|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 81994
|
الإنتساب : Apr 2015
|
المشاركات : 1,288
|
بمعدل : 0.37 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
الفقه المقارن/ الطلاق وما أحدثوا فيه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
بتاريخ : 06-01-2018 الساعة : 08:33 PM
الطلاق وما أحدثوا فيه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وذلك أن الطلاق الثلاث الذي لا تحل المطلقة بعده لمطلقها إلاَّ بالمحلل الشرعي المعروف، إنما هو الطلاق الثالث، المسبوق برجعتين مسبوقتين بطلاقين، وذلك بأن يطلقها أولاً ثم يرجعها، ثم يطلقها ثانياً ثم يرجعها، ثم يطلقها ثالثأ وحينئذ لا تحل له حتى تأتي بالمحلل المعلوم. هذا هو الطلاق الثلاث الذي لا تحل المطلقة بعد لمطلقها حتى تنكح زوجاًغيره، وبه جاء التنزيل: ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ...﴾1 إلى أن قال عز من قائل: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾2.
وإليك ما قاله أئمة العربية في تفسيرها، واللفظ للزمخشري في كشافه جعله كشرح مزجي، قال: ﴿الطَّلاَقُ﴾ بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم ﴿مَرَّتَانِ﴾ أي التطليق ألشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع والارسال دفعة واحدة. ولم يرد بالمرتين التثنية ولكن أراد التكرير كقوله: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾3 أي كرة بعد كرة. إلى أن قال: وقوله تعالى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ تخيير لهم - بعد أن علمهم كيف يطلقون - بين أن يمسكوا النساء بحسن العشرة
--------------------------------------------------------------------------------
221
--------------------------------------------------------------------------------
والقيام بواجبهن، وبين أن يسرحوهن السراح الجميل الذي لهن عليهم. قال: وقيل معناه الطلاق الرجعي مرتان - مرة بعد مرة - لأنه لا رجعة بعد الثلاث.. إلى أن قال: ﴿فَإِن طَلَّقَهَ﴾ الطلاق المذكور الموصوف بالتكرار في قوله تعالى: ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ﴾ واستوفى نصابه أو فإن طلقها مرة ثالثة بعد المرتين ﴿فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ﴾ أي بعد ذلك التطليق ﴿حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾... الخ.
قلت: هذا هو معنى الآية وهو المتبادر مها إلى الأذهان وبه فسرها المفسرون كافة، ولا يمكن أن يكون قوله تعالى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ﴾ متناولاَ لقول القائل لزوجته (أنت طالق ثلاثاً) إلاَّ أن يكون قبل ذلك قد تكرر منه طلاقها مرتين بعد كل مرة منهما رجعة كما لا يخفى.
لكن عمر رأى أيام خلافته تهافت الرجال على طلاق أزواجهم ثلاثاً بانشاء واحد فألزمهم بما ألزموا به أنفسهم عقوبة أو تأديباً، والسنن صريحة في نسبة ذلك اليه.
وحسبك منها ما عن طاووس من أن أبا الصهباء قال لابن عباس:هات من هناتك ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وأبي بكر واحدة ؟ فقال: قد كان ذلك فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم. انتهى بلفظ مسلم في صحيحه4.
وعن ابن عباس من عدة طرق كلها صحيحة، قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث
--------------------------------------------------------------------------------
222
--------------------------------------------------------------------------------
واحدة، فقال عمر بن الخطاب: أن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم فيه أناة، فلو أمضياه عليهم، فأمعناه عليهم. انتهى بلفظ مسلم في صحيحه5.
وأخرجه الحاكم في مستدركه مصرحاً بصحته على شرط الشيخين ،وأورده الذهبي في تلخيص المستدرك معترفاً بصحته على شرطهما أيضا6.
وأخرجه الامام أحمد من حديث ابن عباس في مسنده7.ورواه غير واحد من أصحاب السنن وإثبات السنن8.
ونقله العلامة الشيخ رشيد رضا في ص 210 من المجلد الرابع من مجلته " المنار" عن كل من أبي داود والنسائي والحاكم والبيهقي، ثم قال - ما هذا لفظه -: ومن قضاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخلافه ما أخرجه البيهقي عن ابن عباس9 قال: طلق ركانة زوجته ثلاثاً في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً فسأله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: طلقها؟ قال: ثلاثاً. قال صلى الله عليه وآله وسلم: في مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت.
وأخرج النسائي من رواية مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن محمود بن لبيد: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً
--------------------------------------------------------------------------------
223
--------------------------------------------------------------------------------
فقام صلى الله عليه وآله وسلم غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ! حتى قام رجل، فقال يارسول الله ألا تقتله10؟ إلى آخر ما جاء من السنن الصحيحة صريحاً في ذلك، ولذا ترى علماء الاسلام واثباتهم يرسلونه إرسال المسلمات.
وحسبك منهم الاستاذ الكبير خالد محمد خالد المصري المعاصروقد قال في كتابه" الديمقراطية": ترك عمر بن الخطاب النصوص الدينية المقدسة من القرآن والسنة عندما دعته المصلحة لذلك، فبينا يقسم القرآن للمؤلفة قلوبهم حظاً من الزكاة ويؤديه الرسول وأبو بكر، يأتي عمر فيقول لا نعطي على الاسلام شيئاً، وبينا يجيز الرسول وأبو بكر بيع أمهات الأولاد يأتي عمر فيحرم بيعهن، وبينا الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع واحداً بحكم السنة والاجماع، جاء عمر فترك السنة وحطم الاجماع.
