ارتفعت في الآونة الأخيرة حدة التصريحات الإسرائيلية التي تُنذر إيران بالحرب فيما لا تستجب لنداءات الغرب بوقف نشاطاتها النووية..تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تغيرا سياسيا كبيرا قد يكون عبارة عن فوضي خلاقة تخدم السياسات الأمريكية أو تكون عبارة عن انطلاقة للمارد العربي في مواجهة طموحات قوي الهيمنة الغربية والشرقية، وبعيدا عن تلك التكهنات التي لا زالت تخضع لمصالح القوي الكبري أؤكد علي أن الحرب الإيرانية الإسرائيلية قد تكون نقطة مفصلية في تحديد مصائر أنظمة عربية أو اضمحلال قوي غربية..لذا فالأمر ليس يسيرا كما يظن البعض..
عمليا وعلي الأرض يصعب تحديد مكان تلك المواجهة وإن كنت أرجح شخصيا بأن أي مواجهة إيرانية غربية لو وقعت فستكون في منطقة الخليج لاعتبارات عدة تتعلق بتوزيع القوي وولاءات عدد من الأنظمة سواءا للغرب أو لإيران، ومن المُحتمل أن تأخذ تلك المواجهة شكل الحرب الخاطفة ولكن هذه أيضا ليست واردة....فأي حرب دون مكاسب سياسية ستُعد تهورا وغباءا قد ينتج عنها تَغول المارد الإيراني فيما لو فشلت الضربة في تحقيق أهدافها وهذا متوقع...إضافة إلي سيطرة الإيرانيين علي مضيق هرمز وهو إِشارة إلي حتمية أزمة طاقة عالمية في حال نشوب أي مواجهة عسكرية تكون فيها إيران طرفا ضد طرف غربي أو إسرائيلي أو حتي عربي بالوكالة..
إذا ما الذي يحدث؟..الذي يحدث وهي رؤية شخصية أنني أري تلك التصريحات والتهديداتهي عبارة عن حرب نفسية تهدف للضغط علي إيران ليس أكثر،تهدف هذه الضغوط إما لتعطيل البرنامج النووي الإيراني أو تأخيره بما يسمح لتشكيل شرق أوسط جديد يخدم السياسات الأمريكية أكثر مما سبق وعنه تستطيع الإدارة الأمريكية أن تضغط ضغطا حقيقيا بعيدا عن قصة العقوبات التي فشلت في إيجاد ثمرتها.. ولكن يُعجبني أن إيران أخذت تلك التهديدات علي محمل الجد وهو ما يفيد واقعية النظام الإيراني في مواجهة أي تهديد يستهدف الأمن القومي الإيراني......
علي جانب آخر فتقاطع المصالح بين إسرائيل وأمريكا ليس بالضرورة أن ينتج تقاطعا في المصالح بشأن تلك الحرب، فالمصالح الأمريكية تختلف عن المصالح الإسرائيلية، فإيران تهدد المصالح الأمريكية في الخليج وفي العراق وأفغانستان، أما إسرائيل فهي تنظر لإيران ليس بنظرة تهديد مصالح فقط بل بتهديد وجود وهو ما يثيره الساسة الإسرائيليون يوما بعد يوم بأن إيران هي أكبر خطر علي إسرائيل، قد تكون تلك النظرة نابعة من طبيعة النظام الإيراني الثوري والذي يتسم باستخدام الدين للتعبئة والحشد وهذا قد يكون له أكبر الأثر علي مستقبل إسرائيل التي قامت هي الأخري بنفس الطريقة وكأنها تشرب من نفس الكأس التي سقته للفلسطينيين في السابق..
