|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 81994
|
الإنتساب : Apr 2015
|
المشاركات : 1,288
|
بمعدل : 0.37 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
هل يدخل في الآية الأئمة التسعة من ولد الحسين(عليه السلام) وهل حديث الكساء يخرجهم
بتاريخ : 22-08-2015 الساعة : 07:52 PM
هل يدخل في الآية الأئمة التسعة من ولد الحسين(عليه السلام) وهل حديث الكساء يخرجهمكيف حالكم سادتي، أتمنى أن تصل رسالتي وأنتم بأفضل حال، بارك الله فيكم ووفقكم.
أتمنى الجواب على أساس هذه الشروط؛ وهي كالآتي:
الاستدلال يكون من الكتاب والسُنّة الصحيحة ولا فرق أن كانت صحيحة عند أهل السُنّة أو الشيعة، وأن لا تخرج عن الموضوع، بحيث أن تناقش آية آية، ودليل دليل، وحديث حديث، حتى لا يتشتت الموضوع ونستفيد منه بإذن الله، هذه هي الشروط.
السؤال:
البحث في آية التطهير، من أهم البحوث، حيث أشبع المحققون والباحثون من الشيعة والسُنّة البحث فيها، ومنهم من ألف كتباً في هذا الموضوع، ولكن موضوعي الذي سأطرحه يختلف نوعاً ما، وهو بعنوان آخر:
ما هو الدليل على دخول التسعة من أولاد الحسين رضي الله عنهم في آية التطهير؟ أو ما هو الدليل على دخولهم في مصطلح أهل البيت المطهّرين؟
أخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين، عن أُمّ سلمة قالت: في بيتي نزلت هذه الآية: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ))، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال: (هؤلاء أهل بيتي). قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه، وقال الذهبي: على شرط البخاري(1).
وقال أيضاً السيوطي في الدر المنثور: وأخرج أيضاً الترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في سننه من طريق أُمّ سلمة رضي الله عنها، قالت: في بيتي نزلت الآية... وفي البيت فاطمة وعليّ والحسن والحسين فجلّلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه ثم قال: (اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا)(2).
وقال أيضاً الآبي في شرحه لصحيح مسلم المسمى إكمال إكمال المعلم(3) ما نصه: الآية تدلّ على أنّ المراد بأهل البيت هؤلاء المعظمون... الى أن يقول: وقال الجمهور: والمراد من أدخلهم معه المرط لا غير لأحاديث وردت...
وعلى هذا فإنّي عندما قلت: أنّ كثيراً من علماء أهل السُنّة قالوا بأنّ الآية نزلت في الخمسة، هو قول الآبي في كتابه إكمال إكمال المعلم.
فلنذهب الآن إلى كتب الشيعة ونقوم بإخراج حديث الكساء، منها:
روى الكليني في الكافي بسند صحيح في باب ما نص الله عزّ وجلّ ورسوله على الأئمة(عليهم السلام) واحداً فواحد، ما نصه: عن أبي عبد الله(عليه السلام) - والحديث طويل إلى أن يقول -: لكن الله عزّ وجلّ أنزل في كتابه تصديقاً لنبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الآية،... فكان عليّ والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام) فأدخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة، ثم قال: (اللّهمّ إنّ لكلّ نبيّ أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي)(4).
والآن بعد أن أخرجنا حديث الكساء من كتب السُنّة والشيعة بأسانيد صحيحة، نستنتج ما يلي:
1- إنّ آية التطهير نزلت في الخمس فقط.
2- إنّ الرسول عليه الصلاة والسلام جلّلهم بالكساء، وقال: (اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي)، وأخرج أُمّ سلمة من الكساء رضي الله عنها.
3- إنّ أبا عبد الله رضي الله عنه أخرج التسعة من مصطلح أهل البيت، وبين أنّ الآية نزلت في الخمسة فقط، وأنّها لا تخص التسعة من أولاد الحسين رضي الله عنهم.
إذاً نستنج أنّ الرسول أراد أن يبيّن للأمّة من هم أهل البيت المطهّرين، أراد أن يجعل في إعتقاد كلّ صحابي وكلّ مسلم أنّ هؤلاء هم أهل البيت فقط، أراد أن يحصر مصطلح أهل البيت المطهّرين الشرعي في أهل الكساء لأنّه خاص بهم، أراد أن يوضح للأمّة أنّه عندما يقول أهل البيت فالمراد بهم هم الخمسة، لا غيرهم.
وسؤالي هو: ما هو الدليل على دخول التسعة في مصطلح أهل البيت؟ وما هو الدليل الذي جعلهم من أهل البيت المطهّرين؟ وإذا كانوا من أهل البيت المطهّرين، لماذا لم يقل الرسول في حديث الكساء: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ومعهم تسعة من أولاد الحسين!!؟ ولماذا أخرج الإمام جعفر الصادق التسعة من الآية ومن مصطلح أهل البيت المطهّرين؟
والمراد من سؤالي هذا: أنّه لا دليل على دخول التسعة في مصطلح أهل البيت، لأنّه خاص بالخمسة فقط.
ثانياً: إذاً ولله الحمد أننا متّفقون على أنّ مصطلح أهل البيت خاص بالخمسة، بدليل حديث الكساء وتجليل الرسول عليه الصلاة والسلام لهم، وهذا طبعاً هو قول جميع علماء الشيعة وجمهور أهل السنة، كما نقلت أنا وكما نقلت أنت مشكوراً.
ثالثاً: أراك شيخنا أدخلت التسعة في مصطلح أهل البيت المطهّرين، وكان دليلك فقط حديث الثقلين، إذاً استنتج أنّ دليلك في دخول التسعة رضي الله عنهم هو حديث الثقلين الصحيح الذي أجمع الشيعة على صحته وجل علماء السُنّة على صحته، ولنا بإذن الله وقفات مع دليلك شيخنا، وهي كالآتي:
1- كان إعتمادك على دخول التسعة في أهل البيت هو لفظة وعترتي أهل بيتي، وللعلم! إنّ الحديث الصحيح في مسلم المقدم على باقي الأحاديث كان به لفظة (أهل البيت) من غير العترة، فهذا دليل على أنّ المراد بأهل البيت هم الخمسة الذين خصص لهم الرسول عليه الصلاة والسلام هذا المصطلح دون غيرهم، سواء كانوا في زمانهم أم في غير زمانهم، ومع هذا حتى لو تواترت لفظة (وعترتي أهل بيتي)، إذاً نطمئن أنّ لفظة العترة المراد منها الخمسة فقط، وهذا معلوم عند أهل اللغة، حيث أنّ العترة لا تخص فقط الأبناء وإنّما أيضاً تخص الأقرباء، فيدخل معهم الإمام عليّ رضي الله عنه، ونحصر فقط الإمام عليّ دون غيره بلفظة أهل البيت بدليل حديث الكساء، إذاً كلامك يقوي كلامي شيخنا العزيز.
2- قولك: ((إنّه لو كانوا موجودين (التسعة) في زمان الرسول لأدخلهم الرسول مع الخمسة)) يحتاج إلى دليل قوي، فهذا شيخنا العزيز قول مردود بالأدلة القوية، حيث أنّ الكلّ متّفق على أنّ الرسول أخبر ببعض الأمور الغيبية عن طريق إخبار الله سبحانه وتعالى له، فلو كان الرسول يريد التسعة من أولاد الحسين لأخبر عن طريق الغيب، وقال أيضاً: تسعة من أولاد الحسين، لا أن يحصر الرسول مصطلح (أهل البيت) في الخمسة فقط، حيث أنّه لو جاء شخص وادعى أنّه من أهل البيت المراد بهم بالمصطلح الشرعي الذي خصصه الرسول، لقلنا له غير صحيح، لأنّ الرسول حصر هذا المصطلح بالخمسة فقط دون غيرهم.
3- شيخنا الكريم؛ إنّ ابن حجر لم ينفرد بهذا الكلام، فقد قال السمهودي والمناوي نفس كلامه تقريباً مع إختلاف الألفاظ وتوافق المعنى، وكان إعتمادهم على هذا الكلام هو لفظة (ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض)، فهذه اللفظة فيها نظر، لأنّه لا دليل فيها على وجود رجل من أهل البيت في كلّ زمان ومكان ومتأهل منهم لحفظ السنة، فالمراد من لفظة (لن يفترقا) هو أنّ تراث وسُنّة أهل البيت(عليهم السلام) التي ينقلونها عن الرسول موجودة ومحفوظة في كلّ زمان، كما أنّ القرآن محفوظ وموجود في كلّ زمان، لا أنّه أنّ هناك رجلاً منهم في كلّ زمان ومكان.
وبمعنى آخر: بما أنّ القرآن موجود إذاً سُنّة أهل البيت موجودة، وبما أنّ القرآن موجود إذاً أحاديث أهل البيت موجودة، وبما أنّ القرآن موجود إذاً عقيدة أهل البيت موجودة، وبما أنّ القرآن موجود إذاً فقه أهل البيت موجود، وبما أنّ القرآن موجود إذاً أخلاق أهل البيت موجودة، فهذا هو المعنى لهذا الحديث، وإذاً هذا الحديث يقوي قولي؛ أنّ مصطلح (أهل البيت) خاص بالخمسة دون غيرهم من أقرباء الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عن أهل بيته الكرام.
