بدأت في العاصمة القطرية الدوحة أعمال القمة العربية الرابعة والعشرين بمشاركة 16 ملكا وأميرا ورئيسا، فضلا عن ممثلين على مستوى عال لبقية الدول العربية؛ ويبحث الزعماء ملفات عدة تتصدرها الأزمة السورية.
وفي مستهل الجلسة الافتتاحية دعا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية لشغل مقعد سوريا في القمة، فيما رفع علم 'الاستقلال' الذي تعتمده الثورة مكان العلم المعتمد من النظام السوري. وتستمر أعمال القمة التي تعقد تحت شعار 'الأمة العربية: الوضع الراهن وآفاق المستقبل' حتى يوم غد الأربعاء.
وقال أمير قطر في كلمته أمام القمة إنه يدعو كلا من الرئيس المستقيل للائتلاف السوري أحمد معاذ الخطيب، ورئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو وباقي أعضاء الوفد السوري معهما إلى شغل مقعد سوريا المجمد منذ أكثر من عام، تنفيذا لقرار مجلس الوزراء العرب الذي عقد في القاهرة يوم السادس من الشهر الجاري على وقع تصفيق في القاعة، حيث ترأس الخطيب الوفد السوري وجلس على مقعد رئيس وفد 'الجمهورية العربية السورية'.
واعتبر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أن الائتلاف السوري وممثليه على مقعد سوريا يستحقون هذا التمثيل لما يقومون به من دور تاريخي في قيادة الثورة والاستعداد لبناء سوريا الجديدة. وأكد الحرص على وحدة سوريا أرضا وشعبا، واعتبر أن ذلك مسؤولية تاريخية يتحملها الجميع 'ولا يجوز لأحد أن يتنصل منها'، وشدد على أهمية 'الوحدة الوطنية التي لا تستثني أحدا، وإقامة نظام لا عزل فيه ولا تمييز بين المواطنين'.
وحث أمير قطر مجلس الأمن الدولي على الوقوف مع الحق والعدالة والوقف الفوري لسفك الدماء في سوريا منذ عامين وتقديم المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة الدولية، كما اعتبر أن 'التاريخ سوف يشهد لمن وقف مع الشعب السوري في محنته مثلما ما سيشهد لمن خذله'.
وجدد الشيخ حمد موقف بلاده المؤيد للثورة السورية وتطلعات الشعب السوري المشروعة في التغيير والحرية، مؤكدا استمرار قطر في تأمين الدعم الإنساني للشعب السوري، ودعمها للحل السياسي ولكن 'شريطة أن لا يعيد هذا الحل العقارب إلى الوراء'، واختتم بالآية الكريمة 'ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين'.
وكان أمير قطر استهل كلمته بالحديث عن القضية الفلسطينية وما تواجهه من مخاطر، ودعا إلى عقد قمة عربية مصغرة في القاهرة في أقرب وقت ممكن بمشاركة حركتي التحرير الوطني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) لتحقيق المصالحة، وعدم انفضاض تلك القمة إلا بالتوصل إلى اتفاق وفق جدول زمني محدد لتحقيق المصالحة وتشكيل حكومة انتقالية مسؤولة عن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وشدد الشيخ حمد بن خليفة على أن حقوق القدس لا تقبل المساومة، وأن على إسرائيل أن تعي هذه الحقيقة، ودعا إلى إنشاء صندوق برأس مال يبلغ مليار دولار لصالح القدس، وقدم ربع مليار دولار من قطر لهذا الصندوق على أن تغطي الدول العربية الأخرى القادرة المبلغ المتبقي، واعتبر أن القدس 'تواجه خطرا شديدا' و'على الدول العربية أن تبدأ تحركا سريعا وجادا في هذا الشأن'.
وشدد أمير قطر على أنه لا بديل عن الإصلاح في العالم العربي 'ولا مجال للقهر والاستبداد'، محذرا من 'إطلاق الوعود الزائفة'. ودعا إلى تقديم الدعم لدول الربيع العربي وخاصة مصر، واعتبر ذلك 'في هذه الظروف واجبا علينا جميعا'
وعقب كلمة أمير قطر رحب الأمين العام لجامعة الدولة العربية نبيل العربي بحصول الائتلاف السوري على مقعد دمشق في الجامعة العربية بصفته ممثلا شرعيا وحيدا للشعب السوري، وأشار إلى أن الجامعة العربية وقفت منذ البداية إلى جانب انتفاضة الشعب السوري وطرحت عدة مبادرات للحل.
