أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
"إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً"
و قد وردت هذه الآية الكريمة في هذا السياق:
" و قرن في بيتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى و أقمن الصلاة و آتين الزكاة و أطعن الله و رسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً " الأحزاب الآية 33
فبمن نزلت آية التطهير المباركة..؟
قال مولاي الإمام الحسن بن علي(ص)
عن أبي جميلة أن الحسن بن علي(ص) حين قتل علي(ص) استُخلف فبينا هو يصلي بالناس إذ وثب إليه رجل فطعنه بخنجر في وركه فتمرض منها أشهرا ثم قام فخطب على المنبر فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذين قال الله تعالى: { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا },فما زال يومئذ يتكلم حتى ما ترى في المسجد إلا باكيا.
رواه الطبراني ورجاله ثقات
و ننبه القراء الكرام أن هذا الحديث هو حديث مرفوع و ليس موقوفاً, بحسب القاعدة المعلومة.
"..معلومٌ عند العلماء أن قول الصحابي في أسباب النزول له حكم الحديث المرفوع إلى رسول الله r، لأنه شهد التنزيل"
مع ذلك ربما هذا الكلام لم يوضح للبعض جميع من نزلت بهم آية التطهير و الإمام الحسن بن علي(ص) أحدهم.. فمن هم جميعاً؟
قالت السيدة أم سلمة رضوان الله عليها (و التي نزلت الآية في بيتها كما هو معلوم)
حدثنا الحسين بن إسحاق ثنا عثمان ثنا جرير عن الأعمش عن جعفر بن عبد الرحمن عن حكيم بن سعد عن أم سلمة قالت: هذه الآية: { يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } في رسول الله صلى الله عليه (و آله) و سلم و علي و فاطمة و الحسن و الحسين.
المعجم الكبير للطبراني
رجال الحديث (و نبدأ من آخر السند أي ممن أخذ عن أم سلمة رضوان الله عليها)
1.حكيم بن سعد أبو تحيى ثقة
2.جعفر بن عبد الرحمن الأنصاري أبو عبد الرحمن من شيوخ الأعمش و هو ثقة.
3.الأعمش: هو سليمان بن مهران أبو محمد ثقة يحتج به و له أحاديث في البخاري.
4.جرير: هو جرير بن عبد الحميد بن قرط ممن سمع الأعمش و روى عنه, ثقة يحتج به و له أحاديث في البخاري.
5.عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان أبو الحسن و يلقب (ابن أبي شيبة) العبسي الكوفي المنزل توفي سنة 239 هجرية و طريقه في البخاري عن جرير و عبدة و طلحة و غيرهم. و له مصنف يسمى بمصنف ابن أبي شيبة.
عثمان هذا ثقة حجة و هو من شيوخ كل من البخاري, مسلم, أبو داود, ابن ماجة, أحمد , و الدرامي.
6.الحسين بن إسحاق "التستري الدقيقي": من شيوخ الطبراني. و قد حدّث عنه قرابة ألف حديث في معجمه الكبير و هو من شيوخ الحفاظ و ثقة مشهور, و كان رحالة في طلب الحديث.
الحديث صحيح و رجاله غاية في الوثاقة
و هو حديث مرفوع للقاعدة التي أوردناها آنفاً..
*طريق آخر شبيه:
حدثنا فهد ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن جعفر بن عبد الرحمن البجلي ، عن حكيم بن سعد ، عن أم سلمة قالت : « نزلت هذه الآية في رسول الله صلى الله (و آله) عليه وسلم و علي ، و فاطمة ، و حسن ، و حسين عليهم السلام ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)).
بيان مشكل الآثار للإمام الطحاوي
الفارق هو في أول رجال السند أي "فهد" بدلاً من "الحسين بن إسحاق" الذي ورد آنفاً. و فهد ممن يأخذ الإمام الطحاوي و يعتمد عليه.