4- أمّا تعليقك شيخي الكريم على كلامي، عندما نقلت قول الإمام جعفر الصادق(رضي الله عنه)، فإنّ كلامي صحيح.
وأمّا قولك: إنّ الإمام الصادق كان بصدد تبيين حادثة الكساء، صحيح، فبهذا أيضاً يتقوى قولي، لأنّ الإمام الصادق لم يقل ونحن معهم، بل خصص هذا المفهوم للخمسة فقط دون غيرهم، بل في قوله تصريح واضح وجليّ على أنّ مصطلح (أهل البيت) خاص بالخمسة دون غيرهم.
الخلاصة: نقول: إنّ الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يبيّن للجميع من الصحابة والمسلمين مصطلح (أهل البيت) عن طريق تجليل الخمسة بالكساء، وهذا والله فعل لا يفعله إلاّ رجل عظيم ورجل كبير ورجل مسدد من قبل الله، حيث أنّه بيّن لنا من هم آل البيت، من هم عترته، من هم المراد بهم بحديث الثقلين.
فعندما يأتي أحد من السُنّة ويقول: أنّ النساء معهم أيضاً، نقول له: قف لو سمحت إنّ الرسول حصر هذا المصطلح بالخمسة فقط دون غيرهم، وإدخال النساء معهم يحتاج إلى دليل قوي لإدخالهم، وإذا جاء أحد من الشيعة وقال: أنّ التسعة أيضاً من أهل البيت المطهّرين، نقول له: قف لو سمحت فأنت تحتاج إلى دليل قوي لإدخالهم، فإنّ الرسول بين من هم أهل البيت بدليل حديث الكساء، ولو أراد أن يدخل الرسول معهم التسعة، لقال أيضاً؛ وتسعة من أولاد الحسين. فلله درك يا رسول الله، ولله درك يا حبيب الله صلى الله عليك وعلى أهل بيتك الكرام.
الوجه الأوّل: قولك: أنّي زعمت أنّ حديث الثقلين الذي في مسلم مقدّم على باقي الأحاديث!!
فأقول: نعم، إنّه مقدّم، لأنّ صحيح مسلم ثاني أصح الكتب عند أهل السُنّة بعد البخاري، ولكن هناك من أهل العلم من فضله على صحيح البخاري، فرحم الله الإمام البخاري والإمام مسلم وجزاهم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
الوجه الثاني: شيخنا العزيز، لم أقل أنّ (وعترتي أهل بيتي) لم تصدر من الرسول، فأنا قلت: لا فرق عندي بينها وبين لفظة (وأهل بيتي)، وإليك كلامي شيخنا العزيز في مداخلتي السابقة: ((ومع هذا حتى لو تواترت لفظة وعترتي أهل بيتي، إذاً نطمئن أنّ لفظة العترة المراد منها الخمسة فقط، وهذا معلوم عند أهل اللغة، حيث أنّ العترة لا تخص فقط الأبناء، وإنّما أيضاً تخص الأقرباء فيدخل معهم الإمام عليّ رضي الله عنه، ونحصر فقط الإمام عليّ دون غيره بلفظة (أهل البيت) بدليل حديث الكساء، إذاً كلامك يقوي كلامي شيخنا العزيز)). وهذا هو كلامي فتدبّر بارك الله فيك.
الوجه الثالث: وأمّا قولك شيخنا الكريم: ((فالحقّ أنّه لا دليل عندك على عدم شمول مفهوم أهل البيت لغير أصحاب الكساء)).
فأقول: نعم لدي الدليل على هذا الكلام، لأنّ الرسول عندما جلّلهم بالكساء قال: (اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي)، ولو أراد الرسول التسعة لقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ومعهم تسعة من أولاد الحسين رضي الله عنه وعنهم.
الوجه الرابع: أمّا قولك شيخنا الفاضل: ((إنّ محاولتك تخصيص لفظة (عترتي) الواردة في حديث الثقلين بأصحاب الكساء كما خصصت مفهوم (أهل البيت) من قبل بهم عليهم الصلاة والسلام دون غيرهم، باطلة، وغير صحيحة، ولا مستندة إلى دليل)).
فأقول: نعم هي بدليل، وبينت لك سابقاً أنّ مصطلح (أهل البيت) الشرعي خاص بالخمسة، حيث أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام هو من أطلق عليهم هذا المصطلح، فيخرج التسعة من هذا المصطلح ويدخلون مجازاً لا شرعاً في مصطلح أهل البيت.
الوجه الخامس: وأمّا قولك شيخنا الحبيب العزيز: ((وقولك أنّ المراد بـ (لن يفترقا): أن تراث أهل البيت وسُنّة أهل البيت التي ينقلونها عن رسول الله موجودة ومحفوظة في كلّ زمان، كما أنّ القرآن محفوظ وموجود في كلّ زمان...الخ، فهو ترجيح بلا مرجح، لأنّه كما يحتمل هذا يحتمل ما قلناه، وما قاله قبلنا البعض من علماء أهل السنة، من أنّ حديث الثقلين يدلّ على وجود شخص من أهل البيت بذاته مع القرآن الكريم إلى يوم القيامة، فترجيحك لرأيك - حسب ما يظهر لنا - أنّه بلا مرجح، فما هو يا ترى الدليل المرجح الذي اعتمدت عليه لترجيحك رأيك على رأينا؟)).
فأقول: بالله عليك هل اعتمدت على الدليل على أنّه يجب أن يكون هناك رجل من أهل البيت في كلّ زمان ومكان، أم أنّك اعتمدت على الظن؟
وأقول أيضاً: إنّ لفظة (ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض) لها عدّة معاني.
فأنت تقول أنّه يجب أن يكون رجل من أهل البيت في كلّ زمان ومكان، وأنا أقول لا طبعاً، وهذا مستحيل! لأنّ هذه اللفظة يمكن أن تعني أيضاً، أنّه بما أنّ القرآن محفوط فسُنّة أهل البيت محفوظة، وبما أنّ القرآن موجود فسُنّة أهل البيت موجودة، وبما أنّ القرآن موجود فعقيدة أهل البيت موجودة، وبما أنّ القرآن موجود ففقه أهل البيت موجود.
وبمعنى آخر واضح: بما أنّ القرآن مجموع وموجود بين أيدي المسلمين فسُنّة أهل البيت موجودة محفوطة بين أيدي المسلمين.
بعد أن انتهيت من تبيين بعض الأمور التي غابت عنك شيخنا الكريم، سأقوم الآن بالرد على الأدلة والأحاديث التي وضعتها:
الحديث الأوّل الذي عند الصفار: (لمّا نزلت (( يَومَ نَدعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِم )) (الاسراء:71)، قال: فقال المسلمون: يا رسول الله ألست إمام الناس كلّهم أجمعين؟ فقال: أنا رسول الله إلى الناس أجمعين، ولكن سيكون بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقومون في الناس فيكذَّبون ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم، ألا ومن والاهم واتبعهم وصدّقهم فهو منّي ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وأعان على ظلمهم وكذّبهم فليس منّي ولا معي وأنا منه بريء)(5). سأقوم الآن بإذن الله بمناقشة متن الحديث:
أوّلاً: ليس المراد من الآية هم الأئمة التسعة، وأين الدليل على أنّهم هم الأئمة التسعة فقط؟ وأين الدليل على دخول الإمام عليّ والحسن والحسين في هذه الآية؟ أو أين الدليل على أنّها نزلت بهم؟
ثانياً: لاحظ لفظة (أئمة.. من أهل بيتي)، فلماذا لا تقول أنّ المراد بهم هم الإمام عليّ والحسن والحسين رضي الله عنهم فقط؟ ولماذا أدخلت التسعة معهم؟ وبأي دليل أدخلتهم شيخنا الفاضل؟
ثالثاً: لقد أورد المفسرون عدّة أقوال في تفسير آية (( يَومَ نَدعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِم ))، ولم يقتصروا على إيراد تفسير واحد.
ومن التفاسير التي يطمئن لها قلبي، هو القول أنّ المراد من الأئمة في هذه الآية؛ هي الكتب التي نزلت على كلّ أمّة مثل التوراة والإنجيل والقرآن، والدليل تكملة الآية (( ... فَمَن أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ... ))، ولا يمكنك شيخنا أن تجعل هذه الآية هي خاصّة بالأئمة، لأنّ لفظة الإمام لها عدّة معاني في القرآن، ولا أريد أن أطيل في بحث هذه الآية لأنني سوف أخرج عن موضوعنا.
الحديث الثاني: كتابه الآخر (معاني الأخبار)، قال: ((حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي الله عنه - قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين(عليهم السلام)، قال: سُأل أمير المؤمنين(عليه السلام) عن معنى قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، من العترة؟) فقال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم، حتّى يردوا على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الحوض))(6). وسأقوم أيضاً بمناقشة متن هذا الحديث شيخنا العزيز:
أوّلاً: هذا الحديث به جريمة عظمى وكبرى، ألا وهي إخراج الزهراء بالدرجة الأولى من مصطلح (أهل البيت)، وإخراجها أيضاً بالدرجة الثانية من حديث الثقلين، أحلفك بالله، ألم يجلّل الرسول الزهراء، وقال: (اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي)؟ ألم تكن الزهراء تحت الكساء؟ أليست الزهراء من أهل البيت المطهّرين؟ ألا تدخل الزهراء في حديث الثقلين؟ وهل كلام الزهراء حجّة أم لا؟
فأقول يا شيخنا العزيز: هذا الحديث يسقط لأنّه يخرج الزهراء، والزهراء طبعاً تدخل في مصطلح أهل البيت بدليل حديث الكساء، فتدبّر بارك الله فيك.
