عضو برونزي
|
رقم العضوية : 22479
|
الإنتساب : Sep 2008
|
المشاركات : 1,407
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الجندي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 18-02-2009 الساعة : 12:07 AM
تتمة الموضوع
مناقشة الرواية الرابعة :
هذه الرواية كسابقاتها , لا تخبر عن سبب النزول , وإنما هي مجرد وجهة نظر واجتهاد ورأي , وهو خلاف ضابطة أسباب النزول , فالاستدلال بها على أنها إخبار عن سبب النزول مردود , لوجوه :
منها : ما قاله الحسن : ( هذه الآية صفة جميع المؤمنين ) .
ومنها : قوله : ( صفة للجماعة وليست للواحد ) , إذن فان الحسن بروايته هذه لم يخبرنا ما السبب الذي نزلت الآية من اجله , بل غاية ما اخبرنا به , هو رأيه واجتهاده بهذه الآية , وعليه فلا يصح الاستدلال بها .
مناقشة الرواية الخامسة :
1- جاء في هذه الرواية , إن عبد الله بن سلام شكى إلى رسول الله صلى الله عليه واله من قريظة والنضير كما إن عبادة بن الصامت شكى أيضا في الروايات التي نوقشت بنفس السبب إلا أنها في هذه الرواية السبب هو في عموم المؤمنين , والغريب أن هذه المرة قيل أن الآية نزلت في جميع المؤمنين ولم يقال إنها نزلت في عبد الله بن سلام .
2- عندما شكى عبد الله بن سلام إلى رسول الله صلى الله عليه واله , من قريظة والنضير بسبب المفارقة والهجر , قرأ عليه صلى الله عليه واله , الآية , فقال عبد الله بن سلام : ( رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء ) , فدعوى المخالف بالعموم يدفعها اعتراف الكلبي بقوله : (أن آخر الآية في علي بن أبي طالب رضوان الله عليه , لأنه أعطى خاتمه سائلا وهو راكع في الصلاة) .
أدلة القول الثالث
يستدل أصحاب هذا القول بروايتين , هما :
الرواية الأولى : جاء في تفسير القرطبي , قال : (( وقال ابن عباس : نزلت في أبي بكر , وقال في رواية أخرى : نزلت في علي بن أبي طالب ))[1]
الرواية الثانية : ما جاء عن ابن الجوزي في زاد المسير , حيث قال : ((والثالث : إنها نزلت في أبي بكر , قاله عكرمة ))[2]
مناقشة الروايتين من أدلة القول الثالث 1- في الرواية الأولى قال ابن عباس : نزلت في أبي بكر , وقال في رواية أخرى : نزلت في علي بن أبي طالب , وفيها : انه لا يوجد دليل على إن الآية نزلت مرتين .
2- إن هاتين الروايتين لم يشهد بنزولهما سوى ابن عباس وعكرمة , وان صحة الإخبار بان الآية – محل البحث- إنما نزلت في ابي بكر لو كان لنقل وتواتر , لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله وتواتره .
3- ومما يلفت النظر , قول ابن عباس وعكرمة من أن الآية نزلت في أبي بكر , وعلى فرض صحة هذا القول , لكن ما هو السبب الذي من اجله نزلت الآية في حقه ؟ فهذا مما لا ينسجم مع ما نحن فيه .
أضف إلى ذلك إن عكرمة مولى ابن عباس , كذاب خارجي يدين بمذهب الخوارج , وروي انه عند دفنه لم يتكامل من الرجال عدد يكفي حتى لحمل جنازته , في حين ظهر جمع كثير لتشييع جنازة (كثيّر) الشاعر في نفس اليوم , وهذا باعث تحقير لعكرمة حتى بعد وفاته , وسبب الامتناع عن تشييع جنازته يرجع إلى انه كان يدين بمذهب الخوارج , ومن اجل ذلك عاجلته منته في بيت صديق اختفى عنده أثناء مطاردة الحكومة إياه ,وعن ابن المسيب أنه قال لمولاه برد: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس [3] .
