السلام عليكم.
حياك الله بالنسبة للمسألة الأولى وهي مسألة الأنبياء وصلاتهم ورد الله عز وجل الروح إليهم فهذه مسألة تحتاج إلى شرح يطول وسأختصر المسألة هنا وبالله التوفيق.
من ثمرات تلك الحياة البرزخية صلاتهم في قبورهم صلاة حقيقية ليست خيالية ولا مثالية ، وقد جاءت أحاديث في هذا الموضوع ، فمنها : عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
((الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون)) ..
رواه أبو يعلى والبزار ورجال أبي يعلى ثقات ، كذا في مجمع الزوائد (ج8 ص211) ، قال الإمام الحافظ البيهقي في الجزء الخاص بهذه المسألة .
وفي رواية عن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
((إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ، ولكنهم يصلون بين يدي الله تعالى حتى ينفخ في الصور)) ..
قال البيهقي : إن صح بهذا اللفظ فالمراد به – والله أعلم – لا يتركون لا يصلون إلا هذا المقدار ، ثم يكونون مصلين بين يدي الله تعالى ، قال البيهقي : ولحياة الأنبياء بعد موتهم شواهد من الأحاديث الصحيحة .
ثم ذكر البيهقي بأسانيده حديث :
((مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره)) ..
وحديث :
((قد رأيتني في جماعة من الأنبياء ، فإذا موسى قائم يصلي وإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود الثقفي ، وإذا إبراهيم قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم – يعني نفسه – فحانت الصلاة فأممتهم فلما فرغت من الصلاة قال قائل لي : يا محمد ! هذا مالك صاحب النار فسلم عليه ، فالتفت إليه فبدأني بالسلام)) .
قلت : أخرجه مسلم عن أنس (ج2 ص268) ، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (ج3 ص577) .
وقوله : ضرب ، أي خفيف اللحم الممشوق المستدق .
وقال البيهقي في دلائل النبوة : وفي الحديث الصحيح عن سليمان التيمي وثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
((أتيت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره)) ..
قلت : وهو صحيح أخرجه مسلم (ج2 ص268) .
وقد ثبت بما لا يقبل الشك أن السبب في تخفيف الصلاة علينا من خمسين إلى خمس صلوات هو موسى عليه السلام وهو ميت قد أدى رسالة ربه وانتقل إلى جواره في الرفيق الأعلى ولكنه هو السبب في إيصال أعظم خير إلى الأمة المحمدية حينما طلب من نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مراجعة ربه وقال له : سل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فهل هذه المراجعة حقيقية أو خيالية وهل في اليقظة أو في المنام وهل هي صحيحة أم مكذوبة وهل موسى مات أم لا يزال حياً حتى وقت تلك المراجعة ؟
أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما :
((أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر على ثنية فقال : ما هذه ؟ قالوا : ثنية كذا وكذا ، قال : كأني أنظر إلى يونس على ناقة خطامها ليف وعليه جبة من صوف وهو يقول : لبيك اللهم لبيك)) .. اهـ . الدر المنثور (ج4 ص334) .
وفي حديث آخر :
((أراني ليلة عند الكعبة فرأيت رجلاً آدم كأحسن ما أنت راء من الرجال من آدم الرجال ، له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها فهي تقطر ماء متكئاً على رجلين أو على عواتق رجلين يطوف بالبيت فسألت من هذا ؟ فقيل : هذا المسيح ابن مريم)) ..
وفي حديث آخر :
((إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر بوادي الأزرق ، فقال : كأني أنظر إلى موسى هابطاً من الثنية ، وله جؤار إلى الله بالتلبية ثم أتى على ثنية هرشي فقال : كأني أنظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء جعدة عليه جبة من صوف خطام ناقته خلبة وهو يلبي)) ..
وفي حديث آخر :
((كأني أنظر إلى موسى واضعاً اصبعيه في أذنيه)) ..
وهذه الأحاديث كلها في الصحيح وقد تقدم في موسى وعيسى ، وكذلك صلاتهم قياماً وإمامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم ، ولا يقال : إن ذلك رؤيا منام ، وإن قوله أراني فيه إشارة إلى النوم لأن الإسراء وما اتفق فيه كان يقظة على الصحيح الذي عليه جمهور السلف والخلف ، ولو قيل بأنه نوم فرؤيا الأنبياء حق ، وقوله : أراني لا دلالة فيه على المنام بدليل قوله : رأيتني في الحجر ، وكان ذلك في اليقظة كما يدل عليه بقية الكلام .