الحديث الثالث: والصحيحة التي رواها العلاّمة الكليني في (الكافي)، قال: ((علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قال: (إنّ الله تبارك وتعالى طهّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في أرضه، وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا)) )(7). وسأقوم أيضاً بمناقشة متن هذا الحديث شيخنا الكريم:
من الذي طهّرهم الله وعصمهم في هذا الحديث، أليس هم الخمسة فقط؟
وإذا قلت أيضاً التسعة يدخلون، فأقول لك: أين الدليل شيخنا الكريم؟ أليس كلام الإمام عليّ واضح وجليّ، أنّ المراد من أهل البيت هم الخمسة فقط؟ أليس هذا دليل، أنّ هذا الحديث خاص بالخمسة؟
فإذا قلت: لا، فسأقول لك: أليس الذين طهّرهم الله في آية التطهير هم الخمسة؟
فإن قلت: نعم، إذا تقول بمثل ما نقول، أنّ مصطلح أهل البيت خاص بالخمسة دون غيرهم، وإن قلت: لا، قلنا لك شيخنا: هات الدليل؟
الحديث الرابع: والصحيحة التي رواها العلاّمة الصفار في (بصائر الدرجات)، قال: ((حدّثني يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّا نجد الشيء من أحاديثنا في أيدي الناس، قال لي: لعلك لا تدري أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنال وأنال، ثم أومأ بيده عن يمينه وشماله ومن بين يديه ومن خلفه، {وقال:}(وإنّا أهل البيت عندنا معاقل العلم وضياء الأمر وفصل ما بين الناس) ))(8). وسأقوم أيضاً بمناقشة متن الحديث شيخنا الفاضل:
بالله عليك شيخنا هل يصمد هذا الحديث أمام الحصر الذي قام به الرسول عندما قال: (اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي)؟ هل يخالف الإمام الصادق الرسول، ويقول؛ أنا من أهل البيت، والرسول خصص هذا المصطلح بالخمسة؟ فكيف الإمام الصادق يقول وإنّا أهل البيت، والرسول لم يطلق عليه وعلى التسعة رضي الله عنهم هذا المصطلح؟
يمكن أن يقال؛ أنّ الإمام الصادق كان يقصد أنّه من أهل البيت مجازاً وليس شرعاً، لأنّه أخذ علومه من أجداده أصحاب الكساء المراد بهم بأهل البيت المطهّرين.
الحديث الخامس: حسب ما ورد عنه في الرواية الصحيحة التي رواها العلاّمة الصفار في (بصائر الدرجات صفحة 382)، قال: (حدّثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن ذريح بن يزيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّي تركت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي، فنحن أهل بيته). سأقوم أيضاً بمناقشة متن هذا الحديث شيخنا الكريم:
الإمام الصادق هنا بين حديث الثقلين، ولكن أسالك: من قائل الزيادة فنحن أهل بيته؟ هل هو الرسول أُمّ الإمام الصادق؟ وإذا كان الرسول أين الدليل؟ وإذا كان الإمام الصادق، فأقول: كيف الإمام الصادق يجتهد أمام النص الصريح الواضح؟ ألم يقل الرسول في حديث الكساء عن الخمسة (اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي)، فلماذا الإمام الصادق يدخل نفسه في مصطلح أهل البيت والرسول أخرجه؟
بعد أن انتهينا شيخنا من مناقشة متون الأحاديث، أنتقل إلى مناقشة بعض أقوالك، كما وضعتها في مداخلتك:
قلت شيخنا: ((أمّا بخصوص ما ادّعيته على الإمام الصادق(عليه السلام) من أنّه حصر مفهوم أهل البيت في أصحاب الكساء، فليس بصحيح، فكما ذكرت لك سابقاً أنّ الإمام(عليه السلام) إنّما كان بصدد رواية حديث الكساء)).
أقول: نعم الإمام الصادق حصر مصطلح أهل البيت في الخمسة فقط ولم يقل أنّه معهم، والحديث الذي نقلته أنا من الكافي، الصحيح السند، يناقض الحديث الذي نقلته أنت، الذي يقول به الإمام الصادق: (فنحن أهل بيته)!!
قلت شيخنا: ((أنّه قد تبين من كلّ ما أوردناه، أنّ مفهوم أهل البيت في آية التطهير لا يختص فقط بأصحاب الكساء، وإنّما يندرج تحته الأئمة التسعة من ولد الحسين(عليهم السلام))).
أقول: لا، لم يتبين شيخنا الكريم، فقد بينت لك متون الروايات التي نقلتها أنت، وبينت لك أنّها لا تصمد أمام حديث الكساء الذي خصص مصطلح أهل البيت في الخمسة فقط.
وأمّا سؤالك: ((بناء على رأيك أنّ مفهوم أهل البيت خاص بأصحاب الكساء، فيا ترى ما هو السبب الذي جعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يخص هذا المفهوم بهؤلاء؟ هل هناك سبب ما؟)).
نعم شيخنا، السبب هو أنّ الرسول أراد أن يبيّن من هم أهل البيت المراد بهم بحديث الثقلين، حيث أنّه لو أتى شخص وادعى أنّه من أهل البيت، فنقول له كلامك مردود فالرسول حصر هذا المصطلح في الخمسة فقط دون غيرهم.
وأعيد وأكرر أسئلتي شيخنا الكريم:
1 - ما هو الدليل على دخول التسعة في مصطلح أهل البيت المطهّرين؟
2- لماذا الرسول حصر مصطلح أهل البيت في الخمسة فقط؟
3- لو كان الرسول يريد التسعة معهم، لماذا لم يقل؛ وتسعة من أولاد الحسين معهم؟
الخلاصة: أريد أن أبين شيخنا الحبيب، أنّ حديث الكساء بيّن من هم أهل البيت، فالرسول(صلّى الله عليه وسلّم) حصر هذا المصطلح بالخمسة فقط دون غيرهم، وعندما جلّلهم الرسول بالكساء.. فهذا دليل على عظمة الرسول وأنّه مسدد من قبل الله، حتى لا يأتي أحد ويقول أنا من أهل البيت المراد بهم في حديث الثقلين، حتى لا يأتي سنّي ويدخل النساء في مصطلح أهل البيت، وحتى لا يأتي شيعي ويدخل التسعة في مصطلح أهل البيت.
الوجه الأوّل: سأقوم الآن شيخنا الكريم بوضع حديث الكساء مرّة أخرى، حتى تتبين لك الصورة، وتتخيل فعل الرسول عليه الصلاة والسلام، لكي يتضح لك قولي، وماذا أريد أكثر فأكثر، فاصبر فإنّ في الصبر فائدة.
(أخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين عن أُمّ سلمة قالت: في بيتي نزلت هذه الآية: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الاحزاب:33)، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين فقال: هؤلاء أهل بيتي).
أنظر شيخنا وتدبّر! فإنّ الرسول أطلق مصطلح أهل البيت على هؤلاء الخمسة فقط، وعندما أقول أنّه أطلق عليهم هذا المصطلح شرعاً وليس مجازاً، فعندما تأتي وتقول أنّ التسعة منهم، فبأي دليل؟ ومن سمح لك شيخنا العزيز؛ أن تأتي بأحاديث تخالف هذا الحديث وتدخل التسعة معهم؟
وأنظر شيخنا الكريم إلى حديث الكساء، هذا الذي أخرجه الكليني عن الإمام الصادق ((روى الكليني في الكافي بسند صحيح في باب ما نص الله عزّ وجلّ ورسوله على الأئمة(عليهم السلام) واحداً فواحد، ما نصه: عن أبي عبد الله(عليه السلام) - والحديث طويل إلى أن يقول -: (لكن الله عزّ وجلّ أنزل في كتابه تصديقاً لنبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الآية، فكان عليّ والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام)، فأدخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة، ثم قال اللّهمّ: إنّ لكلّ نبيّ أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي...) ))(9).
الله أكبر، أنظر شيخنا إلى كلام الإمام الصادق وهو يصف الخمسة بأنّهم هم أهل البيت، وأنّهم هم الثقل الثاني بعد القرآن، فلماذا تترك هذا الحديث الذي يحصر الخمسة فقط، وتذهب إلى الأحاديث التي تدخل التسعة؟
الوجه الثاني: لن أرد عليك شيخنا الفاضل بالنسبة لمسألة صحيح مسلم، حتى لا يتشتت الحوار ولا يتوسع، حرصاً منّي أن يكون الحوار ممنهجاً وفق الشروط التي وضعتها أنا ووافقت عليها أنت، ولكن أقول: لماذا ظلمتني شيخنا الكريم، ولماذا لم تعلق على كلامي هذا، لماذا تريد أن تبين للقارئ الكريم أنني رفضت الحديث بلفظة (وعترتي وأهل بيتي)، وسأنقل لك وللقارئ الكريم كلامي مرّة أخرى، حتى تتبين الصورة والحقيقة التي لم ينتبه لها القارئ، وسأحسن الظن فيك، وأقول: وأنت أيضاً.