أدلة القول بنزول آية الولاية في علي ( عليه السلام )
والدليل على ذلك , الأخبار الكثيرة الحاكية لسبب نزول الآية بحق أمير المؤمنين (عليه السلام) , وتتميما للفائدة نجتزئ بذكر بعضا منها فذلك شوط واسع كما عرفت :
الرواية الأولى : جاء عن ابن كثير بسند ينتهي إلى ابن عباس قال : (( خرج رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد , وإذا مسكين يسأل , فدخل رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال : أعطاك احد شيئا ؟ قال : نعم , قال : من ؟ قال : ذاك الرجل القائم , قال على أي حال اعطاكه ؟ قال : وهو راكع , قال : وذلك علي بن ابي طالب , قال : فكبر رسول الله (صلى الله عليه واله) عند ذلك وهو يقول : { وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ } ))[4] .
الرواية الثانية : قال الطبراني : (( حدثنا محمد بن علي الصائغ , قال : حدثنا خالد بن يزيد العمري , قال : حدثنا إسحاق بن عبد الله بن محمد بن علي بن حسين , عن الحسين بن زيد , عن أبيه زيد بن الحسن ، عن جده , قال : سمعت عمار بن ياسر يقول : وقف على علي بن ابي طالب سائل وهو راكع في تطوع , فنزع خاتمه فأعطاه السائل , فأتى رسول الله (صلى الله عليه واله) فاعلمه ذلك , فنزلت على النبي (صلى الله عليه واله) هذه الآية : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } فقرأها رسول الله (صلى الله عليه واله) ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ))[5] .
الرواية الثالثة : قال السيوطي : (( اخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس , قال : تصدق عليّ بخاتمه وهو راكع , فقال النبي صلى الله عليه واله , للسائل : من أعطاك هذا الخاتم ؟ قال : ذاك الراكع , فانزل الله : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ }[6])) .
الرواية الرابعة : وقال السيوطي أيضا : (( اخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن سلمة بن كهيل , قال : تصدق عليّ بخاتمه وهو راكع , فنزلت { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ }[7])) .
ومما يؤيد صحة الاستدلال بهذه الروايات عدة وجوه :
منها : إن هذه الروايات لا تشوبها شائبة من حيث السببية .
ومنها : ما قاله ابن كثيرفي الرواية الأولى بعد إيراده الخبر : ( وهذا إسناد لا يقدح به )[8], وعليه فلا ينبغي التأمل في الاستدلال بها .
ومنها : إن المناط في هذه الروايات متحد , ولا غائلة فيه .
ومنها : إن المتأمل في هذه الروايات لا يجد اضطرابا في متنها ولا ارتباكا , وهو كاف في الاستدلال .
ومنها : بلوغها حدّ التواتر على ما نقلته نصوصهم الصريحة , وسنعرض لها فيما بعد إنشاء الله تعالى .
وأحب أن لا انتهي من هذا الموضوع حتى أنبهك إلى شيء آخر جدير بالنظر والتقدير , وهو اعترف جلال الدين السيوطي بان آية الولاية إنما نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام , في كتابه الموسوم (لباب النقول في أسباب النزول) وذلك في ذكر سبب نزول قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) , معززا اعترافه هذا بما ذكره في معرض كلامه عن مميزات كتابه المذكور وبما امتاز به عن كتاب أسباب النزول للواحدي , قائلا : (( الثالث : أشهر كتاب في هذا الفن الآن كتاب الواحدي , وكتابي هذا يتميز عليه بأمور :
منها : عزوه كل حديث إلى من خرجّه من أصحاب الكتب المعتبرة , كالكتب الستة والمستدرك , وصحيح ابن حبان , وسنن البهيقي والدار قطني , ومسانيد احمد والبزار وأبي يعلي , ومعاجم الطبراني , وتفاسير ابن جرير وابن ابي حاتم , وابن مردويه , وأبي الشيخ , وابن حبان والفريابي , وعبد الرزاق , وابن المنذر وغيرهم .