بقـاء أجـسـادهم :
جاء في الحديث عن أوس بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
((أفضل أيامكم الجمعة فيه خلق آدم ، وفيه قبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة عليَّ ، قالوا : وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت – يقولون بليت – فقال : إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)) ..
هذا الحديث أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد في مسنده وابن عاصم في الصلاة له وأبو داود والنسائي وابن ماجه في سننهم والطبراني في معجمه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم في صحاحهم والبيهقي في حياة الأنبياء وشعب الإيمان وغيرهما من تصانيفه .
واعلم بأن حديث: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء . ورد من طرق كثيرة جمعها الحافظ المنذري في جزء مخصوص وقال في الترغيب والترهيب رواه ابن ماجه بإسناد جيد ورواه أحمد وأبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه ، وقال ابن القيم في كتاب الروح نقلاً عن أبي عبد الله القرطبي : صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم اجتمع مع الأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس ، وفي السماء خصوصاً موسى وقد أخبر :
((ما من مسلم يسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام)) ..
إلى غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أنهم غيبوا عنا بحيث لا ندركهم وإن كانوا موجودين أحياء ، وذلك كالحال في الملائكة فإنهم أحياء موجودون ولا نراهم ، وقد نقل كلام القرطبي وأقره أيضاً الشيخ محمد السفاريني الحنبلي في شرح عقيدة أهل السنة ونصه : قال أبو عبد الله القرطبي : قال شيخنا أحمد بن عمر القرطبي صاحب المفهم في شرح مسلم : والذي يزيح هذا الإشكال أن الموت ليس بعدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حال ويدل على ذلك أن الشهداء بعد موتهم وقتلهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين .
أقول هنا دلالة على عدم إستجابتهم لدعاء وإستغاثة الناس لهم لأنه قال صلى الله عليه وسلم (عندما يسلم علي أحد يرد الله روحي )أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم عند السلام.
وهذه صفة الأحياء في الدنيا ، وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء بذلك أحق وأولى . وذكر القرطبي أن أجساد الشهداء لا تبلى ، وقد صح عن جابر أن أباه وعمرو بن الجموح رضي الله تعالى عنهم وهما ممن استشهدا بأحد ودفنا في قبر واحد حفر السيل قبرهما فوجدا لم يتغيرا ، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك ، فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت وكان بين ذلك وبين أحد ست وأربعون سنة ، ولما أجرى معاوية العين التي استنبطها بالمدينة وذلك بعد أحد بنحو من خمسين سنة ، ونقل الموتى أصابت المسحاة قدم حمزة رضي الله عنه فسال منه الدم ووجد عبد الله بن حرام كأنما دفن بالأمس ، وروى كافة أهل المدينة أن جدار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما انهدم أيام الوليد بدت لهم قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان قد قتل شهيداً .
وقد ذكر الشيخ ابن تيمية أنه لما حصل الهدم بدت لهم قدم بساق وركبة ففزع من ذلك عمر بن عبد العزيز فأتاه عروة ، فقال : هذه ساق عمر وركبته فسرى عن عمر بن عبد العزيز . اهـ (اقتضاء الصراط المستقيم 365) .
وقد ألف في هذا الموضوع الإمام الحجة أبو بكر بن الحسين البيهقي رسالة خاصة جمع فيها جملة من الأحاديث التي تدل على حياة الأنبياء وبقاء أجسادهم ، وكذلك ألف الحافظ جلال الدين السيوطي رسالة خاصة بذلك .
هذا واضح الآن أعتقد في هذا الرد نأتي الأن أخي النجف الأشرف لأبين من كتبكم مايناقض ماتقول بسم الله أبدأ.
يروي الكليني عن بعض الرواة قالوا: قال: إذا أحزنك أمر فقل في سجودك " يا جبريل يا محمد – تكرر ذلك – اكفياني ما أنا فيه فإنكما كافيان، واحفظاني بإذن الله فإنكما حافظان" (الكافي 2/406 كتاب الدعاء – باب الدعاء للكرب والهم والحزن).
وناقضه المجلسي فقال « ما سجدت به من جوارحك لله تعالى فلا تدعوا مع الله أحدا» (بحار الأنوار73/62).
وروى عن علي بن موسى « فلا تشركوا معه غيره في سجودكم عليها» (بحار الأنوار81/197).
