منذ سنوات والعراقيون يشتكون من ارتفاع رواتب المسؤولين في المناصب العليا للدولة وخصوصاً مجلس النواب، وفي كل مرة تزداد فيها الشكوى كان مجلس النواب يرفع الرواتب أو المخصصات لأعضائه ويزيد من الامتيازات ويحضر جلسة التصويت من لا نعرف اسمه وصورته من النواب المدمنين على الغياب.
والآن وقد قربت الانتخابات بدأت المزايدات وبطلها هذه المرة الائتلاف الوطني الذي وضع وزيره (باقر الزبيدي) الميزانية، وقبل بها وزراءه في مجلس الوزراء، وبقيت رهينة الصفقات البرلمانية للكتل المختلفة التي تحاول شل عمل حكومة المالكي أملاً في إضعافها.
لقد استغل البرلمانيون فجوة في الدستور تلزمهم بعدم انهاء الفصل التشريعي لحين إقرار الميزاينة وبدلاً من التركيز عليها وحدها كما كان يهدف واضعو الدستور وكما هو الفهم الصحيح للنص الدستوري، نراهم يستغلون الوقت التمديد الممنوح لهم لتمرير قوانين أخرى بأهداف انتخابية وخلافاً للدستور.
وبعد أسابيع من الجدل حول الميزانية ها هم السادة في الإئتلاف يسددون ضربتهم محاولين احراز هدف يساعدهم على الفوز في الانتخابات. فقد ربطوا موافقتهم على الميزانية بخفض الرواتب العالية لهم وللرئاسات والوزراء إلى النصف وإلغاء المنافع الاجتماعية للرئاسات الثلاث.
إن هذه المطالب ليست إلا )كلمة حق يراد بها( فمن ناحية جاءت متأخرة جداً ومن قبل نفس الأشخاص الذين طالما صوتوا على رفع الرواتب. ومن ناحية ثانية فخفض رواتب المسؤولين يحتاج تشريع قانون بذلك ولا يمكن أن تغير الموازنة بدون ذلك.
أي أن الإئتلاف يطالب بأمر يعلم أنه غير ممكن التحقيق في هذه الفترة القصيرة، إذ يجب أن يقترح مشروع قانون لتغيير الرواتب ويعرض على مجلس شورى الدولة ثم يرفع إلى مجلس النواب لتتطلع عليه اللجنة المختصة في المجلس وترفع تقريرها ويقرأ مرتين قبل أن يتم التصويت عليه ومن ثم رفعه إلى مجلس الرئاسة العتيد ليقول كلمته ثم ينشر في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ. هذه الخطوات تحتاج في أحسن الأحوال شهراً كاملاً. ولا يمكن أن تؤخر الموازنة لشهر آخر في انتظار مثل هذا القانون.
كان الأولى بالائتلاف إذا كان صادقاً مع نفسه ومع ناخبيه أن يقدم على هذه الخطوة قبل وقت طويل، أما وقد فات الوقت فمن حقه أن يضمنها في برنامجه الانتخابي ويتعهد بها للناخبين.
في عام 2006 بعد أسابيع من تولي المالكي لرئاسة الوزراء قدم مقترحاً لخفض الرواتب إلى مجلس الوزراء وقد رفض مجلس الوزراء آنذاك (بوزراءه من المجلس والتيار الصدري) المقترح. كانت تلك محاولة صادقة بعيداً عن المزايدات.
أما المحاولة الآن فليست إلا مزايدة انتخابية رخيصة لن تنطلي على الناخبين.