لا استطيع ان اخفي اعجابي بالرئيس احمدي نجاد واعني بالاعجاب هنا الاحترام لشخصة والاحترام بدوره لاينفي التقاطع مع الشخص المُحترم في مواقف او رؤى سياسية معينة فلايوجد زعيم كامل وانما النسبية هي النظرية التقييمية الصحيحة بالنسبة للنظر للزعماء الكبار فتستطيع ان تتفاعل مع رمز او زعيم في امور معينة وتختلف معه في امور اخرى المهم ان تكون المواقف الايجابية طاغية على السلبية في منحنيات التقييم الكلي .
فقد القى احمدي نجاد كلمة مزجت بين الشكوى والتحدي وبين الألم والاصرار وبين الحسرة والأمل في افتتاح قمة حركة عدم الانحياز ابتدأها بشرح المظالم العالمية المسلطة على الشعوب والانظمة الضعيفة من قبل الدول القوية وختمها ايضا بكلمة اخرى مشابهة اكثر ما لفت الانتباه فيها هو اصرار الرئيس احمدي نجاد على ختم كلمة الافتتاحية بالتطرق للامام المهدي عليه السلام وثم زاد عليها باكثر في الكلمة النهائية في اختتام اعمال المؤتمر حيث دعى دول عدم الانحياز كدول رافضة للظلم والانصياغ للاقوياء بالقوة والتهديد ان تعمل سوية من اجل التهيئة لظهور الامام المهدي ذلك القائد الالهي الرباني المنقذ وبحضور عيسى ابن مريم عليهم السلام جميعا لاقامة دولة العدل العالمية ودحر الظلم والطغيان.
بكل تأكيد ان اشارات احمدي نجاد لم تكن عابرة بدليل الاصرار عليها في البدء والنهاية ثم الدعوة والاعلان عنها في مؤتمر عالمي لدول عدم الانحياز الذي يجمع ممثلي 120 دولة في العالم تمثل او تضم تقريبا بين شعوبها او حتى ضمن من يمثلهم في قاعة المؤتمر خلفيات دينية ومذهبية واعتقادية مختلفة قد يكون القلة فيهم من سمع عن الامام المهدي عليه السلام وقد يكون غالبيتهم من الذين لم يسمعوا به مطلقا وهذا بحد ذاته سيحفزهم ويدفعهم باتجاه معرفة هذا الامام الذي يقوم رئيس دولة محترمة مثل ايران وشخصية رئاسية مثل احمدي نجاد بيذكرة في خُطبة الرسمية التي تمثل بلده قيادة وشعبا ، وكلامي هذا لاينبع عن عاطفة مذهبية في التفاعل مع احمدي نجاد وانما عن تفكير وتعقل في النظر للموضوع وابعاده العالمية وهنا بعض الابعاد التي استنتجتها :
1 ـ الثقة بالنفس: ان اصرار الرئيس الايراني على اظهار اهم اعتقادات الثورة الايرانية بصورة علنية وبدون حرج من هذه القضية الاعتقادية فهو بالنهاية يفكر بصوت عال امام كل العالم ويخبرهم بما يجول في خاطرة وما يعتمل في نفسه من افكار وما في صدرة من اعتقادات يحاول ان يتمنى ان يصل اليها او يدركها وهو حي والملايين غيره ممن يؤمنون بها عبر المعمورة لاريب ان ابسط مداليل هذا الموقف هو القدرة الذاتية الفائقة لاحمدي نجاد وثقته بنفسة وشديد حبه للمعتقد المهدوي ودليل ايضا عمق هذه المعتقد وقوة جذورة داخل المجتمع الايراني المسلم ووصول الاثنين معا القيادة الايرانية والمجتمع الايراني الى مرحلة القناعة التامة بانه حان الوقت الفعلي للتبليغ العملي عن العقيدة المهدوية المغيبة اسلاميا واطلاق تلك الفكرة وتلك العقيدة الى الفضاء الاممي العالمي لتأخذ حيزها ومداها من الحوار والتفكير والتنظير والبحث والاستقراء والاستنتاج بدل ان تبقى حبيسة الصدور وأمهات الكتب الاسلامية القديمة