إدعاء علم الغيب للأئمة:
أولا: عن أبي عبد الله قال « والله لقد أعطينا علم الأولين والآخرين. فقيل له: أعندك علم الغيب؟ فقال له: ويحك! إني لأعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء» (بحار الأنوار26/27).
ثانيا: وقال المفيد » إن الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وسلم يعرفون ضمائر بعض العباد، ويعرفون ما يكون قبل كونه« (شرح عقائد الصدوق 239).
ثالثا: عن أبي جعفر قال » إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق« (الكافي 1/363 كتاب الحجة. باب في معرفتهم وأوليائهم والتفويض إليهم).
رابعا: وبوب الصفار بابا بعنوان: باب أن الأئمة يعرفون الإضمار وحديث النفس قبل أن يُخبَروا كما هو مبوب هكذا عند الصفار» (بصائر الدرجات 255). ووضع تحت الباب أحاديث منها:
عن عمران بن يزيد وخالد بن نجيح أنهما أضمرا في أنفسهما شيئا ليسألا به أبا عبد الله فعرف أبو عبد الله ما في أنفسهم من غير أن يخبراه عمران به. (161 - 255).
تناقض حول علم الأئمة بالغيب:
وسأل يحيى بن عبد الله لجعفر الصادق « يقولون: إنهم يزعمون أنك تعلم الغيب، قال: سبحان الله. ضع يدك على رأسي، فوالله ما بقيت شعرة في جسدي إلا قامت. ثم قال: لا والله إلا رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم » (رجال الكشي192 بحار الأنوار26/102 الأمالي23).
أعتقد هذا يكفي.
المسألة الثانية:
أريد مصدر من عندنا كما تقول على أن زيارة النساء سنة.
المسألة الثالثة:
حديث البخاري في الأدب المفرد فإليك هذا الكلام عله يصل إلى ذهنك وذهن الإخوة المطلعين معنا :
حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبدالرحمن بن سعد قال: "خدرت رجل ابن عمر، فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك، فقال: محمد".
رواه البخاري في (الأدب المفرد).
1) قلت: أبو إسحاق السبيعي مدلّس وقد عنعنه.
قال بتدليسه: النّسائي، وابن حبان، كما أنه أُورِد في: (طبقات المدلّسين)، و(التبيين لأسماء المدلّسين)، وغيرها.
ويجبُ ملاحظة أن السبيعيّ اختلط بآخره، فليتنبّه لذلك من أراد النظر في رواية الأثر عن ابن عبّاس.
2) ضعّف العلامة الألباني -رحمه الله- الحديثَ في (ضعيف الأدب المفرد) برقم (964)، وتكلّم عليه في (تخريج الكلم والطيّب).
3) لو قلنا بأن الأثر صحيحٌ، حيث أنّ أحداً لم يصرّح بتدليس السبيعي في هذا الحديث بالذات، فإنه ليس فيه دليل على مطلب القائلين بجواز دعاء النبي الكريم بعد وفاته، لأنّ فعل ابن عمر هذا كان من قبيل العادات العربية وقتئذٍ، وليست له خلفيّة شرعيّة.
فقد كان من عادات العرب قبل الإسلام وبعده أنه إذا خدرت رِجل أحدهم أن يذكرَ اسم شخصٍ يحبّه حتى يزول الخدر، ظانّين أنّ ذلك نوع من العلاج يساعد في سريان الدم إلى الرجل المخدورة.
من ذلك قول الشاعر: رُبَّ مُحبٍ إذا ما رجله خدرت *** نادى كُبيْشة حتى يذهب الخدرُ
وقول أخر: أما تجزيَن من أيام مَرْء *** إذا خدرت له رجل دعاكَ؟
وقال ثالث: أَثيبي هائماً كَلِفاً مُعَنّى *** إذا خدرت له رجلٌ دَعاكِ
وفِعْل ابن عمر هو من هذا القبيل، من العادات المحضة، وليس من المشروع في نفسه.
فإن قال قائل: ما كان البخاري ليذكرَ الأثرَ في (الأدب المفرد) لولا دلالةً شرعيةً رآها فيه؟.
قلت: ليس كذلك، فإن البخاري (رحمه الله) أورد أحاديث كثيرة في (الأدب المفرد) من قبيل ذكر العادات الحسنة والآداب الرفيعة، مما ليس مشروعاً في نفسه.