وهذا هو كلامي: لو تواترت لفظة وعترتي أهل بيتي، إذاً نطمئن أنّ لفظة العترة المراد منها الخمسة فقط، وهذا معلوم عند أهل اللغه، حيث أنّ العترة لا تخص فقط الأبناء وإنّما أيضاً تخص الأقرباء، فيدخل معهم الإمام عليّ رضي الله عنه، ونحصر فقط الإمام عليّ دون غيره بلفظة أهل البيت بدليل حديث الكساء، إذاً كلامك يقوي كلامي شيخنا العزيز..، فهذا هو كلامي يا أستاذي الفاضل، فأنا لا أرفض هذه اللفظة، وإنّما أقر بها، فمالك كيف تحكم شيخنا الكريم!!
الوجه الثالث: قولك شيخنا الكريم: وقلنا أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنّما حصر وقصر مفهوم أهل البيت في من جلّلهم، لأنّهم هم المصداق الوحيد لهذا المفهوم حينها، فيصح له أن يقول؛ أنّ هؤلاء أهل بيتي، ويريد بهم المصاديق الموجودة في زمانه، ولا إشكال في ذلك من حيث اللغة أو العرف.
لا، هناك إشكال طبعاً، وهو: أليس الرسول مسدد من قبل الله؟ أليس الرسول يعلم بعض الأمور الغيبية؟ ألم يكن عالماً بمسألة الإمامة؟
فلماذا الرسول لم يدخل التسعة مع الخمسة، ولو لفظاً لأنّهم غير موجودين وقتها في حديث الكساء، حتى يبيّن للأمّة من هم أهل البيت؟ لماذا الرسول لم يبيّن للأمّة أنّ التسعة أيضاً من أهل البيت المطهّرين حتى لا أختلف أنا وأنت؟
الوجه الرابع: قولك شيخنا الكريم: إنّ قولي: أنّ المراد ب- (لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) يراد به عدم الإفتراق المادي، أعني وجود شخصية واحد من أئمة أهل البيت مع القرآن الكريم، إنّما أيدته بأدلة من الروايات تفيد، أنّ مفهوم أهل البيت أشمل ممّا تدعيه، وكانت تلك الروايات مجرد نماذج أتيت بها على عجالة من أمري، وعندي غيرها ممّا يفيد أنّ مفهوم أهل البيت يشمل غير أصحاب الكساء، أمّا أنت فلم تأت بدليل واحد تؤيد به أنّ المراد بـ (لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)) تراث أهل البيت وسُنّة أهل البيت التي ينقلونها عن رسول الله، وأنّها موجودة ومحفوظة في كلّ زمان، كما أنّ القرآن محفوظ وموجود في كلّ زمان.. فأين دليلك على ترجيح رأيك على رأينا؟ علماً أنّ رأيي قد وافقني عليه جماعة من علماء أهل السنّة...
أقول: أين هذه الأدلة التي أتيت بها؟ هل كانت أدلتك معارضة لحديث الكساء ولكلام الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أم لا؟
وأمّا قولك: ((لفظة (ولن يفترقا) يراد به عدم الإفتراق المادي))، تحتاج إلى دليل لإثباته، فكلام الرسول له أكثر من معنى، ممكن أن يكون المعنى الأوّل الذي ذكرته، ويمكن أن يكون المعنى الذي ذكرته أنا، ألا وهو: بما أنّ القرآن موجود فسُنّة أصحاب الكساء موجودة، وبما أنّ القرآن موجود فعقيدة أصحاب الكساء موجودة، وبما أنّ القرآن موجود ففقه أصحاب الكساء موجود.
وقد أعجبتني كلمتك التي ذكرتها وهي: ((ومع وجود مثل هذا الإحتمال يبطل الاستدلال))، وبما أنّك قلت: مع وجود هذا الإحتمال يبطل الاستدلال، فكذلك أنا أقول: بما أنّ إحتمالي موجود في أنّ القرآن وسُنّة أهل البيت لن يفترقا، فيبطل استدلالك على أنّه في كلّ زمان ومكان يجب أن يكون هناك إمام!!
الوجه الخامس: أمّا قولك عن الرواية التي تفسر (( يَومَ نَدعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِم )) (الأسراء:71).. ((بخصوص الرواية الأولى، فهي عندنا صحيحة ولا يوجد لها معارض، لا من الشرع ولا من العقل، فنحن نأخذ بها في تفسير الآية، وإختلاف المفسرين عندكم حول تفسير...)).
سأذكرك بكلامك مرّة أخرى، شيخنا الفاضل عندما قلت: ومع وجود مثل هذا الإحتمال يبطل الاستدلال، فالإمام شيخنا في القرآن الكريم له أكثر من معنى، وقد جاء الإمام بمعنى الكتاب، والدليل قول الله عزّ وجلّ: (( وَمِن قَبلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحمَةً )) (هود:17). أنظر شيخنا لقد سمى الله عزّ وجلّ التوراة إماماً، ومع وجود هذا الإحتمال شيخنا العزيز يبطل استدلالك أخي وحبيبي وقرّة عيني الشيخ التلميذ!!
الوجه السادس: أمّا قولك شيخنا الكريم: ((لا جريمة كبرى ولا شيء من ذلك، فالإمام عليّ(عليه السلام) فسّر المراد من العترة وأهل البيت في حديث الثقلين لا المراد من أهل البيت في آية التطهير، وحديث الثقلين هو النص الخاص بالأئمة من العترة الطاهرة الذين يتولون قيادة الأمّة من بعد الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والزهراء(عليها السلام) ليست واحدة منهم)).
أقول: أين الدليل على أنّ الزهراء لا تدخل بحديث الثقلين؟ ولماذا الحديث هذا يخرجها من مصطلح أهل البيت والرسول أدخلها؟ وأين الدليل على أنّ حديث الثقلين خاص بالأئمة دون الزهراء؟ وأين الدليل على أنّ الزهراء ليست واحده منهم؟
وسأنقل لك حديث الإمام الصادق الذي يطلق على الزهراء ويقول عنها أنّها الثقل الثاني بعد القرآن، فهذا هو الحديث: روى الكليني في الكافي بسند صحيح في باب ما نص الله عزّ وجلّ ورسوله على الأئمة(عليهم السلام) واحداً فواحد ما نصه: عن أبي عبدالله(عليه السلام) - والحديث طويل إلى أن يقول -: لكن الله عزّ وجلّ أنزل في كتابه تصديقاً لنبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الآية، فكان عليّ والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام) فأدخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة، ثم قال اللّهمّ: (إنّ لكلّ نبيّ أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي...) (مرآة العقول الجزء الثالث ص 213)، لا أقول: إلاّ الله أكبر، الرسول يصف الزهراء بالثقل والحديث يقول وعترتي أهل بيتي، وهذا الحديث يخرجها من مصطلح أهل البيت ويجعلها ليست الثقل الثاني بعد القرآن!!
وأعيد وأكرر؛ فإنّ هذا الحديث به جريمة كبرى وعظمى في حقّ سيدة نساء العالمين رضي الله عنها وحشرنا الله معها.
الوجه السابع: أمّا قولك شيخنا الكريم: ((أمّا بخصوص الرواية الخامسة، فواضح أنّ القائل (فنحن أهل بيته) هو الإمام الصادق(عليه السلام) لأنّ الضمير في لفظة (بيته) راجع إلى النبيّ الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والرواية أيضاً دليل صريح على أنّ مفهوم أهل البيت أعم ممّا تدعيه، وأنّ الإمام الصادق(عليه السلام) داخل تحت هذا المفهوم، ودعواك أنّ إدخال الإمام نفسه في مفهوم أهل البيت هو إجتهاد في مقابل النص باطل، لأنّ الحصر الموجود في النص الذي تدعي الإجتهاد في قباله إنّما للمصاديق الموجودة في زمان النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا أنّها كلّ المصاديق، يكون النص مزعوم مدعى، ودعوى الإجتهاد في قباله، من الإمام الصادق كذلك))، إذا كان القائل هو الإمام الصادق فكيف يدخل نفسه في مصطلح أهل البيت والرسول حصره بالخمسة بدليل حديث الكساء؟! وكيف تقول أنّ الحديث يدلّ على أنّ مفهوم أهل البيت أعم، والرسول حصر هذا المصطلح؟ وأين الدليل أنّ كلامي باطل عندما قلت أنّ الإمام الصادق أدخل نفسه إجتهاداً مقابل النص؟ وهل يكون باطلاً لأنّه كان دليلي حديث الكساء؟ وأين الدليل أنّ الحصر كان في زمن النبيّ فقط؟ ولماذا الرسول حصر هذا المصطلح بالخمسة دون غيرهم؟ فتدبّر شيخنا الحبيب ولا تتسرع بالإجابه بارك الله فيك!
الوجه الثامن: وأمّا سؤالك شيخنا الكريم: ((ما هي الخصيصة التي امتاز بها عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) التي جعلت من الله عزّ وجلّ ورسوله يجعلانهم المصداق الوحيد لمفهوم أهل البيت دون غيرهم من أقرباء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟)).
فأقول: عندما جلّلهم الرسول بالكساء كان هذا أمراً إلهياً، وهذا هو الدليل الذي جعلهم هم المصداق الوحيد لمصطلح أهل البيت، حيث أنّ أفعال الرسول حجه ولا يفعل فعلاً يخالف الأوامر الإلهية، فالإدعاء أنّ التسعة معهم يحتاج إلى دليل قوي وواضح جداً جداً لا يحتمل التأويل ولا يدخل به الإحتمال، شيخنا الكريم.