طبعاً من نافل القول أن الإمام الطحاوي بعد إيراده هذا الحديث و غيره يتبنى و يثبت أن المقصودين هم:
مولاي الأعظم الرسول الخاتم محمد(ص)
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ص)
السيدة الزكية فاطمة الزهراء(ص)
الإمام الحسن المجتبى السبط (ص)
الإمام الحسين الشهيد السبط (ص)
فهل من معترض..
الحمد لله على نعمة الولاية
و آخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين و صلى الله على رسوله و الأئمة الميامين من أهله و سلم تسليماً كثيراً.
عن عائشة قالت :
خرج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) غداة و عليه مِرْط [2] مرحّل [3] من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [4] .
2. عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) قال :
لما نزلت هذه الآية على النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [5] في بيت أم سلمة ، فدعا فاطمة و حسناً و حسيناً ، و علي خلف ظهره ، فجللهم بكساء ، ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً " .
قالت أم سلمة : و أنا معهم يا نبي الله ؟
قال : " أنت على مكانك و أنت على خير " [6] .
3. عن أم سلمة قالت :
في بيتي نزلت : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ... ﴾ [7] فأرسل رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال : " هؤلاء أهل بيتي " [8] .
نعم لقد صرّح الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) بمقصوده من أهل البيت و بيّن ذلك حيث قال : " إن لكلِّ نبيِ أهلاً و ثِقْلاً ، و هؤلاء يعني علياً و فاطمة و الحسن و الحسين أهل بيتي و ثِقْلي " [9] .
و قال ( صلَّى الله عليه و آله ) : " مَن كان له من أنبياءِ ثِقْل فعَليّ و فاطمة و الحسن و الحسين أهل بيتي و ثِقْلي " [10] .
هذا و تدل الأحاديث الواردة في تفسير آية المباهلة [11] و آية المودة [12] ، و آية التطهير ، و كذلك حديث الثقلين [13] و غيرها من الأحاديث الصريحة و الصحيحة المروية عن النبي الأكرم ( صلَّى الله عليه و آله ) على أن المراد من " أهل البيت " هم المذكورة أسماءهم آنفاً [14] .
[1] آية التطهير هي قول الله تعالى : ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ ( القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 ) .[2] المِرْط : كساء من صوف أو خزّ أو كتان يؤتزر به .[3] مُرَحَّل : ضرب من بُرُود اليمن .[4] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .[5] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .[6] صحيح الترمذي ( كتاب تفسير القران ) : 5 / 351 ، حديث : 3105 . و أخرجه في (كتاب المناقب باب مناقب أهل البيت ) : 5 /663 ، حديث : 3787 / طبعة : بيروت / لبنان .[7] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .[8] الحاكم النيسابوري : المستدرك على الصحيحين (كتاب معرفة الصحابة : 3/146 ، و قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط البخاري و لم يخرجاه / طبعة : بيروت / لبنان .[9] مجمع البحرين : 5 / 330 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .[10] مجمع البحرين : 5 / 331 .[11] آية المباهلة هي قول الله عز و جل : ﴿ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ ( القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 61 ، الصفحة : 57 ) .[12] آية المودة هي قول الله تعالى : ﴿ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ ( القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 486 ) .[13] يُعَدُّ الحديث المشهور بالثقلين من جملة أهم الأحاديث المتواترة المروية عن النبي المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) و من أصحها سنداً .
و لقد أدلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بهذا الحديث بصيغٍ متفاوته و في مواطن عدة و مناسبات شتى .
جاء في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال : قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خُماً بين مكة و المدينة ، فحمد الله تعالى و أثنى عليه ، و وعظ و ذكَّر ، ثم قال :
" أما بعد ، ألا أيها الناس ، فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، و أنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور ، فخذوا بكتاب الله و استمسكوا به " فحث على كتاب الله و رغَّبَ فيه ، ثم قال :
" و أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي " يراجع : ( صحيح مسلم : 4/1873 ، برقم 2408 ، طبعة عبد الباقي ، و أيضا طبعة : دار احياء التراث العربي ، و دار القلم ، بيروت / لبنان ) .