بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرج قائم آل محمد ياكريم
س1/ ما هي العلاقة بين القراءة الواعية للقرآن الكريم، وبين تحقيق الكمال والقرب من المولى عزوجل؟..
العلاقة واضحة وبديهية!.. فإن القرآن الكريم كتاب التزكية والتعليم، أنزله رب العالمين، لإخراجنا من الظلمات إلى النور.. ولكن استخراج القواعد من القرآن الكريم، يكون من خلال القراءة الواعية!..
ولذا نحن ننصح أن تكون قراءة المؤمن للقرآن الكريم، كقراءة إنسان لكتاب طبي، فيه ذكر لأمراض هو مبتلى بها.. إذ أنه عندما يقرأ وصف المرض وعلاجه، يقرأه بتلهف وشوق شديد، لأن هذه المعرفة ستعينه على عميلة العلاج.
إن قراءة القرآن الكريم بالترتيل مطلوبة شرعا، ولاشك أنه يترتب عليها الثواب الجزيل.. ولكن هنالك فرق بين الترتيل للقرآن الكريم لأخذ الثواب، وبين من يقرأ القرآن الكريم، ليستثير به دواء دائه.. ومن المعلوم أن من صفات النبي (ص) -كما ورد في النصوص المباركة عن أهل البيت (ع)- أنه: (دوار بطبه، قد أحكم مراهمه، وأحمى مواسمه).. ولكن ذلك، بأي وسيلة؟.. إن النبي (ص) كانت وسيلته القرآن الكريم.. فالذي لا صلة له بالقرآن الكريم تدبرا وتمعنا، فإنه مقطوع الصلة بالبحر الأصلي، وسوف يعيش التخبط في حياته.
مع الأسف، بعض الذين يدعون الكمالات الروحية أو ما شابه، لا يتقنون حتى القراءة الظاهرية للقرآن الكريم، ولا يعلمون قسما كبيرا من مفرداته!..
لا يشك أحد أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا، هو كتاب رب العالمين!.. فالمؤمن لا يطيق هجر كتاب ربه، بل من برامجه أنه يخصص وقتا للتدبر في كتاب ربه.. فلو أنه يقرأ تفسير جزء واحد في الشهر بتمعن شديد، يكون في خلال ثلاثين شهرا، قد تمعن في القرآن كله، تمعنا شديدا.. فكيف إذا في كل أسبوع يقرأ، إذن هو في ثلاثين أسبوع، يكون قد مر على المعاني القرآنية الراقية.. ومن المعروف أن الذي له صلة بالقرآن: تلاوة، وتدبرا، ومراجعة للتفاسير؛ فإنه بعد فترة يرى شيئا في باطنه.
إلا أن البعض يتكاسل في قراءة القرآن وتدبر معانيه، بعذر أنه مع قراءته الكثيرة، لا يجتمع عنده شيئا، وينسى كل ما قرأه!..
والجواب: أن ما يقرأه يكون مخزنا في اللاشعور، وتأتيه المعلومة عندما هو يحتاج إليها..
أضف أن تلاوة القرآن، تعطي نورا باطنيا.. فليس من الضروري أن يتذكر الإنسان المؤمن كل ما قرأه في تفسير القرآن.. فنفس أن يفتح كتاب تفسير القرآن، ويتدبر في معانيه، يعطيه نورا باطنيا، وهذا النور الباطني ينفعه في فهم القرآن.. فهو لما يرجع مرة ثانية يقرأ القرآن، فإنه يقرأ بنور إلهي خاص ومضاعف في هذا المجال.
س2/ كيف يمكن الوصول للطائف والإشارات في القرآن الكريم؟..
هذا بحث حساس وخطير!.. والبعض فسروا القرآن برأيهم!.. فنلاحظ ما يقال في بعض التفاسير، لا ارتباط له بالقرآن أصلا، لا من قريب ولا من بعيد، خاصة بعض التفاسير الباطنية العرفانية الأخلاقية!.. فالبعض يتجاوز الحد إلى حد كبير جدا!.. فينبغي أن نحذر ولا نخلط بين اللطائف والإشارات، وبين التقول على القرآن الكريم، بدعوى أنه هكذا يفهم من القرآن هذا المعنى!..
إن الذي يريد أن يصل للطائف وإشارات القرآن، يحتاج أن يصل إلى ما وراء التفسير.. فإن رب العالمين لا يكشف هذه الحقائق، إلا لمن كان صادقا.. فليس كل من ادعى، هو صادق.. وإن الإنسان إذا كان صادقا بالعبودية، يصل إلى درجة يفهم كلام الله عزوجل، بغير الفهم المتعارف.
وليس بالضرورة إن كل ما فهمه الإنسان ينشره في الملأ العام، فقد تكون معان خاصة.. واحذر البعض ألا يكتب في الدين من أول الأمر، أو يعطي رأي الإسلام في المواقف المختلفة، لأنه مثلا قرأ بعض الكتب، أو تعبد فترة من الزمن، فإن هذا يحتاج إلى نضج في هذا المجال.. وخطير جدا أن يتقول الإنسان على الإسلام، أو القرآن الكريم، ويقول: الإسلام يقول هكذا!.. أو القرآن يقول هكذا!.. ثم إن الكتمان من موجبات انفتاح هذا الباب.
فإذن، معرفة ملكوت وما وراء الآيات أو حقيقة وجوهر القرآن الكريم، يحتاج إلى شرح صدر.. فشرح الصدر من آثاره، أن الإنسان يرى بعض المعاني في القرآن، والتي قد لا يعلمها البعض.
فإذن، هناك علاقة.. فإن التدبر في الآيات، وخصوصا الآيات المتعلقة بمجاهدة النفس والتكامل الأخلاقي، من موجبات ارتفاع طموح الإنسان في هذا المجال، وضمانة لعدم التخبط في حركته التكاملية إلى رب العالمين.
تحياتي