|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 27507
|
الإنتساب : Dec 2008
|
المشاركات : 37
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حيرني الدهر بحسين
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
الرجعة المعنوية
بتاريخ : 29-03-2009 الساعة : 04:01 PM
وإذا أردنا استعراض معاني الرجعة وجدنا لها:
أولاًً: انقساماً رئيسياً قلما يتعرض له المفكرون المسلمون وهو الرجعة المعنوية والرجعة الظاهرية أو المادية؟. أو قل الرجعة الأخروية والرجعة الدنيوية كما سنوضح.
أما الرجعة المعنوية: فإننا نعلم ـ وقد تم البرهان عليه في الفلسفة والحكمة العليا ـ بأن الأشياء كلها في تكامل وتنام مستمر، وإنها متوجهة باستمرار نحو الكمال المطلق. إلا أنها لا تصل إليه بذاته لأنه لامتناه وغير محدود، و إنما هي في سفر دائم نحوه بمقتضى الشوق المركوز في ذواتها للكمال، لا تختلف في ذلك الموجودات جميعاً كل من زاوية رتبته ومقدار قابليته وعمله.
لا يستثنى من ذلك شيء، إلا ما حصل دونه الموانع. فقد تحصل الموانع في التسبيب إلى إبطاء هذا السير الحثيث.
وقد تحصل الموانع في قطع الوصول بالمرة. وعندئذ قد يقف الفرد عن التكامل لسوء توفيقه وقبح عمله. أو قد يتكامل في الشر والسوء وزيادة الظلم والعتو والاستكبار.
وقد وجد بين السحرة وإضرابهم من يميل إلى العمل الجاد من أجل الوصول إلى عالم الظلام والشياطين, حيث يُعدّونه كمالاً لهم, لا عالم النور السامي الذي ينحو نحوه المعتدلون بفطرتهم من الخلق.
فإن ذلك اعوجاج في الفطرة, بعد حصول المانع عن إدراك حقيقتها, لسوء عمل الفرد وظلام نفسه.
إلا إننا لو حسبنا مجموع الكون بصفته متجهاً نحو الكمال لم نجد موارد المانع أمراً كثيراً، بل لعله لا يشكل إلا نسبة ضئيلةً جداً في الكون.
وهو ـ لو التفتنا ـ نافع بالتأكيد، وفي وجه الحكمة الحقيقية لتكامل الآخرين. لأن الأشياء إنما تعرف بأضدادها، فلا يمكن أن نعرف نعمة الأيمان إلا إذا عرفنا نقمة الكفر، ولا يمكن أن نعرف نعمة اليقين إلا إذا عرفنا نقمة الشك .. وهكذا.
وهذا هو التفسير الرئيسي لذلك القول الذي يفسر وجود الكفر والانحراف بالكون بأنه: فداءً للمؤمنين. يعني: اقتضت الحكمة الأزلية وجوده من اجل نفع المؤمنين، على أن لا ينقص ذلك من عذاب من يستحقه شيئاً؛ لأن سوء عواقبهم إنما هو نتيجة لعملهم وسوء تصرفهم واختيارهم الباطل على الحق.
ومن هنا يتضح مفهوم الرجعة المعنوية في التكامل والتي تعلق بها [وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ]القرآن الكريم. فقد ورد ست مرات قوله تعالى: إِلَى رَبِّكُمْ] ، [وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ]. وورد عشرات المرات بمضمون: .[تُرْجَعُونَ
[وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ]وقال: .
إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ]وقال: .[فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
وَأَنَّ] . و [إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى]وقال: . وغير ذلك. إلا إن الشواذ مشمولون لقوله تعالى:[إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ثُمَّ إِنَّ] ، وقوله: [إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ] ظَنُّوا أَنَّهُمْ] . وقد بَكّتَ القرآن الذين [مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ .[إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ
وهذه الرجعة مما لا مناص لكل المذاهب الإسلامية من الاعتراف بها لأنها مطابقة للقرآن الكريم المعترف به إسلامياً بالضرورة.
