|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 64604
|
الإنتساب : Mar 2011
|
المشاركات : 65
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
قصة المائدة في القرآن
بتاريخ : 13-03-2012 الساعة : 11:42 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قصة المائدة
(الآيات112-115 من المائدة) (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115)
الآيات وإن لم تصرح بأن الله أنزل المائدة عليهم غير أن آية (قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ) تتضمن الوعد المنجز منه بإنزالها من غير تقييد وقد وصف تعالى نفسه بأنه لا يخلف الميعاد .
قوله تعالى (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ )
قد يسأل انه كيف يصح ان يسأل الحواريون هكذا سؤال والذي يلزم منه التشكيك بقدرة الله على انزال المائدة ؟
ذكر المفسرون وجوها كثيرة ولكن أوجه ما يمكن أن يقال هو أن الاستطاعة في الآية كناية عن اقتضاء المصلحة ووقوع الإذن كما أن الإمكان والقدرة والقوة يكنى بها عن ذلك كما يقال : " لا يقدر الملك أن يصغى إلى كل ذي حاجة " بمعنى أن مصلحة الملك تمنعه من ذلك وإلا فمطلق الإصغاء مقدور له ، ويقال : " لا يستطيع الغنى أن يعطى كل سائل " أي مصلحة حفظ المال لا تقتضيه ، ويقال : " لا يمكن للعالم أن يبث كل ما يعلمه " أي يمنعه عن ذلك مصلحة الدين أو مصلحة الناس والنظام الدائر بينهم ، ويقول أحدنا لصاحبه : " هل تستطيع أن تروح معي إلى فلان ؟ وإنما السؤال عن الاستطاعة بحسب الحكمة والمصلحة لا بحسب أصل القدرة على الذهاب ، هذا .
القصة:
وقصة هذه المائدة ان النبي عيسى عليه السلام أمر الحواريين بصيام ثلاثين يوما كما قيل، فلما أتموها سألوا عيسى عليه السلام إنزال مائدة من السماء عليهم، واقترحوا أمورا أربعة :
أحدها : الأكل وكأن مرادهم بذكره أنهم ما أرادوا به اللعب بآيات الله بل أرادوا أن يأكلوا منها ، وهو غرض عقلائي ، وقد تقدم أن هذا القول منهم كالتسليم لاستحقاقهم التوبيخ من عيسى عليه السلام والوعيد الشديد من الله لمن يكفر منهم بآية المائدة .
وبالمقارنة بين هؤلاء واهل بيت العصمة والطهارة نجد أن هؤلاء جعلوا في سلم أولوياتهم طلب الطعام من الله بينما نجد أهل البيت يزهدون بالطعام طيلة ثلاثة أيام على شدة حاجتهم له تقربا إلى الله وهذا يدل على الفرق الشاسع بين أوصياء النبي عيسى عليه السلام وأوصياء النبي محمد صلى الله عليه وآله في حيازتهم لملاكات الفضل وصفات الشرف وعلو المقام وغيرها من صفات الكمال
الثاني :طلبهم للحصول على اطمئنان القلب، وهو سكونه بسبب اندفاع الخطورات المنافية للخلوص والحضور .
والثالث : الحصول على العلم اليقيني بأنه ( ع ) قد صدقهم فيما بلغهم عن ربه ، في حين يقول امير المؤمنين والله لو كشف لي الغطاء ما زددت يقينا، وهكذا لسان حال سائر اهل البيت عليهم السلام.
الرابع : أن يكونوا عليها من الشاهدين عند ما يحتاج إلى الشهادة كالشهادة عند المنكرين ، والشهادة عند الله يوم القيامة ، فالمراد بها مطلق الشهادة ، ويمكن أن يكون المراد مجرد الشهادة عند الله سبحانه كما وقع في بعض قولهم الذي حكاه الله تعالى إذ قال : " ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين " ( آل عمران : 53 ) .