من ذلك تبويبه بـ: (باب الرجل يكون في القوم فيبزق)، و(باب من أدلى رجليه إلى البئر إذا جلس وكشف عن الساقين)، و(باب الجلوس على السرير).
وهذه كلّها عادات وآداب وسلوكيّات لا أكثر.
4) ثمّ لو قلنا تجاوزاً أن فِعلَ ذلك مشروعٌ، فإنه ليس فيه الدلالة التي ترجوها ، لأنه يُحمل على أن ذكر الحبيب عند خدران الرجل هو من باب التداوي بالمشروع، أي أن النبي الكريم علّم ابن عمر وسيلةً للتداوي في حالة خدران الرجل.
فيكون المشروع حينئذٍ هو التداوي بذكر الحبيب، وليس دعاء الغائب والتوسّل به وطلب الغوث والمدد والإعانة منه.
وفي هذا ردٌّ على كل ممن يستدلّون بهذا الحديث على جواز الإستعانة بالأولياء والصالحين.
والله أعلم.
أما حديث:
الطبراني - المعجم الكبير - باب الفاء
19519 - حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة ، ثنا روح بن صلاح ، ثنا سفيان الثوري ، عن عاصم الأحول ، عن أنس بن مالك ، قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب ، دخل عليها رسول الله (ص) : فجلس عند رأسها فقال : رحمك الله يا أمي ، كنت أمي بعد أمي ، وتشبعيني وتعرين ، وتكسيني ، وتمنعين نفسك طيبا ، وتطعميني تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة ، ثم أمر أن تغسل ثلاثا ، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله (ص) بيده ، ثم خلع رسول الله (ص) قميصه فألبسها إياه وكفنها ببرد فوقه ، ثم دعا رسول الله (ص) أسامة بن زيد ، وأبا أيوب الأنصاري ، وعمر بن الخطاب ، وغلاما أسود يحفرون فحفروا قبرها فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله (ص) بيده ، وأخرج ترابه بيده ، فلما فرغ دخل رسول الله (ص) : فاضطجع فيه ، ثم قال : الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ، ولقنها حجتها ، ووسع عليها مدخلها ، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين وكبر عليها أربعا ، وأدخلوها اللحد هو والعباس ، وأبو بكر الصديق ( ر ).
فهذا حديثُ غريب من من حديث عاصم والثوري لم نكتبه إلا من حديث روح بن صلاح تفرد به - المحدث: أبو نعيم - المصدر: حلية الأولياء - الصفحة أو الرقم: 3/143
فالغريب والفرد في الاصطلاح يطلقان على تفرد الراوي، على تفرد الراوي، سواء بسند، أو ببعض سند، أو بمتن، أو ببعض متن، كل هذا يسمى غريبا، ويسمى تفردا أو فردا.
لكن ذكر الحافظ ابن حجر أن الفرد غالبا ما يطلق على الفرد المطلق، وهو الذي يكون التفرد فيه ناشئا من قبل التابعي، ولو امتد إلى من دونه، يعني: إذا تفرد تابعي عن صحابي بحديث، ولم يروِ هذا الحديث عن الصحابي إلا هذا التابعي، فهو يسمى فردا مطلقا، وغالبا إذا أطلقوا الفرد ينصرف إلى هذا، إذا قالوا: حديث فرد، فالغالب أنه ينصرف إلى هذا، يعني: يكون هذا الحديث رواه صحابي، وتفرد بالرواية عنه راوٍ واحد، وتفرد بالرواية عنه راوٍ واحد.
وهذا التفرد قد يمتد إلى من دون التابعي، فيمثلون لهذا بحديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أنه -صلى الله عليه وسلم- (نهى عن بيع الولاء وهبته) .
فعبد الله بن دينار تابعي تفرد بهذا الحديث عن ابن عمر، لم يشاركه أحد في هذه الرواية، لم يشاركه أحد في رواية الحديث عن ابن عمر، لكن رواه عن عبد الله بن دينار جماعة من العلماء.
فهو يعتبر فردا مطلقا لتفرد عبد الله بن دينار به عن ابن عمر -رضي الله عنه-، فهذا تفرد في أصل الإسناد، يقصدون أصل الإسناد التابعي الذي يروي عن الصحابي.
وأحيانا يمتد هذا التفرد، مثل الحديث المشهور، حديث: (إنما الأعمال بالنيات) هذا يرويه عمر، ويرويه عن عمر علقمة بن وقاص، فعلقمة بن وقاص روايته عن عمر هذه تسمى فردا، أو فردا مطلقا، أقول: هذه هو التفرد المطلق هكذا.