وحمل النظام السوري مسؤولية التصعيد وفشل الحلول باستخدامه الأسلحة الثقيلة ضد شعبه، كما دعا العربي إلى مساعدة الدول العربية التي حدثت فيها ثورات على تجاوز المرحلة الانتقالية الحالية، وحث الجامعة العربية على تنفيذ الالتزامات المالية لدعم صمود الشعب الفلسطيني ودعم القدس.
كلمة الخطيب
إثر ذلك أعطيت الكلمة لرئيس الائتلاف السوري أحمد معاذ الخطيب الذي طالب فيها بحصول المعارضة على مقعد سوريا في الأمم المتحدة بعد الحصول على مقعدها في الجامعة العربية، مؤكدا أن الشعب السوري سيقرر من سيحكمه 'لا أي دولة في العالم'.
وقال الخطيب في كلمته أمام القادة العرب 'يتساءلون من سيحكم سوريا، شعب سوريا هو الذي سيقرر لا أي دولة في العالم، هو الذي سيقرر من سيحكمه وكيف سيحكمه'.
وقال الخطيب في كلمته 'نطالب باسم شعبنا المظلوم بالدعم بكافة صوره وأشكاله، من كل أصدقائنا وأشقائنا، بما في ذلك الحق الكامل في الدفاع عن النفس ومقعد سوريا في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وتجميد أموال النظام التي نهبها من شعبنا وتجنيدها لإعادة الاعمار'.
وأشار الخطيب في كلمته إلى محاولات للتشويش على الثورة السورية متمثلا بإثارة قضايا الأقليات والأسلحة الكيمياوية والإرهاب. وطالب باسم الشعب السوري بالدعم الكامل بكافة أشكاله للدفاع عن النفس، وختم كلمته بطلب من القادة المجتمعين بإطلاق سراح جميع المعتقلين في الدول العربية.
وكان نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي افتتح القمة بوصف العراق الرئيس السابق للقمة، ودعا الخزاعي إلى تشكيل مجلس أمن عربي لتولي حل الإشكالات الأمنية بين الدول العربية، وإلى نقل البرلمان العربي مؤقتا من دمشق إلى بغداد لحين استقرار الوضع في سوريا.
وعقب تلك الكلمات انتهت الجلسة العامة للقمة وبدأت جلسة مغلقة للقادة العرب.
بدأت القمة العربية بكلمة خضير موسى الخزاعي، نائب الرئيس العراقي، تحدث فيها عن جهود بلاده خلال العام الذي ترأست فيه القمة العربية وتحدث عن أمور كثيرة كالفقر والمياه والكهرباء، الأمر الذي دعا إعلاميين سوريين عديديين إلى التساؤل أين سوريا في الخطاب؟.
وعندما تحدث المسئول العراقي عن سوريا اكتفي بالقول: ندعم التطلعات المشروعة للشعب السوري ونتبنى الحل السلمي والسياسي للأزمة بعيدا عن التدخل الأجنبي وندعم جهود الأخضر الابراهيمي.
الخزاعي عند نهاية كلمته دعا أمير قطر إلى تسلم الرئاسة، لكنه أخطأ في اسم الأمير فقال: أدعو الأمير حميد لتسلم الرئاسة ثم عاد ليصحح خطأه قائلا أدعو الأمير حمد لتسلم الرئاسة.
تميزت كلمة أمير قطر بأنها كانت عملية ومباشرة، سواء من حيث دعوته للقمة العربية المصغرة بشأن فلسطين أو إنشاء صندوق لدعم القدس برأسمال مليار دولار تتبرع قطر منها بربع مليار.
وقد صفقت الوفود والاعلاميين لأمير قطر عندما دعا الوفد السوري برئاسة معاذ الخطيب لتسلم مقعد سوريا، ثم جرى التصفيق مرة أخرى مع دخول معاذ الخطيب والوفد المرافق له.
اكد رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد معاذ الخطيب خلال القمة العربية في الدوحة على ان الشعب السوري يرفض الوصاية وهو من سيقرر من سيحكمه "لا اي دولة في العالم"، مطالبا بحصول المعارضة على مقعد سوريا في الامم المتحدة بعد الحصول على مقعدها في الجامعة العربية.