فقد تحصل أنهم - فيما اعتذروا به - ضموا أمورا جميلة مرضية إلى غرضهم الآخر الذي هو الاكل من المائدة السماوية ليحسموا به مادة الحزازة عن اقتراحهم
ولكن عيسى عليه السلام وعظهم في ذلك وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها، فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك، فلما ألحوا عليه أخذ يتضرع إلى الله تعالى في الدعاء والسؤال أن يجابوا إلى ما طلبوا.
وقد تفرد دعاؤه من بين جميع الأدعية والمسائل المحكية في القرآن عن الأنبياء عليهم السلام بأن صدر " باللهم ربنا " وغيره من أدعيتهم مصدر بلفظ " رب " أو " ربنا " وليس ذلك إلا لدقة المورد وكون الآثار المترتبة على إنكارهم كارثية وهول ما سوف ينزل بهم حيث توعدهم الله عزوجل بعذاب لم يعذب به احدا ان هم انكروا.
ثم ان النبي عيسى عليه السلام علمهم من خلال ما ذكره ( ع ) في دعائه أدب السؤال وكيفية ترتيب الاولويات فجل العنوان الاساس والغرض له ولأصحابه ان تكون عيدا له ولجميع أمته ، ولم يكن الحواريون ذكروا فيما اقترحوه أنهم يريدون عيدا يخصون به لكنه ( ع ) عنون ما سأله بعنوان عام وجعله في قالب حسن ليخرج عن كونه طلبا للأكل وسؤالا للآية مع وجود آيات كبرى إلهية بين أيديهم وتحت مشاهدتهم ، ويكون سؤالا مرضيا عند الله غير مصادم لمقام العزة والكبرياء فإن العيد من شأنه أن يجمع الكلمة ، ويجدد حياة الملة ، وينشط نفوس العائدين ، ويعلن كلما عاد عظمة الدين . ولذلك قال : " عيدا لاولنا وآخرنا " أي أول جماعتنا من الأمة وآخر من يلحق بهم فإن العيد من العود ولا يكون عيدا إلا إذا عاد حينا بعد حين ، وفى الخلف بعد السلف من غير تحديد . وهذا العيد مما اختص به قوم عيسى ( ع ) كما اختصوا بنوع هذه الآية النازلة.
ويشير بقوله : " وآية منك " إلى فائدة زائدة مترتبة على الغرض الأصلي اعني كونها عيدا غير مقصودة وحدها حتى يتعلق بها عتاب أو سخط ، وإلا فلو كانت مقصودة وحدها من حيث كونها آية لم تخل مسألتها من نتيجة غير مطلوبة ولذلك لكثرة الآيات المشهودة لهم في كل يوم والتي فيها غنى وكفاية.
ويشير بقوله : " وارزقنا وأنت خير الرازقين " الى فائدة أخرى مترتبة على ما سأله من العيد من غير أن تكون مقصودة بالذات ، وقد كان الحواريون ذكروه مطلوبا بالذات حيث قالوا : " نريد أن نأكل منها " فذكروه مطلوبا لذاته وقدموه على غيره ، لكنه عليه السلام عده غير مطلوب بالذات وأخره عن الجميع وأبدل لفظ الاكل من لفظ الرزق فأردفه بقوله " وأنت خير الرازقين " .
وبعد ذلك استجاب الله عزوجل دعاء نبيه عليه السلام فأنزل سبحانه المائدة من السماء والناس ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين، وجعلت تدنو قليلا قليلا وكالما دنت منهم يسأل عيسى عليه السلام أن يجعلها رحمة لا نقمة وأن يجعلها سلامًا وبركة، فلم تزل تدنو حتى استقرت بين يدي عيسى عليه السلام وهي مغطاة بمنديل، فقام عيسى عليه السلام يكشف عنها وهو يقول (( بسم الله خير الرازقين)) كما ينقل المفسرون وقد نقلوا الكثير من التفاصيل التي قد لا تثبت أمام النقد العلمي .
