ليس في مصلحة السوريين سواء كانوا موالاة أم معارضة- هذا إذا كان التوصيف مازال قائماً- إضعاف أوراق الداخل في إطار البحث عن حلول ومخارج للأزمة التي تعقدت وتداخلت عناصرها بطريقة عجيبة بسبب الدخول الإقليمي والدولي على إحداثياتها أقول ذلك من خلال المشهد المهم الذي بات يحكمها.
فالواضح تماماً أن قوة التأثير الخارجي في حسم خيارات الحل سواء كانت عسكرية أم سياسية أصبحت الأكثر حضوراً وفاعلية وحتى كـ رهانٍ والسبب الذي يقف وراء ذلك- من وجهة نظرنا- أن قوى المعارضة سواء كانت مسلحة أم سلمية لعبت الدور السلبي في ذلك، فمعارضة الخارج سلمت معظم أو كل أوراقها للقوى الخارجية مراهنة على معطى القوة العسكرية في الحسم، أما المعارضة السلمية سواء كانت مقيمة في الداخل أم الخارج فالواضح أنها نأت بنفسها عن الانخراط في العملية السياسية أو حتى المشاركة في أي مستوى من مستويات الحوار بحثا عن مخرج أو حل للأزمة مشترطة تحقيق مجموعة من المطالب دون أن يقابل ذلك أي احتمالات أو أمل بتراجع العنف أو الحد من دوامته من خلال إجراء أو موقف تقدم عليه الأطراف والمجموعات المسلحة التي يبدو جلياً أن لا تأثير حقيقياً للمعارضة السلمية عليها.
إن توصيف الأزمة والإقرار بمؤامرة دولية على سورية وصراع عليها- بغض الطرف عن أسباب الأزمة وما جرى ابتداء من حراك يوجب على المعارضة السلمية بكل تشكيلاتها اتخاذ موقف واضح لمواجهة ما يجري وتوحيد الصف الوطني دون التراجع عن مطلب الاصلاح والتغيير وبناء الدولة الجديدة على أسس أكثر ديمقرطية وحكماً رشيداً، فوقف نزيف الدم السوري والاستنزاف الممنهج لبنية الدولة ومحاولات تحطيم المجتمع السوري ومنظومته الأخلاقية يجب أن يتقدم على كل الأهداف والتسامي فوق كل الجراح مهما كبرت وتعمقت، فالواضح عيانا أن أهداف القوى الخارجية لا تتقاطع بشكل كلي مع أهداف قوى المعارضة بما فيها المسلحة بقدر ما تستخدمها لتحقيق أغراضها فإذا كانت المعارضة تصارع من أجل الوصول إلى السلطة فإن القوى الخارجية تتصارع على سورية نظرا لأهميتها ودورها في ترجيح الكفة التي تتموضع فيها في إطار الصراع والمنافسة على عالم يتشكل على وفق خرائط سياسية جديدة ترتكز إلى أنظمة إقليمية في مقدمتها النظام الإقليمي الذي تشكل سورية قاعدته الأساسية سياسياً وأمنياً.
إن تقوية أوراق الخارج وتراخي أوراق الداخل- على وفق معطيات ومستويات الصراع الدائر- يعني بالمحصلة السياسية أن مصالح القوى الإقليمية والدولية ستكون في أولوية أي حل سياسي للأزمة مستقبلاً ما يعني خسارة السوريين لسوريتهم وأنهم وحدهم من دفع الثمن وقبضه غيرهم من تجار الحروب ومستثمري الأزمات والمشتغلين في بورصة الدم عندها لن يفيد أي كشف لأوراق أو فضائح من قبيل سورية غيت كما بدأ يتكشف من أوراق وعلى لسان بعض أطراف المعارضة السلمية في أكثر من مكان وموقع.