وبهذا انتهيت من الرد على أدلتك شيخنا الحبيب والكريم، أستاذنا الفاضل الشيخ التلميذ، والآن سأقوم بمناقشة ردودك على أسألتي، ولكي ترى ويرى القارئ الكريم هل وفقت في الإجابه عليها أم لا؟
إجابتك الأولى: ((أمّا جواب سؤالك الأوّل: فلقد ذكرنا لك مجموعة من الأدلة من الروايات، ومنها حديث الثقلين، ونقلنا لك من الروايات الصحيحة التي تخص مفهوم العترة وأهل البيت في هذا الحديث بعليّ والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين، ونقلت لك روايات صحيحة عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه أدخل نفسه في أهل البيت)).
أقول: الاستدلال بحديث الثقلين لا يكفي ولا يرد على حديث الكساء، بل استدلالك بحديث الثقلين ظنّي، وليس لك دليل به على دخول التسعة مع الخمسة، وأمّا مفهوم العترة وأهل البيت، نعم، هو خاص بالخمسة دون غيرهم، لأنّ الرسول هو من أطلق عليهم هذا المصطلح، وأمّا رواية إدخال الإمام الصادق لنفسه للحديث، فقد بيناها وقمنا بالرد عليها، فراجع بارك الله فيك.
إجابتك الثانية: ((أمّا جواب سؤالك الثاني: أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) حصر مفهوم أهل البيت في أصحاب الكساء، حتى لا يدخل فيه غيرهم ممّن هو موجود في ذلك الوقت من أقربائه أو غيرهم لأنّه لا يشملهم)).
أقول: أمّا قولك أنّ النبيّ حصر هذا المفهوم في وقته فقط، فأقول: يا شيخنا الكريم: هذا به مغالطة، بل الرسول حصر هذا المفهوم في زمانهم وفي غير زمانهم، وأنت تحتاج إلى دليل قوي تبين فيه أنّ الرسول لم يحصر هذا المصطلح بالخمسة فقط!
إجابتك الثالثة: ((أمّا جواب سؤالك الثالث: فيظهر من خلال هذا الرد، وبالتحديد في النقطة ثانياً)).
أقول: لم تجب، ولم تبين شيخنا.. فقد أبطلنا كلّ إجابة أجبتنا عليها، فراجع بارك الله فيك.
النقطة الأخيرة: أمّا الأدلة التي أتيت بها من كتب أهل السُنّة عن الإمام المهدي(عليه السلام)!
فأقول: هذه الأدلة والأحاديث، شيخنا كريم، تبين أنّ الإمام المهدي مجازاً وليس شرعاً من أهل بيت الرسول، حيث أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان بصدد تبيين حقيقة الإمام المهدي، كان بصدد تبين من هو الإمام المهدي، كان بصدد تبين أنّ الإمام المهدي يرجع نسله إلى أهل البيت، لا أنّه من أهل البيت المطهّرين المراد بهم بحديث الكساء، فكلّ الأحاديث التي ذكرتها تبين أنّه مجازاً من أهل البيت وليس شرعاً، وإن قلت أنّه من أهل البيت شرعاً، فتحتاج إلى دليل إلى إثبات كلامك، فالرسول أطلق المصطلح الشرعي على الخمسة فقط وفقط، ولازلت أقول أنّه لا دليل على دخول التسعة مع أهل البيت المطهّرين.
وأمّا قولك شيخنا الحبيب: ((وفي هذه الأدلة كفاية لبطلان زعمك الذي انفردت به ولم أجد لك متابعاً عليه - حسب تتبعي - من الأمّة، فهل تسلم أو تكابر.. الله يعلم!)).
فأقول: أنا لم أنفرد شيخنا بهذا الرأي، حيث أنّ العلماء اختلفوا في مصطلح أهل البيت، فمنهم من قال النساء فقط، ومنهم من قال الخمسة فقط، ومنهم من توسع وقال هم كلّ بني هاشم، ومنهم من قال هم آل عليّ وآل عقيل... وغيرهم، بدليل حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، فأنا أتبنى الرأي الثاني، لأنّه له دليل قوي وصحيح ويبطل كلّ الأدلة الأخرى.
وأمّا قولك: هل سأسلم أم أكابر..، فأقول لك شيخنا: والله إنني هنا ليس من أجل العناد، وإنّما من أجل الحصول على القناعة الشخصية واليقين، فإن أتيتني بما هو مقنع قبلته، وإن أتيتتني بشيء لا يقنعني رفضته.
وشكراً لك شيخنا الحبيب على استمرارك بهذا الحوار الطيب الذي هو ملئ بالعلم من ناحيتك وملئ بالجهل من ناحيتي، فأنت شيخنا وأستاذنا ومعلمنا ونحن طلبتك الصغار الذين نتعلم منك ونستفيد، فبارك الله بك شيخنا الكريم.
أختم كلامي بأسئله أتمنى الإجابة عليها:
1- ما هو الدليل القوي والصريح على دخول التسعة رضي الله عنهم في مصطلح أهل البيت الخاص بالخمسة رضي الله عنهم؟
2- لماذا أخرجت شيخنا الكريم الزهراء من حديث الثقلين والرسول أدخلها بمصطلح أهل البيت، والإمام الصادق بين أنّها الثقل الثاني بعد القرآن، والدليل الحديث الذي نقلته لك من الكافي؟
3- لماذا يا شيخنا الكريم تترك النص الجليّ على أنّ الرسول حصر هذا المصطلح بالخمسة، وتذهب إلى حديث الثقلين الذي هو لا يصمد أمام حديث الكساء؟
(1) المستدرك على الصحيحين 3: 146.
(2) الدر المنثور 6: 604.
(3) إكمال إكمال المعلم 8: 277.
(4) مرأة العقول 3: 213.
(5) بصائر الدرجات: 53 باب (16).
(6) معاني الأخبار: 90.
(7) الكافي 1: 246.
(8) بصائر الدرجات: 385.
(9) انظر: مرآة العقول 3: 213.
الجواب:
الأول: قال الله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الاحزاب:33), يمكن استفادة مفهومين من الآية من ضمن المفاهيم الأخرى يدخلان في موضوع المناقشة:
1- مفهوم أهل البيت(عليهم السلام) الذي هو غير النساء لغة، وإن أمكن أن يدخلن فيه مجازاً, ولا قرينة على دخولهن مجازاً إلاّ ما يدّعى من السياق، وروايات نزول الآية وحدها تدحض هذا القول، إضافة إلى الإنتقال من اسلوب الخطاب التقريعي إلى اسلوب المدح، بل القرآئن المقالية في الآية تدلّ على خلافه، لموقع الضمير المذكر في (عنكم)، إضافة إلى قرائن دلالية من مفهوم الآية الدالة على العصمة التي لا تثبت للنساء، وبغض النظر عن القرآئن الحالية التي يدلّ عليها حديث الكساء.
2- مفهوم العصمة المستفاد من إذهاب جنس الرجس والتأكيد على التطهير, وثبوت العصمة أمر باطني لا يمكن الإطلاع عليه إلاّ بإخبار من يطلع على الأفئدة، ولا يمكن أن يكون كلّ أهل البيت بالمعنى اللغوي معصومين، لأنّه يشمل الأولاد والذرية وهم لا يعدّون، كما ربما يدّعى من أنّ نفس الآية، هي إخبار عن عصمة كلّ من يشملهم معنى (أهل البيت) لغة بالإستفادة من الحصر الموجود فيها.
ومن هنا جاءت الحاجة لبيان وتحديد أشخاص هؤلاء المعصومين المطهّرين من أهل البيت، الذين كانوا سبباً لنزول الآية، فجاء البيان من الصادق المصدق رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بما قاله وفعله في حديث الكساء وغيره، وأحاديث أخرى من الأئمة(عليهم السلام) تأتي في محلها.
الثاني: ممّا تقدم ثبت لنا؛ ومن الآية مجردة، أنّها خاصّة بأهل البيت(عليهم السلام) فقط، ولا يدخل فيها النساء ولا الآخرين، وأنّها وبدلالة ألفاظها التي تدلّ على العصمة ضيقت المراد من (أهل بيت) بسبب نزولها بالمطهّرين المعصومين منهم, فالعلاقة الدلالية تبادلية بين مفهوم أهل البيت ومفهوم العصمة (التطهير)، فنفهم أنّ المراد والمعني من الآية هم أشخاص معينون ينطبق عليهم كونهم من أهل البيت ومعصومين, ومن التركيب بين هذين المفهومين ينتج عندنا مصطلح جديد يمكن أن نسميه مصطلح شرعي منقول من المعنى اللغوي هو (أهل البيت المطهّرين)، ولا يبقى إلاّ تعيين أشخاصهم في الخارج, وكان بعهدة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأمر منه سبحانه بلا إمتراء.
وهنا جاء دور حديث الكساء الذي هو مصداق البيان والإخبار النبوي، ولكن السؤال في أنّه: هل ينحصر بيان النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بحديث الكساء، أو أنّ الحديث أحد أفراده وجزء من البيان والأخبار عن معنى الآية؟ فمن يدّعي أنّ البيان منحصر فقط بحديث الكساء فعليه الدليل, والدليل دلّ على أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بيّن من هم أهل بيته المعصومون المطهّرون في أكثر من موضع لا يظل المتتبع في إيجادها, ولكن قد يدّعي مدّع أنّ مدلول حديث الكساء فيه حصر للخمسة لا يمكن إدخال غيرهم فيه، وبالتالي يكون مدلوله معارضاً للروايات الأخرى الصادرة من رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمة(عليهم السلام) لو سلمنا بوجودها، فكيف نحل التناقض المدعى؟ ولابد قبله من إثبات الروايات الأخرى التي تنص على دخول غير الخمسة في أهل البيت(عليهم السلام).