لكن هذا التفرد -أيضا- امتد، فامتداده لا يضر، فرواه عن علقمة التيمي، محمد بن إبراهيم التيمي، ورواه عن التيمي يحيى بن سعيد، ومن بعد يحيى بن سعيد اشتهر هذا الحديث، وأما من قبل يحيى بن سعيد فما فوقه هذا يعتبر فردا، يعتبر فردا، فالفرد هنا، التفرد امتد إلى من دون التابعي.
وكذلك حديث أنس -رضي الله عنه-، عنه -صلى الله وسلم- ( أنه دخل مكة وعلى رأسه المغفر )
هذا حديث رواه الزهري عن أنس -رضي الله عنه-، ولم يشارك الزهري أحد من التابعين في هذه الرواية، ما أحد من التابعين رواه عن أنس، ما رواه إلا الزهري، وما رواه عن الزهري إلا مالك بن أنس -رضي الله عنه-، فهذا يعتبر فردا مطلقا؛ لتفرد الزهري به عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- وامتد هذا التفرد إلى الراوي عن الزهري، وهو مالك بن أنس -رضي الله تعالى عنه.
فصار التفرد، أو الفرد إذا أطلق غالبا، هذا في غالب الاستعمال ينصرف إلى الفرد المطلق، وأما الغريب فهو ينصرف إلى الفرد النسبي، وهو الذي تكون فرديته منسوبة إلى شيء معين، تفرد به عن فلان، لم يروه ثقة إلا فلان، تفرد به أهل البلد الفلاني، هذا كله تفرد نسبي، غالبا ما إذا أطلق كلمة غريب، غالبا ما تتوجه إلى هذا الفرد النسبي.
فهو عند الحافظ ابن حجر -رحمه الله- إنما هو من حيث الاستعمال، إنما هو من حيث كثرة الاستعمال وقلته، هذا في الاسم، يعني: كلمة الفرق كلمة الغريب.
أما من حيث الفعل؛ تفرد به فلان، أو أغرب به فلان، فكلاهما بمعنى واحدن لكن الأكثر في استعمال أهل الحديث "تفرد به فلان" أو "لم يروه إلا فلان" أو "لا نعلم رواه إلا فلان" هذا هو الأكثر لاستعمال أهل.
وكلمة "أغرب به" هذه استعملها مثل الإمام الدارقطني في "العلل" واستعملها أيضا الخطيب في "التاريخ" وغيرهم الجماعة استعملوا هذه اللفظة، فهي لفظة أقل من لفظة "تفرد به" أقل من لفظة "تفرد به".
هذا من حيث الفعل، أما من حيث الاسم كما تقدم.
لكن السخاوي -رضي الله عنه- في توضيح الأظهر، ذكر أن هناك -يعني- صورة من الصور يصح، أو يطلق عليها تفردا، ولا يطلق عليها غريبا، وهي إذا تفرد بالحديث أهل بلد عن راوٍ، فإن هذا يسمى تفردا، ولا يسمى غريبا.
فإذا كان عندنا -مثلا- أنس بن مالك روى عنه أهل البصرة -مثل قتادة وثابت وغيرهم- حديثا، تفردوا به، لم يروه عن أنس أحد غير أهل البصرة، هذا لا يسمى غريبا، وإنما يسمى فردا، يسمى فردا ولا يسمى غريبا.
وهذا دائما يطلقه أهل العلم، "تفرد به أهل كذا عن فلان" تفرد به أهل كذا عن التابعي أو الصحابي أو الراوي الفلاني، فهم يطلقون لفظ التفرد.
إذن فالصورة التي يختلف فيها ويتميز فيها الفرد عن الغريب هو في رواية أهل البلد عن راوٍ إذا تعدد أهل البلد في الرواية، إذا كان أهل البلد اثنين فأكثر، ورووا عن راوٍ، وتفردوا بالرواية عنه، فإن هذا الحديث يسمى فردا، ولا يسمى غريبا، يسمى فردا ولا يسمى غريبا.
وعليه يكون كل غريب فهو فرد، وليس كل فرد غريبا؛ لأن هؤلاء الذين يتفردون من أهل البلد عن الراوي بهذا الحديث هو جماعة لا يطلق عليهم غريبا، وإنما يطلق عليهم على روايتهم تفردا، وإنما يطلق على روايتهم أنها من باب التفرد لا من باب الغرابة، والمعنى المتقارب.
