوف يحرقون البيت عليهم، لم ينكر أحد من المسلمين عليهم هذا التهديد.
هنا يأتي دور الجهاد الأعظم للصديقة الطاهرة عليها السلام في الدفاع عن الإمام و بيان الحق المغتصَب. لم يستطع أحد غيرها أن يجاهد في هذه الظروف فإن هذا الظرف يحتاج لجهاد امرأة عظيمة كالزهراء عليها السلام لأن كل الرجال مقتولون إذا حاولوا إعلان العصيان على الحكومة بل و هم المخطئون أيضاً في نظر الناس، و بذلك لن يستطيعوا بيان الحق قبل أن يأتي على رقابهم السيف و سوف يتلبس الباطل بلباس الحق في نظر الناس و يتلبس الحق بلباس الباطل في نظرهم و بذلك يصل الأشرار إلى مطلبهم و هو هدم الإسلام الحق إلى يوم القيامة.
ولكن الزهراء عليها السلام فوتت هذه الفرصة على الظلمة. خرجت و بينت للناس خطأهم و قالت فيما قالت من خطبتها الرائعة مخاطبة إياهم: ( وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفا بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين وللعزة فيه ملاحظين ثم استنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم و وردتم غير مشربكم هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجرح لما يندمل و الرسول لما يقبر ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و إن جهنم لمحيطة بالكافرين فهيهات منكم وكيف بكم و أنى تؤفكون و كتاب الله بين أظهركم أموره ظاهرة و أحكامه زاهرة و أعلامه باهرة و زواجره لائحة وأوامره واضحة و قد خلفتموه وراء ظهوركم أ رغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا و من يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها و يسلس قيادها ثم أخذتم تورون وقدتها و تهيجون جمرتها و تستجيبون لهتاف الشيطان الغوي و إطفاء أنوار الدين الجلي و إهمال سنن النبي الصفي ).
و طالبت أبا بكر بإرثها من النبي صلى الله عليه و اله فلم يعطها فقالت له في خطبتها بعد أن استدلت عليه بالقران ( فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله و الزعيم محمد و الموعد القيامة و عند الساعة يخسر المبطلون ولا ينفعكم إذ تندمون و لكل نبأ مستقر و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحل عليه عذاب مقيم) و تعرضت للضرب و اللطم و التكذيب بمرأى و مسمع من المسلمين.
لم يتحرك أحد أيضا و أعلنت غضبها على أبي بكر و عمر و جاءا إليها ليعتذرا و لكنها رفضتهما و طردتهما و هنا بدأ الجهاد يؤتي أُكُله.
ذكر ابن قتيبة (السني المذهب) في كتابه السياسة و الإمامة هذه المناظرة بين الزهراء عليها السلام و المغتصبين حقها.
قال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة فإنا قد أغضبناها.
فانطلقا جميعا فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا علياً فكلماه فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها حولت و جهها إلى الحائط، فسلما عليها فلم ترد عليهما السلام، فتكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله، والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي، وانك لأحب إلي من عائشة ابنتي، و لوددت يوم مات أبوك أني مت و لا أبقى بعده، أفتراني أعرفك و أعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك و ميراثك من رسول الله, إلا أني سمعت أباك رسول الله (صلى الله عليه و اله) يقول: لا نورث، ما تركناه فهو صدقة فقالت: أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه و اله تعرفانه و تعملان به؟
قالا: نعم.
فقالت: أنشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، و سخط فاطمة من سخطي؟
قالا: نعم، سمعناه من رسول الله (صلى الله عليه و اله).
قالت: فإني أشهد الله و ملائكته أنكما أسخطماني و ما أرضيتماني، و لئن لقيت النبي لأشكونكما إليه.
فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه و سخطك يا فاطمة، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق، و هي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها، ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس فقال لهم: يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته، مسروراً بأهله، و تركتموني و ما أنا فيه لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي.
قالوا: يا خليفة رسول الله إن هذا الأمر لا يستقيم و أنت أعلمنا بذلك، إنه إن كان هذا لم يقم لله دين.
فقال: والله لولا ذلك و ما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة و لي في عنق مسلم بيعة بعد ما سمعت و رأيت من فاطمة.
وفي موطن آخر قالت لنساء الأنصار في أزواجهن عندما عدنها في مرضها ( ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة، و قواعد النبوة و الدلالة، و مهبط الروح الأمين، و الطبين بأمور الدنيا و الدين؟ ألا ذلك هو الخسران المبين، و مالذي نقموا من أبي الحسن؟ نقموا والله منه نكير سيفه، و قلة مبالاته لحتفه، و شدة و طأته، .....)
ثم حذرت عليها السلام من عواقب أفعال القوم على الأمة فقالت (أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا ملء القعب دماً عبيطا، و ذعافا مبيداً، هنالك يخسر المبطلون، و يعرف التالون غب ما أسس الأولون، ثم طيبوا نفساً و اطمأنوا للفتنة جأشاً، و أبشروا بسيف صارم، و سطوة معتد غاشم، و بهرج شامل، و استبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيداً، و جمعكم حصيداً، فيا حسرة لكم، و أنى بكم و قد عميت عليكم أنلزمكموها و أنتم لها كارهون).
فنقلت النسوة ذلك لأزواجهن فجاؤا يعتذرون و قالوا: يا سيدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر قبل أن يبرم العهد، و يحكم العقد، لما عدنا إلى غيره.
فقالت عليها السلام: إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم، ولا أمر بعد تقصيركم.
هل يمكن أن يصل إلينا هذا الاعتراف الصريح من أبي بكر باغتصاب الخلافة لولا موقف الزهراء عليها السلام؟
وهل يتبين الحق للمسلمين لولا حهادها العظيم ؟
إذن فكيف يمنعها الإمام عليه السلام من الجهاد و يمنع هذه النتائج الواضحة؟
ولم تكتف الصديقة الطاهرة بذلك بل تركت دليلا حيا شاهدا على ظلمها و اغتصاب حق علي في الخلافة. إنها لم تؤذن أبا بكر و عمر بوفاتها و لم تسمح لهما بالصلاة عليها ثم أخفت القبر عن جميع الناس إلى يوم القيامة شاهدا على ظلمها.
فان كل من يأتي على هذا الحدث في التاريخ لابد أن يستوقفه إخفاء قبر البتول عليها السلام ليعرف الأسباب التي أدت إلى ذلك و بالتالي يتبين الظلم الذي وقع أهل البيت منذ يوم السقيفة. و هذا هو نتيجة الجهاد المرجوة في التمييز بين الحق و الباطل عند الناس ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ )(لأنفال: من الآية42).
ولقد أجاد الشاعر بيان هذا المعنى عندما قال: ولأي الأمور تدفن ليلا بضعة المصطفى و يعفى ثراها
فاي جهاد أعظم من هذا. لقد استطاعت أن تبين للناس كذب القوم و اغتصابهم ما ليس لهم بحق. فان أي مهتد إلى طريق الحق فإنما هو ببركتها و جهادها عليها السلام وكل ضال فإنما هو معاند أو مستغفل من المعاندين.
فالسلام عليها يوم ولدت و يوم استشهدت ويوم تبعث حية مظلومة مضطهدة مقهورة
|
|
|
|
|