من المتفق عليه بين النصارى منذ أزمنة بعيدة، أن (الأنجيل) لا يطلق على نص واحد، بل على أربعة أناجيل انتخبت من بين مئات الأناجيل التي اعتبرت مزيفة.
ولكل واحد من هذه الأناجيل أسلوبه المستقل، ومروياته الخاصة لسيرة المسيح، عليه السلام، وبالتالي فليست هذه الأناجيل؛ (متى، ومرقص، ولوقا، ويوحنا)، هي ذات الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى عليه السلام، بل هي مرويات لسيرته، ونقلٌ لبعض مقالاته، دونت من أشخاص بعضهم لم يقابله أصلاً، كما هو معروف.
وبين هذه الأناجيل تناقض واختلاف تقر به المراجع الدينية الكبرى لدى النصارى؛ ففي دساتير المجمع الفاتيكاني الثاني ما نصه: "دوَّن الكتاب الإلهيون الأناجيل الأربعة مستخدمين أساليب متنوعة؛ فتارة انتخلوا بعضاً مما وصل إليهم روايةً، أو مما صادف أن انتهى إليهم كتابةً، وطوراً دمجوا أحداثاً، وأقوالاً عديدة في خلاصات موجزة، وحيناً شرحوا أموراً مرتبطةً بالمسيح على ضوء ما كانت عليه كنائسهم آنذاك.. سواء اعتمدوا على ذاكرتهم، وما سجلوه بأنفسهم، أو ركنوا إلى أقوال أولئك الذين كانوا منذ البدء شهود عيان" المجمع الفاتيكاني الثاني (134-136).
وهذا النص صريح في أن الأناجيل المعترف بها بين النصارى عمل بشري، وليس كلام الله، ومن ثم وقع بينها اختلاف وتناقض في عشرات المواضع، لا يتسع المقام لبسطها، وقد أحصى كثيراً منها الشيخ رحمت الله الهندي في كتابه (إظهار الحق)، واعترف بها القس (فندر) في مناظرة مشهورة.
وأعظم دليل على تحريف الأناجيل ما تضمنته من ادعاء ألوهية المسيح، وبنوته لله عز وجل، وعقيدة الحلول والتجسد، والتثليث، وغير ذلك من العقائد الباطلة المنافية لكل ما جاء به أنبياء الله من توحيد الله وتنزيهه.