هذا كلامه بعين لفظه فراجعه في ص150 من (ديمقراطيته).
وقال الاستاذ الدكتور الدواليبي - حيث ذكر عمر وايقاعه الطلاق الثلاث بكلمة واحدة في كتابه أصول الفقه11 ما هذا لفظه: «ومما أحدثه عمر رضي الله عنه تاييداً لقاعدة تفسير الأحكام بتغيير الزمان، هو ايقاعه الطلاق الثلاث بكلمة واحدة، مع أن المطلق في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزمن خليفته أبي بكر وصدراً من خلافة عمر كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفم واحد جعلت واحدة كما ثبت ذلك في الخبر الصحيح عن ابن عباس، وقد
--------------------------------------------------------------------------------
224
--------------------------------------------------------------------------------
قال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.
قال: وقال ابن القيم الجوزية في ذلك: ولكن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه رأى أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق، وكثر منهم ايقاعه جملة واحدة فرأى من المصلحة عقوبتهم بامضائه عليهم فإذا علموا ذلك كفوا عن الطلاق، فرأى عمر أن هذا مصلحة لهم في زمانه ورأى أن ما كان عليه في عهد النبي وعهد الصديق وصدراً من خلافته كان الأليق بهم لأنهم لم يتتابعوا فيه، وكانوا يتقون الله في الطلاق.. إلى أن قال: فهذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان12.
قال: وعلم الصحابة حسن سياسة عمر وتأديبه لرعيته في ذلك فوافقوه على ما ألزم به13 وصرحوا لمن استفتاهم بذلك14. قال: غير أن ابن القيم نفسه جاء فأبدى ملاحظته بالنسبة لزمنه، رغبة في الرجوع بالحكم إلى ما كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن الزمن قد تغير أيضاً، وأصبح إيقاع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة مدعاة لفتح باب التحليل الذي كان مسدوداً على عهد الصحابة15 وقال: بأن العقوبة إذا تضمنت مفسدة أكثر
--------------------------------------------------------------------------------
225
--------------------------------------------------------------------------------
من الفعل المعاقب عليه كان تركها أحب إلى الله ورسوله16.
قال: وقال ابن تيمية: ولو رأى عمر رضي الله عنه عبث المسلمين في تحليل المبانة لمطلقها ثلاثاً لعاد الى ما كان عليه الأمر في عهد الرسول.
قال: وإن ما أبداه ابن تيمية من الملاحظات القيمة قد كان مدعاة لعودة المحاكم الشرعية في مصر الآن إلى ما كان عليه الحكم في عهد الرسول عملاً بقاعدة تغير الأزمان17.
--------------------------------------------------------------------------------
226
--------------------------------------------------------------------------------
هوامش
1- سورة البقرة، الآية: 229.
2- سورة البقرة، الآية: 230.
3- سورة الملك، الآية: 4.
4- في باب طلاق الثلاث هن كتاب الطلاق ص 575 من الجزء الأول من صحيحه. وأخرجه البيهقي ص 336 من الجزء السابع من سننه، وأبو داود في كتاب الطلاق من السنن فراجع منه الحديث الأخير من باب نسخ المراجعة بعد الثلاث تطليقات.
5- في باب طلاق الثلاث من كتاب الطلاق من جزئه الأول.
6- راجع من كل من المستدرك وتلخيصه كتاب الطلاق ص 196 من الجزء الثاني فإن هذين الكتابين مطبوعان معاً وصحائفهما متحدة.
7- راجع من المسند ص 314من جزئه الأول.
8- كالبيهقي ص 336 من الجز، السابع من سننه، والقرطبي في الجزء الثالث ص 130 من تفسيره جازماً بصحته وغير هؤلاء من أمثالهم.
9- ذكره ابن اسحاق في ص 191 من الجزء الثاني من سيرته.
10- وقد نقله قاسم بك أمين المصري ص 172 من كتابه - تحرير المرأة -عن النسائي والقرطبي والزيلعي لكن بالاسناد الى ابن عباس، وربما دل هذا الحديث على فساد الطلاق الثلاث بالمرة لكونه لعبأ. وبذلك قال سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين، لكن الصواب أن اللعب انما هو في قول ثلاثاً فيلغي، وأما قوله أنت طالق يؤثر أثره لأنه جد لا لعب فيه.
11- فراجع منه آخر ص 346والتي بعدها.
12- سبحانك اللهم إذا صح للمجتهدين تغيير أمثال هذه الفتوى بتغيير الزمان حتى في هذه الفترة الوجيزة الكائنة بين خلافة الخليفتين، فعلى أحكام الكتاب والسنة ونصوصهما السلام. وي. وي. ما أفظ هذا الخطر إذا بنى المجتهدون على مثل هذه القاعدة التي ما أنزل الله بها من سلطان.
13- هذا مما لا دليل عليه، بل الأدلة قائمة على خلافه.
14- قل هاتوا برهانكم.
15- لم يكن في الزمن تغير ولا تغير الزمن يوجب تغير الحكم الشرعي المنصوص عليه في الكتاب والسنة وانما عمل ابن القيم به علمأ منه أنه حكم الله تعالى.
16- سبحاك الله ما هذا اللاعب.
17- بل عملاً بنص الكتاب وصريح السنة.
|
|
|
|
|