والذي يدلنا على أن الغرابة والتفرد معناهما واحد، ما وقع في كلام الترمذي -رحمه الله- فإنه لما خَرَّج حديثا للوليد بن مسلم، قال: غريب من حديث الوليد بن مسلم، رواه رجل واحد من أصحاب الوليد، يعني به: الوليد بن شجاع.
فهو قال: هو شيء غريب، ثم قال: رواه رجل واحد. رواه رجل واحد هذا هو التفرد، وأطلق الاصطلاح الأول كلمة غريب، فدل على أن الغرابة معناها التفرد، وأن الغريب والفرد اسمان لحقيقة واحدة.
ثم ذكر المؤلف أن الغرابة تارة ترجع إلى المتن، وتارة ترجع إلى السند، أما رجوع الغرابة إلى المتن فتارة يكون المتن غريبا بكله، يعني: يكون المتن كله غريبا، وتارة يكون بعض المتن غريبا وبعضه ليس بغريب.
ومعنى "أن يكون المتن غريبا" يعني: أن هذا المتن لا يرويه إلا راو واحد، لا يرويه إلا راوٍ واحد فقط، فهذا يسمى متنا غريبا.
والمتن الغريب، المتن إذا كان غريبا فإنه لا بد أن يكون إسناده غريبا، لا بد أن يكون إسناده غريبا؛ لأنه لو كان له أسانيد، أو لو كان المتن مشتهرا للزم منه تعدد الأسانيد.
ولهذا قرر الحافظ ابن الصلاح أنه لا يوجد متن غريب إلا وإسناده غريب؛ لأن لو كان المتن مشتهرا للزم منه تعدد الأسانيد، وزالت غرابة الإسناد، وزالت الغرابة، وهي مطلق التفرد.
وهذا له مثال سبق لنا في مبحث الشاذ، فالشاذ سبق لنا أنه تفرد، يطلق على التفرد الضعيف، والمنكر كذلك يطلق على التفرد الضعيف.
فسبق لنا حديث أبي زكير عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: ( كلوا البلح بالتمر ) هذا الحديث غريب، هذا الحديث حديث غريب في متنه، وتفرد به أبو زكير، تفرد بهذا الإسناد أبو زكير، والمتن لا يعرف إلا من حديث أبي زكير. فهذا متن غريب.
ومثله حديث حماد بن سلمة، عن أبي العشراء، عن أبيه ( لما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أما تكون الذكاة إلا في اللبة والحلق؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك ) .
هذا الحديث لا يُعْرَف إلا من حديث أبي العشراء عن أبيه، لا يعرف إلا بهذا الإسناد، تفرد به حماد، عن أبي العشراء، عن أبيه.
فهذا المتن لا يرد إلا بهذا الإسناد، كما أن هذا الإسناد لا يُعْرَف إلا بهذا المتن، فهذا إسناده غريب، ومتنه غريب.
والله أعلى وأعلم.
نأتي الآن للأيات التي ذكرتها في سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام:
( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربّنا تقبّل منّا إنّك أنت السميع العليم * ربّنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذرّيّتنا أُمّة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم } (البقرة/127 ـ 128).
وهنا يتوسل نبي الله ابراهيم ربه بعماله الصالحه
أقول أين هنا عمل سيدنا إبراهيم الصالح الذي ذكره هدانا الله وإياك للحق؟؟؟؟؟؟!!!!!.
قوله سبحانه: { الذين يقولون ربّنا إنّنا آمنّا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار } (آل عمران/169).
وهنا كذلك ايضا توسل الصالحين بعمالهم الصالحه
وهنا كثير من المسلمين مؤمنين وعلى رأسهم الأنبياء فالتوسل بعملك الصالح لنفسك حتى تري الله ماتحب فالله تعالى يحب الأعمال الصالحة وهو طيب لايقبل إلا طيباً.
لكن قلي بالله هل يستطيع الميت أن يتوسل بعمل لم يقم به أو بعمل قام به وهو ميت أم أهله وولده الصالح وإبنته الصالحة ستدعو له بأعماله الصالحة قال تعالى ((يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ(13)إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)) سورة فاطر آية 14
وهذا الشاهد والدليل أنهم لايسمعون ولايستجيبون لم أقله أنا بل قاله الحكيم الخبير من فوقِ سبعِ سماوت.
والله تعالى هو أعلى وأحكم وأعلم.