وقال الخطيب في كلمته امام القادة العرب "يتساءلون من سيحكم سوريا، شعب سوريا هو الذي سيقرر لا اي دولة في العالم، هو الذي سيقرر من سيحكمه وكيف سيحكمه".
وشدد على ان الشعب السوري "يرفض وصاية اية جهة في اتخاذ قراره".
واذ اشار الى ان "اختلاف وجهات النظر الاقليمية والدولية قد ساهم في تعقيد المسالة"، شدد على ان "الشعب السوري هو الذي فجر الثورة وهو الذي يقرر طريقه".
وتراس الخطيب وفد المعارضة السورية وجلس في مقعد رئيس وفد "الجمهورية العربية السورية"، في خطوة هي الاولى من نوعها منذ تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية في تشرين الثاني/نوفمبر 2011.
وتاتي مشاركة الخطيب في القمة بعد يومين من تقديمه استقالته وسط جو من الانقسام في المعارضة على خلفية انتخاب رئيس الحكومة الانتقالية غسان هيتو، وتقارير عن انزعاج الخطيب من تدخلات دول في شؤون المعارضة خاصة قطر.
الا ان الخطيب وصف مشروع الحكومة المؤقتة ب"الانجاز"، وقال انه "تم اختيار رئيس لها هو السيد غسان هيتو وكلنا ثقة به، وننتظر في الهيئة العامة للائتلاف تقديم برنامج الاستاذ غسان لمناقشته".
الى ذلك، طالب الخطيب بمد المعارضة بكافة اشكال الدعم بما في ذلك السلاح "للدفاع عن النفس"، وبالحصول على مقعد سوريا في الامم المتحدة وفي المنظمات الدولية.
وقال الخطيب في كلمته "نطالب باسم شعبنا المظلوم بالدعم بكافة صوره واشكاله، من كل اصدقائنا واشقائنا، بما في ذلك الحق الكامل في الدفاع عن النفس ومقعد سوريا في الامم المتحدة والمنظمات الدولية وتجميد اموال النظام التي نهبها من شعبنا وتجنيدها لاعادة الاعمار".
من جهة اخرى، دعا الخطيب الولايات المتحدة الى لعب دور اكبر من تقديم مساعدات انسانية للسوريين.
وقال "نحن لا نخجل" من الحصول على مساعدات مخصصة للشعب السوري من الولايات المتحدة قدرها 350 مليون دولار، متابعا "لكن اقول ان دور الولايات المتحدة هو اكبر من هذا".
واضاف "لقد طالبت في الاجتماع مع السيد (جون) كيري (وزير الخارجية الاميركي) بنشر مظلة صواريخ باتريوت لتشمل الشمال السوري ووعد بدراسة الموضوع".
وتابع "ما زلنا ننتظر من حلف الناتو قرارا في هذا الشأن حفاظا على الابرياء وحياة الناس وعودة المهجرين الى وطنهم".
من جهته، قال عضو الائتلاف والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري عبدالباسط سيدا للصحافيين على هامش القمة "اليوم تاريخي للشعب السوري الذي تمكن بعد اكثر من عامين من القتل ان يؤكد بانه قد انتزع الشرعية العربية".
وذكر ان استقالة الخطيب "ستبحث ضمن الاطر التنظيمية، واليوم ليس الوقت لبحث ذلك".
وعن التحفظات على هيتو، خصوصا من قبل الجيش السوري الحر الذي رفض تأييده، قال سيدا "هناك من يقول انه (هيتو) لم يكن في سوريا بل في الخارج لكن معظم القوى اضطرت للنزوح".
واضاف أن هيتو "عضو في المجلس الوطني ومع الثورة منذ البداية وحصل على ترشيح ضمن اغلبية كبيرة، وللعبة الديموقراطية قواعدها".
ونفى سيدا ان تكون التحفظات لها علاقة بعلاقة هيتو مع الاخوان المسلمين.
وقال "لا علاقة للمسالة بالاخوان المسلمين او غير ذلك. الاخوان فصيل اساسي في المعارضة تعرضوا للاضطهاد لكن هذه الجماعة ليست بالقوة التي تصور بها، وقد اتفقنا معهم على ان تكون سوريا دولة مدنية. سوريا تعددية ولا يمكن لاي فصيل ان يتفرد في حكم سوريا".