2 ـ التبيلغ العالمي: كذلك فان طرح موضوع الامام المهدي عليه السلام في مؤتمر كهذا المؤتمر يعتبر برأيي هو اعظم تبليغ في التاريخ لفكرة الامام المهدي عليه السلام فهناك فرق بين ان تتحدث عن العقيدة المهدوية في فضائية او كتاب او في درس او في ندوة او في مقال لكن ان تتحدث عن العقيدة المهدوية امام زعماء العالم ومن يمثلهم او يمثل شعوبهم وفي مؤتمر ترصده كل دول العالم ووسائل اعلامها واجهزتها المخابراتية والمعنية بمتابعة تطورات الاحداث في الكون وتتحدث عن العقيدة المهدوية فهذا معناه بدون شك انك قد رميت حجرا في الماء الراكد وحركت الدول وقادتها ومراكز بحوثها ودراساتها والاجهزة المعنية بالمستقبل ورجال الدين والمعتقدات واللاهوت والفلسفة والنخب كافة باتجاه معرفة من هذا الذي يتحدث عنه الرئيس الايراني ويقول بانه سيبني دولة عالمية يتحقق فيها العدل ويزول فيها الظلم ، قد يكون هناك من طرح الموضوع هنا أوهناك ولكن ان يطرحه زعيم دولة تريد ان تدخل النادي النووي العالمي وتتحدى اقوى دول العالم وتريد ان تكون دولة تسير على طريق العمل في التهيئة لهذا القائد العالمي فهذا امر بكل تأكيد غريب بالنسبة للكثير وسيكون الخطوة الاولى التي تقفز بها العقيدة المهدوية الى الرحاب العالمي السياسي وتصبح محط انظار صناع القرار الدولي ومادة يتساءل عنها الباحثين عن الحقيقة والمتعطشين للتغير في كل بقاع الأرض.
3 ـ العدالة للجميع : لاريب ان من يفكر في مضامين العقيدة المهدوية سيجد ان تتضمن مفردة عالمية فريدة من نوعها ففكرة العقيدة المهدوية هي اعظم عقيدة تحتوي على مخزون انساني عالمي أممي بحب الخير للآخرين بنفس درجة حب الخير للنفس فاعظم ما في عقيدة الانتظار هي انها محفزة لحب الخير للبشرية ( احبب لاخيك ما تحب لنفسك ) فكل الروايات والاحاديث التي تتحدث عن الامام المهدي عليه السلام هي أممية انسانية جَمعوية فـ (الارض) كلها تملا قسطا وعدلا واقامة دول الحق في (العالم) وليس مثلا في دولة او لطائفة معينة وغيرها من عشرات بل مئات الروايات التي تتحدث عن الارض والكون والحياة والطبيعة والتغيرات التي تطرأ عليها بشكل جذري وتحولها الى جنة ينعم بها الانسان ، هذا المد الانساني الجمعي الاممي وهذا الحس الذين الذي تبثه عقدية الانتظار المهدوية لايوجد له مثيل مشابه فهناك امم وشعوب وافراد تتمنى الخير لنفسها او لأقليمها او في احسن الاحوال لقارتها واذا كان هناك معادل او مشابهة لشحنة الانسانية العالمية كما في العقيدة المهدوية فأدلونا عليه ؟؟؟ من هنا فالتبليغ للعقيدة المهدوية هو تبيلغ للعدالة الكونية الاممية ولخير جميع البشر وتفضيل الخير لهم بنفس درجة تفضيل الخير للنفس وعلى هذا الاساس فتركيز احمدي نجاد على طرح الموضوع في البدء والعود انما كان برايي تأصيلا لافهام جميع ممثلي الامم في مؤتمر عدم الانحياز بهذه المفردة الفريدة والمتميزة وافهامهم بان لعقيدة المهدوية يحمل شعار العدالة للإنسانية والعدالة للجميع وهي اصدق رسائل نبذ الذاتية وصهرها في حب الخير للآخر بدون تمييز ، وباعتبار ان حركة عدم الانحياز قد شكلت لتبحث عن العدالة للجميع ورفض سيطرة قطبي العالم الماركسي والرأسمالي آنذاك فحريا بها ان تتطلع فكريا وعقائديا الى المستقبل والى الفكرة او العقيدة او الانسان الذي سيحقق كل اهداف الحركة بل وسيحقق كل اهداف الأمم بدون ادنى وظلم.