وهذا ما سنناقشه في النقطة التالية:
الثالث: إنّ دعوى الشيعة؛ بأنّ سبب نزول ومورد آية التطهير هم الخمسة أصحاب الكساء صحيحة لا غبار عليها بدلالة روايات حديث الكساء، ولكن سبب النزول لا يخصص الوارد (وبعبارة أصولية: إنّ المورد لا يخصص الوارد)، فلا تلازم في الإنطباق على مصداق بسبب النزول وبين نفيه للمصاديق الأخرى الداخلة في العموم.
وهذا الوهم ممّا يقع فيه الكثيرون، منهم صاحب الإشكال, ودعوى أنّ البيان الذي احتيج إليه لتعيين أشخاص المطهّرين المتمثل بحديث الكساء، حاصر للمصاديق بالخمسة فقط، دعوى ضعيفة البرهان!
1- مصطلح أصحاب الكساء وهم الخمسة بلا ريب يختلف عن مصطلح أهل البيت المطهّرين المعنين بالآية، فأصحاب الكساء أخص.
ونحن لا ندعي دخول غير الخمسة في أصحاب الكساء، ولكنا نقول: إنّ أهل البيت المطهّرين يشملهم وغيرهم وهم التسعة الباقين, ودعوى المساواة وهم ناجم عن عدم الدقة في تعيين مدى الحصر المستفاد من حديث الكساء، والأخذ بظاهر كلمات العلماء دون الفهم التام لها.
2- إنّ حديث الكساء بمنطوقه والقرآئن الحالية الحافة به من فعل الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، دالة على الحصر بلا ريب, ولكن ما مدى ومقدار هذا الحصر من جهة الزمان، هل هو حصر في الظرف الزماني المعين، ولا يشمل بقية الأزمان، أو هو حصر على طول امتداد الزمان إلى يوم القيامة؟
ومدّعانا أنّه حصر محدد بالظرف الزماني المعين، وهذا الظرف يحدد مقداره عرف أهل اللغة، وليس حصراً على طول الزمان أبداً.
وبعبارة أخرى: إنّ سعة هذا الحصر يمكن أن تشمل آخرين لم يكونوا في ظرف زمان الحديث يمكن أن يدخلهم الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أو الأئمة(عليهم السلام) ببيان وأخبار أُخر.
والمثال العرفي عليه، هو: لو أنّ أحد الأشخاص خرج أمام الناس وجمع أولاده الثلاثة أو الأربعة بين يديه من دون العدد الكبير من الأطفال في مدرسة معينة، وقال: هؤلاء أولادي، فإنّ فيه دلالة بلا شك على أنّ غير هؤلاء الثلاثة أو الأربعة من جميع الحاضرين في ظرف الفعل ليسوا أولاده، وهو لا يعني بأنّه سوف لا يكون له، أو لا يرزق بولد أو أولاد آخرين في المستقبل، فلاحظ.
فالحصر في حديث الكساء مقيد بالظرف الزماني الآني لفعل وقول الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولا يشمل إمتداد الزمان، وبالتالي يمكن للرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وببيان آخر أن يوضح أنّ هناك آخرين يدخلون في مصطلح أهل البيت المطهّرين المشمولين بآية التطهير، وهم مصداق من مصاديقها, فتأمل.
ومنه نفهم تصدير الإمام الصادق(عليه السلام)كلامه بالفعل (كان) الدال على الماضي في ذلك الزمان، عندما قال: (فكان عليّ والحسن والحسين وفاطمة...) الحديث، ولا صحة لقول المستشكل أنّ الصادق(عليه السلام)أخرج التسعة الأخرين، فلا دلالة في كلامه على أخراجهم إلاّ إدعاء الحصر في الخمسة فقط، وقد أوضحنا عدم صحة ذلك.
ثم أنّ كلام الشخص - خاصّة المعصوم - يجمع كلّه ويقارن بعضه ببعض، حتى يفهم المراد منه، لا أن يقتصر على بعض كلامه, ومنه يظهر ضعف قول المستشكل ((لماذا لم يقل الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث الكساء: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ومعهم تسعة من أولاد الحسين))، فقد بين الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) دخول التسعة في أهل البيت المطهّرين في نصوص أخرى عديدة، نعم، هم لا يدخلون في مصطلح أصحاب الكساء, وهذا البحث يفصّل عادة في بحث القرآئن التي تنقسم إلى متصلة ومنفصلة.
والحكم واحد فيهما من هذه الجهة.
الرابع: بعد أن تبين عدم صحة الحصر على إمتداد الزمان في حديث الكساء، وأنّ دعوى أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) عند بيانه لمصداق آية التطهير حصرهم بالخمسة أصحاب الكساء ليس عليها دليل.
وبعد أن تبين أنّ معرفة أهل البيت المطهّرين بأشخاصهم يحتاج إلى بيان وإخبار، وأنّه منوط بالنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنّه لا مانع عقلي وشرعي من تعدد البيانات وتعدد المصاديق، يصح لنا أن نبحث عن أخبار أُُخر يمكن أن نعرف منها مصاديق أُخرى للمطهّرين من أهل البيت(عليهم السلام)، وهذه الأخبار موجودة بكثرة في التراث الحديثي الشيعي على الأقل، لا حاجة لذكرها, ويمكن للمراجع أن يطلع عليها في مضانها.
كما أنّه إذا دلّ دليل نقلي أو عقلي على شمول آية التطهير للتسعة الآخرين(عليهم السلام)، فلا معارضة في البين بينه وبين حديث الكساء، وإنّما يتم الجمع بالجمع العرفي.
الخامس: من هذا يتبين عدم صحة القول بإجماع علماء الشيعة والسُنّة على أنّ مصطلح أهل البيت خاص بالخمسة، فإنّ هذه النسبة إلى علماء الشيعة بالخصوص ممّا يضحك الثكلى، فأيّ عالم منهم أخرج بقية الأئمة(عليهم السلام)، فضلاً عن دعوى الإجماع على إخراجهم؟!
وكذا دعوى قولهم؛ بأنّ الحصر في حديث الكساء يخرج التسعة(عليهم السلام) من مصطلح أهل البيت المطهّرين، أو دعوى إجماعهم على مفهوم الحصر بمعناه المدعى من حديث الكساء.
السادس: لا ينحصر دليلنا على دخول التسعة(عليهم السلام) في أهل البيت بحديث الثقلين فقط، فهذه مجازفة في القول, ولكنّه من الأدلة الواضحة على ذلك لكونه منقولاً لدى الطرفين.
السابع: وأمّا حديث مسلم، فلنا وقفة معه:
أ- إنّ دخول التسعة(عليهم السلام) في أهل البيت كما يتم من دلالة لفظة (عترتي)، يتم أيضاً من دلالة لفظة (أهل البيت) كما أوضحنا سابقاً، وعليه فحتى حديث مسلم فيه شمول للتسعة(عليهم السلام)، وإن لم يذكر فيه لفظ (عترتي) وجاء بلفظ (أهل البيت) فقط.
ب - إنّ صحيح مسلم ليس له إعتبار عندنا فهو ليس من كتبنا، نعم هو من الصحيح عندهم ومقدّم على غيره، ولذا نلزمهم به ولا يصح منهم أن يلزمونا به.
ج - ومع عدم إلتفاتنا إلى ما يدعى لصحيح مسلم، فإنّ حديث الثقلين فيه رواية آحاد، إذ أنّه لم يرو إلاّ عن يزيد بن حيان في كلّ طرقه، فنصه وإن كان صحيحاً عندهم لا يرقى إلى التواتر حتى نحتج به في العقيدة، كما هو الحال بنص حديث الثقلين عند غير مسلم.
د - ومع ذلك فإنّ مسلم قد تلاعب في هذا الحديث وقطع من متنه ما فيه دلالة تساعد على فهمه! فقد حذف منه الجزء الأخير الذي فيه نهي ابن زياد لزيد بن أرقم عن التحديث بحديث الحوض وإتهامه له بالخرف والكذب، فهو موجود وبنفس السند عند أحمد(1), فراجع.
هـ - ومع ذلك كلّه فإنّ زيداً؛ في نفس الحديث وفي بدايته يعتذر من الذين طلبوا منه الحديث، ويرجوهم عذره عمّا لا يحدثهم به بحجّة كبر سنه, ومع ذلك يذكر في الحديث لفظ الثقلين صراحة ثم يذكر القرآن وهو الثقل الأوّل، ويذكر قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمره بالتمسك به، ثم يأتي في المتن قوله: ((ثم قال: وأهل بيتي...)) الحديث، (وثم) تدلّ على التراخي، وفيها دلالة على وجود قطع أو حذف في الكلام تجنّب زيد بن أرقم أن يرويه، كما نص على ذلك محمد نافع في كتابه (حديث الثقلين) بلغة الأردو عند كلامه على حديث مسلم.