أما عن احتمالية الدعم العربي والإسلامي لإيران فهذا وارد وبقوة، وقد نستثني عددا من الدول التي لها تحفظات علي السياسة الإيرانية في الآونة الأخيرة ولكن يبقي أن حجم الدعم الشعبي لإيران قد يزادا بشكل مُطرد مع أول صاروخ ينزل علي الأراضي الإيرانية وهذا ما يُقلق زعماء تلك الدول فيما لو أخذ هذا الشعور الشعبي بالنماء فقد يهدد تلك الأنظمة نفسها وهو ما يفقهه هؤلاء الزعماء جيدا مستخلصين العبر لما حدث سابقا في جنوب لبنان وغزة، فقد كانت تلك الحروب الإسرائيلية انتكاسة للأنظمة التي تكاسلت عن الدعم أو وقفت علي الحياد في وقت كان فيه الشعور العربي يزداد سخطا من مناظر دماء إخوانهم..وفي هذا السياق أسجل إعجابي بتصريح شيخ مشايخ الطريقة الصوفية العزمية بتصريحه المثير بأنه مستعد لإعلان الجهاد -وطريقته-ضد إسرائيل في حال ضربها لإيران، هذا شعور عربي إسلامي فطري مُتجذر لدي العرب والمسلمين ومن الطبيعي أن يخرج تصريح كهذا في ظل وجود إيران كدولة إسلامية، ولكن في ذات الوقت أعيب علي الشيخ عدم انتفاضته بالمثل لأحرار فلسطين في السابق ولكن في المحصلة نُثمن له هذا الفعل فهو عمل جيد بكل الأحوال..
علي جانب آخر أري أن تلك التهديدات تُزيد من قوة وتماسك المجتمع الإيراني، فيتضح مع مرور الوقت ذوبان الخلافات السياسية الداخلية في بوتقة النهوض والتحدي، إضافة إلي اهلية المجتمع الإيراني لمواجهة التحديات ارتكازا إلي قوته المجتمعية الهائلة، فالمجتمع الإيراني من أكثر المجتمعات الإسلامية قوة وتماسكا بدليل انحسار الهوة بين الفقراء والأغنياء إلي أدني مستوياتها بشهادة الوفد المصري الذي زار إيران مؤخرا، وهذا دليل علي نهضة إيران الحديثة والتي قد تتسبب في نهوض عدة مجتمعات مجاورة ستستفيد حتما من أي علاقة ثنائية، وهذا أيضا يُعد مبعث قلق للغرب وكأن المارد الصيني يعود من جديد علي شكل إسلامي..
بقي لنا أن نشير إلي أن الغرب عمد في الفترة الأخيرة للضغط علي إيران عبر كافة السبل المتاحة ومنها استخدام الخطاب المذهبي الذي كان عماده منطقة الخليج والمملكة العربية السعودية بالأخص، وكان آخر تلك المحاولات هي مسرحية اغتيال السفير السعودي في واشنطن والتي بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع السياسة الإيرانية إلا أن هذه المسريحة الأمريكية السعودية كانت بحق وصمة عار سياسية في جانب من قام بهذا العمل ورعاه وقام بتفنيده وتحضير عرائض الإتهام،ولكن في المحصلة قد يكون هذا العمل ضمن مسلسل للتمهيد لضرب إيران ويسبقها محاولات للشيطنة كعادة الحروب دوما، الشاهد أن الأداء الإيراني حتي الآن يُعد جيدا وأبرز محاسنه واقعيته ورفض التساهل مع التهديدات أو الانتقاص من القدرات، وفي الرياضة دائما ما يقولون أن من أهم أسباب الفوز هو احترام الخصم وتقدير قوته بواقعية ينتج عنها الإعداد الجيد...
موضوع جميل جدا جدا.. بارك الله فيكم..
لا شك ان القوى الاستكبارية في العالم تعيش عامل قلق يقض مضاجعها من هذا المارد الاسلامي الذي ايقظه الامام الخميني رضوان الله عليه بثورة اسلامية اممية .. ولا شك ان قوى الشر والاستكبار العالمي تمتلك من التسليح ما يكفي لتدمير مدن وبلدان بكاملها .. لكن هل ترى ان تلكم القوى قادرة على القضاء على شعب ابي مسلم يعتبر هو الشعب الاول في مواجهة قوى الكفر العالمية وهو يستمد قوته وصموده من الايمان بالله سبحانه الذي جعل نصر المؤمنين وعدا عليه جل شأنه وهو الهادي لمن جاهد في سبيله.. بحسب استقراءات التأريخ وابجديات الواقع المرتهن بيد الغيب اجزم ان فلول الكفر سوف تندحر امام عظمة الشعب الايراني المسلم المجاهد مهما تكالب العدو ضده ومهما تسلح