المجلس الأعلى وأكذوبة الانتخابات التمهيدية ... بقلم: ياسر العبادي
--------------------------------------------------------------------------------
تعرضت قيادات المجلس الأعلى لصدمة كبيرة بعد ظهور نتائج انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة لما تبين لهم حقيقة حجمهم الشعبي والجماهيري , فالمجلس الاعلى وما يسمى البيت الخماسي (المجلس الأعلى بقيادة عبد العزيز الحكيم , منظمة بدر بقيادة هادي العامري , حركة سيد الشهداء بقيادة داغر الموسوي , مؤسسة شهيد المحراب بقيادة عمار الحكيم , حزب الله العراق بقيادة حسن راضي الساري) تعتبر نفسها الأكثر نفوذا في الشارع العراقي (الشيعي منه تحديدا) وذلك لإمكاناتها المادية الكبيرة الممتدة من طهران الى بغداد.. بالإضافة الى نفوذ كوادرها في مؤسسات واجهزة الدولة كافة وبصورة هائلة جدا .
ثم ان المجلس الاعلى يعتبر نفسه الأقرب الى المرجعية بل يدعي انه الممثل الحقيقي والوحيد للمرجعية الشيعية وإتباعها (ولطالما تم العزف على هذا الوتر) .. وعلى هذا الأساس كان دائما ما يطالب بالحصة الأكبر سواء في نسبة المقاعد في الائتلافات او في نسبة التمثيل الحكومي و التي توزع عن طريق المحاصصة ..
ولم يكن هذا تصور المجلس الاعلى وحده بل كان اعتقادا سائدا لدى اغلب الكتل والإطراف وحتى الغرماء منهم كانوا يتصورون ان المجلس الاعلى هو صاحب الشعبية الكبرى .. ولعل هذا التصور كان صائبا وكان الواقع هو كذلك فى السنة الأولى لسقوط الصنم لكن الأمر اختلف رأسا على عقب بعد فترة وجيزة وذلك بعد ان عرفهم الشارع وانكشفت أوراقهم , وهذا ما كان يجهلون .
فطيلة السنوات السبع التي تلت سقوط الطاغية كان المجلس الاعلى يحكم معظم محافظات العراق وكل المحافظات الشيعية تقريبا كانت إداراتها المحلية هي من المجلس الاعلى (من بغداد وديالى وواسط وبابل وكربلاء والديوانية والنجف الى السماوة والعمارة وذي قار والبصرة) وكل المحافظين تقريبا كانوا من المجلس الاعلى عدى اثنان فقط .
وتوافدت الجماهير المظلومة الى الانتخابات ثارا ممن تلاعب بمقدراتها وسرق ثرواتها وبذر وسرق أموالها .. من الذين أشاعوا العنف والفوضى واستغلوا السلطة واسمروا في عمالتهم لإيران (وولاية الفقية الخامنئي والذي يقلده معظم افراد المجلس الاعلى وبدر) .. ليسقطوهم الى الابد بما يشبه الثورة.
وحق ان نسميها ثورة الأصابع البنفسجية التي أطاحت بعروش زعماء المجلس الاعلى الصوريين , حيث ان الزعماء الحقيقيين للمجلس الاعلى هم من أسسوه ولازالوا يدعموه ماليا ويسددون رواتب موظفيه (قبل ان تتشكل عصابات الزوية) , وقاموا بتأسيس فراتهم من خلال كادر من المهندسين الإيرانيين ..
.(والملفات كثيرة وستفتح في حينها ) .
وبخطوة غير مسبوقة وفي محاولة لاستعادة جزء من ماء الوجه الذي فقده ,
قام المجلس الاعلى بتقليد التيار الصدري وأجرى ما أطلق عليه ( انتخابات تمهيدية ) ولكنها كانت انتخابات صورية ولذلك لم تحظى بالاهتمام الشعبي والإعلامي كما حظيت به انتخابات التيار الصدري , بل ان الجماهير لم تشارك فيها رغم قيام عناصر بدر والمجلس الاعلى بعملية استجداء الأصوات وقيامهم بطرق ابواب المواطنين وتقديم استمارات التصويت (التصويت بالمنزل) , ورغم قبولهم بالمشاركة بالتصويت عبر الرسائل القصيرة , ورغم بذل الأموال ووو , رغم كل ذلك عزفت الجماهير عن المشاركة في هذه المسرحية , وقاموا بطردهم وشتمهم أحيانا .
ان مسرحية الانتخابات التمهيدية للمجلس الاعلى اكتملت فصولها بما يشبه المهزلة حينما أقصي الفائزون فيها من الترشيح الموعود للانتخابات البرلمانية الحقيقية , فرغم عدم حصول عناصر المجلس الاعلى على العدد المناسب من الأصوات مقارنة بمن شارك من المستقلين الذين حققوا النتائج الاولى وكانوا الفائزين الوحيدين .. مع ذلك اقصي المستقلون رغم فوزهم ورشح الفاشلون من أعضاء المجلس الاعلى للانتخابات البرلمانية الحقيقية , وهذا اكبر دليل على ان انتخابات المجلس الاعلى أكذوبة بل أكذوبة فجة , وفجة جدا .
ولمن يريد ان يتأكد فاليرجع الى قوائم مرشحي المجلس الاعلى في الائتلاف الوطني للانتخابات البرلمانية القادمة وسيجد ان من فاز بالانتخابات التمهيدية قد أقصي .. وان قيام المجلس الاعلى بعدم الاعلان عن الفائزين في الانتخابات التمهيدية ما هو الا عملية طمس لتلك الحقيقة التي عرفها كل من شارك ولم يشارك في محافظات العراق كافة , وبإمكان كل من يشك في ما قلته ان يسال وهو امر ميسور وجلي للعيان ولا اتصور ان قيادات المجلس ينكرون ذلك (لكنهم قد يبرروه طبعا).وسأعطي مثلا واحدا واترك للقارئ التقييم .
نتائج الانتخابات التمهيدية للمجلس الاعلى في محافظة البصرة أفرزت فوز ( سمية فيصل الحلفي ) وهي معلمة مستقلة من قضاء الزبير بالمرتبة الاولى على صعيد المحافظة لكنها أقصيت وابعد اسمها من الترشح للانتخابات الحقيقية , بينما ادرج اسم ( امطار رحيم نعمة ) رسميا كمرشحة للانتخابات البرلمانية الحقيقية عن قائمة الائتلاف الوطني عن المجلس الاعلى , وعن منظمة بدر تحديدا , رغم عدم فوزها في الانتخابات التمهيدية , وذلك لكونها زوجة حسن كاظم الراشد ( ابو حسن الراشد رئيس منظمة بدر في البصرة وعضو مجلس المحافظة ) ..
واخيرا اتسائل ماذا حل بمجاهدي بدر , لتصبح من لا تعرف عن بدر شيئا تحمل التسلسل الثاني في قائمة مرشحي بدر , ام ان بدر فعلا لا يملك من الكفاءات شيئا , وذا كان الأمر كذلك فلماذا الانتخابات التمهيدية في وقت لم يعد ممكنا ان تنطلي فيه هكذا ألاعيب على الشارع العراقي .