الى ذلك، اكد الناطق الرسمي باسم الائتلاف السوري خالد الصالح في مؤتمر صحافي ان غالبية اعضاء الائتلاف يرفضون استقالة الخطيب.
وقال في هذا السياق ان "الهيئة الرئاسية للائتلاف درست الاستقالة ولم تقبلها، وطلبت من الهيئة العامة للائتلاف دراسة الامر. غالبية اعضاء الائتلاف يريدون ان يروا الاستاذ الخطيب يواصل المسيرة معنا وان يقود الركب والمشوار الذي بدأه معنا".
وفي موضوع الاموال المجمدة التابعة للنظام السوري، قال الصالح ان "تقديراتنا للاموال المجمدة هي حوالى ملياري دولار، وهي من حق الشعب السوري".
واضاف "عندما ناخذ شركة متخصصة في ملاحقة الاموال نستطيع ان ناخذ ارقام دقيقة".
واعتبر ان الاموال المجمدة هي "اموال نهبت من الشعب السوري وهو في امس الحاجة اليها".
..
وصف الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطرى، أن القرارات التي خرجت بها القمة العربية العادية الرابعة والعشرين بالدوحةالتى اختتمت فى ساعة متأخرة من الليلة الماضية بأنها تعكس إرادة حقيقية نحو بلورة وضع عربي يجسد تطلعات الشعوب العربية.
كما أشار إلى أن أبرز قراراتها تمثلت فى منح الائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية المقعد الخاص بسوريا فيها وفى الجامعة العربية ومنظماتها ومؤسساتها والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي في الأمم المتحدة من أجل إعادة إعمار سوريا ودعوة المنظمات الدولية للاعتراف بائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية.
ومن اللافت فى المؤتمر الصحفى المشترك الذى عقده فى ختام القمة التى اختصرت إلى يوم واحد بدلا من يومين إلى أن القمة كلفت وفدًا عربيًا للتوجه إلى واشنطن في نهاية ابريل المقبل شهر ابريل لإجراء مشاورات مع الإدارة الامريكية حول عملية السلام فى الشرق الأوسط المعطلة من مختلف جوانبها. كما اتخذت قرارا بعقد قمة عربية مصغرة حول تحقيق المصالحة الفلسطينية.
وقد وافقت القمة على اقتراح الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير قطر بانشاء صندوق لصالح القدس الشريف، لافتًا إلى أن الجانب الإسرائيلي رصد مبلغ خمسة مليارات دولار لتهويد المدينة خلال الخمس سنوات القادمة.
وقال إن القدس الشرقية تم تقريبا ابتلاعها بالكامل ولم يبق منها إلا القليل مما يستدعي تحركا عربيا جادا لدعم الاخوة المقدسيين وتطوير مدينتهم، منوها بأنه تم الاتفاق على أن يتولى بنك التنمية الإسلامي إدارة هذا الصندوق.
وردا على سؤال حول قرار القمة بترك الحرية لكل دولة عربية لتقديم مساعدات عسكرية للمعارضة السورية وهو ما يعتبر اختراقا لميثاق الجامعة العربية، أكد الشيخ حمد بن جاسم أن هذا القرار اتخذ فى إطار حق الدفاع الشرعي عن النفس والذى تنص عليه في كل المواثيق الدولية والامم المتحدة، مشددًا على أن من خرق القوانين، فيما يتصل بالأزمة السورية هو الرئيس بشار الأسد الذي قتل شعبه ودمر بلده.
وقال إن ماقدمه القادة العرب للشعب السورى فى هذه القمة يعتبر ضئيلا للشعب فهو يستحق أكثر من ذلك، مضيفا أن النظام أمعن في تعامله مع شعبه ونحن أمعنا في دعمنا للشعب السوري سواء في قطر أو الاشقاء في الدول العربية وان كان ذلك بتفاوت.
وأوضح أن كل ما يمكن عمله كمجموعة عربية أو اصدقاء لسوريا أو لجنة وزارية خاصة بسوريا لن نتأخر في القيام به واصفا ما يجرى الآن على الارض السورية جريمة بمعنى الكلمة ويجب ان يعاقب عليها قانونيا من ارتكبوها او خططوا لها.
وأعرب بن جبر عن ثقته الكبيرة بانتصار الثورة السورية.. وقال الأمور تسير بطريقة تؤدي إلى انتصار الشعب السوري وهذا ما نتمناه.