و - إنّ لفظة (ثم قال) وما تدلّ عليه في متن الحديث، دعتنا للبحث والتنقيب عن رواية أو روايات أخرى لحديث الثقلين تنقل تمام كلام رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، نجد فيه الفقرة المحذوفة بين دعوته للتمسك بالقرآن وبين تذكيره المسلمين بأهل البيت(عليهم السلام)، عندما قال: (اذكركم الله في أهل بيتي) ثلاث مرات، ونجد فيه ذكر حوضه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم القيامة.
وهذا البحث دلنا على رواية أو أكثر رواها الخزاز (ت400هـ) في (كفاية الأثر) بهذا السند: ((حدّثنا محمد بن وهنا بن محمد البصري، قال: حدّثنا محمد بن عمر الجعالي، قال: حدّثني إسماعيل بن محمد بن شيبة القاضي البصري، قال: حدّثني محمد بن أحمد بن الحسين، قال: حدّثني يحيى بن خلف الراسي، عن عبد الرحمن، قال: حدّثنا يزيد بن الحسن، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أُسيد، قال: سمعت رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: على منبره: (معاشر الناس، إنّي فرطكم وإنّكم واردون عليَّ الحوض أعرض ما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وأنا سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين، فأنظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به لن تضلوا، ولا تبدلوا في عترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، أنتظر من يرد عليَّ منكم وسوف يتأخر أناس دوني، فأقول: يا ربّ منّي ومن أمتي، فيقال: يا محمّد هل شعرت بما عملوا؟ إنّهم ما برحوا بعدك على أعقابهم)، ثم قال: (أوصيكم في عترتي خيراً) ثلاثاً، أو قال: (في أهل بيتي)، فقام إليه سلمان فقال: يا رسول الله ألا تخبرني عن الأئمة بعدك؟ أما هم من عترتك؟ فقال: (نعم، الأئمة بعدي من عترتي عدد نقباء بني اسرائيل، تسعة من صلب الحسين(عليه السلام) أعطاهم الله علمي وفهمي، فلا تعلموهم فإنّهم أعلم منكم، واتبعوهم فإنّهم مع الحقّ والحقّ معهم) ))(2).
وفي هذه الرواية ذكر للحوض الذي خاف زيد بن أرقم أن يذكره لتهديد ابن زياد، وفيه الفقرة المحذوفة بين الأمر بالتمسك بالقرآن وبين التذكير بأهل البيت(عليهم السلام) وهي (أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)، وفيه أنّ التسعة من ولد الحسين من أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن عترته وهم الأئمة بعده، فهو يجيب على كلّ ما أشكل به المدعي.
وفي الكتاب - أعني (كفاية الأثر) - روايات أخرى منها عن عمر فيها نفس الدلالة(3), فراجع.
ي - ولا يقول قائل بأنّ كتاب (كفاية الأثر) لمؤلف شيعي، فلا حجّة فيه علينا، فإنّا نقول: بأنّا لا نحتج هنا بما تدلّ عليه الرواية كرواية، بل احتجاجنا بالأساس هو بالمقارنة بين رواية مسلم ورواية الخزاز، فإنّ الفارق بين عصريهما أقل من مائة وخمسين سنة، ولا يوجد إحتمال ولو واحد بالألف من أنّ الخزاز قد وضع وفبرك الرواية حتى يأتي شخص بعد ألف سنة ويقارن بين روايته ورواية مسلم ويستخرج ما سقط من روايته، فإنّ العقل لا يقبل بمثل هكذا إحتمال، ولا يصدق ادعاء الوضع المتعمد من الخزاز بهذه النسبة الضعيفة، فتأمل. فضلاً عن وجود روايات أُخرى عند الخزاز تدلّ بنفس الدلالة عند مقارنتها مع رواية مسلم, فراجع.
ط - إنّ من أحد الأسباب التي دعتنا إلى المقارنة بين رواية مسلم وروايات الخزاز، هو دحض الشبهة التي يتمسك بها المخالفون من عدم وجود أمر من النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالتمسك بأهل البيت(عليهم السلام)، كما هو الحال مع القرآن الكريم، في رواية مسلم التي لا يصح غيرها حسب مدعاهم، كما أورد ذلك ابن تيمية في كتابه (منهاج السنة)، فإنّ المقارنة تثبت أنّه قد وقع الحذف والقطع في رواية مسلم، إمّا من قبل زيد نفسه لخوفه، أو من قبل أحد رواتها المغرضين، وأنّ الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد أمر في الواقع بالتمسك بهما كليهما، وقال بأنّهما لا يفترقان، كما هو نص الروايات الأخرى المتواترة لحديث الثقلين عند غير مسلم!
ع - ومن هذا الحديث فضلاً عن غيره الكثير, يثبت أيضاً أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد بين أنّ التسعة(عليهم السلام) هم من أهل البيت ومن العترة في نفس وقت إعلانه لحديث الثقلين. فالإدعاء بأنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يذكر ذلك وهم في وهم، والإدعاء بأنّ الحصر في حديث الكساء يخرج التسعة (عليهم السلام) من أهل البيت وهم آخر.
الثامن: وأمّا النظر الذي أبداه من فهمه لجملة (لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)، فهو فهم بعيد عن الظاهر المراد, فإنّ مراد النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) باللذين (لن يفترقا) الثقلان اللذان نصّ عليهما في كلامه، وهما القرآن وأهل بيته, أي نفس وجود القرآن ونفس وجود أهل البيت(عليهم السلام), لا اللازم لهما، فإنّ سيرة أهل البيت(عليهم السلام) من لوازم وجودهم، وهي أيضاً موجودة إلى يوم الحوض، ولكن بوجود موضوعها وهم نفس أهل البيت(عليهم السلام), فإنّ قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نصّ في ذلك, وإلاّ لو كان مراده ما قاله هذا المستشكل لجاء بألفاظ أُخر تدل على سيرتهم وسنّتهم.
ثم إنّ ما ادعاه هذا من الفهم سوف لا يجعلهما ثقلان، وإنّما سيكون هناك ثقل واحد، فإنّ سيرتهم وسنتهم لا تخرج عن سُنّة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وبالتالي لا تخرج على الأمر بالتزام القرآن، فيكونا عند تصريف معنى الكلام واحد، ولا يكون كذلك لو كان يعني(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وجوديهما، فإنّهما سيكونان وجودان، وإن كان لازم ذلك في المآل إتحادهما أيضاً، فلاحظ.
وهذا ما فهمه أعلام أهل السنّة، وإلاّ لما ادعوا تارة أنّ المراد بالثقل الثاني وجود علماء من أهل البيت(عليهم السلام) يحفظون الدين إلى يوم القيامة، وأُخرى أنّ إجماع العترة لا يكون إلاّ حقاً, فهم في كلا القولين يريدون أعيانهم.
ومع ذلك فإنّ قولك هذا حجّة عليك أيضاً، وهو دليل للشيعة على غيرهم, فهم المتمسكون فعلاً بسيرة وسُنّة أهل البيت(عليهم السلام) ولا يزايد على ذلك إلاّ مبطل.
ولكن الفصل بيننا في المراد؛ هو أحاديث وروايات رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الأخرى، ومنها الخاصّة بالإمام المهدي(عليه السلام)، فإنّ فيها النص على أنّه من أهل البيت(عليهم السلام)، فلاحظ.
التاسع: نرجع ونقول: إنّ قول الإمام الصادق(عليه السلام) كان في بيان الربط الموضوعي بين آي القرآن الكريم وبين حديث رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في بيان من هم أهل البيت، وأنّه لا ينطبق في زمن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلاّ على الخمسة أهل الكساء خاصّة، لا أنّه كان يريد حصر أهل البيت(عليهم السلام) فيهم على طول الزمان، وإلاّ فإنّ هناك روايات عديدة فيها النص من مولانا الصادق(عليه السلام) نفسه على أنّه من أهل البيت(عليهم السلام)، فلاحظ.
العاشر: إنّ قولنا بأنّ جملة (لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض) بأنّها تدلّ على وجود فرد معين من أهل البيت(عليهم السلام) يلازم القرآن إلى يوم القيامة، ليس من باب الترجيح بلا مرجح بين ظاهرين لمعنى الجملة، بل هو من باب التمسك بالظاهر الذي هو حجّة عند الكلّ، مقابل التأويل سواءاً كان قريباً أم بعيداً، إذ لو وجد هناك في كلّ كلام ظاهر يمكن الإلتزام به لا يتعدى منه إلى الفهم والتأويل البعيد، إلاّ إذا كان هناك مانع لفظي أو شرعي أو عقلي من الإلتزام بهذا الظاهر, وليس من هذا في البين.
الحادي عشر: إنّ الاستدلال بحديث الصفار، ليس لتعيين الأئمة الاثني عشر(عليهم السلام) بأشخاصهم، فإنّ هذا لا يتم بالحديث وحده، ولكن الاستدلال به يكون على أنّ هناك أئمة من أهل البيت(عليهم السلام) يجب إتباعهم، وأنّهم سيكونون في كلّ زمان، وإلاّ لما تم الاستدلال بالآية، إذ لو لم يكونوا في كلّ زمان لوجد أُناس لا إمام لهم واجب الإتباع يدعى من يؤمن به يوم القيامة, ولخلا زمان ما من هذا الإمام، فتكون في ذلك الحجّة للناس على الله ـ. نعوذ بالله - وليس بالعكس؛ أيّ الحجّة لله على الناس، فلاحظ.