وبعد ان كشف عنها فإذا عليها من الطعام تسعة أحوات ، وتسعة أرغفة فحسب ففي البحار ج14 ص 249 : عن أبي جعفر عليه السلام قال : المائدة التي نزلت على بني إسرائيل كانت مدلاة بسلاسل من ذهب عليها تسعة أحوات ، وتسعة أرغفة فحسب .
وقيل: كان عليها خل ورمان وثمار ولها رائحة عظيمة جدًا، ثم أمرهم عيسى عليه السلام بالأكل منها وأمر عليه السلام الفقراء والمحاويج والمرضى وأصحاب العاهات وكانوا قريبًا من الألف وثلاثمائة أن يأكلوا من هذه المائدة، فأكلوا منها فبرأ كل من به عاهة أو آفة أو مرض مزمن واستغنى الفقراء وصاروا أغنياء فندم الناس الذين لم يأكلوا منها لما رأوا من إصلاح حال اولئك الذين أكلوا ثم صعدت المائدة وهم ينظرون إليها حتى توارت عن اعينهم.
وقيل: إن هذه المائدة كانت تنزل كل يوم مرة فيأكل الناس منها، فيأكل آخرهم كما ياكل أولهم حتى قيل: إنه كان ياكل منها كل يوم سبعة آلاف شخص، وفي المناقب لابن حمزة الطوسي ص 221 قال: في رواية أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام : " وأكل منها خلق كثير ".
ثم أمر الله تعالى أن يقصرها على الفقراء دون الاغنياء،كما قيل ، فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم في ذلك فرفعت ومُسخ الذين تكلموا في ذلك من المنافقين خنازير.
والظاهر أن مسخهم قردة وخنازير هو العذاب الموعود لهم ، وقد روي ذلك عن أئمة أهل البيت عليهم السلام : أنهم مسخوا خنازير وفى تفسير العياشي عن الفضيل بن يسار عن أبي الحسن ( ع ) قال : إن الخنازير من قوم عيسى سألوا نزول المائدة فلم يؤمنوا بها فمسخهم الله خنازير ، وفيه : عن عبد الصمد بن بندار قال : سمعت أبا الحسن ( ع ) يقول : كانت الخنازير قوما من القصارين كذبوا بالمائدة فمسخوا خنازير ..
وهنا يطرح سؤال أن قوله تعالى " فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين " يدل على اختصاص هذا العذاب بهم ، مع أن القرآن الكريم قد نص على مسخ آخرين ، قال تعالى : " ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين " ( البقرة : 65 ) ، وقوله (أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وجعل منهم القردة والخنازير ) وقوله ( ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم )
والذي يظهر من مجموع الأخبار أن عذاب المسخ كان في جميع الأمم السابقة فعن أبي الحسن الرضا ( ع ) قال : الفيل مسخ كان ملكا زناء ، والذئب مسخ كان أعرابيا ديوثا ، والأرنب مسخ كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها ، والوطواط مسخ كان يسرق تمور الناس ، والقردة والخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت ، والجريث والضب فرقة من بني إسرائيل لم يؤمنوا حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم فتاهوا فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البر ، والفارة فهى الفويسقة ، والعقرب كان نماما ، والدب والوزغ والزنبور كانت لحاما يسرق في الميزان .
والذي ذكره العلامة الطباطبائي في تفسر الميزان غير كاف حيث قال : والآية الشريفة المذكورة ونظيرتها ما في سورة الأعراف إنما تذكران مسخهم قردة بسياق كالمنافي لغيرها ، والله أعلم .
حيث يفهم من كلامه ان مسخهم كان بطريقة مختلفة عن غيرهم ، وهو جواب مجمل ، لذا اترك الاجابة لكل من يقرأ هذه القصة .
والحمد لله رب العالمين
|
|
|
|
|