4 ـ الوحدة والافتخار : لم تكن العقيدية المهدوية حكرا على المذهب الامامي الشيعي في اي يوم من الايام بل هي عقدية اسلامية محمدية صحيحة لم ينكرها اي من علماء الامة الاعلام على مدى اختلاف مدارسهم الفقهية باستثناء مجموعة على عدد الاصابع من مدعي العلم ومتطرفي المذاهب في القرون الاخيرة طبعا هذا في الاطار العام بمعنى وجود المنقذ والمخلص المهدي ثم تأتي الاختلافات في التفاصيل بين جناحي الامة الاسلامية من السنة والشيعة فالشيعة يحددون الامام ويسمونه ويعرفونه حسب رواياتهم وعقائدهم والسنة يقولون انه يولد آخر الزمان من ذرية الرسول وينهض بالراية والدعوة لاقامة الدولة العادلة وهذه التفاصيل لاتنقص من الاتفاق الاسلامي الجمعي العام على اصل الفكرة وصحة نسبتها للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكونها عقيدة يجب الايمان بها وتصديقها وانطلاقا من ذلك فان طرح العقيدة المهدوية هو تبليغ لاصل اسلامي محمدي متفق عليه ولايوجد فيه اي ميل طائفي وانه لابد للامة التي سيختار الله منها رجلا يحكم الارض وتذعن له الامم وتقر بقيادته ان تفتخر بهذا الرجل وان تفتخر بهذه العقيدة وان تبلغ لها لكي تخبر الجميع بانهم كأمة موعودون بقيادة الارض ولكن ليس بنفس طريقة مجلس الامن او الامم المتحدة او حلف الناتو بل بطريقة القرآن والرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبالطريقة التي ستملأ الارض قسطا وعدلا وبالطريقة التي ستتساوى فيه جميع الامم وستتساوى فيه جميع الاجناس والاعراق من بني البشر وامام هذه الحقيقة افلا يحق للمسلمين جميعا التفاخر والتبليغ لمثل هذه العقيدة الرائعة والمحفزة للخير والطاردة للشر ؟؟؟
لقد ظل العرب على طول التاريخ يفتخرون ان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم منهم وان القرآن الكريم بلغتهم وان اول دولة للنبوة والاسلام كانت على ارضهم لكن عجبي لاينقضي بان هناك مفخرة تضاهي كل ما تقدم وهي مفخرة كون المهدي عليه السلام من العرب وعاصمته عربية فالمهدي الذي بشر به النبي محمد صلى الله وعليه وآله هو الذي سينشر ظلال الاسلام على كافة الارض وهذا ما لم يُمكن لاحد من قبله حتى الرسول صلى الله وعليه وآله والمهدي سيحكم الارض ومن عليها وهذا ايضا لم يُمكن لاحد من قبله ، والمهدي سيحكم بالعدل على جميع من في الارض وهذا ايضا مالم يُمكن لاحد من قبله وهذه كلها من المفاخر التي لانظير لها وغيرها الكثير ، فلماذا لا يفاخر بها العرب على غيرهم ويتبنون العقيدة المهدوية كعنوان لمستقبل عادل في العالم ، اقسم لو ان هذه العقيدة كانت لدى امة اخرى او دين آخر لاكلوا العالم بها ولجعلوا من انفسهم سادة للكون باسم هذه العقيدة العملاقة.
واليوم وعندما يأتي الرئيس احمدي كمسلم ويطرح هذه العقيدة ويفتخر بها ويعتبرها عنوانا للامة الاسلامية فقد حقق قدما للسبق على غيره من العرب والمسلمين وذكرهم بتاريخ مستقبلي قادم مشرق يحق لهم جميعا الفخر والاعتزاز به وطرحه للعالم بشفافية وصدق وترك بقية الامم والاقوام والاديان والعقائد والايديلوجيات تبحث عنه في كتب تأريخهم القديمة ومقولات عظمائهم وتنبؤآت رهبانهم واساطير دولهم وممالكهم السابقة عسى ان يجدوا اليه دليلا او سبيلا.
المهدي ابرز تجليات مؤتمر عدم الانحياز:
ومن هنا فأنا اعتقد ان مؤتمر عدم الانحياز في طهران كان احد ابرز تجلياته هو الامام المهدي عليه السلام بفضل الرئيس احمدي نجاد اعزه الله تعالى ومن اغرب المصادفات ان عنوان العقيدة المهدوية ينطلق للعالم من مؤتمر للدول الضعيفة والمقهورة والمغلوب على امرها وهي الاحق بقيام المهدي عليه السلام وشاء الله ان لاينطلق ذكر العقيدة المهدوية من مجلس الامن او من الامم المتحدة او غيرها من المجالس العالمية التي تتحول يوما بعد يوما عنوانا للظلم والاضطهاد ويشاء الله تبارك وتعالى ايضا ان تنطلق العقيدة المهدوية عالميا من طهران ايضا دون غيرها.
باسم العوادي
سياسي واعلامي عراقي
احمدي نجاد وعدم الانحياز والامام المهدي
العرض العادي