وأمّا التذرع بالتفاسير، فهذا خروج عن البحث، إذ أنّ الكلام بعد التسليم بالرواية لا رد الرواية والرجوع إلى التفاسير.
الثاني عشر: وأمّا ما اعترض عليه في حديث (معاني الأخبار) من إخراج الزهراء(عليها السلام)، فليس له محل في الكلام, لأنّ من الواضح أنّ جواب الإمام(عليه السلام) كان في بيان الأئمة(عليهم السلام)، توضيحاً لما أشكل في ذهن السائل، مقابل المخالفين، ومن الواضح أنّ الزهراء(عليها السلام) ليست بإمام، وإن كانت حجّة وهو بحث آخر. والظاهر أنّ المستشكل يخلط بين مفهوم الحجّة ومفهوم الإمام بالمعنى الخاص المتنازع فيه، أو أنّ أحدهما يلازم الآخر.
إذ من الواضح أنّ القرآن وسُنّة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) حجّة ولكن ليسا بإمام بهذا المعنى، فلاحظ.
الثالث عشر: وأمّا رواية سُليم: فليس الذين طهّرهم الله في آية التطهير الخمسة أصحاب الكساء فقط، وإنّما أهل البيت المعصومون، والذين نعرفهم ونشخصهم من النص الصادر عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فإذا قال إنّ التسعة(عليهم السلام) يدخلون فيهم، فنسلم ولا جدال.
الرابع عشر: وأمّا صحيحة الصفار في (بصائر الدرجات)، فبعد أن وجد أن لا محيص عنها في الدلالة، إلتجأ إلى دعوى المعارضة بينها وبين حديث الكساء، وقد بيّنا أنّ لا معارضة إلاّ في فهمه السقيم للحصر، ومع ذلك فالظاهر أنّ صاحبنا لم يطلع في علم أصول الفقه في (باب التعارض) على أنواع الجمع العرفي، وأن التعارض لا يتم إذا كان هناك في الإمكان جمع عرفي.
وهل أوضح من الجمع بين قول الصادق(عليه السلام) وبين حديث الكساء، من أنّ الخمسة(عليهم السلام) والإمام الصادق(عليه السلام) على الأقل في هذه الرواية داخلون في مصطلح أهل البيت المطهّرين(عليهم السلام)، فلاحظ.
الخامس عشر: وفي الصحيحة الأخرى للصفار، وبعد أن أعيته الدلالة ووضوحها أيضاً، طعن في الفرق في الحجية بين رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) والصادق(عليه السلام)، وهذا لا يتم؛ لأنّ الاستدلال بالرواية من قبلنا يكون بعد التسليم بأنّ حجية الصادق(عليه السلام) من حجية رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولا مجال لإفتراض الإجتهاد هنا فضلاً عن الإجتهاد مقابل النص, وبالتالي لابد من جعل ما قاله الصادق(عليه السلام) نصّاً في بيان المراد من أهل البيت(عليهم السلام) في حديث الثقلين، صادراً من مشكاة النبوة, والجمع بين حديث الثقلين وحديث الكساء سهل وواضح.
السادس عشر: وأمّا تكراره للأسئلة ومطالبته بالجواب عنها، فلك أن تسرد له الروايات المتواترة على دخول التسعة(عليهم السلام) في أهل البيت، وهذا هو دليلنا، فهناك روايات صادرة عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأكثر منها صادرة عن أئمتنا(عليهم السلام)، وأنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يحصر أهل البيت(عليهم السلام) في أصحاب الكساء الخمسة(عليهم السلام)، والحصر في حديث الكساء لم يكن حصراً على طول الزمان، وبالتالي لا تعارض بين حديث الكساء وغيره من الأحاديث الناصة على دخولهم(عليهم السلام).
ثم وإن قلنا فرضاً بالتعارض البدوي، فإنّ التعارض لا يتم إذا كان هناك وجه للجمع العرفي، مع أنّ النص منهم(عليهم السلام) بدخولهم في أهل البيت(عليهم السلام) مقدم على ظاهر الحصر في حديث الكساء، لو قلنا به، ولا نقول! فإنّ النص يقدم على الظاهر عند التعارض، وأنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد أدخل الأئمة الباقين(عليهم السلام) في أهل البيت بنصوص أخرى، ولا يشترط بأن يكون البيان بقرينة متصلة، فإنّ حكمها والمنفصلة واحد، وأنّ كلام الرجل يأخذ كلّه ولا يأخذ البعض دون البعض.
وأمّا بقية الكلام فتكرار يعرف جوابه ممّا مضى.
(1) مسند أحمد 4: 367، حديث زيد بن أرقم
(2) كفاية الأثر: 127 ما جاء عن حذيفة بن اسيد عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
(3) كفاية الأثر: 91 ما جاء عن عمر بن الخطاب عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
تعليق على الجواب (1)
هلّا أشرتم لنا إلى المصادر من كتب الشّيعة الّتي تدخل الأئمّة أجمعين في أهل البيت؟
وما سند هذا الحديث:
قال رجلٌ عند الصادق (ع): اللهم صلّ على محمد وأهل بيت محمد.. فقال الصادق (ع): يا هذا !.. لقد ضيّقت علينا، أما علمت أنّ أهل البيت خمسة أصحاب الكساء ؟.. فقل الرجل: كيف أقول ؟.. قال: قل: اللهم صلّ على محمد وآل محمد !.. فنكون نحن وشيعتنا قد دخلنا فيه
الجواب:
الروايات التي تذكر اهل البيت ويكون المقصود بها الائمة (عليهم السلام) كثيرة ومن تلك الروايات:
في الكافي للشيخ الكليني ج 1ص 451 قال:
بعض أصحابنا رفعه، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لأبي عبد الله: ما معنى السلام على رسول الله ؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن وأن ينزل لهم البيت المعمور، ويظهر لهم السقف المرفوع ويريحهم من عدوهم والأرض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم لاشية فيها، قال: لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله على جميع الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك, وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله، لعله أن يعجله عز وجل ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه.
وفي ج 1 ص 181 قال:
عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إنما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت ومن لا يعرف الله عز وجل و [ لا ] يعرف الامام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا.
وفي ج 1 ص 185 قال:
الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة ومحمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين فقال عليه السلام: يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل: " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون " ؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فقال: الحسنة معرفه الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت، ثم قرأ عليه هذه الآية.
وفي ج 1ص 223 قال:
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن عبد الله بن جندب أنه كتب إليه الرضا عليه السلام: أما بعد، فان محمدا صلى الله عليه وآله كان أمين الله في خلقه فلما قبض صلى الله عليه وآله كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم البلايا والمنايا، وأنساب العرب, ومولد الاسلام، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان، وحقيقة النفاق....
وفي ج 1ص 283 قال:
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن أبي عبد الله البزاز، عن حريز قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك ما أقل بقاء كم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة الناس إليكم ؟ ! فقال: إن لكل واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته....
وفي ج 1ص 411 قال:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن حماد بن عثمان قال: حضرت أبا عبد الله وقال له رجل: أصلحك الله ذكرت أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجديد، فقال له: إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر [ عليه ] ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به، فخير لباس كل زمان لباس أهله، غير أن قائمنا أهل البيت عليهم السلام إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام وسار بسيرة علي عليه السلام.
وفي ج 1 ص 423 قال:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن المفضل ابن صالح، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا " يعني الولاية، من دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياء عليهم السلام، وقوله: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " يعني الأئمة عليهم السلام وولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبي صلى الله عليه وآله.
وفي ج 1ص 469 قال:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن جابر بن عبد الله الأنصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت وكان يقعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو معتجر بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر العلم، يا باقر العلم، فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى اله عليه وآله يقول: إنك ستدرك رجلا مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقرا، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول....
وفي ج 1ص 483 قال:
قال: أخبرك بالأربعة كلها، أما أولهن فلا إله إلا الله وحده لا شريك له باقيا، والثانية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله مخلصا، والثالثة نحن أهل البيت، والرابعة شيعتنا منا ونحن من رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله من الله بسبب، فقال له الراهب، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن ما جاء به من عند الله حق وأنكم صفوة الله من خلقه وأن شيعتكم المطهرون المستبدلون ولهم عاقبة الله رب العالمين
وفي ج 2 ص 22 قال:
عنه، عن معلى بن محمد، عن الوشاء عن أبان، عن إسماعيل الجعفي قال: دخل رجل على أبي جعفر (عليه السلام) ومعه صحيفة فقال له أبو جعفر (عليه السلام): هذه صحيفة مخاصم يسأل عن الدين الذي يقبل فيه العمل فقال: رحمك الله هذا الذي أريد، فقال أبو جعفر (عليه السلام): شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله وتقر بما جاء من عند الله والولاية لنا أهل البيت والبراءة من عدونا والتسليم لامرنا والورع والتواضع وانتظار قائما فإن لنا دولة إذا شاء الله جاء بها.
وفي ج 2 ص 46 قال:
عنه، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن مدرك بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاسلام عريان، فلباسه الحياء وزينته الوقار ومروءته العمل الصالح وعماده الورع. ولكل شئ أساس، وأساس الاسلام حبنا أهل البيت .
وفي ج 2 ص 74 قال:
أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، وأحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، جميعا عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه....
|
|
|
|
|