تعتبر المملكة العربية السعودية الدولة الخليجية الوحيدة من مشيخات وممالك الخليج التي سوف يصلها حراك الربيع العربي وهي الدولة الوحيدة المعرض حكمها للسقوط بين تلك الدول، وذلك يعود إلى الحجم الجغرافي الشاسع للمملكة وعدد السكان الضئيل فضلا عن التوزيع السكاني القبلي والطائفي الذي يعتبر محركا قويا لوصول الربيع العربي الذي تعتبر السعودية وجهته النهائية والتي سوف يسبب انهيارها وسقوط النظام فيها في انهيار كامل المنظومة الإقليمية والإسلامية التي أسستها الولايات المتحدة الأمريكية بعيد الحرب العالمية الثانية.
السعودية بوضعها الحالي وبالأسباب التي أدت إلى تأسيسها هي العمود الأساس لكلالبناء الأمريكي في العالم الإسلامي، وعلى عكس كل دول البناء الأمريكي هي لم تأتينتاج الاحتلال عند نهاية الاستعمار الأوروبي المباشر الذي انتهى مع نهاية الحربالعالمية الثانية، ولكنها أنشئت خصيصا من أجل القيام بدورها. من هنا تنبع أهميةاللقاء على ظهر حاملة الطائرات الأمريكية (يو أس أس كينسي) الذي أنتج السعوديةالعامود الأساس للبناء الأمريكي في العالم الإسلامي ووظيفته الأساس لعب دور المحركوالقاعدة الثابتة في آن معا لمنظومة البناء الأمريكية في العالم الإسلامي ولا بد أنفقدانه لوظيفته هذه سوف يجعل كامل القوس من الشرق العربي حتى أفريقيا الشماليةوالشرقية مرورا بباكستان والدول الإسلامية في المحيط الهندي في حالة تغيير شامل سوفيؤدي إلى تهديم البناء وإعادة تركيبه على أسس جديدة بعد انهيار السعودية.
ولو نظرنا إلى الأزمة السورية التي تعتبر أزمة عالمية بامتياز حاليا لوجدنا أنها لمتكتسب هذا المقدار من الفوضى والصراع لولا تدخل العامل الخارجي المتمثل بالنظامالحاكم والمسيطر عالميا بينما يبدأ الحراك السعودي والأزمة السعودية من قواعدمختلفة هو حراك وأزمة لها قوتها الداخلية ومن مفارقات هذا الحراك أن محركاتهالخارجية تأتي نتيجة أفعال النظام الحاكم والمسيطر عالميا، وترتد السياسة الغربيةالمتبعة في بلدان الربيع العربي نتائج كارثية على السعودية التي تعاني غليان بدأتمعالمه تظهر على الأرض.
هذه الحالة السعودية خلافا لغيرها أنتجت نفسها بنفسها لتظهر مدى حساسية الأوضاعالداخلية في الدولة الصنم، وهي حالة تساعدها الموجة العارمة من التدمير والتغييرالجذري التي تحصل مع الربيع العربي، هذا البناء المفرط الحساسية الذي كان الحفاظعليه أساس في سياسة وعقيدة كيسنجير طيلة سنوات الحرب الباردة أصبح حاليا الهدفالأخير لكل هذه السلسة من الأزمات الجارية في العالم العربي، ولاشك أن مصيرالسعودية سوف يحدد مصير كامل منظومة البناء الأمريكي.
فانهيار البناء السعودي لن يكون حدثا داخل منظومة البناء الأمريكي كما هي الحالفي البلدان الأخرى لكنه الحدث المقرر لمصير البناء بكامل أسسه وقواعده، ومعالم هذاالمصير رسمت في الأشهر الثمانية عشرة الماضية، التي دفعت العائلة السعودية الحاكمةبسبب رعبها على وضعها الداخلي إلى التخلي عن سياسة الحذر والهروب إلى الأمام عبرسياسة هجومية عدوانية تجعلها ضحية لارتدادات سياستها الخاصة.
تشعر العائلة السعودية الحاكمة باقتراب الطوق من عنقها بالخطر الذي يدق أبوابمملكتها والذي بدأت معالمه في فشل الخطة السعودية في اليمن وانفلات الوضع هناك وبدءالتحركات الشعبية في القطيف والأهم من هذا وذاك استمرار الانتفاضة الشعبية فيالبحرين رغم الاحتلال العسكري السعودي ومضي سنة ونصف على دخول قوات نايف بن عبدالعزيز دولة البحرين.
لا شك أن العائلة السعودية الحاكمة ارتكبت الخطأ الاستراتيجي القاتل بالنظر إلىضعفها المعنوي الكبير ضمن التيار الجارف للأزمة، فدخول العائلة وانغماسها في نيرانالربيع العربي نتيجته الحتمية أنها لن تخرج سالمة من الاحتراق بحمم هذا البركانوسوف تخسر المعركة..