رواية عن تفاصيل الهجوم وجهات فلسطينيّة وإسرائيليّة تتّهم «حزب اللّه» بالمسؤوليّة.
هل بدأ مسلسل العمليات الأمنية والعسكرية التي تقع في سياق
تعهّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالقيام بها ردّاً على اغتيال "إسرائيل" القائد العسكري في الحزب الشهيد عماد مغنيّة؟
السؤال لا يعود فقط إلى حالة الإرباك التي سادت "إسرائيل"، لناحية تحديد هوية الجهة التي تقف خلف إرسال المقاوم الفلسطيني علاء هاشم، لتنفيذ عملية القدس الغربية الاستشهادية يوم الخميس، بل لكون الاستنفار الإسرائيلي يأخذ بعين الاعتبار أن العملية نجحت أمنياً قبل أن تنجح ميدانياً، وهي أصابت رمزاً يقصد به أشياء كثيرة، واستخدمت أسلوباً لا يحاكي العمليات التقليدية التي تقوم بها عادة قوى من المقاومة الفلسطينية. يضاف إلى ذلك ما تسرّب من معلومات عن تحقيقات سابقة أجرتها شرطة العدو وأجهزته الأمنية مع الشهيد نفسه، عن علاقات له مع منظمات من المقاومة الفلسطينية، وآخرها بشأن احتمال وجود علاقة بينه وبين جهات في حزب الله.
العنصر المعلوماتي الآخر يتصل بما سرّبته المصادر الأمنية في أجهزة السلطة الفلسطينية المتعاونة في التحقيقات مع الإسرائيليين، عن أن لديها من المعلومات ما يشير إلى تورط مباشر لحزب الله في العملية، وأنه قد يكون استعان بما سمّته هذه المصادر «خدمات جهات فلسطينية داخل المناطق وخارجها». لكن هذه المصادر رفضت الإشارة إلى حماس. إلا أنها حرصت على الحديث عن المقاوم السابق في حركة الجهاد الإسلامي محمد شحادة الذي داهمت قوات الاحتلال منزله مباشرة بعد اكتشاف هوية المقاوم الشهيد. وقالت المصادر الأمنية الفلسطينية إنه بات في الآونة الأخيرة متعاوناً مع حزب الله.
وفي بيروت، رفض حزب الله التعليق على كل هذه الأنباء، واكتفت وسائل الإعلام التابعة له بالإشارة تكراراً إلى البيان الصادر عن كتائب أحرار الجليل ـ مجموعات الشهيد عماد مغنية باعتبارها المسؤولة عن العملية، مع توضيحات لقيادات عسكرية من حماس تنفي إعلانها المسؤولية عن ذلك، علماً بأن المقاوم الشهيد من أسرة يميل معظم أفرادها إلى حركة حماس.
وبمراقبة التعامل الإسرائيلي الأمني والسياسي والإعلامي مع الحادثة، لوحظ أن تل أبيب انتقلت من مرحلة التشكيك في وجود منظمة اسمها كتائب أحرار الجليل إلى مرحلة الإشارة إلى صلة لحزب الله، من خلال الترويج للاحتمال بوصفه الأكثر واقعية، مع ملاحظة مسارعة قيادات عسكرية ومصادر إعلامية قريبة من المؤسسة العسكرية للحديث عن «جهوزية الجيش لمواجهة أي تصعيد ممكن على الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان كما مع غزة في الجنوب».
ونقلت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي عن مراسل عسكري أن المؤسسة الأمنية تبحث في احتمال أن يكون حزب الله هو من أرسل منفّذ العملية. وإذ بدا تقرير المراسل خالياً من أي تفاصيل، فإنّ القناة الأولى تحدثت عن أن منفّذ العملية «تحرك بتوجيهات خارجية، والاحتمال العالي هو أن هذه الجهة هي حزب الله». وأضافت القناة نقلاً عن مراسل للشؤون العربية قوله «هناك بصمة لحزب الله. وبصمات أصابع حزب الله في كل مكان، وهو يستطيع أن يحرك مجموعات في "إسرائيل" والمناطق الفلسطينية، ولديه خلايا هنا. وبالتساوق مع كلامه، ورد على شاشة القناة الآتي: «التقدير في "إسرائيل" أن حزب الله هو من أرسل المخرّب»، ثم سرعان ما ظهر مراسل الشؤون العربية في القناة الثانية، إيهود يعري ليقول إن «تشغيل المخرّب لم يكن من جانب منظمة موجودة هنا، بل من جانب إحدى المنظمات في الخارج، ومن الممكن أن تكون قيادتها في دمشق أو بالتنسيق مع حزب الله»... حتى بدا في لحظة واحدة أن هناك توجّهاً واضحاً لدى المؤسستين الأمنية والعسكرية في "إسرائيل" لتوجيه أصابع الاتهام إلى حزب الله. وفي هذا الإطار، تحدث مراسل الشؤون العسكرية في القناة العاشرة، ألون بن دافيد، المقرّب جداً من الجهات الأمنية والعسكرية عن «شعور غير مألوف موجود، فلسنا في وضع سهل على الجبهات الثلاث». وأضاف: «في غزة نحن في حرب معلنة ومكشوفة، وفي الوسط أيضا بوادر انتفاضة شعبية، ونحن بانتظار رد حزب الله الأكيد على اغتيال مغنية، ويجب أن نذكر أنه اغتيل على الأراضي السورية. لذلك فإن من المرجح أن يكون الرد منسقاً مع سوريا وكذلك مع إيران، وفي الجيش يجهّزون لكل شيء، وقد بقي لنا أسبوعان حتى تأتي الذكرى الأربعون لمغنية». أما المراسل العسكري للقناة الثانية روني دانيئيل فقال، نقلاً عن مصادر عسكرية دون أن يسميها، إن «التهديد الرئيسي هو من طرف إيران، وهناك توتر على الحدود الشمالية، وهناك أيضاًَ خشية من أن يحاول حزب الله إقفال الحساب في موضوع مغنية. ومع اقتراب ذكرى الأربعين، سوف يجري تشديد الاستنفار. وفي الخلاصة، فإن العام الجاري سيكون العام الأشد قسوة وتصعيداً من الناحية الأمنية. »