وهناك معنى أخر للرجعة ينص عله القرآن الكريم وهو رجوع الأموات للدنيا ليستأنفوا أعمالهم قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ]إن كانوا في حياتهم قد أفسدوها صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ . وحسب فهمي من الآية الكريمة إن[وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ لأن الله[كَلَّا... ]الأفراد يختلفون في ذلك فقد يكون استحقاق الفرد أن يقال له: بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا]تعالى يعلم انه لو رجع لأفسد في حياته كما كان يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ .[لَكَاذِبُونَ
فمن مصلحته أن تقل ذنوبه بكل تأكيد فعدم رجوعه أولى له.
وقد يكون الفرد في علم الله يحتوي في نفسه على أمل الصلاح والإصلاح. إذن فمن الحكمة إنما هي خاصة[كَلَّا... ]استجابة دعائه وإرجاعه إلى الدنيا. وتلك الآية التي تقول بمن لا يستحق. لان نفسه في حياته الأولى قد أظلمت وفسدت بحيث لا يمكن أن تنتج أو أن تختار إلا العمل الفاسد. ولعلنا ينبغي أن نعترف إن هؤلاء هم الأعم الأغلب ممن يتمنى الرجوع إلى الدنيا.
هذا وينبغي أن نلتفت إلى انه ليس كل الموتى يودون الرجوع إلى الدنيا فإن من رأى ثواب الله وحسن عطائه هناك لا يكون لهم هَمٌ إلا الوصول إليه والخروج من هذا السجن الضيق المسمى بالدنيا.
سٍجْنُ المؤمِن]فإنها كما ورد: وقد ورد بهذا المضمون المشار إليه عدة نصوص.[وَجَنَةُ الكافِر
منها, ما مضمونه: إن المؤمن لا يموت وهو كاره لأنه حين يكون في وقت الاحتضار يكشف الله سبحانه وتعالى له مقامه في الجنة فلا يكون أحب لديه شيء من الوصول إلى ذلك المقام. كما إن الفرد إذا كان مبتلى في الآخرة بالعذاب الشديد فقد يلهيه ما يعانيه من الألم عن تذكر الرجوع إلى الدنيا ليتمناه ويطلبه.
وعلى أي حال فهذا معنى آخر من الرجعة نطق به القرآن الكريم ولا ينبغي الاختلاف فيه.
و أما أسلوب رجوع هذا الميت إلى الدنيا إذا كان فيه أمل الصلاح والإصلاح ـ كما قلنا ـ فهو مما يختاره الله تعالى له.
و الأسلوب التقليدي المفهوم من ذلك هو إرجاعه إلى الدنيا في حالة الاحتضار وإلغاء قرار موته فيتحسن حاله ويرجع. وهذا معناه إن إجله الحقيقي لم يحن بعد.
وهناك أسلوبان آخران قد يشار إليهما في بعض الأدلة.
أحدهما: الرجوع من بعد الموت إلى الدنيا. بمعنى أن يقوم من قبره. وهذا يتضمن معنى الرجعة التي سوف نبحث عنها فيما يأتي. فإن اعترفنا بها فمعناه إن بعض الناس يحدث لهم ذلك.
ثانيهما: الرجوع إلى الدنيا بما يسمى بالولادة الثانية. بان تدخل روحه إلى جنين جديد التكوين فيولد إلى الدنيا من جديد.
وهذا هو الذي يفسر الأقوال الكثيرة التي صدرت من العديد من الناس الذين يقولون : أننا كنا في الدنيا قبل هذا، وبعضهم ـ كما قيل ـ يعرف أسماء الموجودين، ويعرف الطرق، مما يدل دلالة قطعية على صحة كلامه.
إلا إن هذا الفرع من المعرفة فيه إشكال ما يسمى بالتناسخ. فهل هو صحيح أم لا ؟
أم انه صحيح أحياناً وباطل على بعض التقادير؟.
فهذا مما لا نريد الخوض به لأنه يطول بنا الكلام الذي نريد له الاختصار. إلا أن المشهور بين العلماء هو بطلان التناسخ على كل أشكاله.
وقد ظهر من كل ما سبق ما يكفي لإلقاء الضوء بهذا الصدد لمن يفكر.
وهذا ما نريد قوله حول القسم الأول من الرجعة وهو الرجعة المعنوية. السيد الشهيد محمد صادق الصدر
|
|
|
|
|