إن الناس، بل جميع الناس، معَرَّضون للفشل كل ساعة منساعات
حياتهم
سواء كان ذلك أثناء سنين دراستهم، أو في مجال أعمالهم اليومية،
أو ضمنإطار حياتهم العائلية
*******
لا يمكن أن يمريوم دون أن يعاني أحدنا تجربة فاشلة كبرت أو
صغرت
وتترواح درجة الفشل وأهميته..
فهناك الفشل الطفيف المؤقت،
كأن تخسر لعبة من الألعاب مع زميلك،
أو تيأس من إقناعصاحبك بوجهة نظرك،
لكن هناك الفشل الأهم،
كأن تتنحى من منصب ترغبه،
أو تضيع صفقةتجارية تنتظر منها الربح..
وهناك النكبات التي تفرق بين زوج وزوجه أو أب وابنه..
*******
ومهما اختلفتأسباب الفشل ودرجته فمما لا شكل فيه أنه مصدر
الكآبة والقنوط والحزن..
إلاأن ما يخفى على كثير من الناس أنه في ذات الوقت الحافز الذي
يدعونا للتطور نحوالأفضل،
والنبع الذي نستمد منه تجاربنا وحنكتنا..
ما يخفى على الناس هو كيف نستطيعأن نحول الفشل ـ كل مرة ـ
وبقليل من الوعي والتصميم إلى وجهة للنجاح والسعادة.
أول ما ينبغي لنا عمله حين نصاب بالفشل أن نعترف لأنفسنا أننا
فشلنا، ثملنتساءل: لماذا أصابنا الفشل؟
ولنبحث في جوابنا عن مسؤوليتنا نحن في وقوعالخطأ وسوء
التدبير، ولنتحاشى ـ ما استطعنا- ملامة الغير وتحميلهم المسؤولية
فذاكسبيل الضعفاء والجاهلين.
*******
قد يكشتف أحدناـ وهو يتحرى جاداً عن أسباب فشله ـ أن عمله لا
يتناسب مع طبيعته،
وأنه كان قداختاره لمسايرة أهله أو لظرف خاص، لا من رغبة
حقيقية منه فيه، في تلك الحالة يكونالفشل مناسبة صالحة للتفكير
بتغيير نوع العمل ما يلائم ميول الفرد وشخصيته..
وقد يكتشف آخر أن سبب فشله كان محاولاته الدائمة لإنجاز أكثر مما
تتحمله طاقتهمن المهمات،
ومن هذا القبيل فشل بعض الرجال في إسعاد أسرهم وأطفالهم نتيجة
أعمالهمالمتواصلة ليل نهار..
وهنا يغدو فشل المرء حافزاً لتنظيم مرافق حياته بحيث يقتنعبأقل
مما يجب من النجاح المهني في سبيل الحفاظ على واجباته العائلية
التي لا غنى لهعنها.
*******
وقد يكون سببالفشل إضاعته الوقت بتوافه الأمور،
أو نتيجة سوء التقدير والإدارة.
*******
إن أكثرنامصاب بعقدة الخوف من الفشل،
لأنه لم يتسن لنا ـ ونحن صغار ـ أن نتعلم «كيف الفشل»،كما لقّنا
«كيف ننجح»
فكم من أب أثنى على وظيفة ابنه المدرسية ـ وهو يعلم أنها سيئةـ
ليخفي عنه الشعور بالفشل،
وكم من أم لامت المعلمة والمدرسة لتحمي ابنتها منمواجهة
السبب الحقيقي لرسوبها في الامتحان
*******
هذا السلوك علمنا ـ منذالطفولة ـ أن نخفي عيوبنا عن أنفسنا،
ومنعنا من قدرة الاعتراف بفشلنا والتدرب علىكيفية الاستفادة
منه.
فالفشل معلم كبير..
وأكبر وأعظم من «النجاح»..
فالنجاحيعلمنا أن نعيد الكرة بالطريقة نفسها لنحرز النتائج نفسها،
أما الفشل فيعلمنا مايحسن تفاديه وما يمكن إصلاحه في
سلوكنا.
فالفارس الجيد ليس هو من لم يقع عن حصانهالبتة،
إنما الفارس لا يمكن أن يصير فارساً ممتازاً إلا بعد سقوطه..
عندها فقط يكونقد تغلب على الخوف من الوقوع،
وامتطى جواده على دربالكمال.