ومنها : تمييز الصحيح من غيره , والمقبول من المردود .
ومنها : الجمع بين الروايات المتعددة .
ومنها : تنحية ما ليس من أسباب النزول ))[9].
فهذا ما ذكره في مقدمة كتابه المزبور , وبعد ما عرّج على ذكر أسباب نزول الآيات , شرع بذكر سبب نزول قوله تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } فقال :
(( الآية رقم (55 ) قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)
أسباب نزول الآية :
اخرج الطبراني في الأوسط بسند فيه مجاهيل عن عمار بن ياسر قال : وقف على علي بن أبي طالب سائل وهو راكع في تطوع , فنزع خاتمه فأعطاه السائل فنزلت : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ َ) الآية , وله شاهد .
قال عبد الرزاق : حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد , عن أبيه , عن ابن عباس في قوله : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ َ) الآية .
قال : نزلت في علي بن أبي طالب .
وروى ابن مردويه من وجه أخر عن ابن عباس مثله .
واخرج أيضا عن علي مثله .
واخرج ابن جرير عن مجاهد , وابن أبي حاتم عن سلمه بن كهيل مثله . فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا ))[10].
لا يبقى للشك ظل بعد ما صرّح به السيوطي واقرّه صحيحا , فالمميزات التي ذكرها في مقدمة كتابه , ما هي إلا إلزام له وللمخالفين على صحة ما أورده في سبب نزول آية الولاية في حق أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) , حيث انه ميّز هذه الرواية لصحتها من غيرها بقوله : ( تمييز الصحيح من غيره) ، وجعلها من المقبول , وردّ ما دونها بقوله : (والمقبول من المردود) , وأكد على إيراده جميع الروايات المتعددة , فذكر الرواية التي بينت سبب نزول الآية في علي بن ابي طالب (عليه السلام) , بطرق متعددة , ولم يذكر ما يعارضها أو يخالفها , بقوله : (الجمع بين الروايات المتعددة) , والوجه الوجيه في كل هذا , انه قال : (تنحية ما ليس من أسباب النزول) , فبذكره هذه الميزة , اسقط جميع الروايات التي استدل بها أصحاب الأقوال الثلاثة التي مرّ ذكرها ومناقشتها .
ولا يغيبنّ عن بالك إن السيوطي لم يورد بخصوص سبب نزول الآية سوى هذه الرواية بطرقها المتعددة , وقد انتخبها بقوله : ( فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا ) , فلم يذكر إن الآية المعنية نزلت في عبادة بن الصامت ولا في عموم المؤمنين ولا في أبي بكر ولا في غيرهم , وقد خص ما نزل بعبادة بن الصامت صريحا .
فذلك ما قاله جلال الدين السيوطي في هذا المقام من كتابه الذي نوهنا إليه آنفا , ولعله فصل الخطاب في هذا الباب .
[1]- الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) , 6 : 221 .
[2]- زاد المسير , 2 : 292 .
[3] - انظر ميزان الاعتدال , 3 : 96 , وتاريخ دمشق , 41 : 122 .
[4] - تفسير ابن كثير ، 2 : 74 , أسباب نزول الآيات : 133 , شواهد التنزيل : 1 : 233 , زاد المسير : 2 : 292 .
[5]- المعجم الأوسط : 6 : 218 , مجمع الزوائد : 7 : 17 .
[6]- الدر المنثور , 2 : 293 , فتح القدير , 2 : 53 .
[7]- الدر المنثور , 2 : 293 .
[8]- تفسير ابن كثير , 2 : 74 .
[9]- لباب النقول في أسباب النزول , 10 .
[10] - المصدر السابق , 114 .
|